أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - المتنبي يُقيم ويعمل في لندن















المزيد.....

المتنبي يُقيم ويعمل في لندن


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2026 - 2007 / 9 / 2 - 11:05
المحور: الادب والفن
    



- 26 -

( المتنبي في بريطانيا )

قرأت الفاكس الذي أرسله لي صديقي أبو الطيب المتنبي من إنجلترا فتنازعني شعور الفرح من جهة وقلق عميق من الجهة الأخرى . فرحت أن َّ صديقي لم يزلْ بخير وأنه لم يتعرض
لحادث إختطاف أو إبتزاز أو إغتيال . وقلقت أشد القلق أن َّ صديقي سيمرُّ بتجربة لجوء جديدة ما أطولها على أمثاله وما أكثرها تعقيدا . صحيح أنَّ لديه إلماما متواضعا باللغة الإنجليزية وأنَّ لندن قد أعجبته بحيث أنه لم يخفِ هذا الإعجاب . وإنه أعرب عن ذهوله بما رأى من معروضات آثار أجداده الغابرين في قاعات المُتحف البريطاني . من له كمثلي من صديق في بريطانيا ؟ وهل سيبقى الى الأبد معجبا ً ببلاد قاهريه وصانعي ومستوردي الملوك ؟ هل سيتحمل البرد والضباب والمطر ؟ لا أدري . كان القرار قراره فليتحمل النتائج كاملة . لعله مصيب وإني المخطيء في تقديراتي وتحفظاتي . أجلْ ، قد يكون الرجل على صواب في قراره فلِمَ الحزن والجزع ؟ من قال أنَّ ألمانيا أفضل من بريطانيا ؟ ثم هل يستطيع الرجل المقام في أرض واحدة طويلا ؟ مكلف بفضاء الله يذرعه ( أبن زريق البغدادي ) . ألم يقل مرة :

على قلق ٍ كأنَّ الريحَ تحتي
أوجِّهها جَنوبا ً أو شمالا

من ذا الذي يقدر أنْ يسجنَ الريح في قفص من جريد ، من ؟؟ دعه يجرب حظه في بلد آخر إذْ ضاقت الدنيا بعينه في ألمانيا بعد أن فشل في أن يجد لنفسه عملا مناسبا يكسب به قوت يومه ويدفع إيجار شقته المتواضعة . العراقيون والعرب كثر في بريطانيا ويصدر في لندن الكثير من الصحف والمجلات الناطقة باللغة العربية والمتنبي أحد سادة هذه اللغة التي قال يوما عنها (( أنام ُمِلءَ جفوني عن شواردها // ويسهرُ الخلقُ جرّاها ويختصمُ )) . ثم في لندن بعض الفضائيات العربية فضلا عن راديو سبكتروم وهيئة الإذاعة البريطانية / القسم العربي حيث يعمل هناك الكثير من معارف ومحبي المتنبي عراقيين وعربا ً . سيرحبون به كاتبَ عمود ٍ يومي في إحدى الصحف أو محررَ برنامج أدبي أو ثقافي عام في بعض محطات الإذاعة أو لدى إحدى الفضائيات . هنا وبكل تأكيد تتفوق لندن على ميونيخ أو على أية مدينة ألمانية أخرى ... بكل تأكيد . فلماذا اللجوء الى طلب اللجوء ما دام المرء قادرا على العمل ؟ وفي العمل حرية وكرامة وكبرياء الرجل. دعه يجرِّب حظه في بلاد صديقه شكسبير . ولعله يزور يوما نصب الشاعر الثائر بايرون فيعنّ له أن يقرأ في حدائق الهايد بارك قريباً منه بعض أشعاره الثورية التي إستفزت أهل زمانه .
قرأت الفاكس مرات ٍ عدّة لكني لم أشأ أن أهيّء الرد المناسب عليه . ببساطة ، لأن المتنبي لم يترك لي عنوان إقامته في لندن أو في إحدى المدن البريطانية الأخرى ، فما جدوى الرد الفوري . فلأنتظر بعض الوقت لعله أنْ يكتب لي ثانية مثبتا عنوانا أو رقم تلفون . ثم لم يحمل الفاكس الذي أرسل لي أي رقم . لعله استخدم جهازا ً خاصا لا يروم صاحبه كشف هويته ، فأجهزة الفاكس تثبت أرقامها عادة حين ترسل رسالة ما . فلأنتظر ... العجلة من الشيطان يا أبا فلان . إنتظر فالصبر مفتاح الفرج .
قضيت الكثير من الوقت مفكراً في أمر صديقي . ما الذي حمله على البقاء في بريطانيا وعهدي به لا يحب الأنجليز . لا الجنرال مود ولا المس بل ولا يحب الملك فيصل الأول ولا نوري السعيد . وكان يتذكر دوما ثورة العشرين ومعارك الرارنجية وأهزوجة ( الطوب أحسن لو مكواري ) و ( يا حسين الطاير ماذينا ) وسواهما من أهازيج الثوار المعروفة . لماذا تغير الرجل أو ما الذي ـ ترى ـ قد غيره على حين غرّة وخلال سفرة واحدة الى العاصمة لندن . هل إتصل بأحد من وراء ظهري ؟ هل أصطادته بعض الأجهزة السرية المشبوهة كما كانت تفعل زمن الحرب الباردة فتصطاد علماء الكتلة الإشتراكية وسواهم من أعلام الدبلوماسية وأبطال الرياضة ؟؟ . ثم إننا لم نفترق عن بعضنا خلال فترة مكوثنا معا في لندن خلا فترات النوم في الفندق ليلا . من إتصل به في ظلام الليل وكيف عرفوا رقم غرفته ؟
تذكرت فجأة فأخذت أردد (( إجتنبوا كثيرا من الظن . إنَّ بعض الظن إثم )) ... مَن ، مّن يا ترى ؟
M15 .... M16

لم أجرؤ أن أبرح داري فمكثت أسبوعا لا أغادره خشية أن يراني الأصدقاء وحيدا دون رفقة صاحبي الشهير . ماذا سأقول لهم إنْ سألوا عنه ؟
نفذ َ ما في الثلاجة من طعام فوجدتني مُرغما ً على مغادرة داري للتسوق ولقضاء بعض الحاجات الضرورية الأخرى . وغدا الجواب جاهزا في رأسي : سأقول لمن يسأل عن سر تخلف المتنبي في لندن أنْ قد حصل الرجل على عرض أولي للعمل في احدى صحف لندن ، وكفى الله شر المؤمنين القتال .
بقيت لأكثر من أسبوعين أتحاشى لقاء الأصدقاء دفعا للحرج ولكيما أكسب بعض الوقت لعلَّ صاحبي يكتب لي أو يفتح تلفوناً أو أنْ يرسل فاكسا آخر أو أن يؤوب الى ميونيخ عائدا كعودة الإبن الضال . كل شيء ممكن في الحياة . لعله يمل لندن أو أن ينتفض على من ورطه إنْ كان هناك ثَمّة َ من مورط وورطة . ثم إن الرجل ملول محمول ومجبول على القلق والأرق لا يعرف الثبات ولا الإستقرار .
لم يطلْ العذاب ، فلقد كتب أبو الطيب رسالة مطولة أقتطف بعضا ً مما جاء فيها : عزيزي أبو فلان / أبشرك بشروعي في عملي الجديد في لندن محررا أدبيا في صحيفة " الشرق الأوسط " . لقد فوجئت أن َّ الأستاذ خالد القشطيني هو الآخر أحد العاملين في هذه الصحيفة . قد تفاجأ إنْ علمت َ أن الأستاذ عبد الباري عطوان إعتذر عن طلبي العمل في صحيفته " القدس العربي " بحجة أنه لا يتعامل مع المعارضة العراقية . له حق ، فظروفه معروفة وعلاقاته متينة مع بغداد . فهل يكون المتنبي سببا في قطع أرزاق الناس ؟ معاذ الله.
ثم هناك امكانية أخرى للعمل في مجلة " المجلة " الأسبوعية مسؤولا عن الصفحة الأدبية التي كان يحررها المرحوم الشاعر " بلند الحيدري " .
وهناك وعود كثيرة للعمل في فضائية " المستقلة " وفضائية
ANN
بل وحتى لدى هيئة الأذاعة البريطانية المسماة بي بي سي
BBC
. وعود كثيرة ومجالات عمل كثيرة والرزق على الله الكريم .
لقد تم اسكاني مؤقتا مع عائلة بريطانية صغيرة تتكون من سيدة مطلقة شابة وأبنتها الطفلة " لويزا " . أدفع أربعين باونا في الأسبوع وتقوم السيدة " كاثرين " صاحبة البيت بغسيل وكي ملابسي مشكورة . أحمل لها لقاء ذلك في بعض المناسبات باقات الورود ولطفلتها بعض الحلوى وهدايا أخرى تناسب سنها . لا أكاد أراهما الا في الأماسي في أوبتي حوالي الثامنة والنصف من عملي . سعيد في بيتي الجديد وأهل البيت أكثر مني سعادة بوجودي بين ظهرانيهم . إنَّ بيت أهل
كاثرين ليس بعيدا عنها ، اذ يزورها والدها ووالدتها
RUTH
وأشقاؤها يوميا تقريبا . تذكرني هذه العائلة الكريمة بأجوائنا الشرقية . يتزاورون على الدوام ، يزورون المسارح والأصدقاء معا ويحتفلون بالمناسبات المنوعة معا ثم يتناولون طعام عشائهم في مطاعم لندن الراقية في أمسيات السبت. هذا دأبهم الذي لا يتغير . تحفة الجميع الطفلة البارعة الحسن لويزا .
ماذا يريد أبو الطيب أكثر من ذلك ؟ لندن والشرق الأوسط وخالد القشطيني وأحدب بغداد السيد الألوسي وكاثرين ولويزا ثم الأم روث . لقد قلت كما تعلم في بعض أشعاري ( أريد من زمني ذا أن يبلغني // ما ليس يبلغه من نفسه الزمن ُ ). أليس هذا ما قصدتُ بهذا البيت ؟ ما ليس يبلغهُ من نفسهِ الزمنُ . أراك توافقني ، ليتك معي فنفوزُ فوزا ً عظيما ً يا عزيزي . معك ستكون أجواء لندن أفضل وهواؤها أنقى وطعم الدونر كباب الإغريقي أشهى وألذ . سأفتقدك كلما أزور المتحف البريطاني أو حين ألقي التحية على صديقنا الشاعر الأعرج بايرون ، وأتخيلك تمشي معي في شارع أكسفورد أو ريجنت
REGENT STREET .
سأكلم السيدة كاثرين وعائلتها كثيرا عنك صديقَ
العمر والمهمات الصعبة . صديق الجد والهزل والمقالب والمصائب. ستزورني وستمكث معنا ففي البيت الكبير غرفة فارغة أخرى في أعلى قسم منه يدعى ATTIC .
لا تقلق عليَّ رجاء فالأمور كافة تجري على ما يرام . أنا جدَّ سعيد بعملي الجديد وسكني الجديد في كنف كاثرين والطفلة لويزا . دمْ لأخيك . أكتب لي على وجه السرعة فشوقي لك لا حدود له . التوقيع / صديقك الى الأبد / أبو الطيب المتنبي . عنوان البيت :
44 Leeds Road
London 4 W 9JH
U.K.

قرأت الرسالة مرات عدة . وظلت بي رغبة عارمة لمواصلة قراءتها . أردت أن أسمع عبر التلفون صوته لكن الشاعر لم يرسل لي بعدُ رقم هاتفه . ترى كيف أستقبله زملاء العمل في هيئة تحرير صحيفة " الشرق الأوسط " ؟ ولماذا يكتب مقالاته وتعليقاته بإسم مستعار؟ كيف تمشي أموره في لندن وما هي طبيعة علاقته بصاحبة الدار السيدة " كاثرين" ؟ أسئلة كثيرة ولا من جواب شاف ٍ لها . كلما أمعنُ في تعداد مثل هذه الأسئلة يزداد فضولي أضعافا مضاعفة ً ويزداد شوقي لرؤية صاحبي الذي تخلى فجأة عني وفي ظروف أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها ليست طبيعية . على أية حال ، سأكتب له مساءً رسالة مطوَّلة . سأزين له ترك لندن والرجوع الى ألمانيا . سأمنيه بإحتمال إيجاد عمل له في معهد الإستشراق مرجعا ً ومستشارا ً وعالما ً في اللغة العربية . وهناك إحتمال قوي أن تكلفه الجهات الحكومية المختصة في أنْ يتولى إختبار أهلية المرشحين لوظيفة مترجم وإمتحان قابلياتهم في مجال قواعد اللغة العربية ونحوها وصرفها ومفرداتها . مجرد إمكانيات نظرية محتملة ليس إلا . عسى أن يوافق صاحبي ويعود الى شقته ومكانه في مدينة ميونيخ قريبا ً من سويسرا والنمسا وإيطاليا وجبال الألب .
جلست مساء ً الى مكتبي وكتبت لصديقي المتنبي رسالة ضمّنتها كل هذا الكلام. يا لغرابة الإنسان !! أكتب وأعاني من صراع حاد : أأواصل حثي في أن يعودَ الرجل الى ألمانيا أو أنْ أدَعَه يجرِّب حظه في عاصمة الإمبراطورية البريطانية ؟ لقد نجح الرجل في إيجاد عمل مناسب يُلهيه عن نفسه وعمّا هو فيه وعن مصائب زمانه فلماذا الحث على ترك هذا العمل والأوبة الى ألمانيا ؟ عصفور في اليد خيرٌ من مليون على الشجرة . دع الرجل وشأنه الذي هو فيه . دعهُ يجرِّب حظه مع السيدة الإنجليزية " كاثرين " ، فلعلها تقع في حبه يوما ً فتعرض عليه الزواج الذي قد يقبله وربما يعتذر عنه . إحتمالات ... الحياة إحتمالات وفرص ممكنة وقابلة للتحقيق . حين يتحرك المرء تتحرك معه وله الحياة . الزمن هو مقياس الحركة . والزمن لا يتكرر ولا يكرر نفسه . دعهُ يتحرك ويجرب زمنا آخرَ ونمطا ً من الحياة آخرَ ولسانا لغويا آخر ومحيطا عائليا جديدا غاية الجدة عليه . كاثرين قد تقلب حياته رأسا على عقب . قد يجد فيها ضالته المنشودة .
مزقت الرسالة وكتبت له بدلا منها ما يلي :
عزيزي وشاعري وسيدَ شعراء العربية طرا ً /
تحياتي وسلامي وبعد ُ ،
وصلتني صباح هذا اليوم رسالتك الكريمة فطرتُ من فرحي بها وحلقت في الأجواء الساحرة العليا . لقد شوَّقتني رسالتك كثيراً الى لندن والى أن نكون ثانية معا فالحياة لا تساوي شيئا ً بدونك . هل أقول عُدْ لي والى ميونيخ لنعيدَ سيرتنا الأولى في هذه المدينة التي إحتضنتنا قرابة العام فتمتعنا بها وفيما يحيط بها من جبال وغابات وبحيرات ومدائن فائقة الروعة ؟ ثم جوها الثقافي وأماسيها الأدبية ومقاهيها ومسارحها التي تعرفت فيها على الصديق " دون كيخوت " ، الإنسان الطيب المكافح من أجل خير البشرية ومثل الإنسان العليا . ثم صاحبتك الغجرية
" كارمن " سيدة الطرب والغرابة واللعب على أعصاب المغرمين . هل تستطيع نسيان شاعر فلسطين " محمود درويش " وقصيدته التي ألقاها في إحدى ساحات مركز مدينة ميونيخ حول مصرع الطفل " محمد الدرة " ؟ ولا أحسبك ناسيا ً أمسية الشاعر الذي يسمي نفسه " أدونيس " . سأفتقدك ، سأفتقدك كثيرا. سأفتقدك ليلا ونهاراً على حد سواء . سأفتقد نقاشاتنا وأماسينا وحياتنا التي أمضينا سوية في السرّاء والضرّاء . سأفتقد طعامنا معا وشايك الثقيل الفائق القوة والمشبع برائحة الهيل والقرفة ( الدارسين ... كما نسميه في العراق ) . سأفتقد أبا الطيب كثيرا .
توقفت عن الكتابة فجأة . كأني تذكرت أمرا ً على جانب من الخطورة .
تذكرت أني مزقت قبل قليل رسالة تحمل الكثير من محتوى هذا الكلام فلماذا كررت ورددت ، لماذا ؟ لماذا محاولة توريط الرجل بإغرائه بجميل الذكرى وجر قدمه لكي يترك لندن ويعود الى ميونيخ ؟؟ أنانية ً ؟ حسدا ً ؟ تذكرت البيت الذي قاله في " كافور الأخشيدي "
جَوْعان ُ يأكل من زادي ويُمسِكني
لكي يقال َ عظيم القدرِ مقصود ُ

كلا . إني لست كافورا ً الإخشيدي . كلا ثم كلا . سأمزق الرسالة وأكتب له شيئا آخرَ مغايرا ً . سأشجعه على التشبث بالبقاء في لندن ومزاولة عمله الصحفي هناك وأن لا يفكر بالعودة الى ميونيخ . سأقول له إنَّ شرف المرء في عمله وفي جده وسعيه . سأحثه أن يكتب لي المزيد عن أحواله وظروفه الجديدة في لندن . سأحذره من زيارة " أحدب بغداد" وأن لا يسمح لنفسه أن يكون فريسة لأهل الدجل والضحك على الذقون . سأحذره من آفتي السفلس والأيدز وحي " السوهو " في قلب لندن وأشجعه على الزواج والإنجاب ففي الإنجاب عشبة الخلود التي كان " جلجامش " السومري يبحث عنها . سأقترح عليه أن يزور متحف مدام توسو ( متحف الشمع ) وأن يقصَّ علي َّ ما سيرى . سأطلب منه أن يحرص كل الحرص على المشاركة في فعاليات " ديوان الكوفة " ولو كمستمع ، مجرد مستمع . (( تذكرت أم كلثوم وأحمد شوقي : ورب َّمستمع ٍ والقلبُ في صمم ِ )) . وتم لي بالفعل ما أردت . إنتصرت إرادة الحياة فيَّ عليَّ . إنتصر العامل الموضوعي على العامل الذاتي ، كما يقولون. مصلحة صديقي إذا ً في بقائه هناك في لندن وليس معي عاطلا عن العمل في ميونيخ . كتبت للمرة الثالثة رسالة تحمل المضامين الأخيرة سالفة الذكر . وقعت الرسالة وختمتها بتثبيت تأريخ الحادي
عشر من شهر أيلول ( سبتمبر )
2002 .
شعرت بسعادة غامرة أني أديتُ واجبي بنزاهة تجاه صديق العمر . مصلحته أولا لا مصلحتي . غداً سأضع الرسالة في صندوق البريد . أشعر دوما بسعادة لا حدودَ لها حين أنتهي من كتابة رسالة الى صديق ترتاح النفس له . آويت وقد جاوزت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل الى فراشي متعبا ً جذلا مسرورا ً مفكراً بصديقي وكيف سيتلقى رسالتي وكيف سيتجاوب مع مقترحاتي فيها . هكذا أنا على الدوام . لا أكاد أن أنتهي من القلق والمعاناة والمشاعر الغامضة المختلفة الأشكال والألوان التي تتلبسني ساعة كتابة رسالة حتى تبدأ معاناة من نوع آخر . لهفة أن تصل هذه الرسالة الى المرسلة له بأسرع ما يمكن . أن تصله سالمة كاملة بظرفها وطوابعها وختم إسمي وعنواني ورقم هاتفي عليها . أتخيلها بين يديه يقرأها باسما معلقا على بعض ما فيها متوترَ العصب قليلا مُكثرا ً من التدخين ومفكراً أيضا في تفاصيل رده عليها . كم مرّة ً سيقرأها صاحبي قبل أن يشرع بالرد عليها ؟؟؟
فلأنتظر. لا يملك المرء إلا الإنتظار



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتنبي في لندن / مع الشاعر عزيز السماوي
- المتنبي في أوربا / مع كارمن ودولة الخروف الأسود
- حوارات مع المتنبي / المتنبي في أوربا
- تصحيح معلومة خاطئة / إلى الأستاذ سلام عبود ... حول قصص جلال ...
- مقبرة الغرباء / رثاء الجواهري
- آليات الإبداع في الشعر / المتنبي نموذجاً
- الأوزون ... درع الأرض الهش
- رسالة لعدنان الظاهر من محمد علي محيي الدين
- التلوث والبيئة / الزئبق
- ليزا والقاص جلال نعيم حسن
- عامر الصافي والمناضل القتيل الحاج بشير
- البايولوجيا الإشعاعية ومخاطر الإشعاع / لمناسبة إسقاط القنبلة ...
- مشاكل ومخاطر محطات توليد الطاقة
- لوركا والبياتي / في ذكرى رحيل الشاعر
- شعراء ثلاثة : أديب وحسين وعبد الهادي
- المتنبي في أمريكا
- المتنبي في موسكو
- وشم عقارب ... ديوان شعر للشاعرة ورود الموسوي
- ألكترا تقتل أباها
- ليس دفاعاً عن سعدي يوسف / سعدي والإحتلال وعزرا باوند


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - المتنبي يُقيم ويعمل في لندن