فدوى أحمد التكموتي
شاعرة و كاتبة
الحوار المتمدن-العدد: 2017 - 2007 / 8 / 24 - 11:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن المجتمع العربي والإسلامي , تسوده ثقافة الجهل العام بكل صوره ومعانيه, بدءا من التربية والتنشأة ومرورا ومركزا على العادات والتقاليد التي لا مغزى منها سوى أن يكون الشخص من الخارج لامعا وبراقا وبلورة لا تزول ضياؤها ومن الداخل مسوسة وصل فيها حد التسوس إلى العمق, هذا هو المجتمع العربي الإسلامي , مجتمع تطغى عليه نزعة الذكورية بصفة شاملة وخاصة , تلعب فيه المرأة دور المكسورة المهزومة , التي يجب أن تطيع الأب , الأخ , الزوج ... يعني أن تطيع الرجل في كل شيء وليس لها الحق في النقاش ولا في الحديث مطلقا ,حتى فيما جعله دستور الشريعة حقها في اختيار الزوج , لابد أن توافق عليه رغم عدم موافقتها وعدم رضاها عليه, لأن أباها أو أخاها هما اللذان أتيان به ولا يمكن أن تهتز صورتهما أمام الناس , أما العلم فهو من أبسط حقوقها , بل وأن بعض الدول العربية الإسلامية جعلته في الآونة الأخيرة ملزما على الجميع سواء رجل أو إمرأة , يبقى رهينا وبأيدي سلطة الذكورة * الأب , الأخ ,الخال , العم ...* فلا تأخذ منه إلا ما حددوه لها , ورسموه لها في زمن معين , وحينما يشعر * الرجل * أنها ستتفوق عليه أو ستكون يوما أقوى منه , يخرجها من التعليم ويدخلها إلى وكر الزوجية , هذا الزواج الذي لن تكون راضية عليه , ولكن إذا ما قارنت نفسها وجدتها إما نار بيت الأسرة أو نار بيت الزوجية تختار الزوجية , متوسلة بالأمل راجية منه أن يكون هذا الزواج هو مفتاح الخير لها , ربما تستطيع أن تغير واقعها , وما إن تدخل فيه تجد نفسها ملأت جيدها بعناقيد مسلسلة من حديد اسمه الأبناء , فتقوم بتريتهم في غياب الزوج والأب الحاضر الغائب , الحاضر بوجه القوة والسلطة في البيت , والمركز الذي يقوم عليه البيت , والحقوق التي لابد أن يأخذها من البيت , والغائب في تربية الأبناء , فإن رفضت هذا الواقع الذي أرغمتها الظروف في زواجها فتطلب الطلاق , وإن طلقت تبقى هي المسؤولة الأولى والأخيرة على أولئك الأبناء الذين ليس لهم ذنب سوى أن الواقع فرض عليهم أن يوجدوا في هذه الظروف , هنا تلجأ للتفكير العميق لخيار البقاء في بيت الزوجية , وتربية الأبناء , هنا تشعر المرأة التي كانت يوما ما رافضة لثقافة أسرتها في الماضي تترجمه هي بتربيتها لأبنائها بشكل عفوي وإيمان قوي منها بأنها كانت خاطئة , وهكذا دواليك حتى تصير الأسرة الواحدة عدة أسر حتى الوصول إلى المجتمع ,أما فيما يخص الاعتقاد , فالدين يأخذ فقط فيه القوة والتسلط والإجبار , أما اليسر الذي نادى به الدين وهو من مرتكزاته فهذا لا يدخل مطلقا في الاعتقاد , فالدين يأخذ من مركز القوة * الذكورية * بصفة خاصة , فعندما يشعر الرجل أن ابنته بدأت تنضج أول شيء يرغمها على فعله هو ارتداء الحجاب , متخذا من قوله تعالى : * وليضربن بخمورهن * وفي آية أخرى : * وليضربن بجلبابهن * , فقط على الفتاة أن تنفذ ما أومرت به , وفي بعض الأحيان يكون الرجل * الأب أو الأخ أو الخال أو العم ... * فيه ليونة في تعامله مع بناته , يقول لها , نفذي أمر ربك , فهو أرغمك على ارتداء الحجاب , فتكون هي مرغمة في ارتدائه , لأنه أقحمها بذكر الإلاه , أما في حالة رفضها لهذا الأمر الذي فعلا أمرها الله بفعله , لكن طريقة الإلقاء والعرض عليها من طرف * الرجل * تكون قاسية يشعرها بالدونية وكأنها ارتكبت إثما لما ولدت أنثى , فيكون الرفض , في هذه الحالة تصبح هذه الفتاة , منبودة , منعوتة بأنها كافرة , ملحدة , امتنعت فيما أمره الله عليها فعله , رافضة للدين ... كأنهم هم الإلاه , ويصدرون حكما مطلقا وأبديا عليها يلازمها حتى بعد موتها , متناسين أنهم كلهم بشر , وأنهم غير معصومين من الخطأ , وأن ليس للعبد أي إن كان جنسه أو ثقافته أو دينه أن يصدر حكما يكفر به العبد مثله لأن الذي له هذا الحق كل الحق هو خالق العباد وليس العباد , فالقوة والإجبار في ارتداء المرأة الحجاب , ومنعها من أية وسيلة تزين بها نفسها لأنه وفق فكرهم تزين للعالم الذكوري * الرجال الغرباء * , وهذا خارج عن نطاق الدين , وهم لهم الحق كل الحق في الاستجمام والاستحمام بالبحر أما المرأة فلا يمكنها فعل ذلك , ألا يسألون أنفسهم أنهم هم كذلك لما أمر الله تعالى المرأة بالحجاب أمر الرجال كذلك بلباس الفضفاض ... , أولم يذكر النبي * ص * : علموا أولادكم الرماية والسباحة ...* , حتى هذا الحديث يأخذون الولد بمعنى الذكورية وليس خطابا يجمع المرأة والرجل معا , رغم أن الأحاديث النبوية والآيات القرآنية جاءت عامة في خطابها للعباد : * يا أيها الناس * * يا أيها الذين آمنوا* , وعندما يخص الله تعالى المرأة أو الرجل فيذكره إما بصيغة التأنيث أو بصيغة الذكورة , فالرجال يحللون لأنفسهم أشياء ويحرمونها على المرأة , فيعتبرونها عار عليهم , بهذا المفهوم يرى المجتمع العربي الإسلامي المرأة , المجتمع المتخلف بأفكاره وتنشأته وبيئته , الصادر عنه كل أفعاله التي لا تطابق أقواله , فالمرأة في المجتمع العربي الإسلامي الذكوري , عار ولا بد أن يستتر بالزي * الحجاب * وبالزواج أو بالموت ... فأي تغيير يمكن أن نطالب به في ظل هذه الأفكار التي يحملها الرجل العربي المسلم , لابد من تغيير الأفكار , العادات , التقاليد , الداعية فقط لأن يكون الإنسان العربي المسلم بلورة من الخارج ومسوسا من الداخل , وكذلك ما قاله وسيقوله الناس والمجتمع , وبما أن الخلية الأولى في المجتمع هي الأسرة فلابد لابد لابد من تغيرها , وتغيير أفكارها , وتنشأتها وتربيتها ... وإلا فالتغيير الذي يطال الدساتير والقوانين لا وجود لها ستبقى هي الأخرى حبرا على الورق وبلورة في الخارج مسوسة من الداخل .
#فدوى_أحمد_التكموتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟