أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - سيكولوجية رموش العيون














المزيد.....

سيكولوجية رموش العيون


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2009 - 2007 / 8 / 16 - 08:22
المحور: الادب والفن
    



لا أدري لماذا حين أتطلع إلى العيون المغمضة لخورخي لويس بورخيس وأجفانه المحملة بأطنان الكتب ، أتذكر العيون التي ترى بوضوح ولكن بقلب مغمض . أقصد العيون الغبية ، القاسية ، الجشعة ، الشبقة ، والتي لا تملك أي ذرة من الوطنية لتبكي ، على جوع طفل أو موت مغدور أو سرقة بيت تراثي أو تحويل رحلة المدرسة الدراسية إلى حطب لشتاء بارد دون تدفئة ونفط أبيض وخواطر دافئة.
أتذكر لغة العيون ، وأقارنها بفنتازيات المعنى الذي يمتلكه حرف الكتابة منذ ألواح سومر وحتى كيبورد الحاسوب المحمول ، فأكتشف إن كل اللغات قابلة للاندثار مع اندثار الحضارات وموتها فيما تبقى لغة العيون تمثل الحس الإنساني بكل هواجسه ( النظرة ، الرغبة ، الكلام ، الأمنية ، الحزن ، الفرح ، التأمل ، النوم ) ، هذه اللغة التي أمتلئت بكون ٍ من التعبير ، وحدها من تربطنا ببعضنا رغم تعدد خرائط الأمكنة والقوميات .
إنها لحظة معرفة الإنسان بقيمة ما تكون فيه ومنه ، وبنظرة العيون يفسر ما حوله ويدرك ماهية العالم ، قبل أن يدركها بثقافة الكتاب أو السماع أو الاختلاط فيميل إلى تفسير يخصهُ هو اتجاه ظاهرة ماتراه عيناه قبل أن يميل ويؤمن بتفسير العالِم أو الفقيه أو الفيلسوف ، لهذا كان سقراط يقول : وقود اللسان نظرة العين ، ووقود العين قلوبنا .
هذه النظرة التي تبدأ خطوتها الأولى من رمش يتحرك وعاطفة تخفق . كم نحتاجها اليوم لنتخلص من هوس ما يحدث في عالم تنطفئ فيه الشموع ، وتشتعل غرف انطلاق الصواريخ وفوهات المدافع وأرقام الحسابات المصرفية السرية ، نحتاجها لنسيطر على هذا الهوس الذي يجتاحنا لنفكر أولا كيف نحظى بمصادقة المسئول ومداعبة خد المطربة الشهيرة وقضاء ليلة في مهرجان كان ، فيما أخٌ لك ينام مفزوعاً بجبهة الحرب أو في ثلاجة الطب العدلي أو كمب من كمبات الهجرة الموزعة بين بلدان الثلج والقارة الاسترالية أو حتى داخل وطنك ، بكمب المطار أو أبو غريب أو الحد الفاصل مابين الخوف وابتسامة الملثم المنتمي إلى مديرية الأحوال المدنية في قندهار .
مرات أفكر وأنا اقرأ كتاب إيتاليو كالفينو الموسوم ( مدنٌ لاتُرى ) وبطبعة دار المأمون لياسين طه حافظ تُرجم ( مدن لامرئية ) ، إننا نحتاج في نظرتنا إلى العالم الذي يخلصنا من هذه المآسي إلى تلك المدن التي تحدث عنها كالفينو ، ولكن علينا أن نجردها من رغبة الطغاة كما الصقها كالفينو بحلم طاغية مثل المغولي ( قبلاي خان ) ونجعلها هذه المدن ليست حكراً على نظرة الملوك ورؤاهم بل مدن تحتكرها نظرات الفقراء ، مدن ليوتيبيات خضراء ، ليس فيها حروب وبطاقات تموين ، وطوابير لتوزيع إعانات الهلال ( الأحمر ، والأبيض ، والأسود ، والبنفسجي ) ..
عندها نستطيع أن نقول إن العيون خلقت ليست فقط للرؤية والتمتع بجمال الخلق ، بل أيضا لتخلصنا من هواجس العسكرة المضرة وجشع تجار الأفيون والسلاح وسكائر المارلبورو المضروبة ، وصانعي معجون الطماطة المغشوش وغيرهم من الذين لا يملكون عيوناً وقلوباً ودموعاً يبكون فيها حتى حين يموت أعز الناس إليهم .
لهذا حين أنهيت كتاب كالفينو في قراءاتي العاشرة له ، تمنيت لعيوني أن تحمل هيكلة وهندسة وحياة تلك المدن الى شعبي الذي يئن من آلام ل اتحصى سببها تراكم الظروف التاريخية والحظ العاثر ، والبارجات ، وشارات الركن ، وغليون مدير شركة الهند الشرقية .
لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه …تجري سيارات اللموزين بما تشتهي طرقات إلهاي وي ..
والى حين تصل …
تبقى سيكولوجية العيون هي بعض زاد حلم الفقير وهي تحمل على أكتاف الدموع كلمة بوذا الأثيرة : كم أتمنى من شخص ما يقنعني بصحةِ تلك الجملة الساحرة : العالمُ خُلقَ بنظرةْ…

محطة::. كوفي شوب |



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرؤيةُ فيما يَرى الرَغيف...
- قصائد ، للناس ، وخبز العباس . وخضر الياس
- عاشوراء.. القضية بين الرؤية وسرفة الدبابة
- رؤى عن الجمال وعطر البياض
- عكاز قاسم حداد
- الحسين ع - العراقي الأصيل الأصيل أبداً
- النبي الأب ..والعمُ النفري
- قصيدةٌ عن عُطاس الخبز
- دمعة على مدرج ملعب كرة قدم
- أنا أحب العراق ..إذن انا حزين
- المستنصرية الشهيدة
- بابل ...وجنائن من لغز ورموش التوراة
- من طور سيناء ..الى طور الشطراوي
- شروال بحجم غيمة ، وكاكا دعابتهُ القمر الآري
- إغنية ( لصدى صرخة وردة ، في آنية حلم )
- العراق ..الشمس أجمل في بلادي من سواها
- العراقي الحالم ..والعراقي المسالم ..بين الوطن والمهجر
- العراقي ..من تعرق بعرق العرق الطيب
- الفضاء - مساحة اليقين لرؤية العين ..
- نصٌ مشتعل ، بنارِ الثلجِ ..وعيونِ ملاكٍ من الجنة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - سيكولوجية رموش العيون