|
اليوتوبيا والمدينة المفارقة
امجد نجم الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 11:32
المحور:
الادب والفن
ان اليوتوبيا تقوم على رسوم المدينة المفارقة عن التشكيل المحسوس الى ايماءات تعويضية او املائية لمكعبات الصرح الفني ، بتوتر الخط الفاصل ، وبتعاضد الطرفين بتراتبية عمودية تنهض بالنص الى تكوين شخصية مغايرة تعتلي الآخر ، لأستشراف نقاط الإشتراك بين البنيتين والبؤرة الإستيطانية للثيمة التي تتمفصل بها . في نص( قصتان بخيط واحد ) للقاص وجدان عبد العزيز ، تنهج البنى المكانية التوازي والتداخل لخلق يوتوبيا تجنح الى احاطة تلك البؤرة ، وتمييع الحدود الفاصلة بينها وبين النص ، إذ أن المدينة بتشكلاتها الحسية تنمزج بالبنية المتخيلة ، لينتج من ذلك يوتوبيا مدينة مغايرة تحافظ على كيان المدينة السابقة ، بتواتر المحسوسات ، أي الشيئية التي تحافظ على قوامها من أن ينجرف الى خيالية مختلقة ممكن أن تجنح بها الى أن تفقد شخصيتها المكانية ، أن هذه الفنية في تشظية البنيتين المكانيتين داخل النص ، أعطته التماسك المطلوب للحفاظ على كينونته وعدم انفصال اقطابه الدلالية ، كما أراد العنوان ( قصتان بخيط واحد ) والذي حفز المتلقي منذ البدء على الفصل . يحاول هذا النص المزج بين بنيتين متنافرتين ، إذ أن اليوتوبيا تخلق وكما أسلفنا على رسوم المدينة التي فارقت وجودها الموضوعي ، لبناء بنية أخرى تعويضية أو إنتقادية تصحيحية ، تستفز المتلقي لجمع وتحليل المنظومة الإشارية للنص على وفق النموذج / المثال الذاتي ، أن عدم تفريط النص بأي من قطبيّ البنيتين الوجوديتين المدينة / اليوتوبيا ، أعطى المتلقي نقاط الربط والتواصل لأستشراف العلاقة الموتورة بين هذين القطبين وهي الثيمة ، أذ ان المكان هو ثيمة النص المشحون بوجوده الموضوعي وبنية اخرى متخيلة. والمدينة بتشكلاتها الحسية / الصورية ، تبدء بـ / الرصيف الأول للشارع الممتد وحافة النهر من الجسر الرئيسي الى الجسر الخشبي المتهرئ / ، وأيضاَ / على طول الرصيف الآخرالذي يقابل صف الأشجار / ، / تتبعثر على امتداده البلدية ، المستشفى ، الحديقة العامة ، المكتبة المركزية ، ومدرسة البنات ، /، / الشارع لا يهدء أبداَ /،/ تميل الشمس نحو الأفق الغربي من المدينة /،/ ثمة أسماك عابثة وسط الماء وأسمال من أوراق تداعبها أنامل الأطفال /،/ يبدء الشارع بطقوس الانزواء /،/ تعانق قارعة الطريق أو الرصيف /،/ منصة الإحتفال /،/ ثمة مايكروفون ونخبة من الفتية /،/ امتلأت القاعة /،/ وهذه التشكيلات الحسية /الصورية تنمزج بالبنية المتخيلة أي بتضافر هذه الصورية مع الخيالية تنتج يوتوبيا المدينة ، وهذه الصورة المتخيلة / عالم غير مرئي حسب الضن /،/ عالم مدينة صغيرة تغفو منذ ملايين من وحدات الإنتظار /،/ موجات وطيور وخدود مكتنزة ومساند من الرغبات الباهتة /،/ تتكرر في نقطة مضيئة واحدة وقد تستعير بعض من وقارك الملفق/،/ تلج في عالم ثالث /،/ تخرج كلؤلؤة باستحياء انثوي يكشف عن سحر النهري واضح/،/ لتنتقل انت وهي الى مدينة اخرى تحت سفح النهر /،/ فيها أشجار غير خضراء تماما ممددة/،/ أثمار مبعثرة /،/ فرس حفظت لونها وقوائمها ومسيرها وعثراتها /،/ أمنيات بطيور ألوانها حسب الخاطر /،/ تحتضن فراغاَ لتراقص ريحا شاردة الذهن /،/ النهر في غلوائه حاملا نبؤات قلب /،/ الفتاة بكفيها المحناة لا زالت تصر على ارتداء بدلة بيضاء فضفاضة /،/ فتيات يراقصن الفراغ /،/ تطويه المعزوفة الثالثة في عالم آخر/،/يذوب في تأملات ليلية قادمة/ وبعد اكتشافنا لطوبوغرافية النص نرجع الى العنوان ( ثريا النص ) كما يسميه محمود عبدالوهاب والذي خلق ايهاما بوجود الفصل بين بنيتين ( قصصيتين ) وأيضاَ اكتشاف الخط الواصل بينهما وما ذلك الخيط الا نسغ المدينة الذي يجري في دماء النص بين البنيتين الموضوعية والمتخيلة ناقلاَ الشخصية المكانية والحضور الوجداني للمكان كبنيتين حاضرة ومفارقة .
#امجد_نجم_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النص وموشور التاريخ قراءة في (شارع الزواج في لجش)
-
الذكرى وفعل التذكر قراءة على استار المدن
-
بنى المكان والزمن الاستعادي
-
القصة القصيرة وزمكانية السرد
-
العنوان...قراءة في نسق مغاير
-
الرحيل
-
كانت اشبه بالنبوءة
-
القراءة..إعادة لبناء المرجعيات الدلالية - طعنات أليفة-انموذج
...
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|