أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمل فؤاد عبيد - جدلية التحول والتغيير















المزيد.....

جدلية التحول والتغيير


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 1985 - 2007 / 7 / 23 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حين أن التحول أو التغيير على مستوى الفرد أو المجتمع لهو ضرورة بشرية لتحقيق التوازن والفاعلية الإيجابية .. وهي إيجابية تعكس حالة النضج والإتساع في المدارك إلى جانب الوعي بكيفية تسخير التراكمات الثقافية الناتجة عن تجارب الحياة وأشكال الوعي بها والتواصل معها إلا أنه من ناحية أخرى يمثل اختباراً صعباً على صعيد القيم والمبادئ والمفاهيم والأفكار التي يؤمن بها الفرد أو الجماعة والتي هي ذاتها سوف تصبح في محك الاختبار والتحقق أو هي القاعدة التي تمثل في مجموعها أساس التغيير والتحول لأن التحول هو تحول فكري ثم يتبعه تحول في السلوك ورد الفعل ومن ثم كانت القيم والمبادئ والمفاهيم هي المستهدف الأول والأساسي للتحول والتغيير أو التطور والتبديل .. والذي بدوره قد يكون نتيجة عوامل خارجية أو داخلية أي من خلال نتيجة لما يطرأ على الفرد من تغيير وتطور ذاتي من ناحية الفكر والقدرة على الإدراك أو ما قد يطرأ على الفرد من خارج ذاته ويمثل ضغطاً محفزاً للتغيير والتحول ..
ولأن القناعات والمفاهيم والأفكار ليست وليدة اللحظة المعاشة فقط إنما هي تراكمات لفترات زمنية مكثفة متصلة وغير منفصلة من حياة الإنسان ومن ثم يأتي التغيير على أساس من زعزعة هذه القناعات وهذه المفاهيم والأفكار والتي أصبحت تمثل في ذاتها ثوابتا ومن ثم فإن فكرة تغييرها أو تحديثها بالتأكيد سوف يكون وفقا لاستجابة واعية بالضرورة ومحكومة في ذات الوقت لموجهين أساسيين هما أولا التراكمات الثقافية المترسخة وثانيا مستجدات اللحظة المعاشة والوقائع اليومية .. وضرورة هذه الاستجابة هي الوصول إلى حالة من التوازن أو لنقل ملئ الفراغات الفكرية التي تسببت عن تحولات الواقع أو صدمة الوعي بوقائع فرضت انحرافا في التصورات والمفاهيم والقناعات.. مما ينتج عنه تلك الزعزعة أو صدمة الوعي بانحراف جديد يحث على ضرورة التغيير أو التحديث .
لذا كان التحول والتحديث يتحرك ضمن إطار من القدرة على الإدراك والفهم السليم إلى جانب احتكام الفكر والذهن لخلاصات من سياق الخلفية الثقافية فيما يخدم راهنية الحدث وتحول المفهوم .. وإلى جانب هذا كله التطورات التي تزامن نمو الفرد في مراحله المختلفة .. على الصعيد النفسي والجسماني والفكري والذهني .
من ناحية أخرى نجد أن التغيير والتحولات على مستوى الفكر والاعتقاد والمفهوم لدى الفرد يأخذ منحنيين أو خطين مختلفين ومتناقضين إلى حد ما .. فقد يجد المرء ذاته أو نفسه أمام جملة من الحقائق الجديدة التي تفرض نفسها عليه منها تطورات مراحل نموه نفسها والتي تخلق لديه مداً مستويا إلى أن يعاين مكانه في كل مرحلة من جديد في ضوء ما يتطور لديه من اتساع في مدركاته ووعيه ومحتواه .. إلى جانب الأحداث أو الوقائع الحسية المباشرة من خلال أشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة أيضا التي تعطي انطباعات معينة تتحول لاحقا لتصبح أفكارا جديدة هي التي تدفع إلى هدر الأفكار السابقة أو المفاهيم أو القناعات .. او تدفع إلى فجاءة قراءتها من جديد .. على ضوء ما استجد من قراءات للواقع بكل مافي من صراعات وتناقضات أو توافقات .. هنا بالطبع يكون الفرد مرهونا أو أن هذا التحول معتمد على مراحل النضج الفكري والجسماني التي تحققت .. ويكون هذا التحول والتغيير وفقاً لأهواء ومصالح الفرد المتتالية .. فالفكر والمعتقد هنا يدور في حيز النفعية والاستجابة المباشرة الفطرية .. إلى جانب محاولة التوافق مع واقع المستجدات والمتغيرات حوله حتى يتناسب طرديا مع ما يأخذه من أدوار ومواقف .
وهناك التغيير الذي يكون استجابة لمعطيات جديدة مختلفة تؤدي إلى هز الثوابت الراسخة والقناعات السابقة ومن ثم تولد أفكارا جديدة تغير من الفكر والمعتقد السابق ( أو لربما جملة التراكمات الثقافية والفكرية ) وهو ما يدفع بالفرد إلى التفكير لمحاولة إيجاد مشروعية أو إعطاء أو توفير مبررات معقولة للتغيير والتحول من خلال الدراسة والبحث فيما استجد من وقائع ومتغيرات على الساحة إلى جانب مراجعة محتوى الثقافة وما يمكن توظيفه فيها لخدمة هذا التحول .. وما تفرضه الخلفيات الثقافية من ضرورات منهجية وسلوكية وتوفير من ثم قناعات مضادة للثبات نحو التحول والتغيير وذلك تحفيزاً لملئ أيضا الفراغات الفكرية التي تسبب فيها ظهور طروحات جديدة تقتضي تقديم تفسيرات ومفاهيم ضابطة لها ومفسرة في ذات الوقت .. وهو ما يقتضي دراسة للسابق ومن ثم اللاحق , فعند مراجعة فكرة الإنتماء والولاء في ضوء هذا التحليل والتفريق بين المنحيين في التفاعل مع ما يستجد من أفكار ومفاهيم أو قراءات تحيل الفرد إلى مراجعة ما هو مترسخ لديه .. نجد أن هذه الورطة الإنسانية أو هذا التورط الإنساني يبقى الفرد قيد التجربة لكل ما يحمله من ثوابت قد تدفع به لأن يسقط ما قد يتغلب عليه الشك والتضليل له ومن ثم لا يكون هناك شيئا يبات في حالة خوف عليه .. إذا ما كان الفرد في حالة من إعادة ترتيب أولوياته المفاهيمية والفكرية والانتمائية .. وقد يحدث هذا نوعا من التضارب بين الانتماء واللانتماء .. وهناك من يسقط صريعا للفراغ المعنوي ومن ثم البحث عن مساحات جديدة تشعره بامتلاء من نوع جديد يحقق له حالة التوازن المفروضة .. وهناك من لا يهمه الأمر في شيء ليبات صريعا أيضا ولكن في حالة من اللامبالاة في أن الفراغ النفسي وما يعانيه من استلاب للمضامين الإنسانية لا يمثل له مشكلة أو لها تأثير عليه .. لذا قد يمثل هذا الشخص ذاته محك تغيير في فكر أو في موازنات الجماعة .. إنما وجود القطب الآخر أو المنحى الآخر للتغيير الذي يتحاور استلابه بقليل من الاحتواء .. يكون هناك من التوازن المفترض على مستوى الجماعة غلا أنه توازن لا يحقق تقدما أو سلاما فعليا ..
ويبقى أمامنا الفئة أو المنحى الآخر للتغير أو الفئة الثانية والتي مطلوب أمامها ومنها تفسير هذا التغيير وتقديم مبررات له .. وهي الفئة التي قد تمثل المثقفين والعلماء والراسخين في مجالات مختلفة ميدانية وغير ميدانية .. وهي أيضا تشمل الإنسان الذي لا يمكن اعتباره من فئة العامة التي تستقطبها المتغيرات المباشرة بلا وعي أو تحليل .. لذا تصبح هذه الفئة هي المسؤول الأول عن خلق توازنات فكرية ونفسية .. تباشر قضية الجماعة وكل ما استجد على ساحتها من متغيرات وتحولات .. لأن الجماعة / الفرد محكومين بتصريفات التغيرات الخارجية بقدر قدرتها على الانتصار لذاتها وأفكارها .. لذا نجد أن الفئة الثانية أو التغيير الذي من الممكن أن يكون محلا لقراءات وتفسيرات مختلفة هو ذلك التغيير الذي يأخذ شكل الضرورة الأخلاقية والفكرية .. وهو أيضا ما يستوجب عليه إعادة صياغة فكر الجماعة شمولا وجملة .. على افتراض أن الفئة الثانية لا تحكمها المصلحة الذاتية بقدر ما تحكمها فكرة التغيير وضرورته الإنسانية والحياتية .. والمشكل الذي يفرض نفسه علينا هنا أو الإشكال الضروري هو أن تصبح الفئة الثانية والتي من المفترض كما قلنا أنها تعيد صياغة مفهوم التغيير على ضوء مستجدات الواقع بما يخدم الجماعة وتوازنها وسلامها .. تصبح منشقة هي على ذاتها .. تحكمها تفريعات المصلحة أحيانا .. وأحيانا أخرى الصراعات التي تخلقها القراءات المختلفة .. ولا خلاف في الاختلاف ولكن الخلاف في التخالف والتضاد في تحقيق المصلحة النهائية .. من هنا .. لن يكون هناك تلك الفئة التي من المفترض أنها تحقق للعامة أو جموع المجموع أو الجماعة ما ترجوه من تفسيرات تضيف إليها وتمنحها القوة والثبات والتعليل اللازم لما حدث ويحدث من ردود فعل تدفع إلى هدم كثير من الأفكار التي كان تمثل ثوابت راسخة بالضرورة .. وترسيم خريطة مفاهيمية جديدة أو توفير أفكار تمنح توافقا مع واقع الحال وتوفر من ثم ردود فعل مفهمومة ومقبولة على مستوى الفرد والجماعة في آن مما لا يخلق معه هزات عنيفة يبات المجتمع معها مهددا بالتشظي أو الانهيار .



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكاشفة ..1
- مكاشفة ..2
- سبيل ..
- محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 6
- تغير نوعي أم .. طفرة نوعية .. ؟
- الإعلام والناسخ والمنسوخ ..3
- التأويل واستبطان المعنى لقصة - مريم - للكاتب مختار محمود
- محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 5
- إلى أسير ..
- فيما بدا ..
- ذوق ..
- قراءة نقدية لمسرحية - لوحات ناطقة - للكاتب الفلسطيني عبد الو ...
- محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 4
- دفء ..
- مفاهيم الأعماق والفطرة
- كهف .. المرايا
- محاورة النصوص للكاتب مأمون المغازي
- يمنى سالم .. مشروع كاتبة ..
- محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 2
- صوت .. وصدى


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمل فؤاد عبيد - جدلية التحول والتغيير