أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - القضاء العراقي والمحاكم الخاصة















المزيد.....

القضاء العراقي والمحاكم الخاصة


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 603 - 2003 / 9 / 26 - 01:58
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                          
قاضي عراقي سابق


       طيلة الزمن العراقي  المر الذي تمكن به صدام البائد  من السيطرة على السلطة في العراق ،  لم يستطع أن يجعل القضاء العراقي مسخراً لأهداف سلطته القمعية  ، ولم يستطع شراء ذمم القضاة في العراق بالرغم من توزيع السيارات الحكومية ورفع سقوف الرواتب وهي من الحقوق التي يتمتع بها القضاة في العالم  وأجتماعه بهم وطرحه الوعود الكاذبة في تصور مستقبل  القضاء العراقي .
لم يستطع لاأحمد حسن البكر ولاصدام جعل القضاء العراقي مطية لهما ، ولهذا عمل الشقيان على كل مايلغي  ثقتهما في القضاء ، فبادرا الى سلب الأختصاص النوعي من القضاء العراقي بمنعه من الخوض في الأحكام المتعلقة بالأمن والقضايا التي تراها الرئاسة جديرة بالأحكام الخاصة  .
فأقدم البكر على أنشاء محكمة بائسة   لاتمت للقضاء العراقي ولاللقوانين المرعية   بصلة وليس  بين صفوفهما من القضاة  أسماها ( محكمة الثورة ) ، وأنيط بهذه المحكمة أختصاص النظر في الجوائم الماسة بأمن الدولة والجرائم السياسية كافة ، ثم تطور الأمر ليتم شمول جميع مايحيله عليها رئيس الجمهورية ورئيس ديوان الرئاسة من قضايا عن طريق ماسمي بدائرة شؤون السلامة العامة  .
وواجه اهلنا في العراق أغرب الأحكام وأكثرها قساوة من هذه المحكمة الكارتونية ليتم ذبح العدالة وقتل القانون في أحكامها الظالمة التي ذبحت الكثير من شباب العراق  . 
وتم سلب الأختصاص النوعي من محاكم الجنايات في العراق ، وسحبت من القضاء العراقي منذ الأيام الأولى لأنقلاب 1968  أختصاص النظر في القضايا التي يقوم جهاز الأمن والمخابرات والأستخبارات بالتحقيق بها ، كما قامت السلطة بتعيين قضاة يختصون في أعمال الأمن والمخابرات والأستخبارات ليس لهم علاقة بالعمل القضائي في العراقي ولم يتدرجوا في سلم العمل القانوني ولم يتخرجوا من المعهد القضائي ولاقاموا بالتطبيقات العملية تحت يد القضاة المتميزين أو العاملين في الحقل القضائي  ، بغية عدم تمكين أي قاض عراقي أو أي جهة قضائية مختصة من الأطلاع على  القضايا التحقيقية الأمنية .
وهذه الأجهزة الأمنية لاتتبع الطريق القانوني المرسوم في نصوص قانون المحاكمات الجزائية في التحقيق والمحاكمة ، أضافة الى كون أغلب العاملين في رئاسة هذه المحاكم من غير القضاة المتخصصين في العمل الجنائي أو  المدني .
ولم تكن قرارات محكمة الثورة خاضعة للطريق القانوني في التدقيق والطعن ولا لأشراف محكمة التمييز ، كما لاتوجد لوزارة العدل أو لمجلس العدل أو الأشراف العدلي  أو أية مؤسسة قضائية  أية علاقة بهذه المحكمة .
وليس غريباً أن الأحكام التي تصدرها هذه المحكمة غير متطابقة مع المدد والعقوبات القانونية المنصوص عليها في قانون العقوبات الذي شرعته حكومة الأنقلاب نفسها ، مما يدلل على أن الأحكام غالباً ماتصدر من الرئيس البائد مباشرة دون تدقيق أو تقليب أو تمحيص الأدلة وموازنتها ، وذلك عن طريق دائرة شؤون السلامة الوطنية في ديوان الرئاسة .
ومن بعد ذلك ولكثرة الأعمال التي تراها السلطة مخلة بوضعها الأمني ، ولأشتداد صوت المعارض العراقي والرافض لنهج السلطة الصدامية ، أقدمت السلطة البائدة على فتح محاكم خاصة تشبه الى شكل ما محكمة الثورة ، كما في محكمة جهاز المخابرات ومحكمة الأمن الخاص ومحكمة التصنيع العسكري .
ثم تطور الأمر الى فتح محكمة في اللجنة الأولمبية تابعة الى المقبور عدي ، وبعد أن فاحت الرائحة الكريهة لأحكام محكمة الثورة التي ترأسها علي هادي وتوت ومن بعده مسلم الجبوري ومن ثم عواد البندر ، والتي حصدت العديد من أرواح الأبرياء في العراق دون ذنب ودون أدانة ، قامت السلطة البائدة بإلغاء محكمة الثورة ، لكنها أنشأت محكمة تدعى ( المحكمة الخاصة بوزارة الداخلية ) ومع أنها أختارت لرئاسة هذه المحكمة قاض مشهور بضعف شخصيته وتدني مستواه القانوني  من بين القضاة ، الا أنها كانت تملي عليه الأحكام وتحصد أرواح العراقيين ومن الطريف ان نفس المحكمة حكمت على قاضيها بالسجن  ، وتخصصت دون باقي المحاكم في العراق بالحكم في قضايا السب والشتم للرئيس البائد وعائلته والحزب والحكومة  والأنتماء لأحزاب المعارضة والعمليات الفدائية ضد السلطة البائدة  .
كما قامت السلطة البائدة بمنح الفرق الحزبية والشعب والفروع صلاحيات أبعد وأكبر من الصلاحيات التي يمنحها القانون لقاضي التحقيق ، وذلك بأن لها أن تقدم على بتر أذن أو قطع لسان  المواطن أستناداً الى تقرير يقول أن المواطن شتم الرئيس أو مس شخصه أو مركزه أو أنتقد الوضع العام .
كما قامت السلطة البائدة بمنح تلك الفرق  والمنظمات الحزبية صلاحية الأعدام للهارب أو المتخلف عن الخدمة العسكرية  ولمن   تراها السلطة من النساء المتهمات     بقضايا أخلاقية ( تمت تصفية معارضات تحت   هذه الذريعة وهذا الزعم بغية الأساءة اليهن ولعوائلهن والتخلص منهن  ) .
وأستطيع الزعم بأنه لا يوجد قاض عراقي واحد أصدر حكماً قضائياً واحداً بحق أي مواطن عراقي في قضايا الشتم والسب المتعلق برئيس الجمهورية أو في القضايا الأمنية والسياسية طيلة سلطة البعث البائد  ،  لكون سلطته القضائية لا تمتد لمثل هذا الحكم ، ولذا لم تتدنس أصابع أي قاض عراقي  بكتابة قرار حكم ظالم ضد أي مواطن عراقي .
وبقي القضاء العراقي يعاني حاله حال جميع مؤسسات الدولة آلتي استباحتها سلطة العائلة والطاغية والتي همشت واستخفت بالقوانين والتشريعات حتى الصادرة منها من الضعف والنخر من بعض العناصر الفاسدة الا ان جسد المؤسسة ورجالها بقوا صابرين وصامدين من اجل رفع كلمة الحق وابقاء سمعة القضاء ناصعة وعالية .
وكانت المؤسسة القضائية العراقية بالرغم مما اعتراها من خلل وضعف تقف في معزل عن عمل السلطة البائدة ولا تصطف معها ، وكانت السلطة تشعر أن هذه المؤسسة العراقية التي تجسد العدالة وتحصيل الحقوق هي من أعدائها بالنظر لعدم أيمان السلطة بالحق والحقوق  .
وطيلة الفترة التي حكم بها صدام العراق بالحديد والنار لم يستطع أن يجعل من القضاء مطية يركبها ولاسنداً لأفعاله وأعماله الإجرامية .
ويعود اليوم القضاء العراقي معتزاً بسمعته وقابليته وكفاءته وثوبه الأبيض العراقي الذي يستمده من الأحرف الأولى لكتابة التاريخ وتدوين القوانين وكتابة النصوص على المسلات والحجارة في العراق ، ليعيد للقضاء وللعدالة في الوقت الحاضر هيبتها وصفائها وخدمتها للحق في الزمن العراقي الجديد .
وسيساهم القضاء العراقي ليس في الأقتصاص من المجرمين الذين اقترفوا أبشع الجرائم بحق شعبهم ووطنهم ، بل سيساهم مساهمة فعالة في أرساء أسس دولة الدستور وحقوق الأنسان وفي تثبيت دعائم دولة الحق القادمة في العراق .

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكراد العراق أرضية للشراكة الدائمة
- شهداء العراق تعالوا
- خيمة صفوان لم تزل تنشر ظلالها على العراق
- ولادة عراقية بعد زمن مرير
- الانتحار طريق للشهادة أم مخالفة لأمر الله
- الوثائق العراقية الدامغة
- سماحة حجة الإسلام والمرجع الأعلى للمسلمين آية الله السيد الس ...
- أعداد مسودة الدستور
- الضمير الغافي في زمن صدام ؟
- احتمالات
- رحيل المناضل والمثقف العراقي باسم الصفار في استراليا
- رداً على الكاتبة أمل الشرقي
- رسالة الى عضوة مجلس الحكم الأنتقالي الدكتورة رجاء الخزاعي
- حرب الصحاف
- من سيمثل العراق ؟
- رسالة أخيرة من مواطن عراقي الى الخائب صدام حسين
- الصهيونية والأرهاب العالمي
- أهل مكة أدرى بشعا بها
- الخط السري بين القناة الفضائية و شبكة الأرهاب
- حقوق الأنسان في التشريع الجزائي العراقي الجديد


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - القضاء العراقي والمحاكم الخاصة