أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمود الباتع - هل كان يجب أن تموت بدور؟














المزيد.....

هل كان يجب أن تموت بدور؟


محمود الباتع

الحوار المتمدن-العدد: 1968 - 2007 / 7 / 6 - 12:36
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


وبدور هذه طفلة مصرية من محافظة المنيا بصعيد مصر ، وافاها أجلها المحتوم في وقتٍ مبكر جداً في عامها الحادي عشر ورحلت مأسوفاً على طفولتها التي لم تكتمل وعلى شبابها الذي لم يأتِ وذلك أثناء إجراء عملية ختان طبي في إحدى العيادات وراحت ضحية لجهل الآباء وتخلف وانحطاط المجتمع وكذلك مكابرة المشايخ والمفتين وعنادهم الأعمى لتذهب شهيدة العفة المزعومة وفداء لبنات جنسها ممن حكم عليهن قدرهن بأن يولدن في مثل تلك البيئة المتخلفة.
وهل كان من الحتمي موت هذه الطفلة المفجع حتى يستفيق فضيلة مفتي الديار المصرية مولانا الشيخ "الدكتور" علي جمعة ليصدر فتواه التي تأخرت أربعة عشر قرناً من العناد والتناحة بتحريم ختان البنات عندما قال لافض فوه يوم الأحد الموافق 24/06/2007 "إن عادة الختان الضارة التي تمارس في مصر في عصرنا حرام" .. ؟ يا سلام .. !
وهكذا وبكل بساطة وبعد أن ذهبت الطفلة في شربة ماء (أو ضربة مشرط لا فرق) إلى مصيرها الذي لم يكن ليكون محتوماً إلا بفضل تعامي هؤلاء "العلماء" عن واقع كان يعرفه الملايين من المصريين وغيرهم، وأكاد أقطع بالجزم أن ألوفاً غيرها قد سبقنها على نفس الطريق ولم يلتفت إلى مصيرهن أحد ليستيقظ ضمير فضيلته ذات تجلي ويكتشف أنها عادة ضارة وأيضاً أنها حرام.
لطالما كنا نصدم ونستغرب ونستهجن هذه العادة المقيتة في الوقت الذي كان علماء العبوس ومشايخ تقطيب الجبين إياهم يتحفوننا بفتاوى ودروس عن فضيلة ختان الإناث وعن كونه مكرمة بل وأكثر من ذلك من أنه سنة مطهرة من الواجب المستحب اتباعها حتى نضمن للفضيلة والعفة مكاناً بين بناتنا حالما يبلغن سن الانحدار الحتمي عندما تلفهن لعنة الشباب بخطيئة الأنوثة لتشب الصبية منهن وقد تطهرت من رذيلة الشهوة وتحصت من مهاوي الشبق اللعين ، ولكن يا ترى هل سادت بعد هذا كله الفضائل وانقرضت بفضله الرذائل ؟
وكيف تسنى لما كان من السنة المطهرة أن يصبح بين عشية وضحاها أمراً محرماً ؟
وإذا هذا كان حراماً فهل من يخبرنا كيف كانوا يدافعون عنها باستماتة كل هذه المئات من السنين ؟
لا نريد فذلكات عن الاجتهاد وأجر المجتهدين فإذا كان بإمكان العلماء بالجهالة أن يجتهدوا فمن باب أولى أنه حقٌ لكل عاقل أن يجتهد ويستفتي قلبه وعقله قبل أن يجودوا عليه باجتهاداتهم ، وبالتأكيد لم يكن من رحمة الله بالأطفال على الأقل أن تكون السنة المطهرة عبارة عن مبضع ملوث يعبث في أجساد البكارى.
لقد أفتتنا قلوبنا وعقولنا منذ أزمنة بقبح هذه العادة التي لا أعرف لها أصلاً ولكنها نمت وترعرعت في تربة الجهل والانحطاط الحضاري هي التي أبقت عليها حية حتى اليوم والداهية المرة أنها عاشت كل هذه القرون متدثرة بدثار الدين الذي خلعه عليها لابسوا الجبة والقفطان والوكلاء الحصريون للعناية الإلهية والناطقون المفوضون باسمها للأسف والحزن الشديدين.
لطالما صدعنا المشايخ الأفاضل في إعمال فقههم وعلمهم في قضايا يبدو أنهم لا يفقهون في غيرها فبعد قرون كان محور الفتاوى يدور حول أمور الطهارة والنجاسة وآداب الاستنجاء والحيض والنفاس نجدهم وقد طوروا أساليب تفكيرهم لتتناول بالتكفير والشطب كلاً من التفلج والنمص وإزالة الشعر من بدن المرأة وما إليها من عمليات التجمل والتزين التي اعتمدتها النساء منذ الأزل واعتبار هذه الأعمال من المحرمات لما فيها من تغيير لخلق الله ، ليصلوا بنا إلى وضع بول الرسول ولعابه في سلال بركتهم المزعومة حتى انتهوا أخيراً بتلك الفتوى الهزلية لإرضاع الكبير، أما في ما يتعلق بالجريمة التي لا زالت ترتكب يومياً بحق الإناث بإرسالها إلى مذبح الفضيلة ميتة على قيد الحياة عبر اجتثاث ذلك الجزء الحساس من جسدها فهي ربما من باب إضفاء بعض التحسين على ما خلقة الله الذي فاته ذلك على مايبدو فلم يأت كما أراده الله في أحسن تقويم !
هنا أعطي لنفسي الحق في أن أتساءل لماذا كل هذا الاهتمام المتزايد من المشايخ بجسد المرأة دون غيره لتنسحب عليه كل الفضائل الإيمانية وكأن القرآن الكريم لم ينزل إلا من أجل هذا الجسد ليصبح المقياس الأوحد الذي تقاس به العقائد بعد أن حصرها فقهاء الضلالة هؤلاء ومريديهم ودراويشهم من حولهم فيه؟
تعرفون أيها السيدات والسادة أن الفضيلة إن لم تنبع من المكنون الوجداني للإنسان امرأة كان أو رجلاً فلا شيء بإمكانه أن يوجدها ، وأن المثل الأخلاقية إذا لم تغرس في لاوعي الناشئة عن طريق التربية والإقناع منذ الصغر فلا شيء في يمكنه أن يكسبهم إياها ، وإذا لم يمكن إيجاد لجام من الضمير على الغرائز الطبيعية للإنسان فليس ثمة ما في الدنيا ما يمكنه أن يمنع انفلاتها في الكبر ، وليخبرني أحدٌ ما عما آلت إليه الأمور في الغرب بعد اعتماد حزام العفة الذي في أوروبا لقرون خلت ، فهل كان هناك ضامن آخر للطهر والعفاف والفضيلة غير الأخلاقيات والمثل النابعة من القناعة الداخلية للإنسان ؟
لقد أخبرنا الأنبياء جميعاً أن الطهارة هي طهارة النفس وأن البصيرة هي التي تقود البصر وأن السرائر توجه الغرائز وأن الضمير ومقدار الإيمان هو الذي يضع للإنسان طريقه في الحياة ، وغير ذلك لا شيء.
إن الأزمة هي أزمة ثقافة اجتماعية وبيئة فقيرة الوعي الإنساني والديني هي التي سمحت لهؤلاء وغيرهم من الجهلة أن يكونوا قيادة وطليعة في مجتمعاتنا والغوغاء يلهثون ورائهم للأسف ، فكم من المنزلقات يريدون لأتباعهم أن ينزلقوا فيها وكم من الضحايا يجب أن يموت وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً قبل أن نكتشف بعد ألف سنة أو نحوها أننا كنا وكانوا من قبلنا على ضلالٍ مبين؟
ورحـم الله بدور وكل من كان مثلها رحمة واسعة !



#محمود_الباتع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان والغريزة والأخلاق
- نحو فلسفة أخلاقية للاختلاف
- أحداث نهر البارد .. من المسؤول؟
- عاشقة الليل تستأذن بالرحيل
- نحن وعصر المابعديات
- رعاةُ البشر .. فرقوا ولم يسودوا
- ماذا نريد من العلمانية ؟
- الأكراد والعرب .. أية علاقة؟
- التطرف ومنهجية التقديس
- قراءة في إعلامنا الأصفر
- عيدٌ للحب .. ما المانع ؟
- قلبي للبيع
- فلسطين .. بين الموت والحياة
- إعدام صدام .. إحياء ميت
- تهويمة العيد والعام الجديد
- المرأة المفترية .. والرجل المفترى عليه
- ربوني .. وبعرف أهلي
- الرجل متوحش ولكن .. لماذا تتوحش المرأة ؟
- شرَّعتُ قلبي
- الجزيرة .. من الكافيار إلى الخبز


المزيد.....




- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمود الباتع - هل كان يجب أن تموت بدور؟