أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - توفيق أبو شومر - اغتيال النشء الفلسطيني














المزيد.....

اغتيال النشء الفلسطيني


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 11:42
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


هو طفل كان يسير وحده في شارع عام في الصباح ، لم يغادر مرحلة الطفولة بعد قدرتُ عمره فاتفقتُ أنا وصديقي الذي يجلس بجواري في سيارتي بأن عمره يتراوح بين الحادية عشرة والثانية عشرة فقط .
كان يحمل على كتفه بندقية كلاشينكوف طولها يقارب طول هذا الطفل..يتلفتُ يمينا ويسارا بنشوة وتحدٍ ، يبحث عن عيون المستغربين ، كان مستعدا لاستعمال بندقيته في أية لحظة ، لأن يده اليمنى ظلت تتحسس جسد البندقية وتمسحها من الأسفل إلى الأعلى بلذة غامرة .
توقفتُ أراقبه من بعد حتى لا أستثيره ، وتأكدتُ بأنه يسير وحيدا ، وهو لا يخضع لمراقبة أحد من رفاقه أو أسرته ، كانت حركاته تدل على قدرته ومعرفته باستخدام السلاح .
قال مرافقي: " ويلي على أجيالنا"!
لم أعثر في البداية على أية دراسة جادة تتعلق بأثر الفوضى الأمنية على أبنائنا وأجيالنا ...حاولت أن أعثر على أية دراسة أو بحث موثق أو رسالة ماجستير أو دكتوراه حول هذا الموضوع ، غير أنني لم أُوفق !
استعدتُ حديث أحد المدرسين المخلصين وهو يتحدث عن مدرسته التي تشمل المراحل التعليمية الثلاثة ، وهو يقول : " تصور أنني دخلتُ الفصل في الحصة الأولى في الصف السابع فماذا وجدت؟
نعم وجدت برازا آدميا على كرسي المدرس ، ووجدت برازا على السبورة ! وليست تلك المرة الأولى !
أما عن العنف فحدث ولا حرج ، يبدأ العنف من اللكمات بالأيدي إلى المشارط والسكاكين !
ويضيف بحرقة : بعض المدرسين يلومونني لأنني أحاول أن أبذل جهدي وأصحح المسيرة التربوية ، ويبدو أن بعضهم يستفيدون أيضا من هذه الفوضي باقتناص الراحة !
قال لي أحد أصدقائي : بالأمس أمسكتُ طفلا لا يتجاوز عمره تسعة سنوات في الطابق الثامن من عمارتنا وهو يحاول سرقة دراجة ابني !
وأضاف : ألم نحس بالخطر من جيل الأبناء ... تصور بعد أن قصفت الطائرة الإسرائيلية منزلا فلسطينيا قبل مدة وجيزة شاهدتُ أعدادا من أطفالنا يسرقون بعض محتويات المنزل ومحتويات السيارات المهشمة !
الصور السابقة جزءٌ من المشهد المروِّع الكبير للنشء الفلسطيني في ظل الفوضى الأمنية التي تسود مجتمعنا الفلسطيني .
إن أثر الفوضى على النشء أقسى بكثير من مخلفات هذه الفوضى الأمنية على السياسة والاقتصاد ، لأننا نستطيع إصلاح الفساد السياسي والاقتصادي ، بينما يصبح إصلاحُ الجيل الفلسطيني عسيرا ، يستنفد كل مواردنا عقودا من الزمن ، كما أن نتائجه تنعكس مباشرة على مستقبلنا ، وتحول بيننا وبين المستقبل ، إذ أن فساد أجيالنا يعتبر سدا في وجه التطور والتقدم .
وليس من قبيل المبالغة القول بأن إصلاح الجيل الفلسطيني مقدمٌ على كل أنماط الإصلاح ، فالاقتصاد والسياسة تبعٌ أيضا للجيل والنشء ، وليس العكس ، كما أن تفريطنا [ المتواصل ] في حق الأجيال الفلسطينية يعتبر خيانة للقضية الفلسطينة برمتها ، فالتراجعُ المتعدد والتدهور الذي نشهده اليوم في مجتمعنا الفلسطيني أحد نواتج هذا التفريط .
ومما يؤسف له أن أكثر أحزابنا الفلسطينية لم تضع [ خطة] لإنقاذ الجيل الفلسطيني من الانهيار ، وكان مفروضا أن يكون التثقيف الحزبي أحد أهم ركائز بناء الأجيال ، ولعل الأبشع أن بعض الأحزاب ساهمت في [ تخريب] ما بقي من الجيل ، إما بتضليل صغار السن وشحنهم بالمفاهيم الضيقة للحزبية ، واعتبار هذه المفاهيم مفاهيم مقدسة ، بدون مراعاة للسن القانونية للأطفال ، بل إنني ذهبتُ إلى أكثر من ذلك عندما اعتبرتُ أن استعمال الأطفال والقاصرين كقطارٍ يوصل الأحزاب إلى غايتها يعدُّ جريمة أطلقت عليها اسم [ التغرير بالأطفال] لأنه يمسح من خريطة الوطن جيلا بأسره .
تظنُّ بعض [ فُـتُـوَّات] الوطن بأن عزتها ومنعتها تكمن في تجييش أطفالها وشبابها وتسليحهم ، فهم عز الحزب والقبيلة ، وتقوم بحمايتهم وشحنهم بالقسوة والعنف ، وأن أحدا لا يستطيعُ النيلَ منهم مهما كانت قوته لأنهم محروسون بأسرهم وقبائلهم ،فيتعلم هؤلاء القسوة والعنف ويتدربون كيف يركلون مبادئ الأخلاق بأقدامهم ، ظنا من أهلهم ومسؤوليهم بأنهم أسسوا لهم مستقبلا حين نوَّموهم مغناطيسيا وسلبوا منهم براءتهم وطفولتهم وطُهرهم لتحقيق مصالح الحزب والقبيلة ، والحقيقة القاسية هي أنهم [ اغتالوا] منهم مستقبلهم وغرروا بهم وأضاعوا عليهم الحياة الجميلة، وسيكتشقون حين يكبرون كم كانوا مضلَّلين !
إن آثار العنف على الأطفال والأشبال والشباب في المجتمع الفلسطيني ليس موضوعا بحثيا فقط وإنما هو مشروعٌ وطني ينبغي أن نسعى بخطة ودراسة ومتابعة لحماية الجيل الفلسطيني من آثار الفوضى العارمة ، فمشروع حماية الأطفال من تغرير الكبار مقدمٌ على كل البرامج الاقتصادية والسياسية ، ومقدمٌ حتى على حكومة الوحدة الوطنية ومحاربة الفوضى بأشكالها يبدأ أولا بإعلام جماهيري واسع تنفذه المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ، ويعتبر خطباءُ المساجد ركنٌ أساسي في هذه المهمة .ويجب أن نعتمد شعارا مركزيا في نظامنا التعليمي يقول : " التعليم والتربية من أجل طهارة الطفولة "
لا أحد يصدق بأن عدد الحدائق والمتنزهات المخصصة للأطفال في غزة سوف تنقرض عما قريب ، فقد نهبت محتوياتها وخربت ، ونزع البلاط والحديد من حول أشجارها في وضح النهار ، وعندما نشرع في تطبيق الخطة الأمنية نرسل بعض الجنود إلى مفارق الطرق ليوقفوا السائقين الملتزمين ممن ينصاعون للأوامر ويغضون الطرف عن سيارات علب النوم السوداء التي تختار لوحاتها وفق المزاج !
ولا أحد يعرف بأن دروس النشاط والتربية الفنية والموسيقية في مدارسنا ليست سوى [ديكورات] منهجية يتم اغتيالها في كل يوم بحجة أنها ثانوية ، وقد وصل الحال إلى تحريمها لأنها من [ المفسدات]!
ولا يخفي علينا ما يعانيه المدرسون من ضائقةٍ في رزقهم وقوتهم فهم في آخر درجات السلم الوظيفي ، على الرغم من أننا نمدحهم بالمعلقات والمنقحات ونعتبرهم في منزلة الأنبياء المرسلين ، وحين ندفع لهم رواتبهم ندرجهم في خانة المتسولين ! وصرنا نغض الطرف عما يلحق بهم من إهانات حتى من طلابهم !



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
- رسالة من غزة إلى حفيدي
- رسالة إلى حفيدي
- الغيرة وما أدراك ؟!!
- هل هناك مؤامرة على الترجمةإلى اللغة العربية ؟
- من فنون اللجوء الفلسطيني
- عجائب ثقافية
- بلاد الفرز ... والحراسات
- ابتسم .. أنت في غزة
- وجادلهم ..... بالمتفجرات
- علاقة الأحزاب الفلسطينية بمنظمات المجتمع المدني
- هل الإحباط مرض عربيٌ ؟
- هل أنظمة الاختبارات التقليدية إرهاب ؟
- المرأة بين الحقيقة والخيال
- المبدعون قرون استشعار
- إحراق الكتب في فلسطين


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - توفيق أبو شومر - اغتيال النشء الفلسطيني