|
التابوت
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1951 - 2007 / 6 / 19 - 05:40
المحور:
الادب والفن
: قصة قصيرة اخذ يمشي جيئة وذهابا ، وكل مرة يبدأ في التفرس في وجهي ، وكأنه يعرفني منذ أمد طويل ، لم اذكر أنني قابلت هذا المخلوق في مكان ما ، ولعلي قد تعرفت عليه في زمن مضى ، ولكن المشاغل التي تواجهنا بها الأيام ، ربما تكون قد أنستني من يكون ، وأنا في حيرة من أمري ، اخبروني انهم بحاجة ، الى بعض الأجوبة ، لأسئلة لا يعرفون جوابها ، وأنني يمكن ان أعينهم في ضالتهم هذه ، بدا لي أنهم صادقون هذه المرة ، وان كنت قد سمعت من أناس كثيرين ميلهم غير المبرر إلى الغدر ، ولكن لم لا انتظر ؟ ، عسى الساعات القليلة القادمة تضع حدا لحيرتي المتفاقمة يطيل الرجل ذرعه للأمتار القليلة ، التي تتكون منها الغرفة ، وكل جيئة وذهاب ينظر الي بتمعن ، ولم اعد بقادر على الاستمرار ، في هدوئي المصطنع ذاك ، انا رجل مشغول ، وقد كنت في طريقي الى المنزل ، حين استوقفوني ، طالبين مني ان اصحبهم لأمر هام ، يستمر لحظات ، وأنني حتما سأعود الى منزلي ، كالعادة تماما ، وأتناول طعام الغداء مع أسرتي.... اسمع صراخا يأتي من بعيد ، أفكر ان اطرح سؤالا عن الأمر ، على الرجل الذاهب العائد بخطوات رتيبة ، لا تستقر على قرار ، يريحني ببعض الكلمات ، يدخل الغرفة اثنان مسرعين - جلبنا الشخص ، سيدي - اتركاه هناك يشير بيده الى الغرفة المقابلة يستمر الرجل في سيره المتواصل ، وتستبد بي الحيرة ، وتذهب بي في كل جانب ، وقد تفاقم إحساسي بالجوع ، بعد عمل مضن قضيته هذا اليوم ، وانا مشتاق لرؤية الزوجة ، ومعرفة كيف قضت نهارها ؟ نصحها الطبيب بالراحة الطويلة ، حفاظا على الزائر الحبيب ، الذي انتظره من وقت طويل يقف الرجل أمامي معاودا النظر لي بتلك الطريقة المستكشفة ، المستفزة ، التي لا أستسيغها أبدا - سوف تقدم لنا خدمة بسيطة ،ثم تعود الى المنزل - هل انت متزوج ؟ - نعم - - نعلم هذه الحقيقة ، ونعرف ان زوجتك مريضة ومتعبة ، لكنك صادق ، سوف تجيب عن أسئلتنا ، وتعود. يواصل الرجل المسير في الغرفة ذهابا وإيابا ،وأنا انظر الى حركاته المتوترة ، وأرجو من أعماق قلبي ، وابتهل الى الله ، ان يجعله يفعل شيئا يبدد حالة القلق التي يعيش تحت نيرها ، أو ان يطلق سراحي ، لأعود الى منزلي زوجتي متعبة كثيرا ، ترهقها كل حركة مفاجئة ، وعلي ان أكون رفيقا بها يضغط الرجل على زر موضوع بجانبي ، ينطلق منه صوت عال ، يأتي على إثره احد الشخصين - ها توه هنا يدخلان معا ، وقد أحاطا بمخلوق ، تنبعث الدماء من أنحاء متفرقة ، من جسده ، يمشي بصعوبة واضحة ، وقد عصبوا عينيه ، بقطعة قديمة من القماش الممزق ... يجلسون ذلك المخلوق على كرسي بجانبي ، يتهالك وقد بدا عليه الإعياء والتعب واضحين - هل تعرف هذا الرجل ؟ لم أجد رجلا أمامي ، بل مخلوقا بائسا ممزقا ، تظهر عليه علامات ضرب مبرح ، وقد تمزقت ملابسه . - لا ، لا اعرف هذا الرجل يبدو الغضب على محيا السائل - كيف لا تعرفه ؟ يبدو انك سوف تكذب علينا ، أصدقنا القول ، واذكر الحقيقة ، وعد أدراجك. حقا إنني صادق ، لم التق بهذا المخلوق أبدا . - اتق شر من أحسنت إليه ، كنا محسنين معك ، اجب عن هذا السؤال البسيط وعد إلى منزلك. - احفر في ذاكرتي وأنقب ، علي اعثر على جواب يريحني ، وتطمئن له نفوسهم ، فيبادرون الى السماح لي بالذهاب الى المنزل الدافيء الذي احن اليه ..... يضغط الرجل على زر آخر موجود أمامي ، فيقدم شخصان بيديهما تابوت ضخم . - اسمع ، أنت تعرف هذا الشخص ، لماذا تنكر ؟ لا نود ان نستعمل العنف ضدك. ، قد تكون نسيت ، يمكن ان نرسل في طلب زوجتك لتعينك على التذكر لا ، ليس هذا ، ولكن ماذا بمقدوري ان افعل ، وانا لم يسبق لي رؤية هذا المحطم الذي وضعوه هنا . إنهم جادون معي ، وأنا لا اعرف كيف أجيب عن أسئلتهم ، لأنال رضاهم عني ، ويدعونني أعود الى منزلي ، لقد عشت حياة بسيطة لم تدع الى غضب احد من الناس ، او تثير نقمة مخلوق ما ، وأنا اعتز بحياتي الهانئة ، وأود المحافظة عليها ، لو كنت اعرف الشخص هذا حقا ، لأجبت بصراحة ، فليس من عادتي التكتم ، وماذا يفيدني بشيء ان انكرت معرفتي ؟ زوجتي مريضة ، نصحني الطبيب بالعناية بها ، -الجنين متعب ، مما يسبب مرض الزوجة ، كن رفيقا بها حانيا. ينطلق الصوت بغضب وقوة : - الاترغب بقول الحقيقة ؟ - ولكني لا اعرفها . - كفى ادعاء. يشير الرجل بيديه ، يأتي الشخصان الى التابوت ، يدخلان البائس الجالس قربي ، ، فلا يجدون مقاومة ، ، المسكين شبح يثير الشفقة ، وهم قوم اعتادوا ان ينفذوا تهديداتهم ،يشرعون في دق المسامير ، لإغلاق التابوت. - الا تحب الحقيقة ؟ نحن لا نمزح. أسقطت زوجتي عددا من الأجنة ، كلما قامت بمجهود بدني متعب ، تجهض ،وقد عملت الفحوص الكثيرة ، و أحب الاحتفاظ بطفلي. هذه المرة ، لهذا احرص على اراحتها ، من الإجهاد او القلق .. يواصل الشخصان دق المسامير في التابوت ، يمسك الرجل منشارا ، ويشرع بقص الألواح الخشبية ، ينطلق صوت صراخ مرعب ،تموت قدرتي على الرؤية الواضحة ، وتهرب الكلمات مني ، ولم اعد قادرا على التفكير بشيء مما يحصل معي. ، يسيطر علي منظر واحد ، لا يفارقني ، رجل تسيل الدماء من أنحاء جسده المعذب ، وقد ادخل رغما منه في تابوت .... صبيحة شبر
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في مجموعة قصصية
-
الصورة
-
ثقافتنا والتعميم
-
لماذا الاساءة للاديان ؟
-
القزمة
-
تشابك مهن
-
كيف نقرأ نصا أدبيا ؟
-
ظلم يدوم ولا أمل قريب
-
أية ثقافة ؟؟
-
البشر نسخ مكررة
-
مع الاعدام ؟ ام مع الغائه ؟
-
جارتي والحرب
-
القيود المكبلة لالاف النساء
-
حقوق الانسان في التقاعد
-
الشاهدة : قصة قصيرة
-
المصالحة في مجتمع العراق
-
مجتمع مدني في العراق
-
لماذا يهاجم جميعهم شخصية الرسول ؟
-
الازمة التي يعيشها الاساتذة
-
قراءة في المجموعة القصصية ( لائحة الاتهام تطول)
المزيد.....
-
علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي
...
-
استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق
...
-
-انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
-
فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
-
قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد
...
-
بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي
...
-
الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
-
الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو
...
-
تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|