الموقف من حرب الإبادة على غزة هو المِجَسّ الأخلاقي والثوري لعصرنا!

عصام مخول
الحوار المتمدن - العدد: 7966 - 2024 / 5 / 3 - 17:01
المحور: القضية الفلسطينية     


كلمة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في مظاهرة اول أيار اليهودية العربية في تل ابيب



عندما نهتف: عاش الأول من أيار.. هنا في شوارع تل ابيب وهناك في مظاهرة كفرياسيف - أبوسنان الآن، وأمس الأول في مظاهرة الألوف الجبارة في الناصرة، فليس ذلك لأن رايات أول أيار والرسالة التي يحملها صحيحة والأكثر عدالة وأخلاقية فقط، وإنما لأن الأول من أيار ضرورة ماسة، وحاجة أساسية للدفاع عن العاملين وعن الأكثرية المنتجة في المجتمع، أمام رأسمالية متوحشة وإمبريالية جشعة لا ترى غير أرباحها وضمان قدرتها على الاستغلال والهيمنة, داخل المجتمعات وبين المجتمعات والدول.

العلم الأحمر سيبقى خفاقا، لأنه حاجة كفاحية تجتمع تحتها مصالح عمال العالم وتلتقي عليها عناصر القوة لدى شعوبه المضطهدة، فيا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة اتحدوا.. هذه المقولة مقررة.

ماذا يعني أن تقوم حكومة الديكتاتورية الإرهابية السافرة في إسرائيل اليوم، حكومة الحرب والاستيطان ورأس المال الكبير في الأول من أيار بالذات بإطلاق موجة غلاء فاحش جديدة وبليدة، في ظل أعمق أزمة اجتماعية واقتصادية تخنق جمهور العاملين والمنتجين، على مدار سبعة أشهر من حرب الإبادة الفاشلة على قطاع غزة وعلى الشعب الفلسطيني ؟




/يدحرجون ثمن الحرب على أكتاف العاملين والفقراء

إن هذا يعني أن هناك في المنظومة الحاكمة في إسرائيل من يريد أن يستغل رائحة الدم وإثارة الكراهية والعنصرية والتحريض البهيمي الحاقد على الشعب الفلسطيني، من أجل أن يدحرج أثمان الحرب الباهظة على جمهور العاملين اليهود والعرب في إسرائيل "برضى العاملين" وخنوعهم للتحريض الفاشي.

ونحن ندعو من هنا : إن الرد الشعبي والعمالي على سياسات حكومة الحرب والفاشية يكون بالضرورة في تنظيم مقاومة اجتماعية لحكومة الموت والكوارث، وثورة على سياساتها.

الان يتضح للجميع: الفاشية والحرب، توأمان سياميان يغذي أحدهما الآخر، ومن يرتكب مجازر بحق البشرية في غزة هو بحاجة لخنق حرية التعبير والموقف السياسي ليكتم صوت الاحتجاج والاعتراض داخل إسرائيل على جرائمه.



من يجوّع الفلسطينيين في غزة سيجوّع العاملين في إسرائيل

ونحن نقول من هنا من قلب مظاهرة اول أيار في تل ابيب، إن من يرتكب جريمة تجويع الفلسطينيين في غزة وفي نور شمس وفي مخيم جنين سيجوّع بالضرورة قطاعات واسعة من العاملين وصغار المنتجين في إسرائيل نفسها. ويجب أن يكون واضحاً أن الايغال في قمع حريات الشعب الفلسطيني، يقود بالضرورة الى التغول الفاشي والقضاء على الحريات السياسية والاجتماعية في إسرائيل نفسها. لنا مصلحة حياتية، يهود وعربا، في وقف حرب الإبادة والتجويع والتهجير والحصار على غزة وعلى الشعب الفلسطيني كله.






/الامبريالية الامريكية لإسرائيل: علينا السلاح وعليكم الدم والحروب!

صحيح أن الولايات المتحدة أن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل الأسبوع الماضي 14 مليارد دولار إضافي مساهمة في عبء الحرب، فهل الامبريالية الامريكية تدفع ثمن الحرب بديلا عن الشرائح الشعبية المختنقة بأزمة النظام والمفقرة ؟

إن الولايات المتحدة تدفع هذه المساعدات السخية على شكل تحديث الترسانة العسكرية الإسرائيلية ومدها بأحدث الأسلحة.. فالامبريالية الامريكية تقول : خذوا السلاح وأعطونا دماءكم، خذوا السلاح ودعونا نتحكم بحروبكم وجرائمكم..



/كارل ماركس والمِجَس لثورية المواقف وأخلاقية الحراكات الشعبية والسياسية

في كانون اول 1856 كتب ماركس الى إنجلس: "إيمكننا أن نقيس قوة ومدى قابلية أية ثورة للحياة بشكل دقيق، وفق موقفها تجاه الصراع الدائر في بولندا... بولندا باتت هي المِجسّ الخارجي لهذه الثورات".


وفي سنوات الستين والسبعين من القرن العشرين تحول الموقف من الحرب الامبريالية الامريكية على الفيتنام ليصبح هو المجس الخارجي لثورية أي موقف وأخلاقيته..

وكان الموقف من نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا في ثمانينيات القرن العشرين هو المجس العالمي للقيم التقدمية والمواقف الأخلاقية.

وكما كان الموقف من الحصار الامريكي لكوبا منذ الستينيات الاولى، ومن الانقلاب الفاشي ضد أييندي في تشيلي، وانقلاب الجنرالات الفاشيين برعاية السي آي إيه في أمريكا اللاتينية والعدوان على فنزويلا ونيكاراغوا كانت هذه المجسات الخارجية التي بها تقاس ثورية الموقف واخلاقيتها. ويجب أن نشير أنه في جميع الحالات وقفت الصهيونية ووقفت إسرائيل في الجانب غير الأخلاقي من التاريخ.

وبعكس شعار الشيوعيين التاريخي : "مع الشعوب ضد الامبريالية، وقفت إسرائيل دائما مع الامبريالية ضد الشعوب.. ضحايا الامبريالية".



/الجانب الأخلاقي من تاريخ عصرنا: يكتب على ما تبقى من جدران في غزة !



نحن لسنا من ضيعة قليلة , شعوب العالم أخذت تخرج عن صمتها وتكتشف عدالة القضية الفلسطينية وترفع صوتها اليوم مطالبة بوقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس العربية. وتنادي بعودة المشردين من بيوتهم الى شمال غزة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتبادل الاسرى والرهائن، الكل مقابل الكل، ووفق الشروط المطروحة فلسطينيا وتحررغزة، وتطالب بتخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال، لا تخليص الاحتلال من الشعب الفلسطيني.. إن الموقف من غزة ومن قضية الشعب الفلسطيني التحررية أصبح يشكّل خط توزيع المياه الأخلاقي والإنساني لعصرنا.. إما مع غزة وإما مع تبهّم الاحتلال وجرائم الحرب وإبادة الشعب الفلسطيني"..




/احتكار السامية واللجوء الى "اللاسامية"..

إنني أريد أن أرسل من هنا، من مظاهرة أول أيار اليهودية العربية المنطلقة من يافا الى قلب تل أبيب، تحية كفاحية مميزة الى انتفاضة الطلاب والشباب في الجامعات الامريكية والغربية الكبرى، الإخذة بالتمدد الى الجامعات في شتى أنحاء العالم.. كاشفة زيف "الحرية" المدعاة في "العالم الحر" و"الليبرالية المبتورة" في "العالم الديمقراطي" عند أقدام تمثال الحرية , ومطالبين بوقف حرب الابادة الإرهابية على غزة وتحرر الشعب الفلسطيني نهائيا من الاحتلال..

إن ثورة الطلاب والشباب المنطلقة من جامعات الولايات المتحدة، لب المنظومة الامبريالية، تشكل أشرف ظاهرة تضامنية في القرن ال-21. وهي مصدر أمل للبشرية في وجه التوحش..

ونحن نقول لأبطال هذا الحراك الطلابي الشجاع: لا تهتزوا لبذاءة رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو الذي يوزع تهم اللاسامية في كل اتجاه وكأنه هو سام بعزه وجلاله، ويخلط بين معاداة السامية ومعاداة العم سام !!! إن رفض حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ليس معاديا لليهود كونهم يهود، وانما هو رفض للاحتلال وعاداة اضطهاد الشعب الفلسطيني الذي تمارسه إسرائيل.

إن اللاسامية الحقيقية التي يشهدها العالم اليوم في العقد الثالث من القرن ال-21، هي الجرائم التي ترتكب للقضاء على الشعب الفلسطيني "السامي"، وحرب الإبادة الإرهابية السافرة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بقيادة "اللاسامي" نتنياهو.


إن الطلاب الجامعيين في إسرائيل، المعنيين بالانضمام الى عالم المستقبل المتنور، عليهم أن ينفضو عنهم غشاء التضليل والعنصرية وأن يندمجوا في الحراك المتنور الشجاع الذي يكتسح جامعات العالم اليوم ضد الحرب الاجرامية على غزة ومن أجل تحرر الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وذات السيادة بجانب إسرائيل، وليأخذوا موقعهم في الجانب الأخلاقي من التاريخ الذي يكتب في هذه الأيام على ما تبقى من جدران في غزة.