حلم 15 كانون الاول


احمد الحمد المندلاوي
الحوار المتمدن - العدد: 7938 - 2024 / 4 / 5 - 14:15
المحور: الادب والفن     

صباحا... بين انساب ابو جاسم بجراويته البغدادية الملفوفة بعناية كبيرة بين الناس الكثيرين من ابناء محلته الذين كان كل منهم يعتقد بأنه سيكون الأول في الوصول الى مركز الاقتراع. وضع ابو جاسم بطاقته في صندوق الاقتراع بعد أن غرس اصبعه في قارورة الحبر الصغيرة وعلى وجهه علت اشراقة صادقة وهو يقول:
- بسم الله.
ثم رفع يديه لتحية الحاضرين وهو يغادر المكان، وبصوت منخفض راح يردد:
- الحمد لله.
كان ذلك يوم سبت الخامس عشر من كانون الأول / ٢٠٠٥ أبو جاسم انجز ما عليه وهو اهم انجاز في حياته التي تعدت سنواتها الرقم 6٥، عاد الى البيت يجتاجه سرور لطالما افتقده وشرع بتناول ( استكان) من الشاي الساخن بعد فطور شهي جدا.. وقبل أن يعود الى السرير ثانية للاستلقاء لم ينس ان يؤكد على أسرته بضرورة الاسراع الى مركز الاقتراع لاداء واجبهم، ثم استلقى واغمض جفنيه ليغط في حلم لغد أجمل من كل سنوات العمر.
ولم يكن يعلم انه قد دخل غيبوبة طويلة استفاق بعدها بخمسة شهور ليسمع ممن حوله أن نواب الشعب في صراع شرس مع بعضهم حول الغنائم السيادية وغير السيادية، تحت قبة برلمان تقاذفت بین اقدام نوابه الرؤوس والاطراف والجثث في بحيرة دم تطفو فوق سطح من السيراميك.
تفحص ابو جاسم الوجوه من حوله وتلمس جراويته البغدادية الملفوفة بعناية كبيرة ثم اغمض عيناه اللتان خضبتهما الدموع.. ودفن في صدره حسرة قاسية، قال ابو جاسم بصعوبة:
- لا توقظوني أبداً!!!!. من المرجوم جواد البياتي المندلاوي