القضية الفلسطينية وفرز طوفان الأقصى


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 7929 - 2024 / 3 / 27 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


يعيش الشعب الفلسطيني مرحلة جديدة من نضاله الوطني دشنها ما يسمى في الخطاب السياسي والعسكري بطوفان الأقصى. وطوفان الأقصى هذا اندلع يوم 7 أكتوبر 2023 كنتيجة لعملية تحضير وتراكم لتجارب ودروس امتدت على مرحلة 75 سنة من الاستيطان والحروب المدمرة. ما هو المستجد الأساسي الذي جاء به طوفان الأقصى والذي يجب قراءته بطريقة جيدة ووضعه في اطاره التاريخي الموضوعي؟ الجديد في طوفان الأقصى هو اعتماد المقاومة الفلسطينية على الذات واستعمال أنجع الوسائل القتالية في الكفاح المسلح واستعمال الأرض المحررة وهي هنا قطاع غزة كقاعدة انطلاق العمليات الفدائية في عمق الأراضي المحتلة منذ 1948. كانت هذه هي الخطة المستعملة في أواسط ستينيات القرن الماضي أي إطلاق عمليات فدائية في عمق الأراضي المحتلة لكن من أراضي الجوار من الأردن أو مصر أو لبنان والجولان. وقد توقفت تلك العمليات الفدائية لان أنظمة الجوار كانت تتجر أو تستعمل القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها كأنظمة وتوظفها لاستقرارها وعقد صفقات مع العدو الصهيوني وحلفاؤه وعلى رأسهم الامبريالية الأمريكية. وكانت أخر محاولة هي حرب بيروت والتي على إثرها خرجت المقاومة الفلسطينية نهائيا من المنطقة وهاجرت الى تونس وقبرص ومناطق شتات جديدة. كانت نكبة جديدة لكن هذه المرة للمكون المسلح من الشعب الفلسطيني. بعد هزيمة المقاومة تلك بدا مسلسل التراجع وتحولت فتح وقيادتها إلى أجهزة سلطة تكتفي بالمربعات التي تريد لهم الصهيونية البقاء فيه بمهمة ضبط المقاومة ولعب دور الأجهزة الأمنية المسلطة على القوى الثورية الفلسطينية والراغبة في مواصلة حرب التحرير.

طوفان الأقصى هو خروج المارد الفلسطيني من تحت الرماد بعزيمة أقوى وبإرادة القضاء على الكيان الصهيوني وتحرير العارض من البحر إلى النهر والتخلص من كل أوهام أوسلو وخرافة الدولتين. هذه الخرافة التي ساهم بعض اليسار الفلسطيني في التنظير لها وعملت القيادة اليمينية في فتح إلى تحويلها إلى حقيقة حشر الشعب الفلسطيني وقضيته في مازق تاريخي باتت حلوله تتضح عبر حالة الإحباط واليأس وانتشار التطبيع مع الكيان الصهيوني أصبح بموجبه دولة قابلة للتعايش في المنطقة بينما تحولت القضية الفلسطينية إلى عبء تاريخي وعرقلة عظمة وجب التخلص منها بتوطين الشعب الفلسطيني في سيناء وفي الأردن وحتى تهجيره الى قبرص وغيرها.

جاء طوفان الأقصى كرد على هذه الحالة المتدهورة وليعلن أن القضية الفلسطينية هي القضية الوحيدة التاريخية والقابلة للتطور وانتزاع الحق بينما الكيان مصطنع وهو استيطان وتجميع لشرذمات من المعمرين من مختلف أصقاع الدنيا وهو بذلك غير قابل للحياة وهو عدواني وبؤرة للحروب في المنطقة.

هذا هو الدرس من طوفان الأقصى والذي تتكالب عليه الامبريالية الأمريكية وحليفاتها والكيان الصهيوني والأنظمة العربية المغاربة العميلة وكذلك السلطة الفلسطينية العميلة ومكونات من حركة فتح التي تحولت إلى أمراء حرب انفصلوا وخانوا شعبهم وقضيته