محمد شرارة ومساراته السياسية والفكرية في العراق حتى عام 1958


سلمان رشيد محمد الهلالي
الحوار المتمدن - العدد: 7820 - 2023 / 12 / 9 - 23:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات     

المقدمة
يعد محمد شرارة واحدا من اهم الشخصيات العاملية اللبنانية التي وفدت للعراق من اجل الدراسة في الحوزة العلمية في مدينة النجف, حيث المواقف السياسية المتعددة التي قام بها والتحولات الايديولوجية التي مر بها والنشاطات الادبية والكتابات الفكرية التي تميز بها . وهذا المسار لم يقتصر على التنظير والكتابة والنشر فحسب ,بل وامتد للمارسة السياسية المباشرة على ارض الواقع ,و تبني الايديولوجية الثورية الماركسية والانتظام في السلوكيات التي يقوم بها عادة اتباع هذا الفكر التقدمي . وتعد سيرة محمد علي شرارة نموذج للتحولات الفكرية والسياسية التي صاحبت الكثير من النخبة المثقفة (الانتلجنسيا) , سواء اكان في الساحة الثقافية في العراق بعامة , او التي وفدت من لبنان للدراسة الدينية بخاصة . فقد تماهى في الدراسة الدينية التقليدية ابان دراسته الاولى حتى وصل الى مرتبة الاجتهاد , ثم شارك بتاسيس الجمعية الشبيبية العاملية النجفية التي اخذت على عاتقها المناداة باصلاح الدراسة الحوزوية وتطويرها وتجديد المناهج العلمية والتصورات الادبية. الا انه سرعان ماترك الدراسة الدينية وتحول للمتبنيات الماركسية والسلوكيات الثورية والتعيين بالوظائف المدنية كمدرس في العديد من المدن العراقية , ابتدا بالناصرية ثم كربلاء والحلة واربيل واخرها في بغداد . كما اخذ خلال تلك الفترة ينشر العشرات من المقالات الادبية والفكرية والسياسية في الصحف والمجلات العربية والعراقية واهمها مجلة العرفان اللبنانية لصاحبها احمد عارف الزين وجريدة الهاتف لصاحبها جعفر الخليلي , حتى اصبح مديرها المسؤول . كما كانت له مشاركات سياسية معارضة للنظام الملكي الحاكم ادت الى اعتقاله في عامي 1949 و 1953 والحكم عليه بالسجن والفصل من الوظيفة ,الامر الذي جعله بعدها يترك العراق مؤقتا الى لبنان حتى قيام ثورة تموز 1958 .
ينقسم البحث الى ثلاث محاور , فضلا عن المقدمة والاستنتاجات والهوامش والمصادر. اختص المحور الاول باستعراض الاصول التاريخية والاجتماعية لعائلة ال شرارة في لبنان وسيرة والده الشيخ علي وهجرته الى النجف عام 1920 للدراسة الدينية وانضمامه لجمعية الشبيبة العاملية النجفية وحتى تركه الدراسة الحوزوية عام 1936. فيما اهتم المحور الثاني باستعراض سيرة محمد شرارة بعد تركه الدراسة الدينية وتعينه مدرسا في العديد من المدن العراقية, ومواقفه السياسية خلال تلك المرحلة والاراء الاصلاحية التي نادى بها, واما المحور الثالث والاخير فقد اختص باستعراض المسارات الفكرية والادبية والاراء الاصلاحية التي نادى بها واهم الكتابات الادبية التي قام بها خلال وجوده في العراق بين عامي 1920 – 1958.

اولا : محمد شرارة : ولادته ونشاته ودراسته في النجف حتى عام 1936 .
تعد عائلة ال شرارة واحدة من اهم العوائل الدينية والفكرية والادبية في لبنان. وهم يرجعون الى قبيلة الاوس الهمدانية اليمانية التي هاجرت من جنوب الجزيرة العربية الى بلاد الشام ,وتوزعت في ارجاء المنطقة حتى استقر القسم الاكبر منهم في منطقة جبل عامل في جنوب لبنان , وهم يرجعون الى جدهم الاعلى الشيخ محمد بن مكي المعروف بالشهيد الاول(1). وقد هاجر قسم كبير من ال شرارة الى العراق للدراسة الدينية في الحوزة العلمية في النجف(2), حيث بدات الهجرة منذ القرن التاسع عشر وتصاعدت خلال القرن العشرين , برز منهم علماء كبار اهمهم موسى امين شرارة(3) الذي درس فيها تسع سنوات متتالية , واستقر قسم كبير منهم في بغداد والنجف وحصلوا على الجنسية العراقية(4), وكان من اهم هؤلاء الافراد محمد علي شرارة .
ولد محمد شرارة في قرية بنت جبيل في جنوب لبنان عام 1906(5). وكان والده الشيخ علي شرارة رجل دين وخطيب معروف في القرية. ولد عام 1881 وتزوج عام 1905 من زينب بنت الشيخ موسى امين شرارة. وقد عانى من الملاحقة من الحكم العثماني والجندرمة الذين كانوا يريدون سوقه للخدمة العسكرية في الحرب العالمية الاولى, الامر الذي اضطره للهروب الى فلسطين(6). كما عانى من الاستعمار الفرنسي على لبنان, نتج عنه حرق داره واثاثه ومكتبته . وقد عين الشيخ علي شرارة معلما في مدرسة بنت جبيل الحكومية على جميع الصفوف , واستمر بالتدريس (20) عاما, وكان يتميز بالتحرر والانفتاح ورفض الجمود والانغلاق , وقد نظم في ذلك قصيدة مطلعها :
ما العلم تكوير العمامة لا ولا حنك بجانب كورها مسدول
العلم ان تسمو بقومك للعلى وبهم الى النهج القويم تميل(7)
كما تعرض بسبب اراؤه السياسية ضد الزعامات التقليدية اللبنانية والاقطاع وسلطات الانتداب الفرنسي الى النقل والفصل مرات عدة حتى وفاته عام 1954(8).
عمل الشيخ علي شرارة على تلقين ابنه محمد مبادىء اللغة العربية والادب وحفظ القصائد الشعرية المطولة, الا انه من جانب اخر كان يكلفه بالاعمال المنزلية الشاقة التي لاتتناسب مع عمره, وبما ان الشيخ علي اقصى طموحه ان يكون ابنه مثله رجل دين , فقد ارسله الى النجف عام 1920 للدراسة الدينية هناك وهو بعمر (14) عاما فقط (9).
وصل محمد شرارة الى النجف في شهر تشرين الثاني عام 1920 , بعد اخماد وانتهاء ثورة العشرين بفترة قصيرة ,واخذ يحضر حلقات الدراسة العلمية التي تعقد في جامع الهندي للعديد من العلماء كان ابرزهم الشيخ محمد حسين النائيني(10) وعبد الكريم الجزائري(11) ومحمد حسين كاشف الغطاء(12). ولم يكن شرارة خلال تلك المرحلة من الدراسة متلقيا ومستمعا فقط , بل كان مناقشا وناقدا للمفاهيم والتصورات الفقهية والعقائدية التي يطرحها الاساتذة ,حتى وصل الى مرتبة الاجتهاد بعد ان انهى مراحل الدراسة الثلاث المعروفة بالنجف وهى المقدمات السطوح وبحث الخارج خلال اربعة عشر عاما(13). وقد وصفه احد المعاصرين له خلال تلك الفترة وهو الكاتب علي الخاقاني(14) بقوله (واندفع وهو الشاب المؤدب بروحه للانطلاق في اجواء الفكر ,ويعمل للحق والحقيقة بقدر فهمه لهما, فراح ينوع معلوماته في وقت كان الخروج على تلك التقاليد الدراسية امر لايدعو للنقد فحسب, بل الى الحقد والشتم من معاشر لاتقوى على مثل هذا التصرف) (15). فيما وصفه زميله بالدراسة انذاك الاديب ابراهيم محمد حرج الوائلي(16) بقوله (كان مزودا بثقافة رصينة ,فاذا ناقش او جادل , كان يناقش عن فهم ودراية. وكان لامعا بين زملائه من الطلاب. كان يعجبنا برشاقته واناقته وعمامته البيضاء الناصعة ومشيته المتهادية الرقيقة ولباسه الترف الناعم... وقد قضى شبابه في النجف يتكلم بلهجته اللبنانية الجميلة. وكان يحب التجديد. ويحب التطور. لايؤمن بالرجعية بكل اشكالها وابعادها...) (17)
حصل محمد علي شرارة خلال اقامته في النجف على الجنسية العراقية, ورغم انغماسه بالدراسة الدينية والتماهي مع التصورات الدينية, الا انه لم يستطع التكيف والتاقلم مع بيئة النجف المعروفة بمناخها الجاف والحار والصحراوي وازقتها الضيقة وطبيعتها الاجتماعية المحافظة , وخاصة الفصل الحاد بين الجنسين, ومقارنة ذلك بقريته الجبلية (بنت جبيل) ذات الطبيعة الخضراء ومناخها المعتدل(18). وقد عبر عن همومه واغترابه من خلال اول قصيدة نشرها في حياته عام 1928 بعنوان (الامواج الناطقة) جاء فيها :
ياليل طلت وطال علي فيك همومي
فمن ينبه قومي ويستثير العزائم
ايبصر النور قوم وقائد القوم اعمى ؟(19)
كما واجه محمد شرارة في النجف ظاهرة الركود الفكري والتزمت والانغلاق عند الكثير من طلبة العلم الذين يعدون (كل شيىء حراما حتى في انشاء الجريدة والمجلة وقراءة مافيها – ولو كان دفاعا عن الدين – اما المدرسة الحديثة فهى كفر وزندقة والدخول بها انتهاك لكل ماعرفته قوانين السماء)(20). وكان الحدث الابرز الذي اثار الصراع بين المجددين والمتزمتين هو قدوم الشاعر احمد الصافي النجفي(21) في منتصف عقد الثلاثينات من ايران ,ومعه الترجمة الجديدة لرباعيات الشاعر عمر الخيام التي قام بها, والتي اعتبرت افضل ترجمة عرفها الادب العربي. وقد حصل خلالها نقاش حاد بين رجال الدين والادباء حول ماهية هذا العمل وشرعيته, وهذا الجدل انتقل الى جوانب اخرى حول طبيعة الدراسة الدينية في النجف (والنظم المتوارثة في التعليم ,من حيث طرائق التعليم والمناهج وسنوات الدراسة وغيرها, وذلك بهدف ارساء قواعد سليمة وصحيحة وجريئة تنسف كل القديم ,وتضع منهجا لاسلوب متجدد من حيث كل الامور المطروحة انذاك)(22), بل ان محمد شرارة وغيره من المجددين تطرفوا في قضية الاصلاح الى طرح موضوعة من يحدد بلوغ الطالب في النجف درجة الاجتهاد ؟ وقد اشار الى ذلك زميله بالدراسة حسين مروة(23) بقوله (وانطلقنا مبدا من يحدد بلوغ الطالب في النجف درجة الاجتهاد ؟ وكيف يحدد؟ لا جواب هنا , لان التحديد ومقاييس التحديد لاتخضع لنظام ولا قاعدة. كما انه ليس هناك من طقوس او مراسيم.... وكان محمد شرارة في طليعة مجموعتنا المتمردة على ذلك التزمت الصارم , وهى المجموعة التي تكونت عفويا – اواخر العشرينات - في داخل الوسط الدراسي النجفي من بضعة لبنانيين وعراقيين اطلقنا عليها انذاك اسم (جمعية الشبيبة العاملية النجفية). وكان محمد شرارة في هذه المجموعة ابرزنا اقداما على خرق جدار التزمت ذاك, وابرزنا تطلعا الى التخطي العملي لذلك الافق الثقافي الضيق)(24).
تاسست جمعية الشبيبة العاملية النجفية عام 1928 وضمت من اللبنانيين - بالاضافة الى محمد علي شرارة - كل من حسين مروة وهاشم الامين (ابن محسن الامين) ومحسن شرارة ومحمد حسين الزين وعلي الزين . فيما انضم اليها من النجفيين العديد من الادباء ابرزهم عبد الرزاق محي الدين وصالح الجعفري كاشف الغطاء ومحمد صالح بحر العلوم . والجمعية هى اصلاحية تنويرية يغلب عليها الطابع الفكري والادبي ,هدفها مناهضة الاسلوب القديم والتقليدي في الادب العربي الذي كان يهيمن على اجواء النجف ومحافلها الثقافية ,ورفض كل مايعيق تطور هذا الادب وتجديده نحو افق التحرر من الشكليات والتقليد والاجترار ,ويمنعه من مواكبة التطور والتحديث في المضمون والشكل(25). وقد نشر محمد علي شرارة بعد تاسيس الجمعية العديد من المقالات الاصلاحية والفكرية تتعلق اغلبها حول ضرورة التجديد في المناهج الدراسية في الحوزة العلمية في النجف, او في طبيعة الادب العربي واشكاله ومضامينه الاجتماعية والسياسية والجمالية(26).
في عام 1930 عاد محمد شرارة الى بلدته بنت جبيل في جنوب لبنان بعد انقطاع استمر عشر سنوات, وخطب له الده الشيخ علي شرارة بنت الشيخ عبد الكريم الزين(27) تدعى (زهرة) الذي وافق على خطوبة ابنته لمحمد شرارة لانه من طلبة العلوم الدينية في النجف . وقد عقد القران في دار الشيخ عبد الكريم الزين, وعاد محمد شرارة مع زوجته الى النجف, وسكن في محلة (العمارة) احدى المحلات الاربعة القديمة في النجف, وقد ولدت عام 1931 ابنته الكبرى مريم(28) وبعدها بلقيس(29) عام 1933 واخرها حياة(30) عام 1935 .
بعد ان صدرت جريدة الهاتف النجفية الاسبوعية لصاحبها جعفر الخليلي(31) عام 1935 ,اصبح محمد شرارة مديرها المسؤول , ونشر في العدد الاول من الجريدة مقالا ادبيا بعنوان (الروح الشاردة)(32). كما كان ينشر في تلك الفترة بجريدة (الحضارة) لصاحبها محمد حسن الصوري العاملي(33). وكان كثيرا ما يحل محل رئيس التحرير الخليلي بعد سفره لسوريا ولبنان. وقد اثارت الجريدة الجدل والنقاش في الاوساط الثقافية والدينية في العراق بعد اعلانها ونشرها الموضوعات تنتقد ظاهرة التطبير وضرب السلاسل في شهر محرم وايام عاشوراء التي يقوم بها المسلمون الشيعة, كدلالة على الحزن والجزع على واقعة كربلاء, الامر الذي عرضها الى الهجوم والتهديد من العديد من الافراد والجمعيات(34).
ان هذا التجديد والاصلاح الذي نادت به جمعية الشبيبة العاملية النجفية والاراء التي ينشرها اعضائها من قبيل محمد شرارة وقريبه محسن شرارة وحسين مروة وهاشم الامين في الصحف والمجلات العراقية والعربية, ادت الى انتشار مظاهر التجديد في النجف, وقيام الجمعيات ذات المضمون الاصلاحي من قبيل جمعية الرابطة الادبية عام 1932 وجمعية منتدى النشر عام 1935. اللتين كانا لهما دور كبير في بروز العديد من الشخصيات والاجيال الثقافية والادبية, التي اعتمدت المنهج التجديدي والاصلاحي والعصري(35).
في عام 1935 سافر محمد شرارة الى لبنان بطلب من والده ,الذي اراد منه ان يتقلد منصبا دينيا في احدى القرى الصغيرة في جنوب لبنان تدعى (الطيرة), التي كانت ترغب بتعين رجل دين فيها ,من اجل حل مشاكلها واصلاحها وتعليمها القضايا الدينية والاحكام الشرعية, الا ان محمد شرارة وبعد ان اطلع على اوضاع القرية الفقيرة وصعوبة احوالها المعيشية, رفض ان يشارك اهلها مقدراتهم الزراعية البسيطة والمحدودة بالاصل, والتي هم احوج اليها من عنده, الامر الذي اثار غضب والده عليه(36). عاد بعدها الى العراق عازما على اتخاذ قرارا مفاجئا غير متوقعا, وهو ترك الدراسة الحوزوية في النجف ونزع اللباس الديني والعمامة, بعد ستة عشر عاما من الدراسة المتواصلة (1920 – 1936) والاندراج في الوظائف المدنية والحكومية وارتداء اللباس الغربي. فبعد ان اعلن وزير المعارف محمد رضا الشبيبي(37) رغبته بتعيين طلبة الحوزة العلمية في النجف كمدرسن للادب العربي واللغة العربية, بدل المصريين الذين كانوا يطالبون برواتب اعلى من اقرانهم العراقيين, تقدم محمد شرارة الى تلك الوظيفة, وتعين كمدرس في اعدادية الناصرية عام 1936(38).
ثانيا : سيرة محمد شرارة والمواقف السياسية بين عامي 1936 – 1958 .
كان محمد شرارة اول من ترك الدراسة الدينية في الحوزة العلمية في النجف من رجال الدين العامليين اللبنانيين في العراق, وقد تبعه في ذلك زملائه حسين مروة وهاشم الامين وصدر الدين شرف الدين ومحمد حسن الصوري وغيرهم. الا ان بعض العراقيين سبقوا هؤلاء اللبنانيين بترك الدراسة الدينية ونزع العمامة - وربما يكون قد تاثروا بهم - من قبيل الشاعر الجواهري وابراهيم الوائلي وعبد الرزاق محي الدين ومحمد صالح بحر العلوم واحمد الصافي النجفي ,والمفارقة ان اغلبهم تحول للفكر الماركسي حتى نسب لحسين مروة القول (تعلمت الماركسية في النجف)(39) . وقد عبر محمد شرارة عن مشاعره الخاصة بعد ان ترك الدراسة الدينية في النجف من خلال نشره مقالا ادبيا في جريدة الهاتف عام 1936 بعنوان (القلم الوديع) اكد فيه عزمه الذهاب (الى مدرسة اكبر من هذه المدرسة ,وعالم اوسع من هذا العالم, وافق اصفى من هذا الافق , وجو اوسع من جوها.... خرج هذه المرة من المدرسة وقد صمم في نفسه على ان لايعود اليها !!)(40).
وقد عبر زميله حسين مروة عن ذلك الموقف بقوله (لم يستمر محمد شرارة في مسيرته كشيخ معمم, فقد خرج من الوسط الدراسي الذي ضمنه. انما هناك ملاحظة مهمة وهى ان احدا لم يقل انه خرج فاشلا في تحصيل العلم, او هاربا من الفشل بل العكس... )(41) واكد ايضا اهمية الاطلاع المتنوع عند شرارة وكيف انه لم يقتصر على (كتب الادب العربي القديم والمعاصر, ولا على المجلات العربية الصادرة يومئذ في مصر ولبنان وسوريا والعراق, وانما قراءات جدية في كتب العلوم الانسانية كافة لمختلف الباحثين العرب والاجانب لمختلف التيارات الفكرية والايديولوجية)(42).
عين محمد شرارة في اعدادية الناصرية للبنين سنة 1936 وانتقل للعيش هناك مع زوجته وبناته الثلاث (مريم وبلقيس وحياة) واخذ الاهالي يطلقون عليهم (بيت اللبناني)(43). ويبدو انه محمد علي شرارة قد ارتاح في بادىء الامر لوجوده في الناصرية , حتى انه نظم قصيدة عبرت عن مشاعره الايجابية انذاك منها :
على وحي الهوى خفقت بنودي وفي نغماته دوى نشيدي
بمدرسة العواطف رف قلبي وبين ضلوعها رفت مهودي
انا الذكرى التي طارت وحامت على الدنيا بأجنحة الخلود
أنا الحب الذي ربط البرايا بأسلاك أشد من الحديد
تهز الكائنات بمن عليها إذا ما استيقظت نغمات عودي
أرق من الهوى لغة وأحلى من النشوى وتمتمة الوليد
سكبت على القلوب ندى رقيقا كأنداء الصباح على الورود(44)
الا ان ذلك لم يستمر طويلا , فقد اخذ يعاني من الاغتراب والرتابة بعد ان ارسل عائلته الى لبنان, وبقى وحيدا في الناصرية. كما انه اخذ يعاني من الجو السائد والنظرة السطحية عند مدرسي الناصرية وتفضيلهم قضاء الوقت في الامور التافهة البعيدة عن الثقافة والمطالعة. وقد عبر عن ذلك بقوله (فانا احيا حياة جافة جامدة لا اثر فيها للعاطفة او الخيال الجامح او الروح الملتهبة, حياة اقل ما يقال عنها (ميكانيكية) بكل ما في لفظ (الميكانيك) من معنى الجفاف, ولو كان لي مورد ضئيل من الرزق احفظ به كرامتي وعزة نفسي , واحفظ به عائلتي من الفاقة, لضربت هذه الوظيفة ضربة فيها الكثير من الحقد والنقمة والاهانة والسخرية)(45). وقد وصف محمد علي شرارة سنة 1937 بالسنة المسمومة, لكثرة المشاكل والمصاعب التي واجهها, منها الامراض المتتالية التي اصابت زوجته وبناته الثلاث, وسماعه خبر نفي والده في لبنان الى مناطق بعيدة ,واعتقال شقيقه عبد اللطيف شرارة(46) من قبل السلطات الحاكمة, الا ان ولادة ابنه البكر ابراهيم قد اعطى له جرعة من الامل والسعادة(47).
رغم ان محمد شرارة ترك الدراسة الدينية في الحوزة العلمية في النجف, الا انه واصل الكتابة عن موضوعة الاصلاح الديني في جريدتي الهاتف والحضارة ومجلة العرفان اللبنانية, الامر الذي عرض جريدة الهاتف وصاحبها جعفر الخليلي الى الهجوم والاتهام بالعمالة والرغبة بالقضاء على المؤسسة الدينية. وقد تطرف محمد شرارة في طرح موضوع الاصلاح بالقول (ان المدرسة اصبحت بحاجة لان تقام لها حفلات التابين, وتنظم بها قصائد الرثاء اكثر مما هى بحاجة للاصلاح)(48).
كان اول موقف سياسي اعلنه محمد شرارة بعد تركه الدراسة الدينية وتعينه مدرسا في الناصرية هو اعلان تحفظه على تاييد جريدة (الهاتف) لوزارة حكمت سليمان (29 تشرين الاول 1936 – 19 اب 1937) التي تشكلت عقب انقلاب بكر صدقي عام 1936(49) , سيما بعد دعم جماعة الاهالي(50) ذات التوجه الليبرالي للوزارة , وكان هذا واضحا في رسالته الى جعفر الخليلي (قرات ما كتبته الهاتف عن الوزارة الجديدة, وقد افرطت كثيرا في الثناء. وكان على الهاتف ان تتريث قليلا لترى النتائج حتى لاترمى بما رميت به بقية الصحف من التدجيل والنفاق ,ولايخفى عليكم ان الهاتف كانت تثنى كثيرا – ولو تحت الضغط – على الحكومة السابقة ,فكان عليها ان تشير الى هذا المعنى على الاقل في نفس الكلمة التي كتبتها عن الوزارة الجديدة)(51).
في نهاية عام 1938 عين صديقه اللبناني في الدراسة الدينية سابقا في النجف حسين مروة مدرسا في الناصرية ايضا, وذلك بتشجيع وترغيب من قبل محمد شرارة, وسكن في منطقة قريبة من منزله, الامر الذي اعطى له نوعا من السلوى والامل, الا ان تعامل مدير اعدادية الناصرية المتحيز ضد حسين مروة اضفى على محمد شرارة حالة من الغضب والتذمر, فقد كان المدير يعطي مروة حصصا اقل من حصص المدرسين الاخرين, ويحسب له اجرة المحاضرة باقل مما يعطي الزملاء الاخرين ,الامر الذي يجعل الايراد الشهري له اقل المدرسين, فعزم مروة بعد عام على ترك الناصرية والانتقال الى الديوانية(52).
في نيسان 1939 اعلن عن وفاة الملك غازي بحادث سيارة , وخرجت مدينة الناصرية برجالها ونسائها واطفالها الى الساحات والشوارع والازقة وهى تبكي وتلطم على الملك الشاب . واعلن في اليوم الثاني الحداد , ولبس الاهالي السواد(53), وقد اعتقد محمد علي شرارة – كحال اغلب العراقيين – ان الملك قتل من قبل الانكليز بهذا الحادث. وبعد ان نظم حفلا تابينيا في الناصرية ,كان لمحمد شرارة وحسين مروة كلمة مؤثرة وادبية نالت اعجاب واستحسان الكثيرين . كما طالب شرارة من جعفر الخليلي اصدار عدد خاص من جريدة (الهاتف) بمناسبة مرور اربعين يوما على وفاة الملك غازي, يضم جميع الكلمات والقصائد العربية والعراقية التي قيلت بحق الملك, مؤكدا له ان المدرسين تعهدوا بتكاليف الطبع(54).
بادر محمد علي شررة وحسين مروة والشاعر اللبناني عبد الرؤف الامين الملقب بفتى الجبل(55), والذي انضم اليهم مدرسا ايضا في اعدادية الناصرية باقامة العديد من الامسيات والندوات الثقافية العامة في مدينة الناصرية, اعتبرت الاساس في انعاش الحركة الادبية العصرية في تاريخ المدينة. فقد ذكر الشاعر رشيد مجيد(56) ان الندوات والامسيات التي كان يعقدها اللبنانيون الثلاث في مساء يوم الاثنين في ثانوية الناصرية دورا كبيرا في بلورة وتاسيس جيل ثقافي وادبي تجديدي وعصري يتبنى قيم التحديث ومواكبة التطور, برز منهم محمد حسن العضاض وشاكر الغرباوي وعبد المحسن القصاب ونعيم عبيد الكيالي وغيرهم(57).
في بداية اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 نقل محمد شرارة من الناصرية الى كربلاء, وسكن في منزل قريب من مرقدي الامام الحسين واخيه العباس عليهم السلام. وقد انتشرت في اواخر عقد الثلاثينات ظاهرة الاعجاب بالفاشية والنازية عند الكثير من السياسيين والمثقفين العراقيين, بعضها نكاية بالانكليز, والبعض الاخر انبهارا بالسلوكيات القومية والعسكرية والحماسية التي يقوم بها هتلر وموسوليني(58). وكان محمد شرارة من الاشخاص الذين اعجبوا بشخصية هتلر نكاية بالانكليز, وليس لاغراض ايديولوجية او فكرية, حتى انه جعل شاربه شبيها بشارب هتلر !! ولم يغيره حتى وفاته عام 1979(59).
وكما حصل في الناصرية, لم ينسجم محمد شرارة في المجتمع الكربلائي المحافظ او مع المدرسين هناك, واتضح ذلك جليا من خلال الرسائل التي كان يرسلها لصديقه جعفر الخليلي والقصائد التي نظمها خلال تلك الفترة. فقد نشر قصيدة بعنوان (فراغ) عبرت عن تلك المشاعر والاغتراب كان مطلعها:
ما فيك قلب ولاناي ولاعود تهز اوتاره هذه الاغاريد
وكل ما فيك صحراء واودية تفور في قاعها ارواحك السود(60)
وقد حاول خلال تلك الفترة ترك مهنة التعليم ليتخلص من الجو الاجتماعي المحافظ والتقليدي في كربلاء , ومن الضغط النفسي والرتابة التي كان يعاني منها, الا ان وزير المعارف صادق البصام في وزارة رشيد عالي الكيلاني الثالثة (31 اذار 1940 – 30 كانون الثاني 1941) رفض ذلك واصر على بقائه(61). ولم يستمر طويلا في كربلاء, اذ سرعان ما نقل الى اربيل التي ارتاح لاجوائها وطبيعتها التي تشبة اجواء وطبيعة لبنان. الا انه واجه ايضا في اربيل اشكالات قومية وسياسية تتعلق برد فعل الاكراد من الموجه القومية العربية , التي تاثرت بالنازية والفاشية ابان الحرب العالمية الثانية , وقيام حركة مايس 1941 . فقد اخذ محمد شرارة - وبصفته مدرسا للغة العربية - يسمع بعض عبارات الاستهجان والسخرية والنقمة من العرب التي يطلقها الاكراد(62). وبعد نقله الى مدينة الحلة عام 1942 شعر محمد شرارة بالارتياح , وبقى فيها حتى عام 1944 واعتبرها احب المدن العراقية لديه, حيث انسجم كثيرا مع اهلها كثيرا, وشارك في النشاطات الاجتماعية والثقافية التي اقيمت هناك , واخذ يحصل على الكتب الماركسية التي انتشرت في العراق بكثرة في اعقاب افتتاح السفارة السوفيتية في بغداد , بعد التحالف الذي حصل بين المعسكر الغربي الليبرالي والاتحاد السوفيتي لمواجهة المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية, الامر الذي سهل عليه الترويج للافكار الماركسية في الحلة ,حتى اعتبر من رواد الحركة الشيوعية فيها. واصبحت له علاقات خاصة مع المدرسين, كان منهم جاسم محمد الرجب(63) صاحب التوجه الماركسي في الحلة, وقد عملا شرارة والرجب على اثارة موضوع الطقوس الحسينية بين الطلبة في ثانوية الحلة, والتي يقوم بها بعض الاهالي في شهر محرم , وخاصة التطبير والضرب بالسلاسل والقامات وماهيتها وفائدتها وامكانية تهذيبها, وجعلها ممارسات حضارية تليق بالمجتمع الحلي , وترفع من اسم العراق . ودار نقاش حاد وجدل بين الطلبة في المدرسة حول الموضوع بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه, واتخذ الجدل شكلا اخر بعد ان وصل الموضوع الى اهالي الطلاب, الذين سرعان ما ابدوا امتعاضهم ومعارضتهم لهذا الاشكال, واخذوا يهاجمون الاثنين بالمواكب الحسينية من خلال الردات الشعبية مع اللطم, كان منها (يردون اسمك ينمحي... ياحسين... جاسم الرجب وشرارة ... ياحسين)(64).
وقد تدخلت الصحف المحلية على الخط, واخذت تحرض الاهالي على تلك الاراء التي طرحها الرجب وشرارة, الامر الذي اضطرهما الى اصدار ايضاح اكدا فيه انهما ليسا ضد الطقوس الحسينية, وانما ضد التطبير والضرب بالقامات والسلاسل التي تؤذي صحة المطبرين, وتجرح مشاعر الناس بسبب الدماء الغزيرة التي تهرق , وانهم يدعون لطقوس مهذبة ومحترمة ومتحضرة(65).
في مطلع العام الدراسي 1944 – 1945 نقل محمد شرارة من الحلة الى بغداد للتدريس في دار المعلمين الريفية التي تقع في الرستمية, والمخصصة لتخريج المعلمين. وقد تعرف شرارة خلال تلك الفترة بالشاعرة نازك الملائكة(66) عن طريق اخته (سكنة شرارة) التي كانت تدرس في دار المعلمات. واخذت كتابات شرارة في هذه المرحلة تاخذ منحى اكثر يسارية وماركسية, حتى انه رد على الكاتب المصري عباس محمود العقاد(67) الذي هاجم الشيوعية والفلاسفة والمنظرين اليساريين(68). وهذا التصاعد والتحول اثار انزعاج صديقه جعفر الخليلي الذي كان يحمل ميولا يمينية وليبرالية وموالية للنظام الملكي في العراق, فانقطع شرارة عن الكتابة في جريدة (الهاتف) واخذ ينشر في جريدة (الساعة) اليسارية. ولم يكن امتعاض الخليلي اقتصر على محمد شرارة فقط , وانما على صديقه حسين مروة اللذين كلاهما تركا الدراسة الدينية في النجف وتحولا للافكار الماركسية, حتى ان الخليلي علق على ذلك ساخرا (لماذا درسا الدين ؟؟ لكي يصبحا شيوعيين ؟!!)(69).
في بداية عام 1946 انتقلت دار المعلمين الريفية من الرستمية الى حي (سبع قصور) في الكرادة, وانتقلت معها عائلة محمد شرارة الى نفس المنطقة. وفي تلك المرحلة تميز منزل شرارة بانه اصبح ملتقى الادباء والفنانين والمثقفين بعامة, الذين يحضرون الندوة الاسبوعية التي تعقد عصر كل يوم خميس, كان ابرزهم الجواهري ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي ولميعة عباس عمارة وحسين مروة وكاظم السماوي وحسن الامين ومحمد حسن الصوري واكرم الوتري وصادق الملائكة وعزيز ابو التمن (ابن محمد جعفر ابو التمن) وناجي جواد الساعاتي وكريم مروة ومرتضى شرارة (شقيق محمد شرارة) ونزار مروة (ابن حسين مروة) ونزار الملائكة(70). وقد شهدت تلك الندوات التي استمرت حتى عام 1949 وبحضور كلا الجنسين , البواكير الاولى لظهور حركة الشعر الحر في العراق والجدل والنقاش الذي حصل بسببها . فقد اكد حسن الامين(71) الذي كان مدرسا في كلية الملكة عالية للبنات واحد حضور تلك الندوات : ان نازك الملائكة وبلند الحيدري قد نشرا قصائد الشعر الحر قبل السياب بسنتين, وهو ما يخالف الراي الشائع حول ريادة السياب والملائكة فقط(72). واما موقف محمد شرارة من حركة التجديد بالشعر العربي, فلم يعارضه او يقف ضده, وانما العكس, فقد كان اول من يشجعه وابدى اعجابه به(73). كما اخذ محمد شرارة وصديقه حسين مروة يترددون على دار البعثات العربية في الاعظمية - وهو القسم الداخلي المخصص للطلاب العرب الذين يدرسون في العراق – من اجل الترويج للفكر الماركسي, خاصة بعد عرفوا بقدوم بعض الطلبة السوريين الذين يروجون لحزب البعث من قبيل سليمان العيسى(74) وفائز اسماعيل(75), الذين دخلوا في صراعات ونقاشات مريرة مع شرارة ومروة(76).
ورغم التقدير الذي كان يكنه محمد شرارة لبدر شاكر السياب وحضوره الدائم للندوات الاسبوعية وترحيبهم به وتوفير الطعام والماوى له, مع علمهم بمراقبته من رجال الامن ,بسبب التوجهات الشيوعية التي كان يحملها, وخطورة ذلك على محمد شرارة وعائلته, الا ان السياب لم يحفظ ذلك التقدير والتعاطف(77). فبعد ان انسحب من الحزب الشيوعي العراق وتحول للافكار القومية , نشر مقالات صحفية بعنوان (كنت شيوعيا) في جريدة (الحرية) البغدادية عام 1959 هاجم السياب محمد شرارة واتهمه بالشعوبية, بدعوى انه اساء الى الوالي الاموي على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي في كلمته بمناسبة اربعينية القتلى الذين سقطوا في تظاهرات معاهدة بورتسموت عام 1948 بقوله (اما كلمة محمد شرارة فقد كانت مخصصة للهجوم على الحجاج ,هذا البطل الذي اراد ان يحمي الكوفة من الغزو الفارسي الشعوبي !! والذي وضع نظاما خالدا ان لايدخل الكوفة الا عربي) , الامر الذي اصاب محمد شرارة بالحزن والاسى(78).
كانت المواقف السياسية لمحمد شرارة بعد الحرب العالمية الثانية تميزت بالمعارضة والثورية واليسارية, تعرض خلالها للاعتقال والمطاردة والفصل ,اضطر في الاخير الى ترك العراق والعودة الى لبنان في السنوات الاخيرة التي سبقت ثورة تموز 1958(79). وكان اهم تلك المواقف التي اعلنها محمد شرارة هو الموقف من اعلان دولة اسرائيل عام 1948. فقد اعلن صراحة وقوفه ضد تقسيم فلسطين, لانه يعتقد ان اليهود يمكن ان يعيشوا مع الفلسطينيين. وكان يرفض ان تقوم دولة على اسس دينية في هذا العصر او في القرن العشرين. واستغرب من اعتراف الاتحاد السوفيتي بدولة اسرائيل وتاييد الحزب الشيوعي العراق لتقسيم فلسطين انسياقا للموقف السوفيتي, الامر الذي فسر بانه تبعية مطلقة من قبل الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي(80).
داهمت الشرطة العراقية ورجال الامن منزل محمد شرارة في الكرادة في كانون الثاني 1949 بعد اشهر من اندلاع التظاهرات في دار المعلمين الريفية بمناسبة مرور عام على اعلان معاهدة بورتسموث, وذلك بتهمة التحريض على تلك التظاهرات والاحتجاجات, وقد يكون لمشاركة ابنتيه (بلقيس وحياة) في تشييع قتلى التظاهرات عام 1948 دورا في هذه المداهمة, التي اعتقل فيها شرارة واخيه مرتضى الذي قبض عليه في كلية الحقوق, وبعد ان علمت العائلة انه معتقل في موقف الكرخ مع الشاعرين الجواهري والسياب والعديد من المثقفين والادباء(81), بادروا الى زيارته في اليوم التالي. وبعد ان بقى شرارة في المعتقل شهرين متتاليين, اطلق سراحه فيما بعد, لكنه فصل من الوظيفة واصبح عاطلا عن العمل, وهو المعيل لاسرة بلغ عددها سبعة افراد, الامر الذي اضطره الى بيع مجوهرات زوجته وافتتاح محلا تجاريا في شارع الرشيد, تعرض خلالها الى التعب والارهاق والخسائر المالية, بسبب عدم خبرته بالاعمال التجارية. عاد بعدها للتدريس في مدرسة شماس اليهودية الاهلية(82) في الصباح والمدرسة الجعفرية الاهلية(83) في المساء(84).
اخذت علاقة شرارة بالحزب الشيوعي بالتصاعد, واخذ الكثير من الاعضاء في الحزب والماركسيين المستقلين يزورونه في البيت بعد اطلاق سراحه من المعتقل, امثال : صفاء الحافظ ونزيهة الدليمي وكاظم السماوي الذي كتب شرارة مقدمة ديوانه (اغاني القافلة) وسلام عادل وزوجته ثمينة ناجي يوسف وبدر شاكر السياب الذي كلف شرارة بخطوبة الشاعرة لميعة عاس عمارة له , الا انها رفضت بسبب الاختلاف الديني فهى من الديانة الصابئية وهو مسلم(85).
ترك محمد شرارة التدريس في المدارس الاهلية ,وعين موظفا في مديرية الاموال المستوردة العامة التي كان يراسها المحامي اليساري ناظم الزهاوي(86). فبعد ان قامت الحكومة باعتقال ومطاردة المشاركين بالتظاهرات والاحتجاجات التي اعقبت معاهدة بورتسموث عام 1948 قام الزهاوي بتعيينهم في المديرية بعد ان اشترط على السلطة ان يختار الكادر من قبله لادارة هذه المديرية دون تدخل الحكومة. وكان اهم من عينهم - بالاضافة الى محمد شرارة - بدر شاكر السياب وعبد اللطيف الشواف وزكي عبد الوهاب وكاظم السماوي واكرم الوتري وجاسم الرجب ونوري الراوي وعامر عبد الله غيرهم(87).
وبعد ان تاسست حركة انصار السلام(88) في العالم مطلع الخمسينات , انضم اليها الكثير من العراقيون اليساريون والديمقراطيون ,وافتتحوا لها فرعا في العراق وعقدوا مؤتمرهم الاول في عام 1954 وكان من اهم المنضمين والمؤسسين لها محمد شرارة . وعندما صرح رئيس الوزراء محمد فاضل الجمالي في وزارته الاولى (17 ايلول 1953 – 27 شباط 1954) ( ان حركة انصار السلام هم انصار الشيوعية واعداء السلام) رد عليه محمد شرارة في مقال حمل عنوان (غارة جديدة على انصار السلام) شرح فيها لماذا هو نصير السلام وعدو الحرب بالقول (انك لم تذق شيئا من مرارة الحرب السابقة , فما انتظرت بطاقة التموين, ولا وقفت على ابواب المخازن تنتظر دورك في اخذ السكر الذي يشبه الطين ,ولا مات لك ولد يشبه الزهر لعدم وجود الدواء, ولا ذقت شيئا من المصائب . اما انا ياسيدي – وانا من انصار السلام – فقد ذقت ذلك كله) وهى اشارة لوفاة ولده الثاني وديع بمرض (ذات السحايا) لعدم وجود الادوية بسبب الحرب(89).
بعد ان حصلت التظاهرات الطلابية في بغداد عام 1952 والتي بدات باضراب كلية الصيدلة بتحريض وتشجيع من الشيوعيين, اخذت الشرطة بحملة اعتقالات كبيرة بعد تعيين رئيس الاركان الفريق الركن نور الدين محمود رئيسا للوزراء (23 تشرين الثاني 1952 – 22 كانون الثاني 1953) , الامر الذي اضطر محمد شرارة الى ترك بغداد والذهاب الى النجف مدة شهر , لكن الشرطة داهمت منزله واعتقلت ابنته مريم وابنه ابراهيم - الذي كان صغير السن - بدلا عنه, الا انها اطلقت سراحهم فيما بعد(90). وكان البحث ليس مقتصرا على محمد شرارة فحسب, وانما على ابنته بلقيس التي كانت من المشاركين الفاعلين بالتظاهرات, حتى ان عميد كلية الاداب انذاك الدكتور عبد العزيز الدوري(91) فصلها مع الطلاب الاخرين المشاركين(92). وبعد ان عاد شرارة الى بغداد قامت الشرطة باعتقاله بتهمة الانضمام الى حركة انصار السلام, وقدم للمحاكمة امام احدى المجالس العرفية, وحكم عليه بالسجن عاما واحدا والفصل من مديرية الاموال المستوردة العامة(93). وقد واجه شرارة في السجن اشكالا اخر وهو الانشقاق الذي حصل في الحزب الشيوعي العراقي بين جناح بهاء الدين نوري(94)والاخرين المعارضين له بعد اصدار الاول ميثاق جديد وصف بالمتطرف . وقد انتقل هذا الخلاف الايديولوجي والشخصي الى سجن بغداد المركزي الذي يضم المعتقلين الشيوعيين, وانضم شرارة للجناح المعارض لبهاء الدين نوري , الامر الذي جعل الاخير يصدر منشورا يذكر فيه محمد شرارة بالاسم بالقول (ان هذا المنشق الشيوعي هو ليس شوعي!!) رغم خطورة ذلك عليه من الشرطة والملاحقة التي قد يتعرض لها مستقبلا, الا ان الشرطة - لحسن الحظ - لم تحصل على المنشور(95). وبعد ان هرب ثلاث من سجناء الحزب الشيوعي من سجن بغداد في نيسان 1953 وهم (سليم الجلبي وصادق الفلاحي وحمدي ايوب) اتخذت وزارة جميل المدفعي السابعة (7 ايار 1953 – 15 ايلول 1953) قرارا بنقل السجناء السياسيين الى سجن مدينة بعقوبة , الامر الذي اثار غضب السجناء الذين سيكونون بعيدين عن زيارة اهلهم ,فاعلنوا احتجاجهم ورفضهم للقرار ,واعتصموا في السجن, وحدث اصطدام وعراك مع الشرطة التي فتحت النار عليهم وقتلت تسعة من السجناء وجرحت العشرات , كان من ضمن الجرجى محمد شرارة الذي نقل الى سجن بعقوبة . وفي تشرين الثاني 1953 اطلق سراحه(96) ونشر قصيدة عبر فيها عن حالة الامل والالم بسبب تلك الاحداث المؤسفة مطلعها :
وعندئذ يسود الارض عدل ترفرف فيه اجنحة الامان
فلا سجن ولا ارهاب فيه ولا تخويف للشرف المصان(97)
في تلك الفترة التي اعقبت اطلاق سراح شرارة من السجن صدرت مجلة (الثقافة الجديدة)(98) اليسارية التقدمية, التي وصفت بانها من المجلات الثقافية الرائدة في تاريخ العراق المعاصر, وكتب فيها اغلب الماركسيين المستقلين والشيوعيين الاكاديميون والادباء التقدميون من امثال عبد الوهاب البياتي وصفاء الحافظ وابراهيم كبة وبدر شاكر السياب وكاظم السماوي وغائب طعمة فرمان ويوسف العاني وفؤاد التكرلي وعبد الملك نوري وفيصل السامر وصلاح خالص بالاضافة الى الناقد محمد شرارة. وقد صدر العدد الاول في تشرين الثاني عام 1953 والثاني في كانون الاول 1953 والثالث والاخير 1954, الا انها سرعان ما اغلقت بامر من رئيس الوزراء محمد فاضل الجمالي بتهمة الشيوعية والترويج للافكار الماركسية. وقد نشر محمد شرارة في العدد الثالث موضوعين: الاول, عن الروائي العراقي شاكر خصباك والثاني عن الاديب الروسي انطوان تشيخوف(99).
عانى محمد شرارة من البطالة والعوز بعد اطلاق سراحه من السجن اثر رفض حتى المدارس الاهلية بتعينه الا ان يجلب لها وثيقتين من مديرية التحقيقات الجنائية تخوله الحصول على وظيفة وهما عدم المحكومية وحسن السلوك . واخذت ابنته مريم شرارة التي تخرجت من دار المعلمين العالية في الادب الانكليزي وتعينت مدرسة بالصرف على البيت, وعاد محمد شرارة في عام 1954 الى مسقط راسه في لبنان, وبقى هناك حتى اندلاع ثورة تموز 1958 واسقاط النظام الملكي واعلان الجمهورية العراقية(100) .
ثالثا : المسارات الفكرية والادبية لمحمد شرارة .
تميزت المسارات الفكرية والادبية لمحمد شرارة اثناء اثناء دراسته واستقراره في العراق بالتعدد والتنوع والموسوعية في الكتابة عن اغلب الموضوعات الثقافية والادبية, وكان التجديد والاصلاح والابتكار من اهم الخطابات والرؤى التي طالب بها, ورغم التوجه اليساري الماركسي الذي يحمله, الا انه لم يكن متعصبا له او متزمتا في طرحه او جزميا في عرضه ,وانما كان موضوعيا ومعتدلا وعقلانيا في تلك الكتابات والخطابات ,هدفه التنوير والاصلاح والتحديث والتحرر من التقوقع والانغلاق. والملاحظ في المسارت الفكرية والادبية عند محمد شرارة انه (عراقي) النزعة بالثقافة والتوجه والميول, حتى ان التاريخ والجغرافية والادب والطبيعة والرموز والاحداث والشخصيات العراقية حاضرة عنده على الدوام في اغلب كتاباته ومساراته. ويكفي ان نعرف ان اول مقال نشره عام 1928 بعنوان (الامواج الناطقة) كان عن نهر الفرات الذي وصفه بان (هناك على الاوراد والرياحيين مر نهر الفرات, متلويا كالافاعي بين شجيرات النخيل, يهدر تارة ويئن اخرى, كانه قائد تكتنفه الجيوش عن يمينه وشماله)(101). كما استحضر الاقوام والحضارات العراقية القديمة التي نشات على ضفافه (رجعت بي الى العصور الماضية حيث يتجلى الشرق بعظمته مشرقا بابنائه لذوي العيون البصيرة ,التي لم يحجبها برقع الجهل ,هناك تتراءى فخامة الكلدان بعلومها وفنونها ,وشجاعة الاشوريين يوم ثلت العروش وهدمت الصروح... وبهذه النواحي على شواطئك الجميلة تلالات اشعة الفكر ونبتت ازاهر العرفان)(102) .
وقد ربط محمد شرارة بين الحركة الوطنية في العراق مع ظهور الحركة الادبية والشعراء المجددين بقوله (والحقيقة ان الحركة الادبية في العراق منذ ثورة العشرين لم تنفصل عن الحركة الوطنية, بل كانت في الطليعة . وقصائد الشيخ محمد رضا الشبيبي واخيه محمد باقر والشيخ حبيب العبيدي ومعروف الرصافي وخيري الهنداوي والشيخ علي الشرقي والسيد حسين كمال الدين تشكل الرعيل الاول للشعر الوطني , ولكنه كان في حدود الثورة على الاستعمار, ولم يبرز دور الجماهير كثيرا في قصائد هؤلاء الشعراء - ما عدا البعض - وكان الجواهري والشرقي في طليعة الذين سلطوا الاضواء على دور الجماهير)(103).
كان المسار الاصلاحي حاضرا بقوة في كتابات واراء محمد شرارة وفي وقت مبكر من وجوده في العراق, فقد نشر في عام 1929 ثلاث مقالات عن اهمية الاصلاح والعلم والتجديد. الاول, عن رائد الاصلاح في الشرق جمال الدين الافغاني(104) ومشروعه الوحدوي والتقريبي بالقول (نظر هذا الرجل الحكيم الى الجامعة الاسلامية وما هى عليه من التقهقر نظرة الفيلسوف الخبير, وصاح صيحته الرهيبة, لكن جمال الدين برغم اخلاصه الذي يتجلى في كل كلمة لفظها, وبرغم الجمرات المشتعلة في ثنايا روحه, غيرة على الاسلام, لم يسلم من السن المنافقين ودعاة السوء الذين لايبالون بموت العالم وفناء الانسانية في سبيل ما اربهم وشهواتهم)(105). والثاني عن اهمية العلم في بلورة الاصلاح وتحديد ماهيته ومنطلقاته بتاكيده ان (العلم شعلة مضيئة يتلالا شعاعها في سماء الحياة, وهو المحرر لعقول الامة, ورقي الامة تابع لرقي هداتها ومفكريها, فعلى مقدار مايكون فيها من النوابغ وقادة الفكر ,يكون تقدمها. وبذلك المقياس تقاس مداركها وعقليتها, ومن المحال ان تتقدم الامة من غير ان يوجد هداة ومفكرون ينتشرون بين افرادها)(106). والثالث, هو نقده للاصوات التي وقفت ضد اقتراحه في تاسيس مدرسىة جامعة في جبل عامل في جنوب لبنان (بدعوى ان الدين يمنع من تعلم العلوم التي يسمونها عصرية ,وان هذه العلوم مصادمة للدين الاسلامي, وان صدور مثل هذا الراي من افراد دينيين يؤيد مقالة المستشرقين بان الدين الاسلامي دين جامد)(107).
اما المسارات الاصلاحية عند محمد شرارة التي كتبها خلال تواجده في الناصرية , فقد كانت ظاهرة بافراط عند السطح. فقد نشر مقالا في رثاء الشيخ محمد حسين النائيني احد مراجع الدين المجددين في النجف, واعتبر وفاته ضربة الى البقية الصالحة في المدرسة الدينية(108). ومقالا اخر بعنوان (في الدين والتاريخ) رد فيه على الشيخ المصري علي الطنطاوي(109), الذي اكد ان المدرسة الحديثة اخطات في جعل مادة الدين الاسلامي يدرسها غير المسلم , الامر الذي عارضه شرارة بالقول (ان العقيدة فيها جزء من المعرفة. اما المسائل الاخرى التي لاتربط فيها العقيدة بالمعرفة ,فلا اظن ان المنطق يساعدنا على هذا الراي, وذلك لان تدريس المادة يتوقف على معرفتها اكثر مما يتوقف على الاعتقاد بها, وعلى ذلك لا ارى باسا في ان يدرس الدين من يعرف الدين ويدرس التاريخ من يعرف التاريخ, بقطع النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها المدرس)(110).
فيما كان المسار العروبي والثوري بارزا عند شرارة ايضا خلال تواجده في الناصرية. فقد نشر مقالا بعنوان (سجون الاحرار) عقب اعتقال سلطات الانتداب الفرنسي في لبنان زعيم الحزب القومي السوري انطوان سعادة(111) ورئيس تحرير مجلة العرفان احمد عارف الزين(112), فقد كان شرارة مؤيدا للوحدة السورية والنزعة العروبية محتجا على اعتقالهما بالقول (وياليتك تعرف جناية انطوان سعادة وجريمة احمد عارف الزين, انها الشعور الوطني, انها الوحدة مع سورية, على هذا الشعور يساق الاحرار الى السجون في لبنان, وعلى هذا الشعور تشد الاعناق بالسلاسل والاغلال)(113).
واما المسار الفكري لمحمد شرارة حول قضية المراة والمساواة وتحررها من الجهل والفقر والخرافات, فقد كان حاضرا في العديد من المقالات والقصائد التي تعطي للمراة الثقة والاعتزاز بالذات, من خلال ابراز الشخصيات والرموز النسائية العربية واعتبارها قدوة في الثقافة والحضور. فقد نشر قصيدة عن الاديبة مي زيادة(114) بعنوان (شاعرة الخمائل) مطلعها :
لو املك الارض لحولتها الى رياض غضة زاهرة
لو املك الكون لحولته بما حوى انشودة طاهرة
حتى تنالي منه احلى المنى وتنشدينا النغمة الساحرة (115)
كما نشر مقالا بعنوان (رسالة المراة) دافع فيه عن المراة وعن الاساطير التي حيكت ضدها, والسخرية من الصورة النمطية التي روجت ضدها من العصور الوسطى والقرون البدائية السابقة, واتهامها من قبل المعتقدات المظلمة بكل ما يسىء لها, ولم ينصفها سوى الشعراء والفنانون الذين غيروا نظرة العالم لها واعتبروها (نشيد العالم) بعد ان كانت النجوم نشيد السماء) (116).
كان استنهاض الرموز الاصلاحية العراقية من الادباء والكتاب حاضرا في كتابات محمد شرارة. فقد نشر مقالا بعنوان (الشرقي في رباعياته شخصية الشاعر) عن رائد الاصلاح في العراق الشيخ علي الشرقي(117), الذي كان ثائرا على العادات والتقاليد البالية والجامدة, ومن اهم دعاة النهضة العربية والعراقية, واعتبر شعره (صوتا من اصوات العقيدة ونداء من نداءات الفكر اقوى على الدهر من حوادث الدهر واشد على الايام من مصائب الايام) (118) ثم عقب شرارة عن نشاة الشرقي في النجف بالقول (في هذا الجو الذي يسيطر عليه هذا البعض المتغلب ويستحوذ على مقدراته العقلية والفكرية نشا الشرقي في بيت من البيوت الدينية فهو اشبه شيىء بالبلبل المسجون الذي خرج الى الفضاء يغرد ويصيح) (119) كما نشر مقالا ثانيا عن الشرقي بعنوان ( الشرقي في رباعياته شاعر مجدد) بالقول (وكان الشرقي يدرك ان هذه الاسلحة التي يخشى بريقها بعض العيون اقل من ان تصمد له اذا نزل الى الميدان ,ولذلك وقف في وجه خصومه في الاراء الادبية ,وابتدات المعركة ,هذه المعركة التي يقف شاعرنا في احد جانبيها ,لاتختص بمكان او زمان او امة , هى رواية الحياة الازلية التي كان ابطالها سقراط وروسو وفولتير ولوثر وابو العلاء المعري ,واخيرا شوقي والعقاد والرافعي وطه حسين) (120) .
واما المسار الاجتماعي الاصلاحي عند محمد شرارة فقد كان ظاهرا بقوة بعد تاثره بالفكر الماركسي. فقد نشر مقالا عن قضية الفلاحين واستحواذ الاقطاعيين على مقدراتهم البسيطة ,ومعاناتهم المزمنة من المرض والجهل والفقر. فقد نشر مقالا بعنوان (في الريف) عقب زيارته مع طلابه لمنطقة (الزعفرانية) في الضاحية الجنوبية الشرقية من بغداد واطلع على بؤس الفلاح العراقي ,والمعاناة الكبيرة التي كان يرزح تحت ظلها(121) . كما صور البؤس المضاعف الذي يكتنف حياة المراة الريفية في تلك المنطقة ومعاملتها القاسية (التي تتصل باعمق اعماق العصور الجاهلية وابعدها استهانة بحقوق الانسان) (122) . كما انحاز للرؤية الماركسية حول الفن الذي اعتبرته نتاج التفاعل الاجتماعي في زمن معين , اي ان الفكر هو انتاج حالة اجتماعية معينة وليس منفصلا عنها , كما كان يتصور ذلك الاقدمون . ونشر بهذا الصدد مقالا بعنوان (الخلود الادبي) بالقول (اذا كان الادب تصويرا للحياة – وهو ما نؤمن به – فخلوده يدور في الفلك الذي دارت به الحياة), اي ان الالتزام بالقيم الانسانية هو معيار خلود العمل الادبي وليس قيمة العمل بذاته(123). كما ربط شرارة بين الابداع والخلود في مقال اخر بعنوان (اثبات الوجود) بتايده الراي الذي يقول (ان الخلود امتداد الفكر من الذات المبدعة الى بقية الذوات, معاصرة كانت او غير معاصرة. فانت باق بمقدار ماتبقى من افكارك ومشاعرك والحانك , فاذا فقدت هذا العنصر, فقدت اهم عناصر الامتداد الضارب في النجوم البعيدة)(124).
وضمن المسار الفكري الاجتماعي ايضا, انتقد محمد شرارة الغناء العراقي الذي يتسم بطابع الحزن, واعتبره نحيبا متواصلا, والنغمات تتكرر في جميع الاغاني ,والكلمات الشعرية تتميز بالتقليدية والبساطة, وكتب ساخرا بعد سماعه احد برامج الموسيقى في العراق بالقول (كانت الموسيقى تعزف بين حين واخر بعض الانغام التقليدية الشائعة التي يسميها الموهوبون في هذا البلد (فنا), واذا قدر لك ان تسمع الفن الجديد ,ضحكت على التاريخ الذي قدس (موزارت وبيتهوفن) وغفل عن العبقرية الجديدة التي اختارتها محطة الاذاعة , ليكون اختيارها بعد ذلك شهادة عالية)(125).
واما في مسار النقد الادبي فقد نشر محمد شرارة الكثير من الدراسات النقدية, ولكن يبقى اهمها ماكتبه عن رواد الشعر الحر في العراق وهم نازك الملائكة وبلند الحيدري(126) وموقفه من هذا الشعر الذي اثار جدلا في الساحة الثقافية في العراق. فبعد ان صدر ديوان نازك الملائكة (عاشقة الليل) نشر محمد شرارة نقدا بعنوان (عاشقة الليل .. وهل في اليل مايعشق؟) بالقول (ان قصائد نازك الملائكة تكاد تكون انة متجددة ولوعة متصلة... وان الوضع الاجتماعي السائد في الشرق هو الذي يرد الاحساس الشعري في نفوس الشاعرين احيانا والشاعرات غالبا او دائما الى مناطق الكبت في النفس... وهذا التحيل يقودنا الى نتيجة مؤلمة تتلخص في ان الادب الباكي قائم على الايمان بالذات اكثر من قيامه على الايمان بالتضحية)(127). وبمناسبة صدور ديوانه (خفقة الطين) عام 1946 وصف محمد شرارة بلند الحيدري (بانه رائد مدرسة جديدة تستمد عناصرها الاولى من الفلسفة الوجودية , وربما كان اول من شق الطريق في هذه الفلسفة في العراق . ولم تكن شهرة بلند متساوية مع شهرة رفاقه ,لكنه فيما بعد انضم الى الفاظه التقدمية ,وان بقيت الخيوط الوجودية واضحة في شعره)(128) .
الاستنتاجات
1 - ان وجود محمد شرارة في العراق وتفاعله مع القضايا الوطنية والسياسية والفكرية , هو نموذج حي للصلات التاريخية والمذهبية بين العراق وجبل عامل في لبنان .
2 - ان اغلب الاحداث السياسية خلال العهد الملكي ,تفاعل معها محمد شرارة وخضع لتاثيراتها المباشرة وغير المباشرة .
3 - يعد من اكثر الشخصيات التي ارتبطت بعلاقات ثقافية مع الادباء والكتاب والمثقفين العراقيين بعد الحرب العالمية الثانية .
4 - ان المسار الادبي اخذ الحيز الاكبر من نشاطه الثقافي .
5 - رغم ان تحوله كان سريعا من الدراسة الدينية الى المسارات العلمانية والماركسية , الا ان تاثره بالقراءات الفكرية في النجف قد مهدت لذلك التحول .
6 – كان التوجه الوطني والعروبي والانساني ظاهرا في مساراته الادبية وكتاباته الفكرية .
7 - المسار الاصلاحي والرغبة بالتنوير والتجديد من اهم الاهداف التي سعى لها محمد شرارة في حياته الشخصية وكتاباته الفكرية .
8 - المنهج النقدي والعلماني والاصلاحي حاضرا بقوة في كتابات محمد شرارة الادبية والفكرية .
الهوامش والمصادر

(1) محمد بن مكي (الشهيد الاول) : ولد في جزين في جنوب لبنان عام 1334 واكمل دراسته الاولية فيها، وفد للعراق ودرس في الحوزة العلمية التي كان مقرها في الحلة، صنف كتاب (اللمعة الدمشقية) . قتل في دمشق عام 1384. للمزيد ينظر: عبد الحسين الاميني ,شهداء الفضيلة , مؤسسة الوفاء, بيروت, 1983,ص 123.
(2) عباس عمر الزبيدي، الدرر البهية في انساب عشائر النجف العربية، ج2، مطبعة الغري الحديثة، النجف، 1990، ص149. وذكر ان اسرة ال شرارة احتضنت الحركة العلمية في النجف منذ القرن الثاني عشر الهجري . للمزيد ينظر: حسن عيسى الحكيم , تاريخ الاسر العلمية في مدينة النجف الاشرف, مجلة تراث النجف, العدد الاول, السنة الاولى, ربيع الاول 1430 , ص 229.
(3) موسى امين شرارة، ولد في بنت جبيل عام 1851 سافر الى النجف لاكمال دراسته الدينية فيها ، له مؤلفات في الفقه والاصول ، توفي عام 1886. للمزيد ينظر: محمد كاظم مكي، الحركة الفكرية الادبية في جبل عامل، دار الاندلس للطباعة، بيروت، 1963، ص35.
(4) صابرينا ميرفان، علماء جبل عامل وتجديد الدراسات الدينية في النجف 1870-1960، ترجمة جليل العطية، مكتبة الروضة الحيدرية، النجف، 2009، ص402.
(5) حسن الامين، مستدركات اعيان الشيعة، ج1، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1987، ص207.
(6) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، دار المدى، بغداد، 2009، ص217 ؛ كريم مروة , محمد شرارة, جريدة المدى(بغداد) , العدد 1749, 19 اذار 2010, ص 6.
(7) احسان شرارة، موسى الزين شرارة، الشاعر الثائر، رسالة دبلوم في الادب العربي ,معهد اللغات والحضارات الشرقية (انالكو) , باريس 2002، ص123.
(8) بلقيس شرارة، المصدر السابق، ص22.
(9) خضر عباس الصالحي، محمد شرارة ادبه حياته وفاته، مجلة العرفان (لبنان)، العددان 3-4، اذار 1980، ص239-242.
(10) محمد حسين النائيني: ولد في اصفهان سنة 1860، اكمل دراسته الدينية الاولية فيها، ثم هاجر الى سامراء للدراسة عند المرجع المجدد محمد حسن الشيرازي، ثم انتقل الى النجف واستقر فيها وتصدى للمرجعية الدينية في عقد الثلاثينات , له العديد من المؤلفات الفقهية والاصولية والسياسية ، توفي عام 1936. للمزيد ينظر: امجد سعد شلال المحاويلي، محمد حسين النائيني دراسة تاريخية، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الاداب، جامعة الكوفة، 2006، ص17.
(11) عبد الكريم الجزائري: ولد في النجف عام 1871 وهو من عائلة الجزائري التي ترجع الى عشيرة بني اسد في جنوب العراق، واكمل دراسته الدينية والحوزوية فيها، ساهم بحركة الجهاد ضد الانكليز عام 1914 وبثورة العشرين، توفي عام 1962، للمزيد ينظر: حسن السعد، مشاعل في القمة، ج1، دار ومكتبة المواهب، بغداد، 2010، ص122-125.
(12) محمد حسين كاشف الغطاء، ولد في النجف عام 1876 واكمل دراسته الحوزوية فيها، ساهم في حركة الجهاد ضد الانكليز عام 1914، تولى الزعامة الدينية عام 1927، له العديد من المؤلفات التاريخية والفقهية ,توفي عام 1954. للمزيد ينظر: حيدر نزار عطية السيد سلمان، الشيخ كاشف الغطاء ودوره الوطني والقومي، معهد المعلمين للدراسات العليا، النجف، 2007، ص33-42.
(13) محمد شرارة، المتنبي بين البطولة والاغتراب، تقديم حياة شرارة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1981، ص13.
(14) علي الخاقاني: ولد في مدينة النجف عام 1909 واكمل دراسته الدينية فيها، هاجر الى بغداد واصدر مجلة البيان، له العشرات من المقالات والمؤلفات في الادب والتاريخ، توفي عام 1979. للمزيد ينظر: حميد المطبعي، موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين، ج1، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد، 1990، ص144.
(15) علي الخاقاني، شعراء الغري، ج11، المطبعة الحيدرية، النجف، 1954، ص111.
(16) ابراهيم الوائلي: ولد ابراهيم محمد حرج في البصرة عام 1914، واكمل دراسته الدينية في النجف، ثم تركها واستقر في بغداد التي عين فيها مدرسا، ثم اكمل دراسته العليا في القاهرة وحصل على الماجستير وعين استاذا في كلية الاداب – جامعة بغداد ، توفي عام 1988. للمزيد ينظر: حميد المطبعي، ابراهيم الوائلي، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1988، ص13-20.
(17) محمد شرارة، المصدر السابق، ص14.
(18) بلقيس شرارة، المصدر السابق، ص38.
(19) محمد شرارة، الامواج الناطقة، مجلة الوفاق (بغداد) ، ج7، مج 15، 1928، ص32.
(20) محمد شرارة، الجواهري شاعر الكفاح العربي، جريدة الحضارة (بغداد)، العدد 72، 26 كانون الاول 1959، ص4.
(21) احمد الصافي النجفي: ولد في النجف عام 1877 واكمل دراسته الدينية في حوزتها العلمية.سافر الى ايران بعد الاحتلال البريطاني للعراق. وبسبب وضعه الصحي استقر في لبنان حتى وفاته عام 1977. للمزيد ينظر :جعفر صادق حمودي التميمي، معجم الشعراء العراقيين ، شركة المعرفة للنشر، بغداد، 1991، ص31.
(22) مصطفى بزي، محمد شرارة انسانا واديبا، هيئة انماء المنطقة الحدودية، بيروت، 1993، ص22.
(23) حسين مروة: ولد في جنوب لبنان عام 1908 وفد للعراق للدراسة الدينية في حوزتها العلمية في النجف عام 1924 واستمر فيها حتى عام 1938 عندما تركها وعين مدرسا في الناصرية . اسقطت الحكومة الجنسية العراقية عنه عام 1949 بسبب مشاركته في التظاهرات الشعبية ضد معاهدة بورتسموث عام 1948 ,وعاد الى لبنان وانضم للحزب الشيوعي اللبناني حتى اغتياله عام 1987. للمزيد ينظر : عباس بيضون ,حسين مروة ولدت شيخا واموت طفلا , دار الفارابي, بيروت, 1990, ص 11 ومايليها.
(24) حسين مروة، محمد شرارة كاتبا وانسانا، دار ابن خلدون، بيروت، 1981، ص11.
(25) صابرينا ميرفان، حركة الاصلاح الشيعي وعلماء جبل عامل وادباؤه من نهاية الدولة العثمانية الى بداية استقلال لبنان، ترجمة هيثم الامين، دار النهار، بيروت، 2002، ص260.
(26) ينظر تلك المقالات في: بلقيس شرارة، المصدر السابق، ص47-51. وللمزيد حول حركة الاصلاح في النجف ينظر : عدي حاتم عبد الزهرة المفرجي,حركة التيار الاصلاحي النجفي 1908 – 1932 , رسالة ماجستيرغير منشورة , كلية الاداب, جامعة الكوفة,2002 .
(27) بلقيس شرارة، المصدر السابق، ص53.
(28) مريم شرارة: ولدت في النجف عام 1931 واكملت دراستها الاولية في الناصرية وكربلاء واربيل والحلة. وتخرجت من دار المعلمين العالية وعينت مدرسة , ثم سافرت الى بريطانيا عام 1958 لاكمال دراسة الماجستير وتزوجت من رجل انكليزي يدعى (جيم شو) وانتقلت للسكن معه في بريطانيا , ولم تكن مثل اختيها بلقيس وحياة اي مساهمات ادبية او سياسية . للمزيد ينظر : بلقيس شرارة , المصدر السابق, 58 ومايليها .
(29) بلقيس شرارة: ولدت في النجف عام 1933 واكملت الدراسة الابتدائية في اربيل والحلة وتخرجت من كلية الاداب . لها مشاركة فاعلة في تظاهرات عام 1952 الطلابية وفصلت من الكلية . تزوجت من المهندس رفعت الجادرجي ابن السياسي العراقي المعروف كامل الجادرجي , وبعد اعتقاله من قبل الحكومة العراقية عام 1978 والحكم عليه بالمؤبد , اطلق سراحه فيما بعد بعفو خاص وغادرا العراق الى بريطانيا عام 1982. للمزيد ينظر : بلقيس شرارة ورفعة الجادرجي , جدار بين ظلمتين, دار الساقي , بيروت, 2003 , ص 12 ومايليها ؛ بلقيس شرارة , هكذا مرت الايام , دار المدى , بغداد, 2015, ص 11 ومايليها .
(30) حياة شرارة: ولدت في النجف عام 1935 واكملت دراستها الاولية في بغداد والجامعية في القاهرة وحصلت على الدكتوراه في الادب الروسي من الاتحاد السوفييتي وعينت استاذة في كلية الاداب، لها مشاركات تنظيمية مع الحزب الشيوعي العراق. اعتقل زوجها الدكتور محمد صالح سميسم مرتين بتهمة الميول الشيوعية انتهت بوفاته عام 1982 . انتحرت عام 1997 مع ابنتها مها في منزلهن في بغداد بسبب عدم سماح النظام السابق لهن بالسفر الى خارج العراق . لها العديد من المؤلفات الادبية . للمزيد ينظر :خالد حسين سلطان , حياة شرارة الثائرة الصامتة ,دار الخالدي للطباعة, بغداد, 2016, ص 6 ومايليها .
(31) جعفر الخليلي: ولد في النجف عام 1904 واكمل دراسته الاولية فيها وعمل في مجال الصحافة واصدر العديد من الصحف اهمها جريدة الهاتف. له العديد من المؤلفات الادبية والتاريخية. توفي في الامارات عام 1985. للمزيد ينظر : ديانا ضياء شاكر الميالي , جعفر الخليلي وجهوده الصحفية واراؤه الاصلاحية 1904 – 1985, رسالة ماجستير غير منشورة , كلية الاداب, جامعة الكوفة, 2010, ص 5 ومايليها.
(32) محمد شرارة، الروح الشاردة، جريدة الهاتف (النجف)، العدد الاول، 3 ايار 1935، ص1.
(33) محمد حسن الصوري: ولد في الكوت عام 1905، كان والده رجل دين من مدينة صور اللبنانية وفد للعراق ودرس في حوزتها العلمية في النجف وعين مبلغا دينيا في الكوت واستقر فيها . انضم محمد حسن الصوري للدراسة الدينية في النجف وساهم بتاسيس الرابطة الادبية , الا انه تركها واستقر في بغداد واصدر جريدة الحضارة عام 1937 التي اغلقت عام 1960 , هاجر الى برلين وتوفى فيها عام 1998 . للمزيد ينظر: مير بصري , النهضة الاوربية الحديثة في النجف الاشرف ,مركز كربلاء للبحوث ,لندن, 2000 ,ص 172 .
(34) للتفاصيل حول مآلات الاصلاح التي طرحتها المجلات النجفية ينظر: مجموعة من الباحثين، النجف الاشرف اسهامات في الحضارة الانسانية، ج2، مركز البحوث والدراسات، لندن، 2000، ص24-28.
(35) سعد عبد الواحد عبد الخضر، جمعية منتدى النشر واثرها الفكري والسياسي على الحركة الاسلامية في العراق 1935-1964، دار المدينة الفاضلة، بغداد، 2011، ص72 وما يليها.
(36) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص72-73. عز الدين عبد الرسول عبد الحسين المدني, الاتجاهات الاصلاحية في النجف 1932 – 1945, اطروحة دكتوراة غير منشورة , كلية الاداب, جامعة الكوفة, 2004, ص 99 ومايليها.
(37) محمد رضا الشبيبي: ولد في النجف عام 1889 واكمل دراسته الدينية في حوزتها العلمية، شارك في حركة الجهاد ضد الانكليز في البصرة عام 1914. تقلد مناصب وزارية ونيابية عديدة في الدولة العراقية، له العديد من المؤلفات والمقالات، توفي عام 1965. للمزيد ينظر: علي عبد شناوة, محمد رضا الشبيبي ودوره الفكري والسياسي 1933 – 1965 , اطروحة دكتوراة غير منشورة , كلية الاداب, جامعة بغداد, 1997, ص 3 ومايليها.
(38) حسن الامين، حل وترحال، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 1999، ص141.
(39) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص74؛ عبد الحسين شعبان، جذور التيار الديمقراطي في العراق، دار بيسان للنشر، بيروت، 2007، ص147.
(40) محمد شرارة، من صور الحياة، القلم الوديع، جريدة الهاتف، العدد العاشر، 10 نيسان 1936، ص1.
(41) حسين مروة، المصدر السابق، ص17.
(42) المصدر نفسه، ص18. وحول انسياب الافكار العصرية لمدينة النجف ينظر : سيليفيا نيف, النجف مركزا للعلمانية الراديكالية , انتشار الفكر اليساري والشيوعي بين طلاب المدارس الدينية في النصف الاول من القرن العشرين , في : محمود عبد الواحد محمود , العراق المعاصر رؤى اجنبية , مكتبة عدنان, بغداد, 2011, ص 69 ومايليها .
(43) عبد الحليم احمد الحصيني، موسوعة رجال ذي قار في العلوم والاداب والفنون، ج2، مؤسسة الرافد للمطبوعات، بغداد، 2018، ص292.
(44) علي الخاقاني، المصدر السابق، ص86.
(45) نص رسالة محمد شرارة الى جعفر الخليلي المؤرخة في 17/5/1937 في : جريدة المدى ، العدد 1749، 19 اذار 2010، ص8.
(46) عبد اللطيف علي شرارة: (شقيق محمد شرارة) ولد في قرية بنت جبيل في جنوب لبنان عام 1919 وتخرج من دار المعلمين وعين مدرسا , بدا نشاطه الادبي كشاعر ,الا انه ترك الشعر واتجه للدراسات الاجتماعية , له مايقارب الخمسين كتابا . توفى عام 1992 . للمزيد ينظر: بلقيس شرارة , محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر, ص 84 .
(47) خضر عباس الصالحي، المصدر السابق، ص240.
(48) محمد شرارة، حول الاصلاح الديني، الموقف يحتاج الى قيادة حازمة، فأين هي؟ جريدة الهاتف، العدد 62، 6 نيسان 1936، ص2. وحول التهديد الذي تعرض له جعفر الخليلي صاحب جريدة الهاتف بسبب اراءه الاصلاحية ينظر : مير بصري , اعلام الادب في العراق الحديث , ج 2 , دار الحكمة , لندن, 1994, ص 512 .
(49) تشكلت وزارة حكمت سليمان عقب انقلاب بكر صدقي على وزارة ياسين الهاشمي في تشرين الاول 1936 وضمت اربعة وزراء من جماعة الاهالي الذين استقالوا بعد اتهامهم من قبل بكر صدقي بالميول الشيوعية. للمزيد ينظر: عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج4، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1988، ص318-322.
(50) جماعة الاهالي: وسميت بهذا الاسم نسبة الى جريدة الاهالي التي صدرت عام 1932 من قبل مجموعة من الشباب الجامعي امثال: عبد الفتاح ابرهيم وحسين جميل ومحمد حديد وغيرهم. انضم اليهم فيما بعد كامل الجادرجي. ايدت هذه الجماعة انقلاب بكر صدقي وتعرضت للانشقاق . للمزيد ينظر: فؤاد حسين الوكيل, جماعة الاهالي في العراق, دار الحرية للطباعة , بغداد, 1979, ص 105 ومايليها.
(51) مقتبس من: بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص82.
(52) المصدر نفسه، ص102.
(53) بلقيس شرارة، هكذا مرت الايام ، ص39.
(54) المصدر نفسه، ص40؛ بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص109.
(55) عبد الرؤوف الامين (فتى الجبل): ولد في جنوب لبنان عام 1900 وتكفل برعايته المرجع الاصلاحي السيد محسن الامين بعد وفاة والده , واكمل دراسته في دمشق. انتقل للعراق وعين مدرسا في الناصرية. عاد فيما بعد الى لبنان وتوفي عام 1970. للمزيد ينظر : جعفر الخليلي , هكذا عرفتهم, ج 3 , دار التعارف , بغداد, 1973 , ص 255 – 260 .
(56) رشيد مجيد: ولد في الناصرية عام 1922 واكمل دراسته الابتدائية فيها وعين ملاحظا في الادارة المحلية. له العديد من الدواوين الشعرية. توفي عام 1995. للمزيد ينظر: عبد الحليم احمد الحصيني، الناصرية تاريخ ورجال، ج2، مؤسسة الرافد للمطبوعات، بغداد، 2010، ص87-88.
(57) رشيد مجيد، الحركة الادبية في دينة الناصرية، مجلة البلاغ (النجف)، العدد الاول، السنة الثامنة، 1979، ص64.
(58) برزت ظاهرة الاعجاب بالفاشية في ايطاليا والنازية في المانيا عند الكثير من السياسيين والمثقفين العراقيين في عقد الثلاثينات من القرن الماضي ,بسبب دعوتها المتطرفة للقومية والاشتراكية والنزعة العسكرية التي طالبت بها. وكان لهذا الاعجاب تأثيرات مباشرة على المجتمع العراقي اهمها معاداة اليهود. للمزيد ينظر: بيتر فين، قوميو العراق وشبهة الميول الفاشية، ترجمة مصطفى نعمان احمد، دار مصر مرتضى للكتاب، بغداد، 2010، ص8-11.
(59) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص119.
(60) محمد شرارة ، فراغ ، جريدة الهاتف ، العدد التاسع ، 5 تموز 1940، ص1.
(61) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص126.
(62) المصدر نفسه، ص132.
(63) جاسم محمد الرجب: ولد في الاعظمية عام 1905 ، واكمل دراسته الاولية فيها وتخرج من دار المعلمين العالية وعين مدرسا في اللغة العربية. وهو شقيق قاسم الرجب صاحب مكتبة المثنى في بغداد. للمزيد ينظر : هاشم مصطفى الدباغ , الاعظمية والاعظميون , مطبعة دار الجاحظ, بغداد, 1984, ص 231 .
(64) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص148.
(65) المصدر نفسه، ص148-149.
(66) نازك الملائكة: ولدت في بغداد عام 1923 وترجع في الاصل الى عائلة ال كبة. اكملت دراستها الجامعية في دار المعلمين العالية سنة 1944 , دراستها العليا في الولايات المتحدة وعينت استاذة جامعية في العديد من الكليات العراقية والعربية . اعتبرت الرائدة الاولى في الشعر الحر في العراق. لها العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية. توفيت في مصر عام 2007 . للمزيد ينظر: يوسف عطا الطريفي , نازك الملائكة حياتها وشعرها, الاهلية للنشر والتوزيع, عمان, 2011, ص 12 ومايليها.
(67) عباس محمود العقاد: ولد في اسوان بمصر عام 1889 . ترك الدراسة في وقت مبكر من حياته واتجه الى القراءة الشخصية له العشرات من المؤلفات التاريخية والادبية. هاجم الشيوعية في كتاب حمل عنوان (مذهب ذوي العاهات). للمزيد ينظر: سامح كريم , العقاد في معاركه الادبية والفكرية , دار القلم, بيروت, 1980, ص 11 ومايليها .
(68) محمد شرارة، شهامة، جريدة الساعة (بغداد)، العدد 22، 1 شباط 1945، ص3.
(69) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص155.
(70) حياة شرارة، اذا الايام اغسقت، تقديم بلقيس شرارة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2001، ص9.
(71) حسن الامين: ولد في دمشق عام 1908من اسرة علمية اصلاحية، اكمل دراسته الاولية في سورية ولبنان ثم وفد للعراق وعين مدرسا في كلية الملكة عالية للبنات، عاد الى لبنان ونشر العشرات من المؤلفات التاريخية، تاثر باراء والده السيد محسن الامين الاصلاحية . توفي عام 2002. للمزيز ينظر: احسان شرارة، حسن الامين رحالة واديبا ومؤرخا، دار المنهل اللبناني، بيروت، 2006، ص12 وما يليها.
(72) حسن الامين، حل وترحال، ص195.
(73) حياة شرارة، ندوة الشعر الحر في بغداد الاربعينيات، جريدة النهار (بيروت)، العدد 656، 29 تشرين الثاني 1997، ص36.
(74) سليمان العيسى: ولد في لواء الاسكندرونة عام 1921، تأثر بافكار حزب البعث بعد لقائه بالمنظر القومي السوري زكي الارسوزي الذي وصفه بانه المؤسس الاول والحقيقي لحزب البعث ، وفد الى العراق واكمل دراسته في دار المعلمين العالية وعمل في المؤسسات الاعلامية. توفي عام 2013. للمزيد ينظر: علي القيم وملكة ابيض , سليمان العيسى شاعر العروبة والطفولة, وزارة الثقافة, دمشق, 2011, ص 21 ومايليها.
(75) فائز اسماعيل: ولد في لواء الاسكندرونة عام 1923 واكمل دراسته في دمشق وانضم الى عصبة العمل القومي مع زكي الارسوزي . اكمل دراسته الجامعية في بغداد، وساهم في نشر افكار حزب البعث عندما زار الناصرية مع فؤاد الركابي عام 1949. توفي عام 2016. للمزيد ينظر: فائز اسماعيل , بدايات البعث العربي في العراق , مركز الشعلان للتنضيد , دمشق, 1997, ص 107 ومايليها .
(76) طالب الحسن، بعث العراق من البداية المريبة الى النهاية الغريبة، دار اور للطباعة، بيروت، 2011، ص373.
(77) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص306.
(78) بدر شاكر السياب، كنت شيوعيا، دار الجمل، المانيا، 2007، ص85. كما اتهم السياب حسين مروة بالطائفية وهذا يعني انه انطلق في تقييمه للافراد الشيوعيين من محددات مذهبية وليس تقدمية وايديولوجية ,لان محمد شرارة وحسين مرة هما من الشيعة , فيما ان بدر شاكر السياب من السنة. والمفارقة ان السياب نفسه يعترف بانه كان يلقي شعرا شعوبيا في تلك الفترة , ولم يتهم نفسه بالطائفية او النزعة الشعوبية. للمزيد ينظر: احسان عباس ؛ بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره , دار الثقافة, بيروت, 1978, ص 86 ؛ بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص301.
(79) حميد المطبعي، موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين، ج2، دار الشؤون الثقافية العامة , بغداد, 1996 , ص208.
(80) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص204.
(81) خالد حسين سلطان، المصدر السابق، ص22.
(82) مدرسة شماس اليهودية: مدرسة ثانوية يهودية تقع في شارع الرشيد تأسست في عام 1928 وصل عدد طلابها في احدى المراحل الى (900) طالب، وبعد هجرة اليهود اصبحت المدرسة تحت رعاية مديرية الاموال المجمدة. للمزيد ينظر: وسام هادي عكار , لمحة عن التعليم الاهلي في العراق 1914 – 1958, المركز الديمقراطي العربي , المانيا, 2021 , ص 29.
(83) المدرسة الجعفرية الاهلية: تأسست عام 1908 من قبل مجموعة من التجار الشيعة ابرزهم سلمان ابو التمن بفتوى من السيد الحبوبي لعدم وجود مدارس للجماعة الشيعية في العراق ابان العهد العثماني. وتقع بالقرب من الجامع الخلاني في شارع الجمهورية. للمزيد ينظر: محمود درويش ومصطفى جواد واحمد سوسة , دليل الجمهورية العراقية, وزارة الارشاد, بغداد, 1960, ص 491.
(84) حضر عباس الصالحي، المصدر السابق، ص240؛ بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص208-211.
(85) ثمينة ناجي يوسف ونزار خالد، سلام عادل سيرة مناضل، ج1، دار الرواد للطباعة بغداد، 2004، ص34.
(86) ناظم الزهاوي: ولد في بغداد عام 1910 وعمل في مناصب ادارية عديدة في العهد الملكي والعهد الجمهوري الاول حتى شغل منصب وزير التجارة عام 1960. للمزيز ينظر: حسن لطيف الزبيدي , موسوعة الاحزاب العراقية , مؤسسة العارف للمطبوعات , بيروت , 2007 , ص 405 .
(87) زهير ماجد، حكايات من الصالون الادبي الذي ولد فيه الشعر العربي الحديث، لقاء مع محمد شرارة , مجلة بيروت المساء، العدد 166، 21حزيران 1974، ص20.
(88) حركة انصار السلام: منظمة دولية ضمت الالاف من المثقفين والادباء والسياسيين، تأسست بعد الحرب العالمية الثانية من اجل الدعوة في السلام في العالم، دعمتها الانظمة الشيوعية لصالحها , وعقدت مؤتمرها الاول في بولندا عام 1948، انضم اليها في البدء من العراق الشاعر الجواهري ,واسست لها فرعا في البلاد وعقدت مؤتمرات عديد في بغداد والمحافظات. تصاعد نشاطها بعد ثورة تموز 1958 وتلاشت بعد انقلاب شباط 1963. للمزيد ينظر: علي برزان عطار الحسناوي, حركة انصار السلام في العراق 1954 – 1963 , رسالة ماجستير غير منشورة, كلية التربية للعلوم الانسانية, جامعة ذي قار, 2018, ص 12 ومايليها.
(89) احمد مريح المنصراوي، ابراهيم كبة ودوره السياسي والفكري في العراق 1919-2004، مكتبة النهضة العربية، بيروت، 2014، ص71.
(90) بلقيس شرارة، هكذا مرت الايام، ص105.
(91) عبد العزيز الدوري: ولد في بغداد عام 1917 واكمل دراسته الاولية فيها، وحصل على الدكتوراه في التاريخ الاسلامي من جامعة لندن عام 1942، عين بمناصب ادارية وعلمية عديدة منها عميد كلية الاداب بين عامي 1950-1958 ورئيسا لجامعة بغداد عام 1963 , له العشرات من المؤلفات التاريخية، توفي في الاردن عام 2010. للمزيد ينظر: حيدر قاسم التميمي (اعداد) , عبد العزيز الدوري مفكرا ومؤرخا, دار الحكمة , بغداد, 2011, ص 10 ومايليها .
(92) بلقيس شرارة، هكذا مرت الايام، ص106.
(93) خالد حسين سلطان، المصدر السابق، ص21؛ حياة شرارة، اذا الايام اغسقت، ص22.
(94) بهاء الدين نوري: ولد في السليمانية عام 1908 وانضم للحزب الشيوعي العراقي عام 1944، وبعد اربع سنوات اصبح مسؤول تنظيم السليمانية ,وعرف بأسمه الحركي (باسم). وفي عام 1949 تسلم زعامة الحزب بعد اعتقال اغلب قادته. طرح عام 1952 ميثاق جديد ادى الى انقسام الحزب الشيوعي. اعتقل عام 1953 واطلق سراحه بعد ثورة تموز 1958. للمزيد ينظر: سيف عدنان ارحيم القيسي , الحزب الشيوعي العراقي من اعدام فهد وحتى ثورة 14 تموز 1958, دار الحصاد , دمشق, 2012 , ص 65 ومايليها.
(95) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص249.
(96) جعفر عباس حميدي، التطورات والاتجاهات السياسية الداخلية في العراق 1953-1958، دار الاداب، النجف، 1980، ص45؛ بلقيس شرارة ، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص250.
(97) محمد شرارة، دموع، جريدة الاهالي (بغداد)، العدد 610، 2 اذار 1954، ص3.
(98) مجلة الثقافة الجديدة : مجلة يسارية تقدمية صدرت في بغداد عام 1953 واغلقت من قبل الحكومة العراقية في مطلع عام 1954 بعد اصدار ثلاث اعداد منها فقط بتهمة الميول الشيوعية . كتب فيها العديد من الادباء والمثقفين العراقيين البارزين. عادت للصدور بعد ثورة تموز 1958. للمزيد ينظر: ابراهيم خليل العلاف , تاريخ العراق الثقافي المعاصر, دار ابن الاثير, الموصل, 2009 , ص 257 .
(99) بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص257.
(100) حميد المطبعي، موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين، ج2، ص208.
(101) محمد شرارة، الامواج الناطقة، مجلة العرفان , ج 3 ، المجلد 15، 1958، ص32.
(102) المصدر نفسه، ص33.
(103) زهير ماجد، المصدر السابق، ص22؛ بلقيس شرارة، محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر، ص36.
(104) جمال الدين الافغاني: ولد في عام 1838 واختلفت الاراء في مكان ولادته بين ايران وافغانستان، تنقل في العديد من البلدان اهمها ايران والهند ومصر وزار العراق مرتين ودرس في الحوزة العلمية فيها، له العديد من المؤلفات الاصلاحية ، وصف بانه موقظ الشرق. توفي في تركيا عام 1897. للمزيد ينظر : صباح كريم رباح الفتلاوي , جمال الدين الافغاني والعراق, مؤسسة العارف للمطبوعات , بيروت, 2014 , ص 22 ومايليها.
(105) محمد شرارة، عامل والمدارس، القسم الاول، مجلة العرفان، ج4، المجلد18، تشرين الثاني 1929، ص14.
(106) محمد شرارة، حياة الامم بحياة هداتها، مجلة العرفان ، ج6، المجلد 18، تشرين الاول 1929، ص15.
(107) محمد شرارة، عامل والمدارس , القسم الثاني, مجلة العرفان, ج 5 , المجلد 18, كانون الاول 1929 , ص 38 .
(108) بلقيس شرارة , محمد شرارة من الايمان الى حرية الفكر, ص 95 . وحول التصورات العلمانية والاصلاحية والتنويرية عند محمد شرارة ينظر : رفعة الجادرجي, محمد شرارة من العمامة الى الشيوعية , جريدة النهار, العدد 3466, 11 نيسان 2010, ص 65.
(109) علي الطنطاوي: ولد في دمشق عام 1909، اكمل دراسته الدينية فيها حتى اصبح من كبار الحركة الاسلامية في سوريا . وفد للعراق وعمل في التدريس فترة من الزمان . له العديد من المقالات والمؤلفات، توفي عام 1999. للمزيد ينظر: مجاهد ماعون، علي الطنطاوي اديب الفقهاء وفقيه الادباء، دار الفكر، دمشق، 2001، ص16 ومايليها.
(110) محمد شرارة، الشعاع الروحي في افق المدرسة اين هو وما هو مداه؟ مجلة الحضارة، العدد 65، 1/4/1938، ص58.
(111) انطوان سعادة: ولد في لبنان عام 1904، اكمل دراسته في الجامعة الامريكية في بيروت .مارس العمل السياسي في وقت مبكر من حياته، واسس الحزب القومي السوري الاجتماعي الذي قام بمواجهات مع الحكومة اللبنانية التي اعدمته عام 1949، له العشرات من المؤلفات . للمزيد ينظر: سعد سعدي و معجم الشرق الاوسط , دار الجيل , بيروت, 1998 , ص 221 .
(112) احمد عارف الزين: ولد في جنوب لبنان عام 1884 . بدأ العمل بالصحافة في وقت مبكر من حياته حتى اصدر مجلة العرفان عام 1909 . كما مارس العمل السياسي ضد العثمانيين من جانب وسلطات الانتداب الفرنسي من جانب اخر. زار العراق مرات عديدة، توفي في مدينة مشهد الايرانية عام 1960. للمزيد ينظر : مجيد حميد عباس الحدراوي ,مجلة العرفان اللبنانية دراسة تاريخية 1909 – 1936 , العتبة العلوية المقدسة , النجف, 2011 , ص 8 ومايليها .
(113) محمد شرارة، من ذكريات لبنان , سجون الاحرار، جريدة الهاتف، العدد 25، 4/9/1936، ص3.
(114) مي زيادة: ولدت في الناصرة بفلسطين عام 1886 اتقنت اللغات الفرنسية والانكليزية والالمانية والايطالية والسريانية، لها العديد من المؤلفات والمقالات في الادب، كان لها صالون ثقافي في مصر ,توفيت عام 1941. للمزيد ينظر : امل داعوق سعد, فن المراسلة عند مي زيادة, دار الافاق الجديدة , بيروت, 1982, ص 11 .
(115) محمد شرارة، شاعرة الخمائل، مجلة العرفان، ج3، المجلد 6 ، كانون الثاني 1938، ص22.
(116) محمد شرارة، في الادب والاجتماع رسالة المرأة، جريدة الهاتف، العدد 175، 4/7/1939، ص3.
(117) علي الشرقي: ولد في النجف عام 1892 واكمل دراسته الحوزوية فيها , ساهم في حركة الجهاد ضد الانكليز عام 1914 تقلد مناصب وزارية وقضائية عديدة بعد تأسيس الدولة العراقية , له العيد من المقالات والمؤلفات التاريخية والادبية . توفي عام 1964. للمزيد ينظر: عبد الحسين مهدي عواد , الشيخ علي الشرقي حياته وادبه , دار الحرية للطباعة, بغداد, 1981, ص 6 ومايليها .
(118) محمد شرارة، الشرقي في رباعياته ، شخصية الشاعر، جريدة الهاتف، العدد 86، 28/4/1939، ص1.
(119) المصدر نفسه.
(120) محمد شرارة، الشرقي في رباعياته، شاعر مجدد، جريدة الهاتف، العدد 87، 5/5/1939، ص1.
(121) محمد شرارة، في الريف، جريدة الساعة (بغداد) ، العدد 43، 2/6/1946، ص5
(122) المصدر نفسه ، ص6.
(123) محمد شرارة ، الخلود الادبي، مجلة الاعتدال (النجف)، العدد 21، اذار 1946، ص23.
(124) محمد شرارة ، المتنبي بين البطولة والاغتراب، ص60.
(125) محمد شرارة ، تربية ... ومربون، جريدة الساعة، العدد 53، 6تشرين الثاني 1945، ص4
(126) بلند الحيدري: ولد في بغداد عام 1926 من عائلة كردية الاصل، عاش حياة التشرد ولم يكمل دراسته الاولية . قرأ الادب العربي وكتب الشعر الحر حتى اصبح احد رواده الاوائل . له العديد من الدراسات والمؤلفات الادبية . توفي في لندن عام 1996. للمزيد ينظر : عايدة كنعان الملحم , بلند الحيدري والشعر العربي المعاصر , دار سعاد الصباح, الكويت, 1998, ص 12 ومايليها .
(127) محمد شرارة ، عاشقة الليل .. وهل في الليل ما يعشق ؟ ، مجلة العرفان، ج9، المجلد 18، اذار 1948، ص36.
(128) زهير ماجد ، المصدر السابق، ص22.