هل تحترم الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية استقلالية التنظيمات الجماهيرية؟.....6


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7813 - 2023 / 12 / 2 - 09:21
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

مفهوم التنظيم الحزبي العمالي:

وبعد مناقشتنا لمفاهيم الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، نصل إلى مناقشة مفهوم التنظيم الحزبي العمالي، الذي يتضمن مفاهيم الحزب الديمقراطي، والحزب التقدمي، والحزب اليساري، بالإضافة إلى الحزب العمالي؛ لأن الحزب العمالي، هو، بالضرورة، حزب ديمقراطي، وحزب تقدمي، وحزب يساري، لا يتجاوز أن يكون حزبا اشتراكيا علميا، يأخذ بمبدإ المركزية الديمقراطية، ويقتنع بأيديولوجية الكادحين، أو أيديولوجية الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مهما كانوا، وكيفما كانوا. وسمي هذا التنظيم الحزبي، بالتنظيم الحزبي العمالي؛ لأنه حزب الطبقة العاملة، الذي يقتنع بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، ويسعى إلى تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، في المجتمع الذي يتواجد فيه، ويدعم جميع الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، في حالة تعرضها لمضايقة معينة، من قبل الحكام، أو قبل الأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية، أو من قبل الأحزاب الإدارية، أو من قبل حزب الدولة؛ لأن هذه الجهات، هي التي من مصلحتها مضايقة التنظيمات الحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية.

ولذلك، فإن من مهام هذه الأحزاب، مناهضة الحكم، وفضح ممارسته، ومناهضة الأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية، والإدارية، وحزب الدولة، ومن أجل إرغامها على احترام الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية.

والحزب العمالي، لا يمكن أن يكون إلا حزبا عماليا، ولا يكون شيئا آخر؛ لأنه يحرص على أن يحافظ على هويته، ويحرص على تطورها: اشتراكيا علميا، وتنظيميا، وأيديولوجيا، ومركزيا ديمقراطيا، خاصة، وأن حزب الطبقة العاملة، لا يبدل جلده، ولا ينسلخ عن ذلك الجلد، حتى يتأتى له تحقيق أهدافه المسطرة، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، على المدى القريب، أو على المدى المتوسط، أو على المدى البعيد. وغالبا، ما يتم تحقيق أي هدف، بعد إنضاج الشروط، ما لم تكن هناك خيانة للحزب اليساري، لأن الحكم، لا يبقى بعيدا عما يجري، داخل أي حزب، وكل ما كان هناك أمل، عند الحكم، في العصف بالحزب، عصف به، وتركه يعاني من ويلات العصف، كما خصل مع الحركة الاتحادية الأصيلة، في 08 ماي 1983، وكما حصل مع حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي يوم 18 دجنبر 2022، وكما قد يحصل مع حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إن استعاد عافيته بعد العصفة الأخيرة.

والتنظيم الحزبي العمالي، باشتراكيته العلمية، وبمركزيته الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، هو تنظيم ديمقراطي تقدمي يساري، وتنظيم للكادحين، المتجسدين في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من فلاحين فقراء، ومعدمين، ومن تجار صغار، ومياومين، يسعى إلى تغيير الواقع، تغييرا جذريا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، في أفق تحقيق التحرير: تحرير الإنسان من العبودية، والاستبداد، والاستغلال، وتحرير الأرض، أو ما تبقى منها، من الاحتلال الأجنبي، وتحرير الاقتصاد، من التبعية للرأسمال الأجنبي، وللمؤسسات المالية الدولية، وتحقيق الديمقراطية الشعبية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن يتنفس أفراد المجتمع الصعداء، بعد رفع الاستبداد الذي قهرهم، وجعلهم خاضعين للاستبداد بأشكاله المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يدعم تحرير الإنسان، والأرض، وإطلاق الحرية، لجميع أفراد المجتمع المغربي، الذين صاروا يتمتعون بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، من أجل أن يعملوا على التمتع بالعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق الاشتراكية، وإقامة النظام الاشتراكي، باعتباره نظاما متحررا، وديمقراطيا، مما يجعل منه نظاما متميزا عن باقي الأنظمة، التي لا تعرف للتحرير طريقا، ولا للديمقراطية تحقيقا، كما لا تعرف للعدالة الاجتماعية تمرسا، مما يجعل أفق تحقيق الاشتراكية غير ممكن، كيفما كانت الشروط، التي يعيشها الإنسان، والتي تقتضي النضال من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، إلا أن ذلك النضال، صار غير ممكن. وعلى الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، أن تعمل على استنهاض الواقع، من أجل أن يصير النضال، من أجل تغييره، ممكنا.

وإذا كان الحزب العمالي، باعتباره حزبا ديمقراطيا، وتقدميا، ويساريا، يهدف إلى تغيير الواقع، تغييرا جذريا، بتحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، فإنه، كحزب ثوري، يجب أن يعمل على التوفر على إمكانيات تثور الواقع، الذي يقتضي امتلاك وسائل الإعلام المختلفة: المرئية، والمسموعة، والمقروءة، والإليكترونية، التي يمكن توظيفها، لنشر الفكر العلمي الثوري، الذي يسعى إلى إنضاج شروط تثوير الأفراد، وتثوير الجماعات، وتثوير الأفكار، وتثوير البرامج، وتثوير الفكر، وتثوير الممارسة، من أجل أن يعتبر ذلك التثوير، وسيلة لإنضاج شروط التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يمكن تحقيق التحرير، وتحقيق الديمقراطية، وتحقيق الاشتراكية، في مستوياتها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، الأمر الذي يقتضي: إيجاد نوع جديد، من البشر، ينسجم مع الواقع الجديد، ويتحول إلى جيش لحماية التغيير، الذي أصبح قائما، حتى لا يعمل الرجعيون على تحريف ذلك التغيير، من أجل أن يصير وسيلة للتقدم، والتطور: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، خاصة، وأن التغيير، في حالة قيامه، يقطع الطريق على الفساد، وعلى الفاسدين، وعلى الرجعيين، وعلى كل من كان يستفيد من الواقع المتخلف: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

والحزب العمالي، عندما يقوم في الواقع، فإن معنى ذلك: أن مستوى وعي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأن ارتفاع مستوى هذا الوعي، يقتضي تنظيم الهجوم، على عناصر البورجوازية الصغرى، الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأن البورجوازية الصغرى، لا يهمها إلا تحقيق تطلعاتها الطبقية، ولا يهمها لا العمال، ولا باقي الأجراء، ولا سائر الكادحين، كما لا يهمها تحقيق التحرير، ولا تحقيق الديمقراطية، ولا تحقيق الاشتراكية، لأن البورجوازية الصغيرة، الساعية إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية، من أجل الالتحاق بالبورجوازية الكبرى، وبالإقطاعيين الكبار، وبالتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف. وفي حالة الالتحاق بالتنظيم، فإنها تعمل على تخريبه، في أفق الانسحاب منه، كما فعلت مع حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا يقتنع بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، من أجل أن يصير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والتي عملت على إفراغه من محتواه، ليصير عاجزا عن الحركة، وعن الفعل في الواقع، قبل الانسحاب منه، لولا تموقف الرفيقات، والرفاق، من كل ذلك، ولولا تصدي عضوتي الكتابة الوطنية، للاندماج في المؤتمر الاستثنائي، وفي نهايته، مما أدى بالكتابة الوطنية المنحرفة السابقة، إلى تقرير طردهما، ليتم بعد ذلك اجتماع أعضاء اللجنة المركزية مرتين، ولتقام ندوة وطنية، في قصبة تادلة، إلى غير ذلك، مما يعبر عن استمرار حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتباره مقتنعا بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، وباعتباره حزبا ثوريا، أثناء تغيير الاسم، وخلال مسيرته، إلى أن انسحب منه المنسحبون، ليستمر حزبا ثوريا، لم يعد منتظما فيه، إلا المقتنعون بثوريته، وباشتراكيته العلمية، وبمركزتيه الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، والخزي، والعار للمنسحبين، والمجد، والخلود، لشهداء الحركة الاتحادية الأصيلة، ولمن فقدناهم، على درب حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كحزب للطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكحزب ثوري، وكاستمرار للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية، مما لا يستطيع أحد نفيه عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

وهكذا، نكون قد أفضنا في الحديث عن مفهوم الحزب العمالي، باعتباره حزبا للطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهذا الاقتناع، يميزه عن بقية الأحزاب اليسارية، التي قد لا تحمل من اليسار، إلا الاسم. وقد تكون يسارية، على مستوى الشعارات اليسارية، وعلى مستوى طبيعة اليسار: الآنية، والمستمرة، وهو ما يجعلنا نعتبر: أن اليسار، لا يكون يسارا حقيقيا، إلا إذا اقتنع بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، حتى يستحق أن يكون يسارا حقيقيا.