ماذا عن الاشتراكية العلمية، في نظر المنسحبين من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي؟ هل انقلبت إلى اشتراكية أيكولوجية؟


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7850 - 2024 / 1 / 8 - 12:21
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

إن الاقتناع بالاشتراكية العلمية، تقرر في الحركة الاتحادية الأصيلة، على يد الشهيد عمر بنجلون، وليس طارئا في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، باعتباره حزبا، يعتبر استمرارا للحركة الاتحادية الأصيلة، ولحركة التحرير الشعبية، ونظرا لكون المنسحبين منه، التحقوا بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي لا هوية له، لا على مستوى الاقتناع بالاشتراكية العلمية، ولا على مستوى الاقتناع بالمركزية الديمقراطية، ولا على مستوى الاقتناع بأيديولوجية الكادحين.

فالاشتراكية العلمية، في نظر حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، المؤسس ليلة الذكرى 47 لاغتيال الشهيد عمر بنجلون ، القائد التاريخي العظيم، للحركة الاتحادية الأصيلة، التي يعتبر حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي استمرارا لها، انقلبت إلى الاشتراكية الأيكولوجية، التي حلت محل الاشتراكية العلمية، في اقتناعهم، مما يجعلهم يتنكرون للفكر الاشتراكي العلمي، وللفلسفة الاشتراكية العلمية، وللمنهج الاشتراكي العلمي، الذين كانوا يقنعوننا، بأنه هو المنهج المعتمد في التحليل الملموس، للواقع الملموس.

فما هي الفلسفة، التي تناسب الاشتراكية الأيكولوجية؟

وما هو المنهج الذي يعتمدونه في التعامل مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؟

هل يوظفونه في التحليل الملموس، للواقع الملموس؟

هل يتناسب المنهج الذي يختارونه، مع الاشتراكية الأيكولوجية؟

أم أنهم، باقتناعهم بالاشتراكية الأيكولوجية، سوف يسقطون في التيهان المنهجي؟

أم أن طبيعة حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، المقتنع بالاشتراكية الأيكولوجية، سيبقى بدون منهج علمي؟

أليس من حقنا القول: بأن المنسحبين من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بعد أن اقتنعوا بالاشتراكية الأيكولوجية، لم تعد لهم أية علاقة: لا بالاشتراكية العلمية، ولا بالمركزية الديمقراطية، ولا بأيديولوجية الكادحين، ولا بالمنهج الاشتراكي العلمي، ولا بالفلسفة الاشتراكية، التي يتم تعويضها بالفلسفة الأيكولوجية، وبالفكر الاشتراكي الأيكولوجي، وبالمنهج الأيكولوجي، على مقاس الاشتراكية الأيكولوجية؟

ذلك، أن الاشتراكية العلمية، في نظر المنسحبين من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والملتحقين بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، كنا نكن لهم الاحترام، والتقدير، على التضحيات، التي قدموها من خلال تواجدهم في الحركة الاتحادية الأصيلة، وفي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وكنا نعتقد: أن تضحياتهم مستمدة من الوفاء للحركة الاتحادية الأصيلة، ولشهداء الحركة الاتحادية الأصيلة، باعتبارهم شهداء الشعب المغربي، وعلى رأسهم الشهيد المهدي بنبركة، الذي صار يعرف بعريس الشهداء، وشهيد الطبقة العاملة، الشهيد عمر بنجلون، غير أننا اكتشفنا، أن تقديرنا في غير محله، بعد انسحاب المنسحبين، والتحاقهم، مباشرة، وبدون شروط، بمهرجان تأسيس حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، خلافا لما قرره المجلس الوطني، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المنعقد في مدينة فاس.

ونحن عندما نسترجع عنوان هذه المقالة:

ماذا عن الاشتراكية العلمية، في نظر المنسحبين من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي؟ هل انقلبت إلى اشتراكية أيكولوجية؟

نجد أن السؤال الأول من العنوان، ينصب على مصير الاشتراكية العلمية، في نظر المنسحبين، لأنهم كانوا يعتبرون اشتراكيين علميين، حتى انسحابهم، ومما يدل على ذلك، رفعهم للنشيد الحزبي، في نهاية المؤتمر الاستثنائي، لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، التي أعقبها الانسحاب، مباشرة، بعد انتهاء المؤتمر الاستثنائي، في اتجاه الالتحاق بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي عقد مهرجان التأسيس، في خيمة كبيرة، لإعطاء مناسبة التأسيس أهمية خاصة، والخيمة كبيرة جدا، تضم المنسحبين من مؤتمري حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمندمجين من مؤتمري المؤتمر الوطني الاتحادي السابق، والمندمجين من مؤتمري المنسحبين من الحزب الاشتراكي الموحد، الذين كانوا يسمون أنفسهم بالوحدويين سابقا، ومؤتمري المنسحبين من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المندمجين، جميعا، في حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، المؤسس ليلة 18 دجنبر 2022.

ومعلوم أن الانسحاب من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، هو في نفس الوقت، انسحاب من الاقتناع بالاشتراكية العلمية، ومن الاقتناع بالمركزية الديمقراطية، ومن الاقتناع بأيديولوجية الكادحين.

ومعلوم، كذلك، أن انسحابا كهذا، لم يأت هكذا، بل تم التخطيط له منذ زمن، إن لم نقم بتحديد التوقيت، بمرض الفقيد أحمد بنجلون، الذي كان يبدع في فكره، وفي ممارسته. وهذا الإبداع، يتجدد في الإعلان عن موقفه من اللا معتذرين عن اجتماعات التنظيمات الجماهيرية، التي كانوا يتواجدون بها، والمعتذرين عن الاجتماعات الحزبية، مما أدى، بالضرورة، إلى تخليهم عن الاشتراكية العلمية، وعن المركزية الديمقراطية، وعن أيديولوجية الطبقة العاملة، أو أيديولوجية الكادحين، كما سماها الشهيد عمر بنجلون، أو أيديولوجية العمال، وباقي الأجراءـ وسائر الكادحين، كما أسميها شخصيا. وهذا التخلي عن الأسس، التي بني عليها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، كمشروع حزب ثوري، إنما هو تخلي عن الحزب، جملة، وتفصيلا، كما يظهر ذلك منذ أن تولى الأستاذ عبد الرحمن بنعمرو، الكتابة العامة للحزب، على المستوى الوطني، إلا أن هؤلاء، وإن كانوا مستمرين في الحزب إلى أن انسحبوا من المؤتمر الاستثنائي، في اتجاه الالتحاق بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، بعد نهاية المؤتمر الاستثنائي، ليتخلص منهم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي استمر بمناضليه، ومناضلاته، المقتنعين، والمقتنعات به، من أجل العمل على إعادة البناء، وفق ما هو منصوص عليه في النظام الأساسي، والداخلي، في أفق العمل على جعل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي أصبح لا يهم إلا المقتنعين بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيدولوجية الكادحين، بعد أن انسحب منه غير المقتنعين بهوية الحزب، ليلتحقوا بحزب لا هوية له؛ لأنه، لا علاقة له، إلا بالاشتراكية الأيكولوجية، التي تعبر عن قمة التضليل، الذي اقتنع به المنسحبون من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ومن اقتنع بالتضليل، يصير مضللا، إلى ما لا نهاية.

أما بالنسبة للاشتراكية العلمية، وللمركزية الديمقراطية، ولأيديولوجية الطبقة العاملة، أو أيديولوجية الكادحين، أو أيديولوجية العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين، فلها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يخلص لها، ويعمل على إقناع المعنيين بها؛ لأن الاشتراكية العلمية: فلسفة، وعلم، ومنهج علمي، بقوانينه: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، نسعى، بواسطة الفلسفة، إلى إعمال العقل، ونسعى، بواسطة العلم، إلى المعرفة الماركسية التاريخية، والعلمية، والمتجددة، والمتطورة بتطور المجتمع، وتطور المعرفة الإنسانية، وتطور العلوم، وتطور الواقع، كما نسعى، بواسطة المنهج العلمي، إلى العمل على معرفة الواقع، وإدراكه، والعمل على تغييره، تغييرا يهدف إلى جعله في خدمة في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي خدمة الجماهير الشعبية الكادحة، وفي خدمة الشعب المغربي الكادح، من منطلق: أن إعمال العقل، والحرص على معرفة الماركسية، وتاريخها، وفي تجددها، وتطورها، وفي تجاربها المختلفة، التي تضيف إليها جديدا، وتؤكد حتميتها؛ ولكن بالعمل على تحقيقها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، والعمل على تفعيل المنهج الاشتراكي العلمي، من أحل التمرس على التحليل الملموس، للواقع الملموس، وصولا إلى جعل تحقق الاشتراكية، واردا، حتى يعيش الإنسان، حياة كريمة عادلة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ويسعى إلى المحافظة على تطور الواقع الاشتراكي، وتطويره، في أفق الدفع به إلى إنتاج الزخم، الذي يرفع من شأن الفلسفة الماركسية، والعلم الماركسي، والمنهج العلمي الماركسي، الاشتراكي العلمي، في تعدده، وتطوره، وفي صلاحيته لكل الخصوصيات، لجعل الواقع يتطور، ولجعل تطور الواقع في خدمة الإنسان، مهما كان، وكيفما كان، بصفة عامة، وفي خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي خدمة الجماهير الشعبية المغربية الكادحة، وفي خدمة الشعب المغربي الكادح.

ونحن عندما نقتنع بالفلسفة الماركسية، وبالعلم الماركسي، وبالمنهج العلمي الماركسي، نكون قد اقتنعنا بالاشتراكية العلمية، بقوانينها: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وبالتمرس على توظيف تلك القوانين، من أجل معرفة الواقع، معرفة علمية دقيقة، والعمل على تغييره، انطلاقا: من المعرفة العلمية الدقيقة، التي تمكننا من إيجاد واقع مختلف: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ينعم فيه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتنعم فيه الجماهير الشعبية الكادحة، وينعم فيه الشعب المغربي الكادح، بالتمتع بالحقوق الإنسانية المختلفة: المادية، والمعنوية، وبالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كما تقتضيها الشروط الجديدة، التي أصبح يعيشها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتعيشها الجماهير الشعبية الكادحة، ويعيشها الشعب المغربي الكادح، حتى يصير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وحتى تصير الجماهير الشعبية الكادحة، ويصير الشعب المغربي الكادح، ونصير جميعا، على النظام الاشتراكي، باعتباره مكسبا رائدا للشعب المغربي، عندما نتمكن من تحقيقه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

والمنسحبون، الذين صاروا مقتنعين بالاشتراكية الأيكولوجية، التي تعتبر وحدها، كافية للإعراض عن الالتحاق بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي لا هوية له. ومع ذلك، فالمنسحبون هرولوا إلى الالتحاق به، وعملوا على جعل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي حزب منحلا، لا وجود له، وهم ،في الواقع، هم الذين انحلوا، وفقدوا وجودهم، عندما انسحبوا من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بهويته الاشتراكية العلمية، والمركزية الديمقراطية، وأيديولوجية الكادحين، والتحقوا بحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، بدون هوية، ليصيروا كبقية الأحزاب، التي تنخرط، فيما أسماه الفقيد أحمد بنجلون: بديمقراطية الواجهة، حتى يكتسبوا ود السلطة، على أعلى المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويشرعوا في تحقيق تطلعاتهم الطبقية، من أجل أن يصيروا مصدرا لتجدد البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

فهل يراجع المنسحبون، من غير مؤطري عملية الانسحاب، أنفسهم؟

وهل يدركون: أن اختيارهم الالتحاق بحزب، بدون هوية، لا معنى له أبدا؟

وهل يعرفون: أن انسحابهم، الذي يراد به: إفراغ حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي من محتواه. لقد صار لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي تخلص من محتواه اللا اشتراكي، اللا علمي، وبقي محافظا على محتواه الاشتراكي العلمي؟

وهل يدركون: أن استرجاع حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لقوته، رهين بمدى تمسك مناضلاته، ومناضليه، الوفيات، والأوفياء لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بهويته الاشتراكية العلمية، والمركزية الديمقراطية، وأيديولوجية الكادحين؟

وهل يطرق أعضاء اللجنة المركزية، من غير المؤطرين لعملية الانسحاب، أبواب حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من أجل استرجاع مكانتهم فيه، بعد تقديم النقد الذاتي؟

أليس ما صار إليه المنسحبون، من خلاصات اجتماع مراكش، الذي عقده المؤطرون لعملية الانسحاب، من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذين لا مكان لهم في الحزب، والذي انعقد قبل المؤتمر الوطني الثامن للحزب؟

إننا عندما نطرح هذه الأسئلة، إنما نريد أن نستفز المنسحبين، أملا في مراجعة أنفسهم، والالتحاق بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، الذي يعانق كل من قدم نقدا ذاتيا، على انسحابه من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.