هل تحترم الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية استقلالية التنظيمات الجماهيرية؟.....12


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7836 - 2023 / 12 / 25 - 04:50
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

طبيعة العلاقة بين التنظيمات المذكورة والعمل الجماهيري:

إن المفروض، في العلاقة القائمة، بين التنظيمات الحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وبين التنظيمات الجماهيرية، يفترض فيها، أن تكون ندية، لا وجود فيها لأفضلية التنظيم الحزبي، على التنظيم الجماهيري، ولا لأفضلية التنظيم الجماهيري، على التنظيم الحزبي.

فالتنظيم الحزبي، يسعى إلى تحقيق أهدافه، المتمثلة في الوصول إلى المجالس الجماعية، وإلى البرلمان، وإلى الحكومة، إذا لم يعمل على تغيير الواقع، تغييرا جذريا؛ لأن كل حزب، يحدد أهدافا معينة، تنسجم مع الطبقة، التي يمثلها الحزب السياسي.

أما التنظيم الجماهيري، فلا يسعى لا إلى الوصول إلى الجماعات الترابية، ولا إلى البرلمان، إلا من خلال ممثليه أعضاء اللجان الثنائية، في الغرفة الثانية، بمجلس البرلمان.

إن مهمة أي تنظيم جماهيري، هي العمل على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، على مستوى الموضوع، الذي يشتغل عليه التنظيم الجماهيري، كما هو الشأن بالنسبة للمنظمات الجماهيرية، التي تعمل على احترام أوضاع حقوق الإنسان، التي تعمل على تحسينها، وكما هو الشأن بالنسبة للنقابات، التي تناضل من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إذا كانت النقابات مبدئية مبادئية. أمأ إذا كانت بيروقراطية، أو حزبية، أو تابعة، فإنها تعمل على تحقيق الأهداف البيروقراطية، أو الأهداف الحزبية، أو أهداف الجهة التي تتبعها التنظيمات الجماهيرية. وهو ما يعني: أن النقابة، أو أي تنظيم جماهيري، إذا لم تكن مبدئية مبادئية، أو إذا لم يكن مبدئيا مبادئيا، فإنها، أو إنه، لا يسعى أي منهما، إلى الحرص على استفادة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو إلى الحرص على استفادة الجماهير الشعبية الكادحة، أو إلى الحرص على استفادة الشعب المغربي الكادح: ماديا ومعنويا.

والندية التي يفترض أن تسود، في العلاقة بين التنظيمات الحزبية، والتنظيمات الجماهيرية، يفترض فيها:

1 ـ أن تجعل العلاقة بين التنظيمات الجماهيرية، والتنظيمات الحزبية، علاقة ديمقراطية، منبثقة عن واقع ديمقراطي: اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي. خاصة، وأن النضال الديمقراطي، هو الذي يؤطر العلاقة بين التنظيمات الديمقراطية الجماهيرية، والتنظيمات الديمقراطية الحزبية، التي لا يمكن أن تكون إلا تنظيمات جماهيرية، أو حزبية، منفتحة على بعضها البعض، بعيدا عن الحزبية، وعن التبعية.

2 ـ أن تعمل التنظيمات الجماهيرية، على ترسيخ الديمقراطية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وفي صفوف الشعب المغربي الكادح، وأن تعمل الأحزاب على الحرص على دمقرطة المجتمع ككل، من خلال الحرص على محاربة كل أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وأن يعمل على محاربة الاستبداد، بأنواعه المختلفة، وخاصة استبداد الحكم، وأن يعمل من أجل تحقيق العدلة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل، للثروة المادية، والمعنوية، خاصة، وأن الديمقراطية ذات مضمون اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، انطلاقا من الإرادة السياسية، التي تعطي الكلمة للشعب، من أجل التمتع بحقوقه الإنسانية، التي تعتبر الممارسة الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، مدخلا للتمتع بتلك الحقوق، التي تتفق معظم مكوناتها، مع المضامين المختلفة للديمقراطية.

3 ـ أن يتم رصد جوانب الاتفاق، والاختلاف، بين برنامج الحزب السياسي، أي حزب سياسي، وخاصة عندما يكون هذا الحزب ديمقراطيا، أو تقدميا، أو يساريا، أو عماليا، وبين برنامج التنظيم الجماهيري، أي تنظيم جماهيري، حتى نتمكن من معرفة:

هل يمكن صياغة برنامج حزبي جماهيري؟

وصياغة هذا البرنامج الحزبي الجماهيري، يكون انطلاقا من نقط الالتقاء، في أفق إيجاد جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، سعيا إلى إحداث تحول اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، في أفق جعل الشعب المغربي، يعيش واقعا مختلفا، تزدهر فيه كل الممكنات، التي تفيد الشعب المغربي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

5 ـ والوصول إلى إقامة تحالف جماهيري حزبي، أو إقامة جبهة وطنية للنضال من أجل الديمقراطية، يرتبط حزبيا، بشؤون التنظيمات الجماهيرية، من أجل تحويلها إلى تنظيمات جماهيرية حزبية، أو جماهيرية تابعة لحزب معين، بل إن الأمر يتعلق بالتنسيق، الذي يقوم عادة إما بين الأحزاب السياسية، وخاصة منها: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، أو بين التنظيمات الجماهيرية، وخاصة، منها، المبدئية المبادئية، التي تفعل الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، أو بين الأحزاب السياسية، والتنظيمات الجماهيرية، التي تجتمع فيما بينها، من أجل الاتفاق على النقط المشتركة، فيما بين التنظيمات الجماهيرية، والتنظيمات الحزبية، في حدود التنسيق، أو في حدود التحالف، أو في حدود إقامة جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية. وهو ما يقتضي من الأحزاب السياسية، والتنظيمات الجماهيرية، إيجاد برنامج حد أدنى، تصادق عليه التنظيمات الحزبية، والجماهيرية، حتى تشتغل عليه الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، التي، في حال تحققها، تحدث تحولا عميقا في المجتمع، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والحقوقية، وحقوق الشغل، وغير ذلك، مما يعتبر جزءا لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية، التي لا تكون إلا من الشعب، وإلى الشعب.

6 ـ التفاعل بين التنظيمات الحزبية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وبين التنظيمات الجماهيرية، حتى يصير ذلك التفاعل، وسيلة لتطوير الأحزاب، وتطورها، ووسيلة لتطوير التنظيمات الجماهيرية، وتطورها، سعيا إلى رفع مستوى الأداء الحزبي، والأداء الجماهيري، مما ينعكس إيجابا على المجتمع ككل، وعلى الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى الشعب المغربي الكادح، وخاصة، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

7 ـ الارتفاع بالعمل الحزبي، إلى أن يصير وسيلة للتحول، الذي لا ينساه الشعب المغربي، ويناضل من أجله، منذ عهد الاستقلال، من أجل تحرر الأرض، والإنسان، والاقتصاد، من العبودية، والاحتلال، والتبعية. وهذا التحرير، يقتضي منا التضحية المادية، والمعنوية، إلى درجة التضحية بالجسد، وبالمال، وبالممتلكات، وغيرها، مما يعبر عن الحرص على تحرير الإنسان، وتحرير الأرض، وتحرير الاقتصاد، من العبودية، ومن الاحتلال، ومن التبعية، خاصة، وأن ذلك الاقتصاد الوطني، صار كله في خدمة الدين الخارجي، دون الحديث عن خدمة الدين الداخلي.

ومعلوم، أن خدمة الدين الخارجي، تستنزف الاقتصاد الوطني، وتمنعه من التحول السليم، الذي يجعل الشعب المغربي الكادح، يلتمس التقدم، والتطور، على جميع الواجهات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهو ما يقتضي أن يعتبر المجتمع المغربي، ناهضا من سباته العميق، والطويل، من أجل أن يعرف:

أين هو؟

وماذا يجب أن يعمل، حتى يلتحق بالركب، الذي قطع أشواطا بعيدة، على مستوى التقدم، والتطور؟

من أجل السير في اتجاه التقدم، والتطور.

وهكذا، نجد أن الندية، التي نرى ضرورة سيادتها، فيما بين التنظيمات الجماهيرية، وفيما بين التنظيمات الحزبية، حتى تبقى التنظيمات الجماهيرية، مبدئية مبادئية، تقطع دابر التبعية، ودابر الحزبية.

ولأجل الوصول إلى بقاء التنظيمات الجماهيرية، المبدية المبادئية، نرى أن نعمل على جعل العلاقات بين التنظيملت الجماهيرية، والتنظيمات الحزبية، ديمقراطية، منبثقة عن واقع ديمقراطي، وأن تعمل التنظيمات الجماهيرية، على استيعاب، وترسيخ الديمقراطية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وفي صفوف الشعب المغربي الكادح، وأن يتم ضبط جوانب الاتفاق، وجوانب الاختلاف، بين برنامج الحزب السياسي، وخاصة، عندما يكون هذا الحزب السياسي: ديمقراطيا، تقدميا، يساريا، عماليا، وبين برنامج التنظيم الجماهيري، والوصول إلى إقامة تحالف جماهيري حزبي، أو إقامة جبهة وطنية، للنضال من أجل الديمقراطية، تنخرط فيها الأحزاب، والتنظيمات الجماهيرية، على أساس برنامج حد أدنى، في أفق تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. والتفاعل بين التنظيمات الحزبية، والتنظيمات الجماهيرية، حتى يصير وسيلة لتطور، وتطوير الأحزاب السياسية، والتنظيمات الجماهيرية، على حد سواء، والاعتراف بالعمل الحزبي، إلى أن يصير وسيلة لتحقق البعد، الذي ينشده الشعب المغربي، ويناضل من أجله، منذ عهد الاستقلال.

وهذه الافتراضات، التي سقناها، كان يمكن أن تجعل الشعب المغربي، يعيش الديمقراطية الحقيقية، والتي تحققت، ويعيش التحرر الكامل، ويعيش الاشتراكية. هذه الأهداف، الثلاثة، التي يتم انتزاعها، بعد القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ويتحقق التحرير، وتتحقق الديمقراطية، وتتحقق الاشتراكية. هذه الأهداف الثلاثة، بمثابة الماء، والكلأ والهواء، بالنسبة للشعب المغربي.