متى تكون البورجوازية الصغرى مؤثرة في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إيجابا، أو سلبا؟


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7896 - 2024 / 2 / 23 - 10:02
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

إن البورجوازية الصغرى، التي لا هوية أيديولوجية لها، هي التي تتأرجح بين السقوط إلى الأعلى، والصعود إلى الأسفل، لتعيش، بسقوطها، تحقيق تطلعاتها الطبقية، حتى تحسب إلى جانب البورجوازية الكبرى، صنيعة الاحتلال الأجنبي، أو صنيعة الحكم المخزني، ومترتبة عن تحول الإقطاع، صنيع الاحتلال الأجنبي، أو صنيع الحكم المخزني، إلى بورجوازية، وكنتيجة لممارسة النهب، والارتشاء، وتلقي الامتيازات الريعية، والاتجار في الممنوعات، والتهريب، وغير ذلك، مما يؤدي إلى الحصول على الأرباح الطائلة، التي تسرع بالسقوط إلى الأعلى، وفي نفس الوقت، نجد أن البورجوازية الصغرى، عندما تمارس الصعود إلى الأسفل، تنتحر طبقيا، وترتبط بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتصير جزءا لا يتجزأ منهم: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ليصير البورجوازي الصغير المنتحر طبقيا، مصطفا إلى جانب طليعة المجتمع، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين لا يتجاوز دخلهم ما يعيشون به، سكنا، ولباسا، وأكلا، وشربا، وعلاجا، الأمر الذي يترتب عنه: أن البورجوازية الصغرى، المنتحرة طبقيا، تقوم بدور كبير، في جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، متسلحين بالفكر، وبالممارسة.

ونظرا للدور الذي تقوم به طليعة المجتمع، فإن امتلاكها للوعي الطبقي، يجعلها تزداد اقتناعا: بأهمية ممارسة حدة الصراع الطبقي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

بينما نجد أن البورجوازية الصغرى، في ممارستها للسقوط إلى الأعلى، تتصنف، بتحقيقها لتطلعاها الطبقية، إلى جانب البورجوازية الكبرى، أو إلى جانب الإقطاع الكبير، أو إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وهو ما يترتب عنه: أن البورجوازية الصغرى، عندما تسقط سياسيا إلى الأعلى، يصير استغلالها أكثر همجية. وهو ما يترتب عنه: أن البورجوازية الصغرى، عندما تسقط إلى الأعلى، تمارس كافة أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، كممارسة النهب، والارتشاء، من خلال ممارسة المهام التي تؤول إليها، بعد إجراء أي انتخابات: غير حرة، وغير نزيهة، في إطار انتخابات جماعية فاسدة، أو في إطار انتخابات برلمانية: غير حرة، وغير نزيهة، تسفر عن وصول العديد من الذين كانوا ينتمون إلى البورجوازية الصغرى، والذين تعودوا على الفساد، بكل تلاوينه، أثناء ممارسة السقوط إلى الأعلى، كما تمارسه البورجوازية الكبرى، حتى يتمتع الساقطون إلى الأعلى، بنفس الامتيازات الريعية، التي تمارسها، وتتمتع بها البورجوازية الكبرى، وخاصة تلك التي تصل إلى البرلمان، لتصبح لها علاقات، لا تختلف، جملة، وتفصيلا عن البورجوازية الكبرى، التي صنعها الاحتلال الأجنبي، أو تمت صناعتها على يد الحكم المخزني، في إطار ما صار يعرف بالاستقلال السياسي للمغرب.

ومعلوم، أن من سمات البورجوازية الصغرى: أن ممارسة الصعود إلى الأسفل، لا يكون إلا في وقت الشدة، وفي شروط انسحاقها، التي تعيشها البورجوازية الصغرى، لتصير جزءا لا يتجزأ من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتقتنع بالاشتراكية العلمية، والمركزية الديمقراطية، وأيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو أيديولوجية الكادحين، أو أيديولوجية الطبقة العاملة، ولكنها في نفس الوقت، عندما يكون هناك رخاء، تمارس السقوط إلى الأعلى، عندما تحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية، وحتى عندما تمارس تطلعاتها الطبقية، فإنها تحرص على قيادتها للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خلال تحزيبها للنقابات، التي تقودها، والتي تعتبر نقابات حزبية، لتصير النقابة مرتبطة بحزب البورجوازية الصغرى، التي تتحول إلى بورجوازية كبرى، بفعل النهب، والارتشاء، وامتيازات الريع المخزني، والاتجار في الممنوعات، والتهريب، وغير ذلك، مما ليس مطروحا، لتحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وهذه السمات، التي تسم البورجوازية الصغرى، تجعلها تعتبر كل الأفعال، التي تقوم بها، مشروعة، ما دامت تؤدي إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية، وما دامت مهووسة بذلك التحقيق، الذي يلحقها، مباشرة، بالبورجوازية الكبرى، أو بالإقطاع الكبير، اللذين يتجددان، بفعل تحقيق البورجوازية الصغرى، لتطلعاتها الطبقية، لتصير بورجوازية كبيرة، أو إقطاعا كبيرا.

ونظرا لالتواءات البورجوازية الصغرى، فإنها تعمل على المبالغة، في استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو استغلال جميع المعاملات، لتعودها على الاستغلال الهمجي، الذي يعاني منه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتعاني منه الجماهير الشعبية الكادحة، ويعاني منه الشعب المغربي الكادح، ما دامت البورجوازية الكبيرة، والإقطاع الكبير، متأصلين من البورجوازية الصغرى، الممارسة لتحقيق تطلعاتها الطبقية، آناء الليل، وأطراف النهار.

وإذا كانت البورجوازية الصغرى، المريضة بتحقيق تطلعاتها الطبقية، مصدرا لتجدد البورجوازية الكبرى، والإقطاع الكبير، فإنها هي أيضا متأصلة من عقلية البورجوازية الصغرى، التي يحملها الرجال، أو تحملها النساء، أو التي تكونت في صفوف المرتشيات، والمرتشين، والناهبات، والناهبين، من العاملات، والعاملين، في إدارات الدولة، أو في الإدارات الجماعية، أو غير دلك: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وفي صفوف الرئيسات الجماعيات الرؤساء الجماعيين، المرتشيات، والمرتشين، والناهبات، والناهبين، وعضوات وأعضاء الجماعات الترابية، وعضوات، وأعضاء المكاتب الجماعية، وفي صفوف الأعضاء، الذين يحرصون على تحقيق تطلعاتهم الطبقية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، بالإضافة إلى البرلمانيات، والبرلمانيين، اللواتي يحصلن، والذين يحصلون، على المزيد من امتيازات الريع المخزني، التي تنقلهن، وتنقلهم، وبالسرعة الفائقة، إلى مستوى البورجوازية الكبرى، والإقطاع الكبير، بالإضافة إلى بيع ضمائرهن، وضمائرهم بالملايين، التي يصعب حسابها، وتلقي عمولات التصويت على الميزانية السنوية، وعمولات التصويت، في إطار اللجن التي يشكلها مجلس النواب، أو مجلس المستشارين، مما يجعل من عضوية مجلس النواب، أو مجلس المستشارين، مناسبة للانتقال من مستوى معين، إلى مستوى أعلى، على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

فما العمل من أجل وضع حد للبورجوازية الصغرى، الممارسة للأعمال غير المشروعة، من أجل تحقيق تطلعاتها الطبقية؟

أليس الواقع المغربي، في حاجة إلى دور البورجوازية الصغرى، في مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؟

إن الدولة المغربية، المشرفة على تطبيق القانون في المغرب، تعلم السر، وأخفى، ولكنها عندما تحضر مصلحتها، المخزنية، تغمض عينيها، وتصبح صماء، عمياء، لا تسمع، ولا ترى، وتقبل بخرق كل القوانين، مقابل إعادة إنتاج نفس الطبقات الاجتماعية القائمة، بطريقة، أو بأخرى، حتى يتم ضمان استمرار المخزن: فكرا، وممارسة: اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، وسعيا إلى إغلاق كل الطرق، المؤدية إلى استفادة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وإلى استفادة الجماهير الشعبية الكادحة، وإلى استفادة الشعب المغربي الكادح، ومن أجل أن لا يتمتع إلا المخزن، وأن لا يعيش إلا المخزن، وأن لا تمرر إلا سياسة المخزن، كما تعودنا ذلك من المخزن، الذي صار يحكم المغرب، منذ الاستقلال السياسي، سنة 1956. وهو ما يعني: أن السياسة التي كانت تحكم المغرب، في عهد الاحتلال الأجنبي للمغرب، هي نفسها، التي لا زالت متبعة في المغرب، بعد استقلال المغرب السياسي؛ لأن المخزن، هو الذي يختار ما يريد، ومن يريد، ليمكنه من الامتيازات الريعية، التي تحوله، وبالسرعة الفائقة، إلى بورجوازي كبير، أو إقطاعي كبير.

وهذا التداخل القائم، بين ما يسعى إليه المخزن، من إعادة إنتاج نفس الهياكل القائمة: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وبين ما تسعى إلى تحقيقه البورجوازية الصغرى، من تطلعات طبقية، هي التي تمكن المخزن، من تحقيق ما يسعى إليه، الأمر الذي يقتضي تحديد الموقف الصحيح، من البورجوازية الصغرى، حتى نعمل على نزع صفة النضال، عن البورجوازية الصغرى، المريضة بتطلعاتها الطبقية، والحريصة على تحقيق تلك التطلعات، من أجل السقوط إلى الأعلى، وتصير من البورجوازية الكبرى، أو الإقطاع الكبير، الأمر الذي يترتب عنه: أن البورجوازية الصغرى، تتجنب، في ممارستها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أن تسعى، باستمرار، إلى ممارسة السقوط إلى الأعلى، وتتجنب الصعود إلى الأسفل، حتى لا تحسب مع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومع الجماهير الشعبية الكادحة، ومع الشعب المغربي الكادح؛ لأن ممارستها للسقوط إلى الأعلى، تجعلها مصنفة إلى جانب البورجوازية الكبرى، أو إلى جانب الإقطاع الكبير، أو إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، مما يجعلها أكثر قربا من البورجوازية الكبرى، أو من الإقطاع الكبير، أو من التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وأكثر بعدا عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومن الجماهير الشعبية الكادحة، ومن الشعب المغربي الكادح.

فهل يمكن أن تصير مصلحة البورجوازية الصغرى، من مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ما لم تنتحر طبقيا؟

فكيف نقبل من البورجوازية الصغرى، أن تكون إلى جانب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وهي لم تنتحر طبقيا؟

وهل يمكن أن تقبل البورجوازية الصغرى، تصنيف نفسها، إلى جانب الجماهير الشعبية الكادحة؟

وهل يمكن أن تقبل البورجوازية الصغرى، أن تصنف نفسها، إلى جانب الشعب المغربي الكادح؟

ألا تدل ممارسة البورجوازية الصغرى: جملة، وتفصيلا، على أنها تحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية؟

ألا يؤدي حرص البورجوازية الصغرى، على تحقيق تطلعاتها الطبقية، إلى ممارسة العمالة الطبقية؟

أليست ممارسة العمالة الطبقية، تقود إلى ممارسة العمالة المخزنية؟

ألا تؤدي ممارسة العمالة المخزنية، إلى التمتع بامتيازات الريع المخزني؟

أليست امتيازات الريع المخزني، وسيلة ناجعة، لتحقيق التطلعات الطبقية؟

أليس كل المدبرين لعملية الانسحاب، من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، من البورجوازية الصغرى، الممارسة للعمالة الطبقية، والعمالة المخزنية؟

إن البورجوازية الصغرى، مهما كانت، وكيفما كانت، لا تتجاوز أن تحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية، وممارسة العمالة الطبقية، وممارسة العمالة المخزنية، إلا إذا انتحرت طبقيا، لتصعد إلى الأسفل، حيث العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وحيث الجماهير الشعبية الكادحة، وحيث الشعب المغربي الكادح.

وعل مستوى التأثير الإيجابي، أو السلبي، في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، نجد أن البورجوازية الصغرى، عندما تمارس السقوط إلى الأعلى، تصير ممارستها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إيجابية، بالنسبة للمخزن، وللبورجوازية الكبرى، وللإقطاع الكبير، وللتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وتصير ممارستها سلبية، بالنسبة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وبالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، وبالنسبة إلى الشعب المغربي الكادح.

وعندما تمارس البورجوازية الصغرى، الصعود إلى الأسفل، تصير ممارستها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إيجابية، بالنسبة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالنسبة إلى الجماهير الشعبية الكادحة، وبالنسبة إلى الشعب المغربي الكادح، وتصير ممارسة البورجوازية الصغرى: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سلبية بالنسبة للمخزن، وبالنسبة للبورجوازية الكبرى، وبالنسبة للإقطاع الكبير، وبالنسبة للتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، خاصة، وأن البورجوازية الصغرى، لا تكون إلا مع مصحتها الطبقية، في حالة سيادة الرخاء، وتتعمد أن تكون مع مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في حالة الشدة. وهي، لذلك، تتأرجح بين العمل على تحقيق تطلعاتها الطبقية، وبين الالتحاق بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين وعلينا أن نحذر من زئبقيتها.