هل تحترم الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية استقلالية التنظيمات الجماهيرية؟.....4


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 7806 - 2023 / 11 / 25 - 19:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

مفهوم التنظيم الحزب التقدمي:

ونحن، عندما نرتبط بالأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، التي لا يمكن أن تكون إلا ديمقراطية، ولا تكون شيئا آخر، واختلافها، يأتي من كونها تقف عند حدود معينة.

فالأحزاب الديمقراطية، لا تتجاوز أن تكون ديمقراطية، ومنها من يضيف إلى الديمقراطية التقدمية، التي لا يتجاوزها إلى ما سواها، ومنها من يتجاوز الديمقراطية، والتقدمية، إلى اليسارية، ولا يتجاوزها إلى ما سواها، ومنها من يتجاوز الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، إلى العمالية، باعتبارها آخر القائمة، دون أن نتطرق إلى التوجهات اليسارية المتطرفة، التي لا علاقة لها بالديمقراطية، خاصة، وأن اليسار المتطرف، يصف كل الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، بالإصلاحية، من أجل تشويهها، واعتبارها منحرفة عن الفكر {الثوري}، وعن الممارسة {الثورية}.

وانطلاقا مما سبق، فإن الحزب العمالي، أو حزب الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، هو حزب ديمقراطي، تقدمي، يساري.

والحزب اليساري، هو حزب ديمقراطي، تقدمي.

والحزب التقدمي، هو حزب ديمقراطي.

والجزب الديمقراطي، لا يتجاوز أن يكون ديمقراطيا.

وهذه الأحزاب المختلفة، تجمعها الديمقراطية، التي نناضل من أجلها جميعا، في إطار جبهة، للنضال من أجل الديمقراطية، التي، بدونها، لا تكون المجتمعات منفتحة على المستقبل: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

والأحزاب التقدمية، هي الأحزاب الديمقراطية، التي تبني الأفكار التقدمية، الساعية إلى جعل التقدم، والتطور المجتمعي، منهاجا للحياة، في المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليصير المجتمع، بذلك، متقدما، ومتطورا، وساعيا، باستمرار، إلى التقدم، والتطور، وإلى المزيد من التقدم، والتطور، في مختلف المجالات، وفي جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي المجالات الأدبية، والمعرفية، والعلمية، والتكنولوجية العامة، والتكنولوجية الدقيقة، خاصة، وأن الإبداعات، هي التي تصير معبرا، إلى المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية، التي تقدر إبداعات الأمم المختلفة، التي تتحول إلى إبداعات إنسانية، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، أو أدبية، أو معرفية، أو فلسفية، أو علمية، أو تكنولوجية، أو تكنولوجية دقيقة، ما دامت لا تعبر إلا عن تقدم الإنسان، وتطوره، بقطع النظر عن كون المجتمع إقطاعيا، أو بورجوازيا، أو بورجوازيا صغيرا، أو عماليا، بقطع النظر عن طبيعة الحكم.

هل هو ملكي؟

هل هو جمهوري؟

هل هو بورجوازي؟

هل هو إقطاعي؟

هل هو تحالف بورجوازي إقطاعي متخلف؟

والأحزاب التقدمية، هي أحزاب تراهن على تحول المجتمع، من مجتمع رجعي متخلف، إلى مجتمع تقدمي، متقدم، ومتطور، على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة. بالإضافة إلى اعتبار الأحزاب التقدمية، أحزابا ديمقراطية، خاصة، وأن أي حزب تقدمي، لا يكتسب تقدميته، إلا بديمقراطيته. فإذا لم يكن تقدميا، لا يمكن أن يعتبر حزبا ديمقراطيا، وإذا لم يكن ديمقراطيا، لا يمكن أن يعتبر تقدميا، لأن التقدمية، والديمقراطية متلازمان، ومتفاعلان، وخاصة في الحزب التقدمي، حيث يصير التفاعل بينهما، مستمرا، إلى مالا نهاية، لضمان التقدم، والتطور، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والأحزاب التقدمية، يمكن أن تكون أحزابا يسارية؛ لأن كل حزب يساري، هو حزب تقدمي، وليس كل حزب تقدمي، حزبا يساريا خاصة، وأن الأحزاب التقدمية، التي صارت يسارية، صارت فيها علاقة التقدمية باليسارية، علاقة جدلية تفاعلية، تقود إلى تطور، وتطوير مفهومي التقدمية، واليسارية، خاصة، وأن الحزب اليساري، حزب تقدمي، بالضرورة، وليس كل حزب تقدمي حزبا يساري، خاصة، وأن مفهوم التقدمية، لا يتفاعل مع مفهوم اليسار، وأن مفهوم اليسار، لا بد أن يتفاعل مع مفهوم التقدمية، لأن كل حزب يساري، هو حزب تقدمي، وليس كل حزب تقدمي، هو حزب يساري. والحزب التقدمي اليساري، هو حزب ديمقراطي، بالضرورة، وليس كل حزب ديمقراطي، هو حزب تقدمي، أو تقدمي يساري، نظرا للتصنيف الذي وضعناه للأحزاب الديمقراطية. والتقدمية، واليسارية، والعمالية، وكل صنف من الأحزاب، يحتوي ما قبله، ولا يحتوي ما بعده، وهو ما يجعلنا نقول: إن الأحزاب العمالية، هي أحزاب ديمقراطية تقدمية يسارية، وإن الأحزاب اليسارية، هي أحزاب ديمقراطية تقدمية، وليس من الضروري أن تكون عمالية، وإن الأحزاب التقدمية، هي أحزاب ديمقراطية، وليس من الضروري، أن تكون يسارية، أو عمالية، وإن الأحزاب الديمقراطية، هي أحزاب ديمقراطية، فقط، وليس من الضروري أن تكون أحزابا تقدمية، أو يسارية، أو عمالية.

وبالنسبة للأحزاب اليسارية، نجد أنها أحزاب ديمقراطية تقدمية، وليس من الضروري أن تكون أحزابا عمالية.

فماذا نعني بالأحزاب اليسارية؟

وما هو مفهوم اليسار؟

وهل يمكن أن نسحب مفهوم اليسار، على كل من يعارض الحكم القائم؟

أم أن المعارضة، قد تكون يمينية، وقد تكون يمينية متطرفة، وقد تكون يسارية، وقد تكون يسارية متطرفة؟

ولماذا المعارضة؟

هل هي من أجل الضغط على الحكم، لانتزاع مكاسب معينة، لصالح اليمين، أو لصالح اليمين المتطرف، أو لصالح اليسار، أو لصالح اليسار المتطرف؟

ألا نعتبر أن أهداف معارضة اليمين، ليست هي أهداف معارضة اليمين المتطرف، وأن أهداف معارضة اليسار، ليست هي أهداف معارضة اليسار المتطرف؟

إننا، ونحن نناقش الأحزاب اليسارية، نجد أنفسنا مضطرين إلى مناقشة الأحزاب اليمينية، باعتبارها معارضة يمينية، ومناقشة الأحزاب اليمينية المتطرفة، باعتبارها معارضة يمينية متطرفة، كما نناقش الأحزاب اليسارية المتطرفة، باعتبارها معارضة يسارية متطرفة.

ولذلك، نجد أن الأحزاب اليسارية، المعتبرة على يسار الحكم، وغالبا ما تكون معارضة لأسلوب الحكم، باعتباره حكما غير ديمقراطي. وهذه الأحزاب اليسارية، قد تكون إصلاحية، وقد تسعى إلى التغيير الجاري. فالأحزاب اليسارية الإصلاحية المعارضة، هي أحزاب، تطلب، فقط، من الحكم أن يقوم بإصلاح ما اختل في برنامجه، حتى يقبل بأجرأة ذلك البرنامج: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. أما الأحزاب اليسارية، التي تعارض برنامج الحكم، ككل، وتطالب بتغيير البرنامج، ككل، وهذا التغيير، لا يعبر إلا عن طبيعة اليسار، الذي يسعى إلى التغيير، لا إلى الإصلاح، الذي لا يستفيد منه الشعب المغربي، أي شيء: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. وقد أصبح، هناك، تقارب ملموس، بين المعارضة اليسارية الإصلاحية، والمعارضة اليمينية. أما المعارضة اليسارية المتطرفة، والمعارضة اليمينية المتطرفة، فهي معارضة، من أجل المعارضة؛ لأنها لا تطرح البديل، فهي ترفض من أجل الرفض.

والمعارضة اليسارية، التي تعارض مجمل برنامج الحكومة، سواء شاركت في الانتخابات، أو لم تشارك فيها. فهي تطرح البديل، وغالبا ما يكون هذا النوع من اليسار، مقتنعا بالاشتراكية العلمية، التي يستعين بقوانينها: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، على التحليل الملموس، للواقع الملموس. إلا أن هذا الاقتناع، قد يكون مباشرا، وقد يكون منسوبا إلى تجربة خارجية معينة، كما هو الشأن بالنسبة إلى التجربة اللينينية، والتجربة الماوية، وغيرهما. وبالنسبة للاقتناع المباشر، فإنه يستفيد من جميع التجارب، ولكنه يحرص على أن تكون تجربته متميزة، باستمرار.

ونحن عندما نطرح اليسار المعارض في المغرب، باعتباره يسارا ديمقراطيا، تقدميا، فإننا نطرحه كما يسمي نفسه في الميدان، لا كما نراه، نحن، وبدون أي شروط. مع أن اليسار، كما نراه، لا بد أن يكون اشتراكيا علميا، يقتنع بالمركزية الديمقراطية، كما يقتنع بأيديولوجية الكادحين، حتى يتحد مفهوم اليسار الحقيقي، مع هويته الاشتراكية العلمية، ومع المركزية الديمقراطية، ومع أيديولوجية الكادحين، ما دامت أحزاب اليسار، تسعى إلى التغيير، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مادامت أحزاب اليسار، تسعى إلى التغيير، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولصالح الجماهير الشعبية الكادحة، ولصالح الشعب المغربي الكادح؛ لأن هوية اليسار، تكسبه قوة فاعلة، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وفاعلة في الأحزاب الديمقراطية، والثقافية، واليسارية، والعمالية، وفاعلة، كذلك، في المنظمات الجماهيرية، وفي الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وفاعلة في المجتمع ككل، وفي الشعب المغربي، وفاعليتها، لا بد أن تؤتي أكلها، على المدى القريب، أو المتوسط، أو البعيد، ما دام اليسار، بهويته، فاعلا، متفاعلا، في نفس الوقت، مع محيطه، في توجهاته المختلفة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وإلى جانب الأحزاب الديمقراطية، التقدمية، اليسارية، هناك الأحزاب الديمقراطية، التقدمية، اليسارية، العمالية، التي لا تكون إلا صريحة، في الاقتناع بالاشتراكية العلمية، وبالمركزية الديمقراطية، وبأيديولوجية الكادحين، ولا تأخذها في ذلك لومة لائم. فهي، باقتناعها بالهوية الحقيقية لليسار، تستطيع أن تفعل الواقع، أكثر من الأحزاب الديمقراطية، وأكثر من الأحزاب التقدمية، وأكثر من الأحزاب اليسارية، وأكثر من الأحزاب بصفة عامة؛ لأنها لا تعرف التضليل، أبدا، وليس من سماتها أن تمارس الكذب على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وعلى الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى الشعب الكادح، خاصة، وأن هويتها، تمنعها من ذلك، وتحصنها، ضد كل ما يلحق الضرر بالكادحين. والشعب المغربي، حاضنة كبرى للكادحين.

والأحزاب العمالية، التي لا تفرط في هويتها اليسارية، يفترض فيها، أن تناضل من أجل التحرير، ومن أجل الديمقراطية، ومن أجل الاشتراكية، التي، لا بد أن تتحقق، سواء كان ذلك التحقيق على المدى القريب، أو على المدى المتوسط، أو على المدى البعيد، خاصة، وأن الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، تراهن على الأحزاب العمالية، في النضال من أجل التحرير، ومن أجل الديمقراطية، ومن أجل الاشتراكية، باعتبارها ضرورة تاريخية، ومرحلية، واستراتيجية، والتي تبقى مطلوبة التحقيق، إن عاجلا، أو آجلا، لتحرير الإنسان، والأرض، ولتحقيق الديمقراطية، ولتحقيق الاشتراكية.

وبذلك، نكون قد تناولنا الأحزاب التقدمية، في شموليتها، باعتبارها أحزابا، تسعى إلى رفع الغشاوة، عن الأعين، من أجل امتلاك الرؤيا الواضحة للواقع، في أبعاده التاريخية، والواقعية، والمستقبلية، أملا في أن تصير التقدمية، هي المفتاح، الذي ينير لنا طريق النضال، الذي لا يعرف التوقف، في أفق تحقيق الأهداف المسطرة، التي تختلف من حزب تقدمي، إلى حزب تقدمي آخر.