إيران ليست مع التقسيم


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5934 - 2018 / 7 / 15 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً

لأن تقسيم دول العالم العربي لو وقع، على عكس ما يقوله المحللون السياسيون، لكان فيه إضعاف لإيران ذات البنية العرقية التي من السهل تشظيها، والتي يتوزع سكانها في بنية جغرافية جاهزة للتقسيم بأقل التكاليف، وبأول إشارة عند التفرغ لها، فلا تخدع إيران نفسها، ولا تنخدع بما يقال لها، لأن إيران هي كذلك النفط والغاز والاستراتيجيا، نظرة صغيرة إلى التوزيع الجغرافي للعرقيات –حسب ويكيبيديا- يجعل من إيران لقمة سائغة، فكل شيء معد لالتهامها حسب محافظاتها العرقية، والتي تشكل ضمنًا الدول الإيرانية القادمة في المخطط الأمريكي المشئوم: التوزيع الجغرافي للعرقيات في إيران: 1 - الفرس يشكلون الأغلبية السكانية في 11 محافظة من أصل 31 محافظة إيرانية وهي كالتالي: محافظات (خراسان الرضوية - خراسان الجنوبية - سمنان - مركزي - قم - البرز - أصفهان - فارس - يزد - كرمان - بوشهر) كما ويشكلون قرابة نصف سكان في محافظات (طهران - هرمزكان - همدان - قزوين - كلستان). 2 - الأتراك وهم من (الأذريين + التركمان) ويشكلون الأغلبية السكانية في 3 محافظات وهي محافظات (أذربيجان الشرقية - أردبيل - زنجان) كما ويشكلون نصف سكان محافظة قزوين و 40% من سكان محافظة كلستان وربع السكان من محافظة طهران وخمس سكان محافظة أذربيجان الغربية. 3- الأكراد وهم من (الأكراد السنة + اللر + البختياريين + الكلهر + اللك) ويشكلون الأغلبية السكانية في 7 محافظات وهي (أذربيجان الغربية - كردستان - كرمنشاه - إيلام - لرستان - جهارمحال وبختياري - كهكيلويه وبوير أحمد). كما ويشكل الأكراد تقريبًا نصف سكان محافظة همدان وثلثي السكان في محافظة خراسان الشمالية. 4 - العرب ويشكلون أكثرية سكان محافظة خوزستان ونصف سكان محافظة هرمزكان. 5 - البلوج ويشكلون الأكثرية السكانية في محافظة سيستان وبلوجستان وربع السكان في محافظة كرمان. 6 - الديلم وهم بالأصل من الفرس يشكلون الأكثرية السكانية في محافظة غيلان. 7 - المازندرانيون وهم بالأصل من الفرس يشكلون الأغلبية السكانية في محافظة مازندران.

ثانيًا

لأن إيران لو كانت مع تقسيم العالم العربي لقسمت لبنان منذ زمن طويل، لقسمت العراق ولما كانت في كركوك عندما حاولت إسرائيل مع البرزاني تحقيق هوسها، لقبلت بتقسيم سوريا بغض النظر –مؤقتًا- عن طابع النظام الديكتاتوري فيها، لما قاتلت إلى جانب الحوثيين لإبعاد شبح تقسيم اليمن الذي يريده السعوديون وحلفاؤهم بإرادة القوتين الأمريكيتين العسكرية والسياسية ومن يقل إرادة قوتين عسكرية وسياسية يعن إرادة قوة مالية، لما عرقلت جهود إسرائيل في قطاع غزة لخنق الغزيين وبالتالي لخنق كل أمل بمستقبل فلسطين كدولة مع الضفة، لما ضغطت على الإمارات بأساطيلها كيلا تتفتت متحولة من دول إلى شركات يا ليتها دول بل شركات خاصة... إلى آخره.

ثالثًا

لأن إيران العاقلة والشعوب العربية العازمة وأمريكا الأخرى أمريكا الأريبة لا المهسترة وإسرائيل الأخرى إسرائيل البصيرة لا المهووسة ولا المهلوسة كل هذه البلدان وكل هذه القوى كبلدان وكقوى جيوسياسية لو توحدت في مشاريع البناء والتعمير والتغيير لكانت أقوى بإنسانها، أقوى بنظامها، أقوى بكيانها، ولما كان الواحد والثاني يشكل خطرًا على الآخر، فالخطر كل الخطر على الجميع هو التقسيم، على عكس تقارير مراكز الاستخبارات الأربعة التي تحكم العالم، والتي لا تفهم سوى منطق القوة والتفريق، بينما هذا المنطق في هذه اللحظة المتطورة جدًا من الحضارة لم يعد منطقًا للعصر، إنه منطق الجبناء في مواخيرِ سياسةٍ شَرِبَ العالمُ من مَنْيِهَا حتى ارتوى، إنه منطق الأغبياء في دهاليزِ اقتصادٍ أَكَلَ العالمُ من برازه حتى شبع، إنه منطق من لم يتعظ بالتقسيم النازي، منطق من ينسى أفران الغاز، منطق من يخدع، منطق من ينخدع، منطق من يوهم، منطق من يتوهم، منطق من ينفذ برامج المهسترين والمهووسين المهلوسين الذين فقدوا بوصلتهم، منطق من يظنون أنفسهم قادرين على كل شيء وكل شيء ممكن لهم وهو في الواقع منطق السفلة! ويقولون عن هذا "مصالح"، ويقولون عن هذا "تبادل حر"، ويقولون عن هذا "علاقات دبلوماسية"، ولا يقولون عن هذا "شرمطة دبلوماسية"! منطق من يعمل على عمل الكوارث القائمة في غيره ولا يكترث بالكوارث القادمة فيه، بينما منطقي هو منطق المنطق الذي يجب عليكم فهمه والعمل به، وإلا أذهبتم أنفسكم بشربة ماء، وذهبتم هباءً منثورًا.