القضية الفلسطينية والتحرر الوطني


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 5746 - 2018 / 1 / 3 - 10:15
المحور: القضية الفلسطينية     


اعلن الرئيس الامريكي تطبيق قرار الكونغرس المتخذ منذ 1995 والقاضي باعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.وهو الاعلان الذي يعتبر شن حرب عدوانية جديدة على حق الشعب الفلسطيني في التحرر من الصهيونية والاستقلال.ونحن على مشارف انتفاضة ثالثة لابد من خوض نقاش عميق حول طبيعة الصراع في فلسطين وإزالة هذا الكم الهائل من الضباب الذي تنشره المقاربات اللاهوتية او القومية وحتى الفوضوية.
ومن جملة ذلك ما يطرحه بعض الفوضويين الذين ينزعون عن القضية الفلسطينية طابعها الوطني ويعتبرونها قضية بروليتاريا فلسطينية وإسرائيلية ضد برجوازيتيهما.يعتبرون ان اسرائيل اصبحت واقعا وقد تشكلت بنية اجتماعية قائمة الذات وهو ما يستوجب التعامل مع القضية الفلسطينية التي لم تعد كما كانت عليه قبل 1948.
ينسى دعاة الثورة البروليتارية المشتركة بين العمال الفلسطينيين و”الاسرائليين” ان ما حصل في فلسطين هو استعمار استيطاني من نوع لم يشهد التاريخ مثيلا له.لقد استعمرت فلسطين من طرف الحركة الصهيونية كحركة سياسية تستغل الغطاء الديني لكنها هي في الحقيقة ليست إلا الكتيبة المسلحة للامبريالية العالمية،كانت تبحث لها على موطأ قدم من بين مواقع مختلفة في العالم، فانتهى بها الامر الى الاختيار لأرض فلسطين لما تمثله من اهمية جيو-استراتيجية في العالم الجديد. ان التواجد في فلسطين لهذه القوة، هو تواجد استعماري مسنود بميزان قوة دولي لصالحه.لكن هذا الامر لن يكون امرا منتهيا منه، او هو قدر لا راد له.انها فقط مرحلة تحكمها تناقضاتها الموضوعية والذاتية، ودينامية هذه التناقضات ستسير حتما الى تغيير موازين القوة لصالح شعب فلسطين والقضاء على الاستيطان.لذلك فهي قضية تحرر وطني من نوع جديد تتفاعل فيها القضايا الخاصة بشعب فلسطين مع القضايا المتعلقة بالمحيط الدولي والجهوي وتناقضاته.اما الكلام عن “شعب اسرائيلي” فهو كلام يجانب الواقع بل هو صب الماء في طاحونة الاستعمار الاستيطاني، وهي اكبر اكذوبة عبر التاريخ.لنا في تجارب الاستيطان دروسا تبين ان الشعوب قادرة على دحر الاستعمار مهما طال امده مثل ما حصل في الجزائر وفي افريقيا الجنوبية.الحل التاريخي لقضية فلسطين هو القضاء على الحركة الصهيونية من فوق تراب فلسطين، واجبارها على الرحيل نهائيا. ان الحل الديمقراطي والاسلم والقابل للحياة للقضية الفلسطينية هو قيام الدولة الديمقراطية العلمانية الخالية من الحركة الصهيونية حيث تتوحد كل مكونات الشعب الفلسطيني بغض النظر عن معتقداتها.
طبعا نجاح الثورة الفلسطينية في اقامة مثل هذه الدولة هو مشروط ايضا بمهمة استكمال باقي شعوب المنطقة لمهام التحرر الوطني، والقضاء على الهيمنة الامبريالية بالمنطقة.وكلما تقدمت شعوب هذه المنطقة في انجاز هذه المهام كلما وفرت الشروط الموضوعية والتاريخية لبناء المجتمع الاشتراكي المتحرر من الامبريالية.