عن الدين


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5705 - 2017 / 11 / 21 - 14:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

"الدين أفيون الشعب"

قالها ماركس في الدين من الناحية الاجتماعية وماذا عن النواحي الأخرى؟ السؤال الأول. هل يغفو وعي المخدر بالدين خدر شارب الأفيون بشكل دائم أم بشكل وقتي يدوم دوام تأثير الجرعة عليه؟ السؤال الثاني. هل تنعدم في الدين كل الخواص الإيجابية كيلا تبقى فيه إلا الخواص السلبية؟ السؤال الثالث.

طرحي للأسئلة الثلاثة السابقة

يزعزع القطع في الحكم على الدين كأفيون، ويدفع إلى تقرير، على شاكلة مذهب النسبوية الذي يقرر أن المعرفة نسبة بين العارف والمعروف، أن العبادة نسبة بين العابد والمعبود. حسب هذه النظرة، نعطي للدين فحوى أكثر ايجابيًا.

فورباخ من جهته

يقدم نقدًا ماديًا للدين عندما يرى ألا وجود للإلهي خارج الإنساني، وما الإلهي سوى إسقاط خيالي للإنسان على صورته. في الله يعيد الإنسان إنتاج نفسه، ويثري خصائص الكمال، لكنه لا يعي أن وعي الله هو وعي الإنسان.

حسبما أرى

فورباخ بموقفه هذا يفسر موقف ماركس بموقفه ذاك. ما يدعوه ماركس بأفيون، عند حديثه عن الدين، يدعوه فورباخ بعدم وعي الله، الذي هو في أساسه وعي للإنسان، فيغدو الله للإنسان وهمًا يؤمن به، وبالتالي يصبح وعيه مستلبًا.

ما معنى ذلك؟

معنى ذلك أن الإنسان يُسلب ككائن لصالح كائن آخر، كائن خيالي. بكلام آخر، يفكر الإنسان أنه هو نفسه، لكنه يفكر ككائن آخر غير نفسه.

المسيحية لفورباخ

أكثر الأديان استلابًا للإنسان وآخر الأديان، حتى ولو جاء الإسلام بعدها، لأن مفهوم الإنسان-الإله يسلب الإنسان تمامًا من وعيه بوضعه الحقيقي كإنسان لصالح تمثيل خيالي عن نفسه.

لماذا المسيحية آخر الأديان

لأنها تعلن عن الطبيعة الحقيقية للدين، باسم الأب والابن والروح القدس، طبيعة إنسانية بحتة، أب، ابن، روح. في سياقنا، هذه الطبيعة الإنسانية لا علاقة لها البتة بالمثل الإنسانية التي تغالي التبشيرية ومن لف لفها في استعمالها محملة على كاهل المسيح ما لا طاقة على حمله، وإنما بالإنسان خالق الإنسان-الإله.

أخيرًا وليس آخرًا

للرد على قول ماركس "الدين أفيون الشعب" أقول كما قال غيري من الذين يحترمون الأديان: إن طبيعة الإنسان ليست سيئة! وبشكل متعارض، لكي يتجسد الله بأسمائه الحسنى تجسيدًا نحن في أشد حاجة إليه، يجب على الإنسان أن يكون سيئًا، سيئًا جدًا، أكثر ما يكون عليه السوء، كما هو عليه اليوم.