كلمات صادقة إلى صديق قطري


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5631 - 2017 / 9 / 5 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

التطورات في المنطقة سريعة وخطيرة، وأنا لهذا أكتب لكم غائبًا، وأترك لأقلامكم حرية التعليق... البيت بيتكم!


حمد الكواري

كنت سفيرًا لقطر في فرنسا في الثمانينات، وكنت صديقًا. لم أعرف قطريين غيرك، ولم أعرف غيرك من أهل الدبلوماسية باسمًا. كانت زوجتك لي أختًا من مصر، جمالها كان ذكيًا، وذكاؤها كان جميلاً، فهل كل بنات النيل أمهن كليوباترا؟ أحببتَ كتبي، وكأنك كاتبها. هكذا كنتُ أنا وغريب كامو، وهكذا كنتَ أنت ومسار أفنان. ثم فرقتنا الأيام، ذهبتَ أنت إلى واشنطن سفيرًا، وذهبتُ أنا إلى مراكش أستاذًا. كانت ألف ليلة وليلة قدري، وكان الهمبرجر قدرك. وها نحن، منذ عشرات السنين، لم يصعد القمر في سمائنا.

نحن اليوم في شمس قطر الحارقة نسعى

لسنا معًا، ولكننا في قلب الأحداث قلبٌ، وللأحداث سيناريو أول وسيناريو ثان. السيناريو الأول: ضرب قطر تحت حجج وذرائع متعارضة، ترمي كلها إلى التقطيع والتقتيل والتدمير، وهذه هي استراتيجية الصقور في الكونجرس وفي المخابرات وفي البيت الأبيض. استراتيجية ستجني مصانع الموت منها الأرباح الطائلة، لكنها لن تحول دون إنقاذ الاقتصاد الأمريكي. السيناريو الثاني: إنقاذ قطر وباقي دول المنطقة حسب تصورنا العلماني الديمقراطي الإنساني، وبالسلم كأعظم قوة، نحقق لنا ولأمريكا ما تعجز عنه كل الحروب، عندما نقتسم بيننا وبينها الحضارة والثروة، فيقوى الاقتصاد الأمريكي بنا، كقوة منتجة لا كقوة مستهلكة، قوة ليس الباطون ديناميتها، ليست "الجزيرة" مستقبلها، التكنولوجيا مستقبلها وديناميتها، والتكنولوجيا توجب نظامًا يكون لتكون، النظام العلماني كما نرتأي لا النظام العائلي، وهذه هي استراتيجية الحمائم في الكونجرس وفي المخابرات وفي البيت الأبيض، استراتيجية ستجني مصانع الحياة منها الأرباح الطائلة، وتحول دون انهيار الاقتصاد الأمريكي.

السيناريو الثاني الناهل من رؤيتنا

هو الذي سيمشي، فنحن بقوتنا الإعلامية وقوتنا التنويرية وقوتنا الشعبية -هذه القوى الثلاث التي هي تتويج لكفاح طويل النفس خضناه، والتي هي وليد لظروف المنطقة الجديدة وشروطها- استطعنا أن نفرض وجهة نظرنا على الحمائم، واستراتيجية الحمائم على الصقور. أقول الحمائم والصقور مجازًا، لأن النظام الأمريكي نظام لوبيات لا نظام مؤسسات أو أحزاب، يصطف الديمقراطي إلى جانب الجمهوري في هذه القضية، أو يدير الواحد للآخر ظهره في تلك، أنت أخي حمد أدرى الناس بذلك. وبناء على ذلك، قمنا بدورنا السلمي على أكمل وجه، عندما أصبنا هدفين عظيمين جوهريين هائلين بحجر واحد، الأول: تمكنا من فرض حل سلمي لأزمة الخليج، وإنقاذ قطر من الحريق، عندما دفعنا الرئيس الأمريكي إلى تبني الحل السياسي. الثاني: حلنا دون ارتكاب كارثة سياسية موضوعها الأمير محمد بن نايف والضباط والسياسيين المعتقلين معه، فلم يتم اغتيالهم.

حمد بن عبد العزيز الكواري

ما أطلبه منك كوزير ثقافة كرائد إعلامي كدبلوماسي عالمي هو التالي: الاتصال بالأخ تميم، وإفهامه أن دوره كدور سلمان ودور باقي حكام الخليج انتهى، فالسيناريو الثاني هو الذي سيمشي –أكرر- وكما اقترحت أن يكون محمد بن نايف ملكًا للسعودية في دولة حق وقانون يتم فيها فصل الدين عن الدولة والأمير عن المواطن، أقترح أن يكون تميم آل ثانٍ أميرًا لقطر –هو اليوم أمير في خبر كان- فيكون الضامن للحريات والدستور. سنصل نحن الثلاثة، تميم وأنت وأنا، إلى اتفاق في جلسة عمل واحدة، ونضع قطر في صميم الزمن الجديد. أنا أنقذت قطر، فلا ينس أميرها ذلك، هذا هو دَيْنُهُ لي، وهو سينقذ نفسه، هذا هو طريقه إلى دحض كل التهم. والأهم من هذا وذاك، هذه هي وسيلته للبقاء أميرًا، وإن شاء ملكًا، على الطريقة الإنجليزية. قل له المدحلة ماشية!