سلطة الإعلام


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 5595 - 2017 / 7 / 29 - 20:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً

مجتمع اليوم اسمه مجتمع الإعلام، لهذا كانت للإعلام سلطة، ومن يملك الإعلام يملك سلطة الإعلام، يملك السلطة، فهل تنشر أخبارك ليشاركك الناس هذه السلطة أم تكتفي بحل مشاكلك ومشاكل العالم دون توضيح الأسباب ودون تعليم الناس وحدهم على حل هذه المشاكل، فلا يشاركك الناس سلطة الإعلام ولا أية سلطة؟

نحن ننشر الأخبار ليشاركنا الناس سلطة الإعلام وكل سلطة، ونحل مشاكلنا كجزء من مشاكل العالم بتوضيح أسبابها، ونعلم الناس وحدهم على حلها.

ثانيًا

يقوم أصحاب سلطة الإعلام باحتكار الأخبار ليفرضوا أنفسهم علينا، وبالسيطرة عليها ليسيطروا علينا، ليس بشكل مباشر، وإنما بشكل غير مباشر، عندما نجدنا في موقف من هو في حاجة إليهم، فبدونهم لا أخبار هناك، وعندما يجعلوننا نقف حائرين أمام مشاكل الحياة، فبدونهم لا حلول هناك.

نحن لا نحتكر الأخبار فلا نفرض أنفسنا على أحد، الحرية مطلقة لدينا، وإن كانت سيطرة هناك، فسيطرة القارئ على الخبر، ونجدنا في موقف من هو في حاجة إليه، ليجد معنا الحلول لمشاكل الحياة، وأمام عجز القارئ وهو بين يدي أصحاب سلطة الإعلام، تكون قدرته وهو بين يدينا (نحن بين يديه)، معنا لا تتحول مشاكل الحياة إلى مشاكل لغة، غامضة وعويصة، ولهذا يصعب حلها، معنا هناك حلول لكل المشاكل، وما اللغة سوى وسيلة للتعبير عنها.

ثالثًا

من يمتلك الإعلام يمتلك السلطة تحت شرط عدم تعميمه للتفرد به والتفرد بالسلطة، وهذا حال الإعلام الصادق، بكلام آخر، الحقائق التي لا يريد إعلام السلطة كشفها، وعلى العكس يتم تعميم الإعلام الكاذب على أساس أنه الصدق بعينه، فيعجز القارئ عن تقدير قيمة هذا الإعلام، وتضاف المبتكرات العلمية والتكنولوجية لتأكيد الكذب وبالتالي العجز، فهي مبتكرات بيد السلطة، التلفون النقال مراقب، والتلفزيون مسيَّر، وإنترنت في أدغالها القارئ لا يعرف طريقه.

نحن نمتلك الإعلام الصادق إعلام الحقائق لهذا لا سلطة حقيقية لنا، السلطة الحقيقية للإعلام الكاذب، فتنقلب الأمور، إعلامنا الصادق كاذب، حالم، واهم، بعيد عن الواقع، بعيد أبعد ما يكون عن الواقع، وإعلامهم الكاذب صادق، فاتح عينيه، واعٍ، قريب من الواقع، قريب أقرب ما يكون من الواقع، بكلام آخر، هناك توجهات سياسية يكون العمل بموجبها، وحسبها يكون إعلامك صادقًا أو كاذبًا.

رابعًا

علاقتنا بالإعلام تبدلت تبدل تكنولوجيا الإعلام، فالإعلام اليوم ينتشر بسرعة أكثر، وتحت أشكاله المتعددة، وخاصة الأشكال المتعددة للخبر، يثير الإعلام الحيرة والارتباك في نفس الإنسان، مما يدفع إلى "الكفر" به، والهرب منه إلى زمن ما قبل مجتمع الإعلام، زمن الخمول والكسل، حيث لا يفكر المرء بدماغه كما كان أمس، واليوم يترك التفكير لغيره، فيفقد الإعلام قيمته –هو فاقد قيمته منذ البدء- لصالح أولي الأمر.

نحن نقوم بتقويم خط سلوكنا إعلاميًا من خلال العلاقة بين الإعلام والسلطة بينما يغدو كل الكتاب المع والضد كتابًا للسلطة إذ هم يظلون دائرين في فلك إعلامها.

خامسًا

انتشار الإعلام والإعلام المضاد بفضل إنترنت يعطينا سلطة من ينشره مقابل سلطة من يملكه، فالسلطة اليوم ليست بيد الحكام، السلطة اليوم بيد من يستغلها إعلاميًا، لهذا نجدنا عازمين على مواصلة ممارستنا لهذه السلطة، أيةً كانت التهم الموجهة إلينا، فإعلامنا حقيقي، صادق، إعلام الحقيقة، الحقائق، الابتكار، الاختلاف، إعلام الخلاف، إعلام البدائل، ليس إعلامًا يدوم دوام الخبر، إعلام دائم، الديمومة صفة سياسية من صفاته.