الاتحاد السوفياتي و القضيه الفلسطينيه 2


عبد المطلب العلمي
الحوار المتمدن - العدد: 5358 - 2016 / 12 / 1 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الاتحاد السوفياتي و القضيه الفلسطينيه 2

عبد المطلب العلمي

ملخص اعده قسم الشرق الأوسط لوزارة الشؤون الخارجية السوفياتية تحت عنوان "المشكلة الفلسطينية"
5 اذار 1947
سري

انتهى مؤتمر لندن حول فلسطين، الذي افتتح يوم 10 ايلول 1946، بالفشل.الحكومة البريطانية تحت ذريعة الحاجة إلى دراسة الخطة العربيه حول فلسطين اجلت المؤتمر، لأول مرة إلى 16 كانون الاول 1946، ثم الى 27 كانون الثاني 1947 .
رفض العبريين، الذين لم يكونوا حاضرين في مؤتمر لندن، على حد سواء المقترحات الإنجليزية والعربية. وطالبوا بحريه الهجرة إلى فلسطين، ونقل السيطرة على الهجرة الى أيدي الوكالة العبريه ، وإقامة دولة عبريه مستقلة في فلسطين.
في 9كانون الاول 1946 في بازل افتتح المؤتمر الصهيوني العالمي ال27، الذي اتخذ قرارا أعرب فيه عن غضبه من أن الحكومة البريطانية ماضية في تنفيذ السياسات الواردة في الكتاب الأبيض في عام 1939.
وجاء في القرار:
1.ينبغي أن تصبح فلسطين دولة عبريه.
2. يجب أن تكون فلسطين مفتوحة أمام الهجرة اليهودية.
3.ينبغي نقل مهمات الاشراف على الهجرة الى الوكالة العبريه.
4. تخويل الوكالة العبريه السلطة اللازمة لإنشاء دولة عبريه في فلسطين.
أصدر المؤتمر قرارا يلزم العبريين بعدم المشاركة في أعمال مؤتمر لندن الجديد ،بشان القضية الفلسطينية.
ممثلو الدول العربيه و عرب فلسطينيين، على الرغم من أنهم وافقوا على المشاركة في مؤتمر لندن الجديد ، ولكن أكدوا عزمهم على الدفاع عن فكرة إنشاء دولة عربية مستقلة في فلسطين، ورفض أي خطة لتقسيم البلاد.
صرح وزير الخارجية الامريكية بيرنز في 6 كانون الاول 1946 أن الولايات المتحدة ستقبل دعوه انكلترا إلى إيفاد مراقب الى المؤتمر القادم في لندن، إذا كان سيحضره الزعماء العبريين.
هكذا كان هو الوضع قبل المؤتمر الجديد في لندن، الذي افتتح في 27 كانون الثاني 1947
حضر المؤتمر وفود من البلدان العربية التالية: العراق، مصر، سوريا، لبنان ،شرق الاردن و العربية السعودية، وكذلك مندوبين عن العرب الفلسطينيين. وترأس الوفد البريطاني وزير الخارجية بيفن وزير المستعمرات آرثر كريتش جونز.
لم يشارك ممثلي العبريين في أعمال المؤتمر ، لكنهم كانوا في لندن وإجروا محادثات فردية مع بيفن و كريتش.
في بداية المؤتمر، صرح رئيس الوفد السوري فارس الخوري أن الخطه المقترحه من قبل العرب للنظام السياسي في فلسطين،هي الأكثر عدالة و تضمن الحقوق المدنية والسياسية لجميع المواطنين في فلسطين. لذلك، لا يمكن للعرب، المشاركة في مناقشة خطة لتقسيم فلسطين وإقامة دولة عبريه. وبنفس الروح صرح زعيم العرب الفلسطينيين، جمال الحسيني.
قدمت الحكومة البريطانية للمندوبين السوريين و للوكالة اليهودية خطة جديدة للنظام السياسي في فلسطين. تهدف لإنشاء كانتونان يتمتعان بالحكم الذاتي: عبري وعربي في فلسطين ، اللذان يجب أن يخضعا للحكومة المركزية الثلاثيه (عربيه-عبريه-انجليزيه)، مركزها في القدس. وسيتم تقسيم القدس إلى ثلاث مناطق: يهوديه ومسيحية ومسلمه.
يجب على العرب في كانتونهم ضمان حقوق الأقلية العبريه التي تعيش على أراضيهم. الالتزامات نفسها يجب أن يأخذها على نفسه الكانتون العبري فيما يتعلق بالأقلية العربية. وينبغي أن يسمح للكانتون العبري بادخال 100 ألف من المهاجرين العبريين الجدد.
الحكومة الثلاثيه سوف تكون مؤقته ، فقط لمده أربع سنوات، وبعد ذلك سيتم في فلسطين تشكيل جمعية تأسيسية ثنائية القومية التي ستضع دستورا للدولة الفلسطينية .و سوف تخضع العلاقات المستقبلية بين المملكة المتحدة والدولة فلسطينية لمعاهده. وسيتم إنشاء وصايه لمدة خمس سنوات على الدولة الفلسطينية المستقبلية.
تم رفض المشروع من قبل العرب والعبريين. ومع ذلك، قال العبريون أنهم مستعدون للتباحث مع الحكومة البريطانية حول" أي اقتراح لحل وسط بشأن إقامة دولة عبريه قابلة للحياة في فلسطين".
اذا حكمنا من خلال كلام بيفن (خطابه في مجلس العموم، 19 شباط 1947)، فان الوكالة العبريه اقترحت في بداية المؤتمر أن تواصل الحكومة البريطانية تنفيذ الإدارة وفقا لقانون الانتداب، مع اعطاء العبريين الفرصة لمواصلة التوسع في الوطن القومي العبري الى ان يكتسبوا نتيجة للهجرة الأغلبية العددية في فلسطين، ليطالبوا بإنشاء دولة عبريه مستقلة في البلد كله.
في 14 شباط 1947 أعلن بيفن للمندوبون العرب الى مؤتمر لندن و ممثلي الوكالة العبريه قرار الحكومة البريطانية إحالة قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة على ضوء حقيقة أن المقترحات البريطانية قد رفضت من قبل العرب.
عارض الزعماء العبريين بقوة نقل القضية الفلسطينية الى لجنة الوصاية، ولكنهم اقترحوا تحضير تقرير مفصل حول الأحداث في فلسطين الى الأمم المتحدة ، و إنشاء لجنة خاصة لدراسة المشكلة الفلسطينية، ومن ثم تمرير استنتاجات هذه اللجنة الى الأمم المتحدة لمناقشتها.
ويعتقد القادة العرب أن منظمة دولية موثوقة سوف تكون قادرة على العثور على حل صحيح و عادل للمشكلة الفلسطينية، وتلبي التطلعات العريقه لعرب فلسطين.
في 25 شباط 1947 بيفن تحدث في مجلس العموم حول مسأله فلسطين قائلا" أنه لا تزال هناك فرصة لحل المشكلة دون اللجوء إلى الأمم المتحدة إذا تخلى الطرفان (أي العرب والعبريين عن مواقفهم التي لا يمكن التوفيق بينها".
في الختام من الواجب الاشاره الى موقف بيفن، من جهة، و موقف كريتش من جهة أخرى، حول مسألة الانتداب. بيفن خطابه حمل إلى حد كبير الطابع الديماغوجي وهدف في المقام الأول إلى تهدئة العرب، أكد أن الانتداب قد مات و"في الواقع لم يعد ممكنا تنفيذه"، في حين قال وزير المستعمرات كريتش بصراحة: "نحن لا نذهب إلى الأمم المتحدة لكي نتخلى عن الانتداب ، بل نذهب إلى الأمم المتحدة من أجل طرح هذه المشكلة وطلب المشورة بشأن كيفية تنفيذ الانتداب، إذا كان ممكنا تنفيذه في شكله الحالي".
وانطلاقا من التعبيرات الصريحة المذكورة أعلاه من قبل وزير المستعمرات الإنجليزي ، يمكن استنتاج أن بريطانيا لن تفرج عن فلسطين من قبضتها، لكنها في موقف صعب وفقط تبحث عن طرق جديدة، تعطيها الفرصة لمواصلة التحكم بفلسطين بموافقة من الأمم المتحدة.
موقفنا من القضية الفلسطينية، على ما يبدو، ينبغي أن يستند، في حال نقلت بريطانيا هذه المشكلة الى الأمم المتحدة،على الاسس التالية:
1. يجب إلغاء الانتداب البريطاني على فلسطين، لأنه يجعل من المستحيل حل القضية الفلسطينية حلا جذريا، و يشكل باستمرار تهديدا للأمن في الشرق الأوسط.
2.يجب سحب القوات البريطانية من فلسطين من أجل خلق وضع طبيعي هناك.
3. ينبغي على للأمم المتحدة ان تمهد الطريق لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية موحده ، وضمان المساواة في الحقوق الوطنية والديمقراطية للشعوب التي تقطنها.
4. المسألة العبريه في أوروبا الغربية لا يمكن حلها من خلال الهجرة إلى فلسطين، فقط بالتدمير الكامل لجميع جذور الفاشية و دمقرطه بلدان أوروبا الغربية ، سوف تكون قادرة على إعطاء الجماهير العبريه ظروف معيشية عادية.