يا أمريكا أريد أن أكون خليفة!


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4976 - 2015 / 11 / 5 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولاً
بما أن الأمر كذلك، فليكن! سيتم تفكيك العالم العربي كما جاء في مقالتي "إني أحذّر!"، وسيكون تعميم دويلات الخلافة من المحيط إلى الخليج، سيختنق العرب تحت نعال أصحاب العمائم واللحى، أو أصحاب الجزرة والعصا، ولكن كما حصل مع ملوك الطوائف في الأندلس، لن يستتب السلم رغم كل شيء، فيُحْدِث الاختناق ثورة في المجتمعات، من فترة إلى أخرى، تؤدي إلى ضعضعة الأوضاع لا كما تصبو الإمبراطورية الأمريكية-الإسرائيلية إليه، غير أن للتنفيس الجمعي –وهذا ما غاب عن جرامشي- أثر السحر على المختنقين، وهو يفعل فعله في المجتمعات المتطورة وغير المتطورة، فيحول دون القلاقل والاضطرابات، وبقدرته يداوم رأس المال على جهوده في القمع المخملي لشعوبه، فما بالك لشعوبنا؟ سيكون التنفيس الجمعي عندنا بإقامة جزيرة ليست كغيرها في بحر الظلمات، خِلافة أكون خَليفة لها (الغنوشي مش أحسن)، الدين فيها حرية لا عبودية، والجيش فيها منعدم لا غير منضبط، الناس فيها من كل الأجناس، والأحلام فيها ممكنة لا ولا كأحلام الأطفال، دولة مصغرة على شاكلة موناكو وسويسرا وسنغافورة إضافة إلى فرع أساسي لهوليود الشرق الأوسط كضرورة من ضرورات البنية الفوقية "للإمبراطورية"، هذه الدويلة تقام في قطاع غزة مع اقتطاع قطعة كبيرة لها من سيناء (الأردن مش أحسن ولا قطر ولا كردستان)، لاستيعاب ما أتوقعه من هجرة كبيرة يجد الغرب في الدويلة حلاً لهذه الأزمة يكون هديتي له تعبيرًا عن شكري الأخوي لدعمه لي خَليفةً وخِلافة، ويجد الغزيون فيها حلاً لكافة أزماتهم.

ثانيًا
غزة موناكو الشرق الأوسط، هذا يعني أن كل أثرياء البترودولار (والعالم) سيأتون إلى كازينوهاتها، وهذا يعني كذلك أن القطاع سيكون أغنى خِلافة بلا بئر نفط واحد، وسيكون المكان الذي يتنفس فيه بملء رئتيه كل العرب، لجمال القطاع، البحر كموناكو من جهة، والصحراء كلاس فيغاس من جهة، وقلما تجد منطقة في العالم تجمع بين جغرافيتين من أوروبا ومن أمريكا.

ثالثًا
غزة سويسرا الشرق الأوسط، هذا يعني أن كل أثرياء البترودولار (والعالم) سيأتون إلى بنوكها، وهذا يعني كذلك أن القطاع سيزداد غنى، وسيكون الناتج المحلي الإجمالي للفرد الأعلى بالمقارنة مع خلافة فاتيكان مكة والمدينة مثلاً أو خلافة كردستان، وكزيوريخ وجنيف ستُصَنف الحياة في غزة أعلى نوعية للحياة في العالم، وكسويسرا سيكون القطاع برؤوس الأموال المكدسة في بنوكه رأس الحربة للتجارة الحرة بينه وبين كل دويلات المنطقة وبينه وبين كل دول العالم.

رابعًا
غزة سنغافورة الشرق الأوسط، هذا يعني أنها ستكون أهم ميناء في المنطقة وأهم مركز مالي في العالم، المدينة الأكثر عولمة، فأهلاً وسهلاً بالاستثمار، وأهلاً وسهلاً بالصناعة، أقول أهلاً وسهلاً على مسمع الجميع بصفتي الخليفة لهذه الدويلة، هكذا سأنعش اقتصادها في غضون سنوات قليلة، وسأجعلها كسنغافورة الدويلة المرغوب فيها –على عكس اليوم- من أغلب دول العالم، بجواز سفر قوي لا يحتاج إلى فيزا وباقي الشروط المعقدة التي تخضع لها بلدان الإرهاب، وقد أبعدنا حماس إلى غير رجعة، وهذا ممكن بخمس دقائق لو يريد الذين أوجدوها، وأدنينا العلم والأدب، العقل والتمدن.

خامسًا
غزة مدينة نور الشرق الأوسط، كباريس، بعد أن أضع حدًا للظلامية في أمخاخها وللظلام في شوارعها، فتكون محط الأنظار، السينما من ناحية (وكل ما له علاقة بالثقافة)، والسياح من ناحية. لهذا ستنافس غزة هوليود تحت حكمي كخليفة، فتنتج رواياتي وكل روايات الكتاب العرب، لتوزعها على مستوى عالمي يضاهي أجمل الأفلام وأرقاها، وستكون بالتالي المكان المفضل لإقامة عباقرة هذا الفن في العالم، لإقامة العباقرة في كل ميادين الثقافة. لا بد إذن من مدينة للنور تحت كافة المعاني في محيط من الظلم والظلام، يا أخي الرئيس أوباما، وبهذه المدينة الفريدة سيتحقق "للإمبراطورية" ما تصبو إليه من تفكيك العالم العربي، وخاصة الإبقاء على هذا التفكيك، وإدامته، إنها جرعة المورفين التي لا فكاك منها... أنت ترسل لي إيميلاتك الرسمية بشكل دوري، فلنتراسل بشكل شخصي، ولنحقق سويًا ما عجز عنه كل الرؤساء الأمريكيين السابقين، قبل انتهاء مدتك.