شهادات (4) دكتور جاك بيرك


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 10:43
المحور: الادب والفن     



ونحن كنا في المربد، في عاصمة حضارتكم، بغداد، جعلتني أكتشف وجهًا آخر لهذه الحضارة، وجهك، وفهمت ما الجديد المؤثر في حضارتنا اليوم كالقديم المؤثر في حضارتنا البارحة، كان غوته يعزي فهمنا لمعرفتكم، وأنا أعزي فهمي لمعرفتك، كنت أترجم القرآن، وكانت حيرتي كبيرة، وأنا أغرق في كلام الله، فقلتَ لي أساطير الأولين أساطيرنا، والأفكار صيغت والصور بقلم ماهر يتقن الروي لأناس يسمعون ولا يقرأون، فكل مقروء أو مسموع ابن زمانه، القرآن كلام الإنسان، خلق الإنسان الله على صورته، وخلق معه الخطاب الملائم. دخلنا في التفاصيل التي لن أذكرها، فتوقفنا عند ورقة بن نوفل الوحي الحقيقي لمحمد، لكنك لفت انتباهي إلى ما لم يفطن إليه أحد من الدارسين: نرجسية محمد اللاتصدق، الشهادتان مثلاً تردان الدين في رأيك كالفلسفة إلى علم النفس، وتدللان أكيدًا على أن محمدًا كان مضطرب الشخصية، كفولتير، ككافكا، ككامو، كماركيز، كدرويش، لكل من العظام قسط من هذا المرض، فكيف يستعمله؟ وكيف يُنتج بفضله دينًا أو رواية أو قصيدة؟ في باريس أهديتني كتابك "أربعون يومًا بانتطار الرئيس" كتابك الإدانة لمضطرب آخر في شخصيته، سياسي هذه المرة، عرفات، ففهمت عرفات ونظامه لأني فهمت أفنان ونظامه.