السياسة العربية للحكم الجديد فى مصر


خليل كلفت
الحوار المتمدن - العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 19:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

1: رغم الأهمية التاريخية للتطورات الجارية فى مصر فى أعقاب 30 يونيو 2013 التى وجهت ضربة قاصمة لمشاريع الدولة الدينية فى مصر والعالم العربى والعالم بأسره، وأبعدت شبح الحرب الأهلية وإنْ لحساب مواصلة التصفية التدريجية للثورة الشعبية المصرية، فإنها لا تنطوى على جديد بالمقارنة مع إستراتيچيات سياسة الدولة المصرية السابقة لثورة يناير، تلك الدولة التى تنتصر الآن على مشروع الدولة الدينية فى مصر.
2: مع هذا فإن هذه التطورات تنطوى على تغييرات تاكتيكية فى هذه السياسة بالمقارنة مع الحكم الإخوانى البائد. وعلى وجه الخصوص فقد تحولت علاقات عربية من التعاون أو التحالف إلى المعاداة والتناحر كما هى الحالة مع قطر وحركة حماس وإلى التنافر الشديد مع الإسلام السياسى الحاكم فى تونس وتركيا فى الجوار العربى وغير الحاكم فى أماكن أخرى إلى حد التورط فى تأييد بشار الأسد ضد الإسلام السياسى المشارك بقوة فى الثورة السورية ضده؛ وإنْ كان مرفوضا تماما جنبا إلى جنب مع نظام الأسد فى سياق الثورة الشعبية السورية التى لا يمكن أن تكون قد تبخرت تحت مطرقة الأسد وسيوف الإسلام السياسى. وذلك فى حالة من الوطنية الزائفة ضد التدخل العسكرى الأمريكى المرفوض رفضا مطلقا على كل حال.
3: ومهما كانت نتائج الانتخابات الپرلمانية والرئاسية القريبة، ومهما كان رئيس الجمهورية القادم، فإن ذلك ليس من شأنه تغيير شيء من هذه الصورة للسياسة العربية لمصر لا على المستوى الإستراتيچى على المدى الطويل ولا على المستوى التاكتيكى على المستوى القريب جزئيا والمتوسط جزئيا.
4: ومع أن معاهدة السلام مع إسرائيل معاهدة مصرية تتعلق بالانسحاب المشروط من سيناء بكاملها مقابل الاعتراف المتبادل وإنهاء حالة الحرب والحدود الآمنة والعلاقات الطبيعية وحظر توقيع أىّ اتفاقية تتناقض مع المعاهدة وتحويل سيناء إلى منطقة عازلة لحماية إسرائيل مع فتح قناة السويس ومضيق تيران وخليج العقبة أمام مرور السفن الإسرائيلية ؛ فإنها قضية فلسطينية وعربية بامتياز. فقد ساهمت وتساهم هذه المعاهدة فى تصفية القضية الفلسطينية بتحويلها إلى قضية تنفرد فيها إسرائيل بابتلاع فلسطين وافتراس الثورة الفلسطينية وحصارهما فى الضفة الغربية وقطاع غزة تمهيدا للترانسفير على مدى أطول، بالإضافة إلى ترك سوريا لنفس المصير، والتنصل الفعلى من اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدان العربية. وترفض مصر الرسمية بصورة مطلقة طرح إلغاء هذه المعاهدة، ولم تلوح فى أىّ وقت من الأوقات بأكثر من المطالبة الخجولة بتعديلها. ولا صلة لمثل هذا التعديل، وفقا للفقرتين 1 و2 من المادة الرابعة التى تجيز تعديل ترتيبات أمنية فى سيناء، بسياسة مصر الرسمية إزاء القضية الفلسطينية والقضايا العربية.
5: والحقيقة أنه لم يَعُدْ أحد فى مصر، باستثناء مجموعات من الثوريِّين، يشهد لقضية إلغاء المعاهدة. كما تتراجع القضايا العربية إلى الوراء لحساب نظرة قومية مصرية. كل هذا فى سياق ديماجوچيا عربية فاترة، ووطنية مصرية لا تتجاوز مختلف الخطابات الديماجوچية إلى موقف وطنى استقلالى حقيقى يفهم أن الاستقلال يتمثل قبل كل شيء فى التحرر من التبعية الاقتصادية ومتلازمة مقتضياتها السياسية.
6: ولا شك فى أن التطورات السياسية الجارية الآن فى مصر لن تمضى دون تأثير مهم على القضية الفلسطينية بالذات عبر تحقيق وحدة الثورة الفلسطينية نتيجة لانهيار محتمل لحكم حركة حماس فى "إمارة غزة الإسلامية الإخوانية". كما أن من شأنها أن تؤدى إلى تراجع دور قطر وقناة الجزيرة، وكذلك إلى إضعاف الإسلام السياسى فى سوريا.
23 سپتمبر 2013