ديمقراطية أم ديموقراطوية؟


حميد زناز
الحوار المتمدن - العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 17:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

من المضحك حقا أن يدّعي من فاز في انتخابات عربية ما و من لم يفز أن صناديق الاقتراع قد تكلمت و تلك هي الديمقراطية ! و الأضحك من ذلك هو حينما يختم خطبته بابتسامة ماكرة و حمدلة طويلة عريضة و تقديم الشكر الجزيل للمواطنين الذين انتقلوا عن بكرة أبيهم لتزكية الديمقراطية.
عن أية انتخابات و عن أية ديمقراطية يتحدث إعلام بني عربان و إسلام؟
هي بيعة بايع فيها أغلب الناس الأصوليين كما كانوا يبايعون الذين من قبلهم. ولئن كان العربي المسلم مرغما في الماضي بقوة النار و شهوة الدينار فاليوم هو مرعوب من نار جهنم و بئس المصير، فكيف لا يصوت لحزب رب العالمين؟
من ادعى قبل هذه االكرنفلات الديمقراطوية أنه لم يكن يعرف نتائجها مسبقا فهو إما كاذب أو مداهن أو لا علاقة له من بعيد أو من قريب بما يجري على أرض العرب.
في أية بقعة من بقاع هذا العالم المغبون و بدون استثناء، لا ينبغي التكهن بنتائج أي انتخابات تجرى بل التكهن عن الكيفية التي سيسحق بها الإسلاميون غيرهم؟ ولا علاقة لذلك لا بالحملات الانتخابية و لا بالبرامج و لا بالرجال.
إذ لمن يصوت إنسان وضع في موقف ميتافيزيقي حرج لا صلة له بالسياسة و إنما هو لمسائل الغيب أقرب؟
لمن يعطي صوته كائن بائس علمته العائلة ثم المدرسة و المساجد و الإذاعة و تلفزيونات السعودية وإيران... وكل المحيط، أن الدولة الإسلامية هي المثلى و أن العدل لا وجود له سوى في الشريعة السمحاء و أن كل ما يأتي من الغرب كفر بواح إلا المرسيدس و الأدوات التي تخدم الإيمان و البطن؟
مع وجود أحزاب إسلامية و في هذه المرحلة بالذات المنعدمة فيها أبسط المؤسسات الديمقراطية الحديثة الضامنة للتعدد الفلسفي و الثقافي و السياسي، يصبح الحديث عن الديمقراطية و الانتخابات ليس من العبث فحسب بل من قلة الحياء.
الجنون، يقول اينشتاين، هو أن تقوم بنفس الشيء عدة مرات و تأمل أن تحصل على نتائج جديدة. و هو ما يقوم به العرب تجاه الإيديولوجية الإسلامية منذ قرون و قرون !