أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي لهروشي - المغرب وسياسة الأبارتايد















المزيد.....


المغرب وسياسة الأبارتايد


علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)


الحوار المتمدن-العدد: 1865 - 2007 / 3 / 25 - 08:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


المغرب مجرد تجمع بشري له ثرواته الطبيعية والبشرية الهائلة ، فهوكما لا يخفى على أحد ، قد يمتد عبر المحيط الأطلسي غربا و البحر الأبيض المتوسط شمالا وما يجلبانه من ثروات بحرية لا تعد ولا تحصى ، حيث توفره على الجبال والسهول و الشواطئ والرمال و الصحاري والغابات و مقالع الأحجار، و مناجم مختلف المعادن كالفضة و الذهب و الفوسفات ، و الضرائب ، وعملات المهاجرين المغاربة بالخارج ، ومداخل الصادرات والجمارك ، والسياحة ، و المناخ المختلف من منطقة لأخرى حيث المناطق الحارة ، والدافئة المعتدلة والباردة بتساقط الثلج خاصة بالأطلس ، كما يتوفر على حوالي أربعون مليون هكتارا من الأراضي الصالحة للزراعة ، فيما لا يتعدى سكانه ثلاثون مليون نسمة حسب الإحصاء الأخير الذي كلف ميزانية الدولة أكثر من أربعين مليار سنتيم وهو المبلغ المالي الذي بإمكانه إنهاء معانات العاطلين من الشعب المغربي وعلى رأسهم الدكاترة والمجازين و المعوقين والمكفوفين المضربين بين حين وحين عن الطعام ، والمتظاهرين أمام الوزارات والبرلمانـ والذين لا يواجهون إلا بالعصا الغليظة المهشمة لضلوعهم ، كما سيساعد ذلك المبلغ من انقاد الفقراء والمحرومين المشردين بالشوارع و الأزقة من شيوخ وأطفال ونساء وشباب ، وقد يساهم ذلك المبلغ كذالك في تحسين وضعية السجون والمستشفيات المتدهورة جدا ، و إذا كان من الضروري القيام بذلك الإحصاء ، فإنه سيتم بدون صرف درهم واحد من الميزانية العامة كيف ذلك ؟
فلا أحد يعرف حق المعرفة المغرب سوى المغاربة حيث توجد فيه سلطة تضبط أنفاس المواطنين ، بل تعرف حتى الوجبات التي يعشون بها صباحا وغذاء ، ومساء ، فما لا يعرفه العالم عن المغرب أن هناك بكل حي سكني حتى وإن كان عدد سكانه لا يتجاوز المائة ما يسمى – بالشيخ – و- المقدم- وهم ذكورا لا تغفل عيونهما عن أي شيء كيف ما كان عرسا ، أو جنازة ، أو ولادة ، أو تجمعا يتجاوز خمسة أشخاص ، إلى جانب العريفة- وهي امرأة مهمتها مراقبة ومعرفة كل شيء عما يروج داخل بيوت السكان من خلال استنطاق النساء بطرق مباشرة أو غير مباشرة ، فتظل مهمة هؤلاء الثلاثة معرفة الداخل و الخارج ، وكل صغيرة وكبيرة على السكان لرفع التقارير اليومية للقائد المتربع على كرسي القيادة ، الذي يحكم على حوالي خمسة ألف ساكن ، وهو شخص سلطوي محمي ومحاط بحراسة جهاز يطلق عليه رجال – المخزن – وبتعاونه مع ذيوله من أولئك الشيوخ و المقدمين والعريفات تتم مراقبة السكان ، ومنحهم الشواهد التي يحتاجونها كشواهد السكنى أو العزوبة ،أو الوفاة أو الحياة أو عقود الازدياد ، وتسجيل المولودين بدفتر الحالة المدنية وحذف المتوفون منها ، و لا يتم ذلك بسرعة إلا عبر الرشوة و الزبونية و المحسوبية ، و الابتزاز ، وامتصاص جيوب السكان ، إذ كيف يعقل أن يطلب من المواطن الإدلاء بشهادة الحياة وهو لا يزال في الحياة ، كما أن هذه السلطة تعامل السكان معاملة الراعي والغنم عندما تفرض عليهم شراء العلم – الراية – وصبغ الواجهات الخارجية للمنازل ، ودفع الغرامات على النفوس و الدواب و الدواجن كلما أقبل ما يسمى بعيد من الأعياد الوطنية كعيد العرش أو عيد المسيرة أو عيد الاستقلال ...إلخ أو زيارة العامل أو الوالي أو الوزير أو الملك للمنطقة ، أو كلما حلت مصيبة وحيلة ما يطلق عليه بالتضامن الوطني من أجل الحاجة ،أو من أجل بناء مسجد ما كمسجد البيضاء الذي أتمنى له النسف و الزوال الفوري كي لا يذكر المغاربة بمرارته ، وما تعرضوا له من ابتزاز من أجل بنائه ،حيث تتحرك السلطة بكل وسائلها القمعية في حالة تأهب قصوى لتنفيذ أمر الملك على حساب أوجاع الشعب ، كما تستغل فيها العواطف ، ويستعمل فيها الفقراء و المحرومين كذريعة لجمع الأموال التي تتجه لجهات مجهولة .
ويوجد قائد ممتاز يتربع كرسي السلطة على منطقة يطلق عليها الدائرة ، وهو محاط بجيش من الموظفين و رجال المخزن لحراسته وجعل السكان ينفذون أوامره ، إلى جانب محكمة ابتدائية لمعاقبة السكان ، وتنفيذ أوامر السلطة إذ لا علاقة لها بالقضاء و العدل ، حيث أن الدائرة تحكم على عدد كبير من القيادات ، يتواجد بها مختلف أنواع أجهزة القمع كالشرطة المكلفة بما يجري بحدود الدائرة ، و الدرك الملكي الذي تتجاوز سلطاته حدود الدائرة ، لتصل القيادات و القرى ، و المداشير، كما تتواجد بها ثكنة عسكرية مهمتها انتظار لحظات التدخل العنيف للهجوم على السكان ، في حالة عجز باقي الأجهزة الأخرى عن تنفيذ مهمة القمع تلك ، كما توجد منطقة تسمى العمالة وهي شبه مدينة يتواجد بها مقر العمالة يسيره عامل تابع مباشرة لوزارة الداخلية بالعاصمة ، و هو محاط بأجهزة سلطوية مختلفة علنية منها وسرية كالشرطة والجنود ، و الدرك و المخابرات بأنواعها ك : ARG ,DRG DST, , و رجال المخزن - والسيمي – وهما جهازين مهمتهما التدخل السريع لقمع السكان في حالة رفضهم لأمر ما ، أو عصيانهم واحتجاجهم أو مطالبتهم الجماعية بمطلب من المطالب ، كما أن هناك محكمة للاستئناف التي تؤيد أحكام محكمة الابتداء أو تزيد عنها في مدة الحبس والغرامة ، وذلك حسب أوامر السلطة ، كما قد تخفض مدة العقاب في حالة تدخل السماسرة وتوزيع الرشاوى ، والهدايا على أعضاء هيئة التحكيم إذا كان الأمر متعلق بحكم غير سياسي , وهي القضية الوحيدة التي لا تنفع فيها الرشوة ، كما أن هناك في كل قيادة مجلسا قرويا ، وفي كل دائرة وعمالة مجلسا بلديا يتكون عبر الانتخابات التي تتحكم السلطة في خيوط لعبتها ، إذ أنها تزور الانتخابات لصالح الأحزاب و المرشحين الذين لا يشكلون عليها خطورة من جهة ويتعاملون بتوجيهاتها منفذين لأوامرها من جهة أخرى ، وقد يبدو هذا ظاهريا على أن للشعب الكلمة في اختيار ممثليه ، لكن باطنيا فالسلطة هي التي تنقل الصناديق من مكان لأخر ، وفي هذه العملية يتم تغير كل شيء ، كما تضغط على السكان بالتهديد والوعيد ، والتخويف ، للتصويت على من تراه صالحا لها من المرشحين ، وخادما مطيعا لها ، كما أن هذه المجالس المنتخبة تظل مجالسا شكلية ، حيث أن السلطة الممثلة في القائد ، و القائد الممتاز ، والباشا ، والعامل والوالي ، ووزير الداخلية ، هم أصحاب الأمر و النهي في كل شيء ، وقد أنشئت جهات أخرى تسمى بالولاية ، وهي سلطة بالمدينة يسيرها والي المتحكم في العمال حسب العمالات التابعة لنفوذه وهو الذي يصرف ، وينفذ ويمرر أوامر حكومة الظل المتكونة من الأشخاص المحيطين بالملك إلى جانب وزارات السيادة التي هي وزارة الداخلية ، ووزارة الأوقاف ، ووزارة الخارجية ، و الوزارة الأولى ، ووزارة القصور و التشريفات و الأوسمة الملكية ، والدفاع التي يعتبر الملك قائدها الأعلى ، وبالتالي فما يسمى بالحكومة المغربية الحزبية التي تظهر للعلن ما هي في الواقع المغربي سوى ذميات و كراكيز تحركها أيادي الخفاء ، من حكومة الظل القابعة بين أسوار القصر الملكي ، الذي لم يدع للشعب متنفسا ، ومن خلال هذا الضبط الصارم للمجتمع من قبل السلطة فلماذا لم يجرى الإحصاء عبر أجهزتها التي تدقق كل شيء بدءا من المقدم والشيخ حتى القصر ، بنفس الطريقة التي تحصي بها أصوات الانتخابات و أنفاس السكان ، وذلك لإعفاء الميزانية العامة من خسارة أربعة و أربعون مليار سنتيم ؟
فلو حدث وأن استيقظ المغاربة للدفاع المشروع عن حقوقهم في العيش الكريم ، وتغير النظام السائد عبر الثورة ، وتنصيب حكومة وطنية شرعية يفرضها الشارع و الجماهير ، للعمل على ترشيد النفقات ، و التقسيم العادل للثروات و الفرص ، و التسيير العقلاني للميزانيات المخصصة لكل المرافق التعليمية ، والسكانية ، والصحية ، والتأمين ، والإدارية ، والاجتماعية ، و الأمنية والعسكرية وغيرها من كل الأجهزة ، وفتح تحقيق في حسابات المسؤولين بالخارج ، ومعاقبة المختلسين و اللصوص ، ومهربي المال العام خارج البلاد ، و كل من قام بتجاوز ما من خلال المنصب الذي يشغله ، مع إلغاء ما يسمى بالغرفة الثانية ، وكل من وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية ، ووزارة القصور و التشريفات و الأوسمة الملكية ، و منصب الكاتب العام بكل الوزارات
و التخفيض من عدد أعضاء مجلس النواب ، وتخفيض أجورهم إلى ربع ما يتقاضاه العضو البرلماني الآن ، لتشجيع المناضلين للعمل الجدي الاجتماعي و السياسي الحق بالبرلمان ، و ليس للاغتناء الفاحش غير المشروع ، وبعد جمع تلك الأموال ، و إعادة تقسيم خيرات البلاد بشكل عادل بين كل السكان ، حينئذ سيتحول الساكن إلى مواطن بعدما يتمتع بالرفاهية ، والأمان ، و العيش الكريم ، فلا يمكن أن نطلق على المغربي صفة مواطن في الوضعية التي هو فيها الآن ، حيث القهر و القمع ، و الاستعباد ، والحرمان ، والتهميش ، بعدما أصيب بوباء طاعون الغزاة من النظام و أتباعه المعتبرين أ نفسهم وطنين ، فنهبوا خيراته وثرواته ، فحولوه بذلك إلى مجرد ضيعة لهم ، أو مزرعتهم الخاصة ، يفعلون فيها ما يريدون بدون رقيب و لا حسيب ، فيقتلون ويعذبون ، ويعتقلون ، وينفون ، ويهمشون ، و يحرمون ويشردون ، ويجوعون كل من عارض سياستهم معبرا بصدق ، وبنضال ، وبتحدي على أن المغرب للمغاربة ، دون ميز و لا تمييز فهم مغاربة ولن تكتمل مواطنتهم إلا إذا تمتعوا فيه بحقهم من خيراته ، وحقهم في الإدلاء بالرأي ، و المشاركة في اتخاذ القرار، وتسير الشأن العام ، ومعارضة كل أشكال الإسراف ، والبذخ والتبذير ، والامتلاك غير الشرعي للمال والجاه والسلطة ، و الدين و اللغة تحت شعار الله الوطن الملك ، و هي الثلاثية التي تحمي اللصوص ، و المختلسين للمال العام .
فإذا كان البعض يرى في المغرب الانفتاح و السير نحو التقدم ، والحداثة ، و الديمقراطية ، وإقرار الحقوق عبر وسائل الإعلام المصنوعة و المسخرة ، فإنني أرى العكس حيث العنصرية ، والميز والقهر ، و القمع ، فإذا كان الميز العنصري هو تفضيل عنصر عن آخر نظرا لاختلاف لونه أو عرقه أو عقيدته ، أو انتماءه أو وضعه الاجتماعي و الطبقي ، فإن كل تلك التعارف للعنصرية مكرسة بالمغرب مند زمن طويل حتى الآن ، لأن الميز و التمييز بين المغاربة يعد أمرا يوميا بعدما غرسه النظام الملكي الحاكم ، مند ادعاءه الانتماء لعائلة أطلق عليها الشريفة وربطها بالأصول والنسب إلى الرسول ، مما شجع الوصوليين و الانتهازيين من متعلمي اللغة العربية وحملة حفظ القرآن ، أو مجرد سورا منه ، وأبياتا شعرية ، وجعلهم يدعون انتمائهم إلى سلالة الرسول ، متناسين أنه حتى و إن كان كذلك ، أليس الرسول بشرا مثل باقي البشر ؟ فما الفرق بينه وبين الآخرين من الناس ؟ و لكن استغلال هذا النسب من قبل البعض ، بنظرهم للآخرين بعين الاستصغار و الاحتقار ، قد يسيء حتى للرسول و هو في قبره ، بعدما يتم إذلال الناس ، واهانتهم باسمه ، و استغلال ذلك النسب للارتماء على النفوذ و السلطة ، ومن هنا كان الميز مكرسا فعلا و ممارسة على الشعب المغربي الأصيل ، الذي عانى من ضغط وسياسة من كان يدعي الانتماء لسلالة الشرفاء ، و لن أنسى أبدا وأنا طفل صغير لم يتجاوز الثانية عشر من عمره ، عندما كنت أتألم كلما رأيت نساء و رجال و بنات وشباب قريتي الأمازيغ البسطاء ، وهم ينحنون لتقبل أيادي من يسمي نفسه بالشريف ، بل فرض عليهم أداء قدر من محصولهم الزراعي لشرفاء – أيت مولاي المعضي –الذين لا يزورون القرية إلا في مواسم جمع الغلة ظلما و عدوانا ، مع أنهم الشرفاء الأوائل الذين أدخلوا مخدر- الكيف - المعروف ب – القنب الهندي – وهم يدخنون ذلك المخدر أمام الجميع بلا حشمة و لا حياء ، بل لا أحد يستطيع التعليق على أفعال الشرفاء ، إذ أنهم من يحي و يميت ، وبقوة قادر مجهول كنت الطفل الواحد بالقرية العاصي الذي أعاد يد الشريف إلى توها دون أن أقبلها ، فاكتسح الخبر كل أرجاء القرية وقدم صاحب اليد التي رفضت تقبيلها الشكاية إلى أبي ، وكم أعجبت بأبي عندما رد على المشتكي ، على أنني لا أقبل حتى يد أبي فكيف لي أن أقبل يد الآخرين غيره ؟ ومن هنا تم تصنيفنا على أننا القوم الخارج عن الملة والدين والطاعة ، فلم يدخل أبي مسجد القرية قط ، حتى وافته المنية ، كما أنني لم أدخله إلا لأستحم فيه ، أو أغسل فيه ملابسي ، وقد كلفني الأمر في حياتي الرفض القاطع لأداء الصلاة ، أو قبول الاستماع للإمام ، أو القيام بطقوس معينة اعتبارا من ذلك الحادث ، حيث أرى أن كل شيء مزيف ، وتلك هي الحقيقة ، لأن تلك السلالة الدخيلة اعتبرت الشعب المغربي الأصيل مجرد شعب متخلف ، و مطيع وعبد لهم ، مستعملين النعوت و التسميات للتفرقة بالأسلوب ألقدحي ك – الشلح – و – السوسي- و- الريفي – و العروبي- فيما أن الجميع أمازيغ بشكل خاص أو فقراء بشكل عام ، و يطلقون تلك التسميات على الناس انطلاقا من مواقعهم الجغرافية ، حيث أن – السوسي – هو الأمازيغي القادم من الجبال والمنطقة المعروفة جغرافيا بسوس ، و – الريفي- الأمازيغي القادم جغرافيا من جبال الريف ، فيما أن – الشلح هو ما تبقى من جغرافية المغرب ، و يظل العروبي هو الأمازيغي المعرب ، الذي لم يتعلم لغة أمه الأصلية ، لأن الشرفاء من العرب هم من يمتلك مواقع القرار بالرغم من أنهم لا يشكلون حتى نسبة خمسة في المائة من سكان المغرب ، وهم كاليهود لا يوجد بينهم فقير .
لقد رتب القصر كل أوراقه ، وجعل من السنوات الأولى من مغادرة الحماية الفرنسية المغرب ، كمرحلة في حاجة إلى تنظيم حزبي يدعي مواجهة تجاوزات قوى الحكم من جهة ، والتطلعات ألا مشروعة للأوليغارشية الحزبية من جهة أخرى ، مما سيفرز هذا الإطار من داخل حزب الاستقلال بتحالف ثلاثة تيارات : التيار السياسي المسمى بالتقدمي ممثلا في - المهدي بن بركة - ومن معه وتيار المقاومة و جيش التحرير مجسدا في - الفقيه البصري - ومن معه ، والتيار النقابي مشخصا في- المحجوب بن الصديق – وسيتم تتويج ذلك التحالف بتأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، الذي سيصبح الحزب الثالث بعد الحزب الشيوعي المغربي ، وحزب الاستقلال ، إلا أن الآمال المعلقة على ذاك الحزب ولدت ميتة في مهدها ، لأسباب من ضمنها أن القصر والشرفاء هم من دفعوا لتأسيس ذلك الإطار ، لأن تأسيسه كان يندرج في خدمة إستراتيجية القصر المناهضة لنظام الحزب الوحيد ، وإضفاء طابع شرعي على التعددية الحزبية . وفي غياب إطار نضالي شعبي مقاوم ملتزم بقضايا التغير و الجماهير ، وتحقيقها عبر الكفاح السلمي أو العصيان المدني ، أو الكفاح المسلح إذا اقتضى الأمر ذلك ، لأنه لا يعقل أن يفرض نمط معين من الحكم على الجماهير الشعبية الرافضة لذلك النمط ، فتح المجال أمام سلالة الشرفاء بالتلاعب بالمغرب أيديولوجيا ، وسياسيا ، واجتماعيا ، و اقتصاديا ، وثقافيا فتعددت أنماطه الإنتاجية مما أعاق عملية التعرف عليه من قبل الباحثين و السياسيين المنشغلين بالأسئلة التالية
- هل المجتمع المغربي مجتمع ما قبل رأسمالي أم مجتمع رأسمالي ؟
- هل المجتمع المغربي مجتمع فيودالي أم نصف فيودالي ؟
- هل المجتمع المغربي مجتمع قبلي أم مجتمع أبوي ؟
نظرا لتشابك الخيوط بالمغرب بين الغموض الاديولوجي ، و الغموض السياسي ، بتعدد الأحزاب الانتفاعية ، والنقابات المساومة ، و الجمعيات غير الجمعوية ، و الإعلام المسخر والمحدود النظرة ، والضيق التصور، فإن المغرب يعد النموذج المنفرد بالعالم ، حيث أنه مجتمع رأسمالي ، فيودالي ، قبلي ، أبوي ، و بالتالي فهو غير خاضع لأي تعريف من التعارف المحددة لمفهوم الدولة التي أقتصر البعض في تعريفها بالمجتمع ، والأرض ، والحكومة ، في الوقت الذي يتجاوز فيه تعريف الدولة ذلك ، مما يجعله مجرد تجمع بشري محكوم من قبل قبيلة طاغية بالقوة ، والعتاد ، والمال ، و السلطة ، والإيديولوجية العقائدية عبر مناصرة الزوايا و تكريس التخلف و الجهل ، و المساهمة في الأمية ،واستغلال سذاجة السكان ، كما حصل عندما أذاع الخونة أكذوبة بروز وظهور صورة محمد الخامس على ضوء القمر ، متحدين بذلك القرآن و السنة التي تنفي قدوم معجزة أخرى بعد معجزة النبوة والقرآن ، لكن الخونة ممن يعتبرون الآن وطنيون ويتقاضون رواتب شهرية عن خيانتهم تلك ، لا تهمهم العقيدة والملة أكثر مما تهمهم المصالح الشخصية ، و العائلية التي وجدوها في السياسة ، فلا يمكن لأي شعب أن يحقق النهضة و التقدم بدون اعتماده على لغته الأم ، و الأمازيغية هي اللغة الأم للمغاربة الأحرار ، إذن فالسؤال المطروح هو ما هي البنيات المتحكمة في المغرب كتجمع بشري ؟ هل هي بنيات طبقية ؟ أم بنيات مراتبية؟ ففي غياب نمط إنتاج جامع و سائد يختفي بذلك المعيار الموحد للتراتب الاجتماعي ، وبذلك تختلط المعاير التقليدية مع المعاير الحديثة التي تعكس الوضعية الإنتاجية ، والسياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والثقافية ، فتظهر الطبقات كجماعات مميزة ثابتة ، فيما تظهر الجماعات الثابتة أو العصبة كحامل لطبقات نامية أيضا ، ومن هنا يظل كل شيء بالمغرب غير مستقر يترنح بين الجديد والقديم ، فإذا كان المجتمع الطبقي كالمجتمع الصناعي الأوروبي ينقسم إلى طبقات :
- طبقة تملك وسائل الإنتاج
- وطبقة لا تملك
فإن المجتمع المغربي ما قبل الصناعي المراتيبي ينقسم إلى مراتب ، حيث هناك جماعات تملك عنصر الشرف أو التقدير الاجتماعي عملا بما تكنه للقصر من ولاء ، وخدمات ،وهناك جماعات لا تملك ذلك العنصر ، وتعود أسباب الامتلاك إلى الارتباط بعراقة النسب المتأتية إما من الانتماء إلى آل البيت أو الانتماء إلى الأسرة التي يعتبرها القصر قد قدمت إليه في لحظة تاريخية معينة خدمات جليلة ،ثم التوفر على الرصيد الثقافي و العلمي الذي يتماشى مع طرح القصر ، وكيف للفقراء التوفر على هذا الشرط في غياب المدارس و المؤسسات التعليمية بمناطقهم ، و بالتالي فإن هذه الأسباب هي المحددة لموقع الجماعة من السلطة ، والموقع من السلطة هو المحدد للموقع الاقتصادي ، فمستويات التركيب الطبقي بالمغرب تعتمد حسب مجموعة من العلماء السوفيات في التركيب الطبقي للبلدان النامية ، ترجمة كل من داوود حيدر و مصطفى الدباس الطبعة الثانية صفحة ،40 دمشق 1974 على الآتي :
- يتعلق بالعلاقة الطبقية التي تتسم بالضعف حيث غالبا ما يكون الانتماء العرقي أو القومي أو الديني أو العشائري أو الطائفي أقوى من الانتماء الطبقي ويلعب دورا كبيرا ،وأحيانا حاسما في تطور الحركة الاجتماعية .
- التمايز الطبقي حيث أن ضعف العلاقات الطبقية ناتج أساسا عن عدم التمايز الطبقي ، فلم تتبلور بعد الطبقات و الفئات الاجتماعية ويسير تكون الطبقات ضمن أشكال خاصة ترجع أسبابها إلى سمات التطور التاريخي في إطار النظام الاستعماري .
- الانتماء الطبقي ، فإذا كان ضعف العلاقات الطبقية ناتجا عن عدم وضوح التمايز الطبقي ، فإن عدم وضوح التمايز الطبقي هو نفسه ناجم عن عدم وضوح الانتماء الطبقي حيث لا يزال الانتماء الطبقي لجزء كبير من السكان غير واضح بعد ، نظرا لأن الكثيرين يمرون في مرحلة انتقالية ، فهم يظلون منتسبين إلى تنظيمات اجتماعية تقليدية معينة ، وفي الوقت نفسه مرتبطين إلى هذه الدرجة أو تلك بالقطاع الرأسمالي
إن السلبيات التي أسداها النظام العلوي الحاكم بالمغرب للمغاربة عبر سياسته التهميشية ، و الاقصائية للشعب الذي لا ينتمي لمن يسمى بسلالة الشرفاء أو لخدام القصر ، قد كرس مشكل خطير بدأ يظهر عبر انسلاخ المغربي عن هويته القومية ، بحيث رفضه الانتماء للمحيط العربي لكون ما يفوق تسعون في المائة من المغاربة من أصول أمازيغية ، و قد ضاقوا درعا من ممارسة القصر وحاشيته ، التي تنظر للشعب كقطيع من الأغنام ، لأنه نظام يملك القوة بتحالفه مع القوى الاقتصادية العالمية الشريرة ، التي تحميه بالرغم من ممارساته التي توحي للقرون الوسطى ، حيث اغتيال الناس من المناضلين الرافضين لمنطق الخضوع ، ثم الاختطافات و التعذيب ، و المحاكمات الصورية ، أمام أعين المنتظم الدولي الذي لا يحرك ساكنا ، بل هناك من الدول الأوروبية منها و الأمريكية التي تنوه بسياسة القصر بالمغرب ، فيما أن الشعب يحس و يقول العكس ، وهو الشيء الذي جعل هذا الشعب يساند أسامة بن لادن ، حسب الاستطلاع الذي أجرته جريدة مغربية التي توصلت إلى أن نسبة 45 في المائة من المغاربة يساندون زعيم تنظيم القاعدة ، وقد تعود أسباب ذلك إلى مبالغة من يدعي الحرية للشعوب من الدول المساندة للنظام الظالم المغربي ، حيث أن التطرف بكل أشكاله وألوانه ناتج بالأساس عن التهميش و الحرمان والعوز و الجوع ، والقهر ، وهذا ما يواجهه المغاربة حيث أن عدد السكان الناشطين منهم لم يصل إثنى عشر مليون نسمة ، فيما أن سبعة عشر مليون تظل غير نشيطة و مهمشة . ولا تتقاضى أي أجر فكيف للمرء أن يعيش بدون مدخول ، كان كثيرا أم قليلا ؟
فإذا كان المغاربة يعانون من الميز العنصري بوطنهم الأصلي ، فإنه تم إضافة ميز آخر يثقل كاهلهم و يزيد من غضبهم ، ورفضهم ، ألا وهو الميز الجغرافي إن صح التعبير ، الذي ذهبت ضحيته العديد من المدن و القرى ، و بذلك عدد كبير من السكان ، عملا بسياسة المغرب النافع و المغرب غير النافع ، حيث تحظى المدن الملكية كالرباط وفاس والبيضاء وطنجة ومراكش بالاهتمام المبالغ فيه ، ومما زاد الطين بله تلك العناية بالأقاليم الصحراوية التي تسلم فيها الشقق ، و توزع فيها المواد الغذائية بالمجان وبالتسهيلات ، وتسرف بها الأموال لشراء ضمائر سكانها عبر الأجر الشهرية ، على حساب معانات الفقراء و المحرومين و المهمشين بالمغرب غير النافع ، مما يضع هؤلاء أمام أمرين لا ثالث لهما : إما الانتماء لتنظيمات إسلامية متطرفة ، بعدما يتم الاستسلام للقضاء و القدر ، و هي قمة الفشل في الدنيا وبالتالي الحلم بالآخرة ، بل النوم على وسادات من الأحلام الانتظارية ، أو المغامرة والموت في البحر عبر قوارب الهجرة السرية حلما في الوصول إلى الضفة الأوروبية الخضراء ، وقد يحصد البحر من أرواح المغاربة حوالي 2800 ضحية خلال سنة ، و هو الرقم الذي لا تحصده الآلة العسكرية الإسرائيلية من أرواح الفلسطينيين إلا خلال مدة أربع سنوات في حالة الانتفاضة ، كما يموت من المغاربة ما يعادل مائة شخص في الأسبوع من خلال حوادث السير ،نظرا لحالة الطرق المتدهورة وللرشوة المستفحلة ، بالمؤسسات الساهرة على تقديم رخص السياقة ، وبمؤسسات الفحص الميكانيكي للسيارات و كل مستعملي الطريق ، وشراء المراقبين من الدرك و الشرطة ، ناهيك على من يموتون تحت التعذيب بالسجون و بمخافر الشرطة ، وعن طريق الإهمال المفرط بالمستشفيات ، إذن فالمغرب في حرب داخلية غير معلنة ، ضحيتها الشعب في ظل الصمت الدولي الذي لم يسبق له مثيل ، فلم يقتصر رفض المغربي لمحيطه القومي و القطري فقط ، بل رفضه حتى لوطنه المغرب ، و تفضيله اللجوء و الهروب للدول العربية و الأوروبية و الأمريكية ، التي وجد فيها الدعم و المساعدة والاعتراف به كإنسان ، و بالتالي فقد تنطبق على النظام المغربي ممارسة الأبارتايد في حق الجماهير المغربية الكادحة منها و خاصة الأمازيغ منهم ، الملقى بهم في الجبال و القرى ، والذين لا يستعملون إلا للرقص و الفرجة وتنشيط الحفلات الرسمية ، ومن هنا أوجه ندائي الصادق للأمازيغ الأحرار لمقاطعة كل الحفلات الرسمية ، و الأبواق الإذاعية والتلفزية و الإعلام المسخر احتفاظا على شرفهم ، وكرامتهم ، كما أنني أستغرب كامل الاستغراب عندما اسمع أن عالما مغربيا قد طلب من الملك الاسباني الاعتذار للشعب المغربي و للمسلمين عن طردهم من الأندلس بالرغم من مرور حوالي ثلاثة عشر قرنا من الزمن ، و لا أحد طلب من المسلمين أنفسهم ، أو من العلويين الاعتذار للأمازيغ عن المجازر التي ارتكبوها في حقهم ولا يزالون يرتكبونها، وعن التحريف و التزوير الذي ألحقوه بتاريخ المغرب
علي لهروشي
مواطن مغربي مع وقف التنفيذ
كاتب روائي بأمستردام



#علي_لهروشي (هاشتاغ)       Ali_Lahrouchi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحراء الغربية بين طموحات الشعب الصحراوي وتخاذل النظام المل ...
- المغرب مجرد تجمع بشري لا علاقة له بمفهوم الدولة
- أسباب ظهور الخلايا الجهادية حاليا ، و الحركات الثورية مستقبل ...
- لبنان ليس هو الحريري ، والحريري ليس هو لبنان فمن ينقذ شعب لب ...
- نداء تاريخي للدعوة لتأسيس الجبهة الثورية الديمقراطية الأمازي ...


المزيد.....




- من تبريز إلى مشهد، كيف ستكون مراسم تشيع الرئيس الإيراني؟
- نيبينزيا: إسرائيل عازمة على الاستمرار بعمليتها العسكرية على ...
- سيناتور روسي: في غضون دقائق ستترك أوكرانيا بدون رئيس
- مادورو: الرئيس الإيراني كان أخي الأكبر ورمزا للثوري الطامح ل ...
- ماسك يؤيد مشاركة كينيدي جونيور في المناظرة مع بايدن وترامب
- الولايات المتحدة وإسرائيل تبحثان خيارات بديلة عن العملية في ...
- دول عدة تقدم التعازي بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والوفد ا ...
- واشنطن تعلن أنها تقترب والرياض من التوصل إلى اتفاق دفاعي
- بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي لهروشي - المغرب وسياسة الأبارتايد