أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - كيف فضحتهم إيران الصفوية؟















المزيد.....

كيف فضحتهم إيران الصفوية؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمات الصحيحة تقود لنتائج صحيحة. والمقدمات الخاطئة تؤدي لنتائج خاطئة. "منطق رياضي".

يبدو العرب اليوم، وعلى أكثر من جبهة، في موقف حرج للغاية، ولاسيما بعد ظهور مقولات من مثل صعود الخطر النووي الإيراني، أو تصدير الثورة الإسلامية، أو التمدد، والهلال الشيعي، إضافة للصداع الإسرائيلي المزمن. وقد تم الإفصاح عن هذه المخاوف، وبشكل جلي ودون مواربة، على لسان أكثر من مسؤول عربي كبير أدت تصريحاته الاستفزازية العلنية، والمباشرة، الخارجة أحياناً، عن اللياقة الدبلوماسية، إلى ما يشبه أزمة علاقات بين الدول المعنية وإيران. وإذا نحينا الجانب "التطييفي" الفاقع للموضوع الذي عبرت عنه تلك التصريحات، فهو لم يكن إلا تعبيراً عن وجود أزمة على جوانب، وصعد أخرى. ولم تكن( التصريحات) في الحقيقة سوى جزء يسير للكشف عن جبل الجليد الإيراني الظاهر، إذا علمنا الكم الهائل من الثقل الاستراتيجي التي باتت إيران تشكله في المنطقة. ولن يعيب أو يضير إيران وصفها، أحياناً، بالفارسية، أو الصفوية، أو التشيع على الإطلاق، فلقد أضحت واقعاً جيوبوليتيكياً ضاغطاً لا تستطيع أية قوة في المنطقة أن تتجاوزه أو أن تتخطاه. لا بل لوحظ في الآونة الأخيرة نوايا حقيقية وجادة لدى قوى دولية فاعلية لإشراك إيران في أي مشروع لتسوية الأزمات المستعصية في المنطقة. وهذه لن تكون بدون أثمان يتوجب على نفس تلك القوى الدولية أن تدفعها وتعترف بها لإيران، ولاسيما لجهة البرنامج النووي الإيراني الذي بدأ يتبلور شيئاً فشيئاً مع الأيام، وإطلاق يدها، والاعتراف بها كقوة رئيسية في المنطقة.

وإنه لمن باب المكابرة، والصلف المغامر، القول بأن حرب الصيف الماضي لم تكن في إحدى أوجهها حرباً بالوكالة A War by Proxy، واستعراضاً مصغراً للقوة، وأنموذجاً أقل فتكاً لما يمكن أن يكون عليه الحال في حال اندلاع مواجهة أشمل في المستقبل، وحاولت إيران أن ترسل، من خلالها، رسائل عدة وفي اتجاهات مختلفة، في حال نشوب أزمات متشابهة "قد" تكون إيران أحد لاعبيها، وفرسانها البارزين. هذه الحرب المصغرة، كانت الأولى في تاريخ المواجهات الشرق أوسطية التي سببت جرحاً، وآلاما مبرحة لإسرائيل، على الصعد العسكرية، والسياسية، والشعبية.

غير أن ذاك الحال الاستراتيجي الإيراني الذي يبدو، حتى اللحظة، واثقاً من نفسه، ومفعماً بعوامل القوة، لم يتأت من عبث وفراغ، وليس مجرد فقاعات هواء، اعتدنا أن نراها كما جرت عليه العادة في هذه الأصقاع. وما المناورات العسكرية الإيرانية التي تقوم بها بشكل أحادي، وتقديم أشقاء جدد، وبشكل روتيني، لمنظومة، وترسانة الصواريخ الإيرانية، إلا دليل على تعاظم هذه القوة والنفوذ الإيراني، أو الفارسي، أو الصفوي الشيعي، وسمه ما شئت، فإن ذلك لن يغير من واقع الحال شيئاً، وربما ما خفي من أسلحة إستراتيجية متطورة قد يكون أمَرّ، وأدهى. ولقد كان هذا في الواقع ثمرة لرؤية إستراتيجية بعيدة المدى، مشوبة باندفاع وطني وإيديولوجي قد تتلطى وراءه أحلام إمبراطورية، لا تبدو للبعض مشروعة. وقد أدى هذا الواقع الجديد إلى اضمحلال قوى إقليمية محورية، وانعدام تأثيرها، وإسقاطها من المعادلات، والحسابات السياسية الإقليمية كلياً، وأدى بدوره إلى شعور بالحنق، والغيظ، وعقد بالنقص، من قبل البعض، ورغبة بالانتقام، يتم من خلالها إعادة إيران خطوات قليلة إلى الوراء.

إلا أن كافة الدلائل والمؤشرات والسلوك السياسي الإيراني العام، ونوع الاهتمامات، وطبيعة الأداء والممارسات التي كانت تقوم بها الدولة الإيرانية الفتية الوليدة كانت تقود، وتصب كلها في هذا المنحى الذي توّج بالبرنامج النووي الإيراني. فمثلاً، وبشكل سريع ومكثف جداً، اختطت إيران لنفسها نوعاً من الديمقراطية المقبولة وسط ديكتاتوريات مستبدة ومستفحلة، وكان هناك تبادل سلمي للسلطة. فتناوب على كرسي الحكم في إيران حوالي ستة رؤساء للجمهورية، إن لم تخني الذاكرة، فيما لا يزال بعض من أباطرة الاستبداد على عروشهم يمارسون ساديتهم في قهر شعوبهم وإذلالها ونهبها. والرئيس الإيراني الحالي أحمدي نجاد، هو من عامة الشعب، وليس ملكاً أسطورياً من ملوك ألف ليلة وليلة، وليس سليل عائلات عريقة، ولا يتبجح بأنه من بني هاشم، ولا قريش، ولا عبد المطلب كما يرّد معظمهم حسبه ونسبه. كما أنه ليس من قبائل حاكمة من فجر التاريخ، وهو رجل معدم ومتواضع، وفقير الحال، وأتى من الصفوف الخلفية، والمنسية مدعوماً بوطنيته الإيرانية وسلوكه الأخلاقي النظيف، ليقض عروش الأكاسرة والقياصرة الذين يحكمون باسم القبائل، والعشائر، والعائلات الفرعونية الرابضة، كالجبال، ولا تتزحزح، إلا بمعية عزرائيل، على قلوب الناس. وأما الرؤساء الإيرانيون السابقون المتقاعدون فهم في بيوتهم وبين الناس يتجولون، ويمارسون حياتهم الطبيعية، ولم يموتوا غيلة، أو يختفوا بالبلاغ رقم واحد، أو يقضي أي منهم بقية حياته في غياهب المعتقلات، والزنازين، والسجون،

وتم استغلال الثروات النفطية والوطنية الإيرانية في التنمية، والبناء، وتقوية الذات، والنهوض من تحت الرماد، بعد حرب مريرة مولّها أباطرة القهر والاستعباد، أنفسهم، وقادها أبو القادسيات، حامي حمى البوابات الذي ينتظر اليوم، وبمرارة، وسخرية قاتلة، حكماُ بالإعدام. وها هي إيران تستثمر في السياسة أحسن الاستثمارات، فيما كانت استثمارات الدول العربية في الصراعات الجانبية والتنابذ بالألقاب، وتبادل الاتهامات والتخوين، والانقسامات والعشائرية والطائفية، والاصطفافات الغريبة التي لا يجمع بينها لا منطق ولا عقل ولا حتى الخيال، وحروب الهواء والفراغ والصرف على كسب الولاءات والرؤوس الفارغة والمأجورة التي لا تشبع من التطبيل ليل نهار. واتجهت نحو الاستعراضات الرخيصة كبناء ناطحات السحاب التي يسكنها الخدم، والهنود، والنيبال، وفي الصرف على مهرجانات التسوق، والفرق الرياضية الخاسرة التي كانت تخرج بذل ومهانة من كافة اللقاءات الدولية، والبذخ، والبطر، والفشخرة الكاذبة، والمشاريع الخاسرة المنهوبة التي تزيد البلد ضعفاً، والتي لا قيمة لها في معايير القوة، كإقامة حلبة جليدية وسط الصحراء، مثلاً، والتبذير على السياحة الجنسية، وسباقات الهجن، واقتناء الجياد الأصيلة، والتجارة بالرقيق الأبيض وحمايتها على أعلى المستويات، ولعب القمار هنا وهناك، والصرف على إعلام تضليلي جاهل هدفه غسل أدمغة الناس والضحك على عقولها، ومحاكاة غرائزها قبل عقولها، وقنوات هشك بشك للرقص وهز البطن ولسد فراغ المراهقين ومداعبة أحلامهم ليس إلا، وإقامة الحفلات الغنائية الراقصة .....إلخ.

ولسنا هنا بالطبع ضد هذا، لكن على ألا يتحول لسياسة عامة لدول، ونهج ثابت أصبح يميز هذه البلدان عن غيرها من شعوب الأرض. فيما تميز السلوك الإيراني العام بالصرامة والاحترام، ونادراً ما ترى إيرانياً زائراً خارج الأماكن المقدسة، فيما الزوار العربان، ومن الدول التي تستشعر الإحراج، حالياً، من قوة إيران، وتتذمر من برنامجها النووي وصواريخها، يعطون عناوين إقامتهم الدائمة في الكازينوهات، والكباريهات، وكنت إذا فقدت أحدهم وأردت البحث عنه فستراه، حتماً، هناك. وهاهي القوة الإيرانية الوليدة، والموقف الدولي منها، والرعب الذي تسببه في المنطقة، قد سببت ركوداً اقتصادياً عاماً، وشبه انهيار في بورصات هذه الدول بسبب حالة الترقب، والتوتر، والاحتقان السائدة.

كثيرا ما يأخذ العرب على إيران، وتراهم يتناولونها من منظور تحريضي وكونها فارسية، أو صفوية، أو مجوسية، أو شيعية، أو إمبراطورية، وإذا كانت تحمل أياً من هذه الألقاب، أو كلها مجتمعة، فهذا لن ينقص من قدرها البتة أو يغير من المعطيات القائمة أو يبدل موازين القوة. فهي قد حشرتهم، للتو، وجميعاً، في خانة ضيقة، وأظهرت عجزهم وضعفهم وهوانهم وتشتت شملهم وسذاجة خياراتهم وتواضع منجزاتهم. ولها الحق كأية دولة أخرى في العالم أن تبني قوتها الوطنية الذاتية التي تحافظ من خلالها على كيانها وعرضها وشرفها الوطني، وهذا أمر لا يعيبها، ولا يجب أن ينازعها عليه أحد.

لن ندخل في المجالات الإستراتيجية الأخرة، والأكاديمية الأكثر تشعباً وتعقيداً وعلى نهج المنظرين الكبار، ولكن، وباختصار، لا يمكن بأية حال إجراء أية مقارنة، ومن أي باب، بين السلوك والأنماط السياسية السائدة على الضفتين المتنافستين على الإطلاق. وأن أي مقارنة، أو أية مقاربة، ومن أية زاوية ستذهب حتماً، وتلقائياً، في صالح الجانب الإيراني، وفي كافة المجالات والصعد، وهو الذي يستحق بجدارة هذا النجاح، وهذا الإنجاز، اللهم إلا في تلك النواحي المذكورة أعلاه والتي أبدع فيها الأعراب أي إبداع.

ولا عزاء للأعاربة على الإطلاق.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتفاضة محاكم التفتيش السلفية
- الهَيْلَمة السياسية
- نساء مصر، و-كامب- الشيخ محمد بن عبد الوهاب!!!
- هولندا والمسلمون: نهاية حقبة
- الفياغرا في زمن البداوة
- هل يعود السفير الأمريكي إلى دمشق؟
- الأمّة الافتراضية
- إيلاف وليبرالية الأعراب
- محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية
- حزب الله الفلسطيني: والخيارات الإلهية!!!
- الجريمة والنقاب
- هل هي قصة لحم مكشوف، أم فكر مكشوف؟
- جبهة الخلاص الوطنية الأمريكية وطريق الضلال
- مثلث برمودا الفكري: نقاب، وحجاب، وجلباب
- قناة الشام الفضائية: الكوميديا السورية السوداء مستمرة!!!
- كل ربع ساعة وأنتم بخير
- المزرعة الإخوانية
- الحوار المتمدن في دائرة الاستهداف
- رئيس مغتصب، و زير نساء
- لا، ........يا وفاء سلطان


المزيد.....




- -عبر السعودية-.. لبيد يرسم مسارا لنتانياهو للإفلات من المحاك ...
- هجوم إيران يطلق حربا عالمية في مواقع التواصل
- العثور على خاتم رئيسي في موقع الحادثة، ما قصة الشيعة مع الخو ...
- بعد أعمال العنف.. ماكرون يتوجه إلى كاليدونيا الجديدة
- طيران سنغافورة: وفاة شخص وإصابات إثر تعرض رحلة بين لندن وسنغ ...
- مظاهرة في اليونان ضد محاكمة 9 مصريين متهمين بإغراق سفينة مها ...
- هذه المرة أوروبياً...ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ
- الماء الدافئ يذيب -نهر يوم القيامة الجليدي- ويثير قلق العلما ...
- استخدام الأسلحة النووية: أحلى على قلب زيلينسكي من العسل
- عواقب مقتل الرئيس الإيراني على بلاده


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - كيف فضحتهم إيران الصفوية؟