أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيولُ ربيع الشمال: 8














المزيد.....

سيولُ ربيع الشمال: 8


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


دارين، كان وحيداً في حجرته، يُتابع بذهن شارد لقطاتٍ من احتفال الروس بعيد النصر على النازية، كان التلفزيون المحليّ يعرضها. وكانَ ما فتأ يفكّرُ في مشكلة صديقه رمّو، وكيفَ السبيل إلى التخفيف منها بقدْرٍ ما. آنذاك، لم تكن عمليات التجميل معروفة. فوق ذلك، كان الشابُ بحاجةٍ عاجلة إلى زراعة ما لا يقل عن مائة ألف شعرة في قحف رأسه؛ ثمة، أينَ انطبعت بحيرة مشئومة وسط الغابة، يفضحها نورُ القمر والشمس سواءً بسواء.
" كانوا قد اقترحوا عليّ، فيما مضى، أن أمضي إلى بيروت حالما حصلتُ على باسبورت مؤقت. كانَ من المؤمل، أن أخطبَ هناك فتاةً جامعية من كرد لبنان. على ذلك، فكّرتُ فعلاً أن أجري ثمة عملية زراعة شعر "، قال له رمّو ثم تابعَ بنبرته الكامدة: " لم أسافر، كون مشروع الزواج تم وأده في مهده لسببٍ لا أرغب بذكره. ثم علمتُ، في المقابل، أنهم يحتاجون في الكلينيك لشعرٍ يُنسل من أماكن أخرى في رأسي كي تتم العملية. وشعر رأسي، مع الأسف، على نفس الدرجة من الضعف ". كادَ دارين أن يتفكّه عندئذٍ، ليطلبَ منه أن ينتزعَ ما أمكنَ من عانة أميلي. وحسنٌ أنه لم يقل له هذا، كونه سيذكّره بفشله في إقامة علاقة مع تلك المرأة. هذه الأخيرة، ستتعرّف لاحقاً على أحد أكراد تركيا، فتضمن له من ثمّ البقاء في السويد بشكلٍ شرعيّ. دارين، كان قد التقى مع ذلك الشاب أكثر من مرة، ثمة في مقهى " الحجرة الحمراء "، المُعَدّ مكانَ تجمّع المثقفين اليساريين في المدينة. رآه شاباً واعياً بالأمور السياسية، ملامحه أوروبية، معتداً بنفسه لكن من غير إسراف.
" لِمَ لا تتدبّر بدَورك امرأةً سويدية، بدلاً من علاقتك العقيمة مع تلك الفتاة المعتوهة؟ "، قال له الثورُ حينَ تداولوا في ذلك المقهى حكايةَ أميلي وصديقها الجديد. أدرك دارين، بالطبع، أنه يعني فتاته ماهو. زوجةُ الثور، كانت حاضرة إذاك بما أنها تعمل بشكلٍ مؤقت في نفس المقهى. عندئذٍ، رفعَ دارين صوته ليجيبَ رجلَ هذه الأخيرة: " لو لم تكن هيَ فتاةً معتوهة، حقاً، لما رفضت كيساً متخماً بالأغذية، عرضها عليها صاحبُ متجرٍ شرقيّ ثمناً لإقامة علاقة عقيمة معها! ". كانَ دارين بالكاد يُنهي الجملة الأخيرة، حينَ لاحَ الثورُ مذعوراً وهوَ يطرفُ له بعينيه كي يتوقف عن الكلام. عاملةُ المقهى، اكتفت على الأثر بنقل نظرتها بينَ المُتجادلَيْن. ما كانت من البلادة، أنّ ذهنها لم يستوعب ذلك الحديث. إنما شاءت، على الأرجح، أن تحتفظَ بالكرامة طالما هيَ متيقنة سلفاً من فساد خميرة والد أطفالها.
لكنّ الرجلَ ما كانَ متجنٍّ تماماً، بوصفه ماهو كفتاةٍ معتوهة. عقلها المُتعب، قادها أخيراً إلى التخلّي عن حجرتها في الكريدور، وطبعاً بمبرر مشكلتها مع الجارة. فعلت ذلك، دونَ أن تجدَ حاجةً للتشاور مسبقاً مع دارين. فما لبثت أن تركت له ورقة تحتَ الباب، تنبئه فيها بذهابها إلى ستوكهولم كي تقيم مؤقتاً عند ابنة العم. لم يُكربه تصرفها. وبالتالي، تنفّسَ الصعداء. عليه كانَ أن يشكرها، كونها لم تحمله على القبول بعيشها معه تحتَ سقف حجرته. من هذه الناحية، توهّمَ دارين أنها عزيزةُ النفس وعلى قَدْرٍ من احترام الذات.
أثناء غياب ماهو، باتت له مشكلته أيضاً. فالحرمان الجسديّ أضحى أمراً واقعاً، لا مفر منه إلا بارتياد أماكن معيّنة علّه يظفر بعلاقة عابرة. في منتصف ذلك الربيع، كانَ قد أنهى مرحلة تعليمية تؤهّله للانتساب لمدرسة الفنون العليا. راجعَ عندئذٍ في ذهنه صُوَرَ زميلات العلم، عسى أن تكون إحداهن مستعدة لعلاقة معه. كانَ ذلكَ بلا طائل، كونهن خيّبن أمله سابقاً لأسبابٍ شتى. كنّ جميعاً أجنبيات، منهن الجميلة المتزوجة والعزباء الدميمة الراغبة بالزواج. حقاً إنه تورّط فيما مضى مع امرأة ذات زوج؛ ولكن، أيّ زوجٍ كانَ؟ لا، إنه مصرٌّ على نبذ هكذا خيار. مع أنه يرغبُ من كل قلبه امتلاكَ جوليا ( ومن النافل القول: أيّ إنسانٍ هوَ صديقها! )، ولو بافتراضٍ رومانسيّ يُجيز له التقدّمَ خبباً فوقَ فرسٍ بيضاء أصيلة كي ينتزعها في غمرة الإطلاقات النارية من ذلك الإنسان المُنحرف ـ كما فعلَ تقريباً بالفتاة الشيشانية الحسناء، بطلُ رواية ليرمنتوف.
لا حاجةَ الآنَ لمزيدٍ من الروايات، بل للجنس. استعادَ القولَ المأثور، المُحرّف قليلاً، المُسجّل باسم رمّو. هذا الأخير، كان في أثناء ذلك قد وجد حلاً لمشكلته؛ أو لعقدته، بتعبيرٍ أصح. توصّلَ إلى إقامة علاقة مع قاصر سويدية، تعرّفَ إليها مؤخراً. كانَ رمّو يُدير أحياناً متجرَ عمّه، الكائن في مركز المدينة، والمختص ببيع السكاكر والتبغ والمجلات. في ذلك المساء، نزلت البنتُ القاصر من مسكنها إلى المتجر، القائم في الدور الأرضيّ من نفس البناء. كانت فتاة ضخمة، تلوحُ أكبر من سنّها بكثير لو احتفظت بالصمت. لكنها ببراءتها، نثرت الكلامَ على مسمع من البائع الشاب. حرّكت عندئذٍ شهوته، بأعضائها الناضجة، المُعلنة والمُستترة. كونه ذرب اللسان، مثلما علمنا، حازَ أيضاً على إعجابها. في مساء اليوم التالي، لما آبت إلى المتجر، استدرجها إلى حجرة المكتب ومن ثم افتضّ بكارتها. منذئذٍ، اعتادت أن تزوره في شقته، ليمارسا الحب في حجرته.
في إحدى المساءات، كانَ نورو يُعدّ سجائرَ اللف من أجل سهرة ديسكو سيرافقه فيها دارين. هذا الأخير، بالكاد تعرّفَ على تلك الفتاة القاصر لما حضرَ للشقة كي يتبادل الأنخابَ مع صديقها وملّاك الأراضي، وذلك قبل المغادرة إلى الملهى. قال نورو ضاحكاً في خلال الطريق إلى موقف الحافلات الكبيرة: " سيضعها صاحبنا في خزانةٍ موصدةٍ بحرص، مثل دمية كبيرة، خشيةَ أن يلعب بها الآخرون! ".
حينَ قفلَ دارين راجعاً إلى المسكن في منتصف الليل، وجدَ ورقة من ماهو تحت الباب: " حصلتُ على مسكنٍ مؤقت في مخيّم للعربات المشدودة بالسيارات، على طريق لوتهاغن، غيرَ بعيدٍ كثيراً عن الكوريدور. سأمرّ عليك غداً مساءً، فلا تخرج من حجرتك. قبلاتي ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيولُ ربيع الشمال: 7
- سيولُ ربيع الشمال: 6
- سيولُ ربيع الشمال: 5
- سيولُ ربيع الشمال: 4
- سيولُ ربيع الشمال: 3
- سيولُ ربيع الشمال: 2
- سيولُ ربيع الشمال: 1
- سيولُ ربيع الشمال: قصة أم سيرة أم مقالة؟
- الصديقُ الوحيد
- سلو فقير
- رفيقة سفر
- أسطورةُ التوأم
- قفلُ العفّة
- فَيْضُ الصوفيّة
- المسيحُ السادس
- تحدّي صلاح الدين
- لقاءٌ قبلَ الغسَق
- اليهودي الأبدي
- الأمل
- أمسية من أجل جوانا


المزيد.....




- الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى. ...
- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيولُ ربيع الشمال: 8