أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - اشواق سلمان حسين - الدين في حدود مجرد العقل














المزيد.....

الدين في حدود مجرد العقل


اشواق سلمان حسين
(Ashwaq Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 6873 - 2021 / 4 / 19 - 16:28
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


"إن الأغشية التي تحتها يتشكل الجنين إنساناً ، ينبغي ان تُنزع ، حتى يمكنه أن يبرُز الى النور"

هذا مايقوله كبير الفلاسفة الفيلسوف الألماني ( ايمانويل كانت ) في كتابه ( الدين في حدود مجرد العقل ) ، ذلك الكتاب الذي يشرح فيه ( كانت ) فلسفته في الدين وعلاقة الدين بالأخلاق.
لكن ما الذي يقصده ( كانت ) بمقولته تلك؟
يوضح ( كانت ) انه يجب تجريد الدين العقلي من كل الشوائب الغريبة عنه ، اي ان يكون مجرداً وعارياً امام العقل من لباس العقائد الرسمية.
ماهو الدين العقلي؟
للإجابة عن هذا السؤال علينا معرفة تقسيم ( كانت ) للدين ، حيث يُقسم الدين الى :

* ( دين طقوسي شعائري ) : وهو دين العبادات ( الدوغمائي ) الخاضع الى قوانين نظامية والذي يفرض احكامه وطقوسه على اتباعه ، بدعوى مرضاة الله ، والذي يتخذ مبدأ الثواب والعقاب لردع الإنسان عن الوقوع في الشر ، او اغراؤه ليسلك طريق الخير ، وهذا النوع من الدين يتحكم فيه ( اللاهوتيين ) الذين يمنحون لأنفسهم الحق في تسيير الناس وحياتهم وفق قوانين تُسمى( الشرائع الدينية الإلهية).

يوضح ( كانت ) ان كل من يقبل الخضوع الى تلك القوانين ، والى من ينصبون انفسهم ممثلين لله في الأرض ، فإن ايمانه لن يكون سوى ( ايمان تاريخي متوارث ) نُقل اليه عبر الأجيال ، والتي كان ( الوحي ) و ( المعجزة ) قد لعبا الدور الأهم في ايصاله للإنسان.
ذلك النوع من الدين لم يختره الإنسان بكامل حريته ، بل وجد نفسه مجبراً لإعتناقه فقط لأن آباءه واجداده قد اعتنقوه.
ذلك الدين كما يسميه ( كانت ) هو دين العبيد الذين يستعملون الشعائر دونما فهم لمعناها ، في تملق نسقي للإله الغائب ، تم تحويله الى جهاز ابتزاز اخلاقي للإنسان.
دين يهتم اتباعه بأداء طقوس وحركات يظنون انها ستغفر لهم كل ذنبوهم عند الله مهما كانت ، وهذا يذكرني بأحد المهتمين بحضور مجالس اللطم والمحاضرات الدينية ، حيث كان يهلك نفسه بالبكاء والعويل على ابن بنت رسول الله ، وفي الوقت نفسه فإن اي فتاة تمر من امامه لن تكون في مأمن من نظراته الوقحة او كلماته المتحرشة.
كذلك يذكرني بذلك الذي يطوف حول الكعبة ويرمي الشيطان بالحجرات وهو لا يتوانى عن ارتكاب ما يستحي الشيطان من فعله ، لكنه يظن ان ( الحج ) الذي يقوم به يغفر له كل خطاياه.

* ( الدين العقلي المحض ) : وهو دين الأحرار القائم على تفكر الإنسان وحريته القائمة على ذاته الأخلاقية ، والذي يتمثل الله فيه بالأخلاق وليس بالطقوس والعبادات ، اتباعه لا يرتكبون الجرائم لأن هناك قانوناً سيعاقبهم ، بل لأن هناك ( ضمير اخلاقي ) يردعهم من القيام بذلك ، وإلا ان لم يكن الضمير الأخلاقي هو الرادع فسيكون هناك امكانية القيام بكل الجرائم ان تم التحايل على القانون والافلات من العقوبة القانونية.

هذا الدين لا يكمن في اي نوع من العبودية ، بل في القدرة على ممارسة حرية العقل في معرفة الله ، والذي ليس ل ( اللاهوتيين ) القدرة على التحكم فيه وفرض الفتاوى التي تملي عليه ان يتحرك شمالاً او يميناً كدمية يتم تحريكها بخيوط تمسك بكل اطرافها ، هو دين يليق بالعقول الإنسانية ، اتباعه يعرفون الله على انه ليس ( ماهية ) تحتاج لطقوس معينة للتقرب منه ، بل ماهية تدعو لأخلاق تسمو بأنسانيتهم لترتقي فتحيلهم الى اسوياء لا يمكن لهم مهما غاب القانون ان يرتكبوا اي نوع من الجرائم او الرذائل الأخلاقية المنحطة.
يوضح ( كانت ) هنا على ان ( الأخلاق لا تأتي من الدين ، بل إن الدين يأتي من الأخلاق ) ، بمعنى ان الإنسان ان كان رذيل الأخلاق وله نوازع للشر فلن يردعه الدين وإلا فإننا على هذا الأساس لن نجد مرتكبي جرائم ابدا من المسيحيين واليهود والمسلمين ، ولأصبح الجميع يحلقون بأجنحة الملائكة من معتنقي الدين ، في ذات الوقت يمكن ان نجد من الأشخاص ممن لا يعتنقون اي دين ، يمتنعون عن ارتكاب الرذائل لأن ضميرهم الأخلاقي هو من يردعهم عنها.

لا يتحدث ( كانت ) في كتابه عن نظريته في الأخلاق والدين وحسب ، وانما يتطرق الى امور فلسفية كثيرة ليست ببعيدة عن موضوع كتابه الأصلي جعلته يقسم كتابه الى 4 اجزاء او ( قطع ) هي :
1.الإستعداد الأصلي للخير في الطبيعة الإنسانية.
2. النزوع الى الشر في الطبيعة الإنسانية.
3. إن الإنسان شرير بالطبع.
4. اصل الشر في الطبيعة الإنسانية.

لم يكن كانت ضد الدين ، بل كان يدعو الى دين حر قائم على اسس اخلاقية نابعة من الذات وليس من تهديد بعقاب او اغراء بثواب ، دين لا ينسب الجنة لنفسه ويفرض على جميع البشر اعتناقه لأنه الدين الصحيح ، دين لا يوظف الكهنوتيين كممثلين له ، بل ان الضمير الأخلاقي وحده هو من يمثله.



#اشواق_سلمان_حسين (هاشتاغ)       Ashwaq_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا هو الإنسان
- لماذا النشوء والتطور حقيقة؟
- هل الحب فن؟
- كانديد ، مراجعة ورؤية فلسفية


المزيد.....




- غراب أبيض اللون..مصور يوثق مشهدًا نادرًا في ألاسكا
- طالب بجامعة كولومبيا في أمريكا يصف ما يحدث وسط المظاهرات.. ش ...
- ما السر وراء الشبه الكبير بين حارس مقبرة أخناتون والفرعون ال ...
- أسرار -أبرامز- الأمريكية في أيدي المتخصصين الروس
- شاهد لحظة طعن سائح تركي شرطي إسرائيلي في القدس
- -بسبب رحلة للغلاف المغناطسي-.. أشعة كونية ضارة قصفت الأرض قب ...
- متطوعون يوزعون الطعام في مخيم المواصي للنازحين الفلسطينيين ف ...
- محكمة العدل الدولية تصدر قرارها اليوم في دعوى تتهم ألمانيا ب ...
- نجم فرنسا: لهذا السبب لا يناسب زيدان بايرن ميونيخ
- نتنياهو عازم على دخول رفح والشرطة تقتل تركياً طعن شرطياً


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - اشواق سلمان حسين - الدين في حدود مجرد العقل