أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد موسى عويسات - صدق الإنتماء يبدّد الافتراء














المزيد.....

صدق الإنتماء يبدّد الافتراء


محمد موسى عويسات

الحوار المتمدن-العدد: 6705 - 2020 / 10 / 16 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


قراءة في رواية "أنا من الدّيار المقدّسة"، رواية للفتيان للرّوائي جميل السّلحوت. صدرت الطّبعة الأولى عن دار النّشر( مكتبة كلّ شيء من حيفا) هذا العام 2020، ويحمل غلافها الأوّل لوحة للفنّان التّشكيلي كالب الدويك.
ملخّص الرّواية: فتاتان من فلسطين، من مدينتي القدس وبيت لحم، من أسرتين مسلمة ومسيحيّة تعيشان في أميركا، وتلتحقان بمدرسة أمريكيّة في ولاية إلينوي، يثور بينهما وبين معلمتهما ومعها المديرة، خلاف على تسمية فلسطين بإسرائيل، وأنّ القدس هي مدينة يهوديّة وعاصمة لدولة إسرائيل. اقتضى ذلك أن يتدخّل أولياء أمورهما، نجحت الفتاتان ومعهما أولياء أمورهما في تشكيك المعلمة والمديرة بمعلوماتهما عن القضيّة الفلسطينيّة، وأنّها معلومات خاطئة من صنع الإعلام الصّهيونيّ، فاضطرّت المعلمة والمديرة لزيارة فلسطين في رحلة سياحيّة، لتستكشفا الحقائق بنفسيهما، فقامتا بجولة في القدس وبيت لحم والبحر الميّت، وبعد زيارة الأماكن المقدّسة والاختلاط بالنّاس، ورؤية إجراءات الاحتلال وشهود تعسّفه وجرائمه، اقتنعتا بعدالة القضيّة الفلسطينيّة، وعادتا إلى أميركا نصيرتين لهذه القضيّة ومؤمنتين بعدالتها، وأنّ الإدارة الأمريكيّة تضلّل شعبها وتزوّر الحقائق بتأثير من الحركة الصّهيونيّة وإعلامها.
القارئ للرّواية والمتمعّن فيها يجدها تأخذ أبعادا كثيرة، وتحمل رسائل عديدة لأطراف كثيرة. فالكاتب أبدع في وصف العقليّة الأمريكيّة، وكأنّه يرصد فيها طبائع هذا الشّعب ممثّلا بهاتين المربيتين المعلمة ومديرة المدرسة، ومنها أنّ الشّعب الأمريكيّ لا يهتمّ كثيرا بالشّؤون الخارجيّة، ولا يكلّف نفسه عناء البحث عنها، فهو ليس مثقّفا في هذا الجانب. ومنها أنّه مأسور لإعلامه الرّسميّ وغير الرّسميّ، فحكومتهم تصوغ عقليّاتهم وأفكارهم كما تشاء، فأن يعترف ترامب بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل صكّ ودليل على أنّها مدينة يهوديّة في نظر المعلّمة. ومنها أيضا الأسلوب التّربويّ الرّاقي في معالجة الخلاف الفكريّ بين الطّالب والمعلّم، الذي لا يميل للقمع. ومنها أيضا البحث عن الحقيقة عند الشّعور بجهلها وأنّ ما عنده يخالف الواقع. فالمعلّمة ومديرتها تتكلّفان السّفر إلى فلسطين؛ للتثبّت من حقائق اقتنعتا بهما في أميركا، وأرادتا دليلا على ذلك. وهاتان الأخيرتان تعدّ من القيم التي نحمدها، ويجب أن نلفت انتباه أبنائنا لهما، فنحن أولى بهما.
البعد الثّاني في الرّواية هو الدّور التّربويّ التثقيفي التي تقوم به الأسرة الفلسطينيّة خاصّة والعربيّة عامّة أو يجب أن تقوم به، في تعريف أبنائها بقضيّة فلسطين وعدالتها، ومعرفتها جغرافيّا وتاريخيّا، وتحصينهم من الفهم المشوّه الذي يزرعه الإعلام الأمريكيّ الصّهيونيّ.
البعد الثّالث، استخدم الكاتب أربع مؤثّرات في إقناع المعلمة ومديرتها بعدالة القضيّة، المؤثّر الأول ثقة الطّالبتين من معلوماتهما وصدق انتمائهما للقضيّة، ودعم أسرتيهما لهما، فلم تكونا في موضع ضعف واستخذاء. الجانب الثّاني هو التّراث الفلسطينيّ الماديّ والمعنويّ، ومنه المعالم العمرانيّة الدّينيّة وغير الدّينيّة في المدينتين القدس وبيت لحم والنبذ التّاريخيّة المختارة، أمّا الثّالث فإجراءات الاحتلال الإجراميّة التي رأتها المعلّمتان بأمّ عينيهما، وإجرامه من مثل قمع مظاهرة وجرح المتظاهرين، وترك أحدهم ينزف حتّى الموت، ثمّ الادّعاء بأنّه حاول الطّعن بعد أن ألقوا سكينا بجانب جثته. وهذا يحسب للكاتب في معرفة التّكوين العقليّ والنفسيّ للأمريكيّ، وكيفية التّأثير فيه وإقناعه. وأمّا الرّابع فهو إعطاء صورة للتّعايش بين المسلمين والمسيحيّين في فلسطين، وهذا مؤثّر دينيّ مهمّ في عقليّة الأمريكيّ خاصّة، والذي تصوّر أنّ مسيحيّي فلسطين ليسوا عربا، بل إنّ اختيار مدينتي القدس وبيت لحم يأتي في هذا السّياق.
من النّاحية الفنّيّة نجد الرّواية قد جاءت بنمطين مختلفين باختلاف المكان، فكانت قد اعتمدت الحوار بين الشّخصيات في أميركا، وكان حوارا مناسبا لأفهام الذين وجّهت لهم الرّواية، وامتاز بالبلاغة والإيجاز، أمّا الأحداث في فلسطين خاصّة، وسرد المعلومات فجاء ضمن جولة سياحيّة وتصوير للمكان، ولم يخل من المعلومات التّاريخيّة المركّزة، وبعض اللّفتات المقصودة، التي يراد بها الإقناع دون إثقال. وقد رأيت الكاتب قد نجح في إعطاء الأحداث بعدا مكانيّا، أو إعطاء المكان بعدا سياسيّا متمثّلا في الاحتلال، لم يطغَ على البعد الجماليّ، فعلى سبيل المثال مزج الكاتب بين النّهب الاقتصاديّ لثروات البحر الميّت وبين التّشوية الجماليّ للمكان بطريقة فنّيّة لافتة ودقيقة، فكان أن حمّل الرّواية رسالة بأنّ الاحتلال يقتل الجمال أيضا في فلسطين، وكلّ هذا يقتضية الصّراع على المكان.
المدقّق المتدبّر للرّواية يكتشف أنّ الرّواية ليست موجّهة لفتيان فلسطين وحدهم، بل هي موجّهة للأمريكان أو الفتيان في العالم الغربيّ بشكل عام، فكأنّ الرّواية تلحّ في طلب ترجمتها إلى لغات أخرى، ففيها نكهة الأدب العالميّ، الذي يفوح برائحة الإنسانيّة، والكاتب لم يجعل شخصيّات القصّة في موقف دفاع أو ضعف، فالرّواية تقطر ثقة بعدالة القضيّة، ولم يستغرق الكاتب في حشد أدلّة وبراهين تجلب الإملال للقارئ.
وممّا يحسب للرّواية أنّها ضمّنت الكثير من الصّور للأماكن المقدسّة والتّاريخيّة في فلسطين. وهذا ممّا يقتضية الجانب التّربويّ التأثيريّ.
القدس. 15/10/2020



#محمد_موسى_عويسات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة في رواية المطلّقة
- نظرة في كتاب خلف العبيدي
- رحلة في براري القدس.
- الدجاجة تطير-قصة للفتيان
- وقفة مع رواية -كنان يتعرف على مدينته-
- ثلاثون شمعة وثلاثون زهرة لندوة اليوم السابع..
- نظرة في ديوان على ضفاف الأيام
- وجهة نظر في رواية وجه آخر
- نظرة في كتاب رحلة القمر
- الخاصرة الرخوة رواية اجتماعية محورها المرأة
- قراءة في كتاب -مِن بين الصّخور مرحلة عشتها-.
- نظرة في رواية الحائط
- نظرة في ديوان (ما يشبه الرّثاء)....
- نظرة في رواية -تايه- لصافي صافي
- رواية كرنفال المدينة وهموم القدس
- نظرة في رواية جداريات عنقاء
- أشواك البراري والسّيرة الواقعيّة لكاتب
- عذارى في وجه العاصفة


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد موسى عويسات - صدق الإنتماء يبدّد الافتراء