أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد موسى عويسات - نظرة في ديوان على ضفاف الأيام














المزيد.....

نظرة في ديوان على ضفاف الأيام


محمد موسى عويسات

الحوار المتمدن-العدد: 6500 - 2020 / 2 / 27 - 03:40
المحور: الادب والفن
    


الديوان للشّاعرة نائلة أبو طاحون، في طبعته الأولى لهذا العام 2020 الصّادر عن دار النّشر (مكتبة كلّ شيء حيفا)... يقع في أكثر من تسعين صفحة، وأخذ الدّيوان اسم القصيدة العموديّة على ضفاف الأيام والتي مطلعها:
ما أنت إلا الشّمس تشرق في غدي ... وسناء فجر رائع متجدّد
والديوان فصلان: الأوّل للشّعر العموديّ، التزم بحور الشّعر العربيّة المعروفة، ومجموع قصائدة سبع وعشرون قصيدة، عدد غير قليل منها من المقطوعات التي لم يبلغ معظمها عشرة أبيات... وثلاث قصائد منها تجاوزت العشرين بيتا. أمّا الفصل الثاني فكان لشّعر التّفعيلة، وربّما كانت فيها الشّاعرة أطول نفسًا.
وبجمع الشّاعرة بين هذين الصّنفين من الشّعر، مع توفر الخصائص الفنّيّة المتعارف عليها في الشّعر الجيد، نكون أمام شاعرة مُجيدة. ومن حيث الموضوعات نجد الشّاعرة قد جمعت بين أغراض عديدة منها: الرّثاء في قصيدة (أمّاه) والتي بلغت خمسة وعشرين بيتا. وقضيّة فلسطين والقدس، من مثل قصائد: عنقاء فلسطين، وخلف الجدار، وعلى شطآن يافا، وقصيدة لأسرانا البواسل، وقصيدة لا تساوم. وقد أبدت فيهما التشبّث بالوطن والقدس، ورفض المساومة عليهما، والحنين والأمل بالعودة والاستبشار بالتّحرير، ولوم العرب لتخاذلهم عن نصرة القدس. وهناك التّأمّلات الفلسفيّة من مثل قصيدة الموت، وعمري أنا، وجذوة العشق. وكذلك قصائد عاطفيّة في الشوق وشكوى بعد الحبيب وغيابه، من مثل قصيدة أيّها البعيد، وضفاف الأيام وغيرها.
وأول ما امتاز به شعرها هو جمال اللّغة، ومهارة اختيار الألفاظ اللّطيفة التي توافق الغرض، وتشكّل البناء الموسيقيّ الدّاخليّ الثّر، والتي توحي بطبع لا تكلّف فيه. فلا غرابة في ألفاظها ولا ابتذال، ويبدو عليها التّأثر بلغة القرآن في ألفاظ كثيرة. أمّا التّصوير والخيال والتّشبيهات والاستعارة فبدت رائقة بعيدة عن الغرابة أيضا، وإن كان بعضها بسيطا يصدر عن طبع بريء بعيد عن التّكلّف والتّعقيد. ومن أمثلة التّصوير البديع: تقول في قصيد ضفاف الأيام:
أطلقت في بهو الضّلوع فراشة ... زهو الفراشات الجميلة ترتدي
لتمرّ في غابات شوق جارف ... يصطاد ما بالقلب من نبضٍ صدي
وتقول في قصيدة ترثي فيها أمّها:
حزن يغلّف خافقي
كمحارة...
ألقى بها الموج على شطّ غريب
لا الموج يذكرها ولا
قلب حبيب.
ومن الميزات الملحوظة بكلّ وضوح في شعر الشّاعرة الغنى الموسيقيّ الذي جعلها أو جعل معظمها غنائيّا بحتا، وسرّ هذا في اختيار البحور الأكثر غنائيّة، كالبحر الكامل أو الوافر مثلا، والتّفعيلات في شعر التّفعيلة كـ (متفاعلن)... وسرّه كذلك في اختيارها الألفاظ الرّقيقة الخفيفة التي تتكاتف في صنع موسيقى داخلية آسرة، مثال ذلك في قصيدة غرّد الطير وهي من الوافر:
غرّد الطّير بأفنان الزّهر ... والخرير العذب ألحان النّهرْ
في نسيم الصّبح ريح خلته ... من شذا الشّوق تمادى وانتثرْ
رفّ قلبي وزها من وجدي ... حين مرّ الصّبّ فيه وعبرْ
وانظر في قولها في قصيدة رفيق الرّوح، وهي من بحر الهزج:
رفيق الرّوح لو تدري بأنّي بتّ ملتاعةْ
أبثّ الليل أشواقي إلى لقياك لو ساعةْ
تجدّد للهوى عهدا بأمر السّمع والطاعةْ
وعلى بساطة المعنى والصّورة تجد في هذه الأبيات فيضا موسيقيّا غامرا، بل قد وفّقت الشّاعرة في اختيار التّاء السّاكنة ليتناسب الصّوت مع الغرض والسّياق.
ونجد في كلّ هذه الميزات أنّ الكاتبة كانت صادقة العاطفة، ففي رثاء أمّها بدت في حزن ومشاعر غير متكلّفة، وكذلك فيما تعلّق بالقدس ويافا أو في أشعارها العاطفيّة المضمّخة بالشّوق والحنين والشّكوى، إذ كانت بعيدة كلّ البعد عن المبالغة والتّواري خلف استعارات وأخيلة غريبة متكلّفة، وهي شاعرة غير بكّاءة، يملؤها الأمل والاستبشار بالفرج. ولا أجانب الصّواب إن قلت أنّي أشتمّ فيها رائحة الشّعر العباسيّ، وبخاصّة أشعار المطبوعين، ولكن ينقص شاعرتنا المجيدة النّفس الطويل في شعرها العموديّ الرّائق، كي تلحق بهم، ولا أظنّ هذا يعجزها.
وأخيرا أشير إلى أنّني كنت مررت بالمقدّمة التي كتبها الدكتور المصري علي أبو عميرة، مرور غير مدقّق فيما يقول، لأعود له بعد أن قرأت الدّيوان بإنعام نظر وتذوّق. فوجدته قد قال فيه حقّا، وكان فيه صاحب نظرة دقيقة وتعبير بليغ.
ولا يسعني إلا أن أبارك للشاعرة ديوانها، وأبارك للمسيرة الأدبيّة في فلسطين هذه الشّاعرة المطبوعة.



#محمد_موسى_عويسات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهة نظر في رواية وجه آخر
- نظرة في كتاب رحلة القمر
- الخاصرة الرخوة رواية اجتماعية محورها المرأة
- قراءة في كتاب -مِن بين الصّخور مرحلة عشتها-.
- نظرة في رواية الحائط
- نظرة في ديوان (ما يشبه الرّثاء)....
- نظرة في رواية -تايه- لصافي صافي
- رواية كرنفال المدينة وهموم القدس
- نظرة في رواية جداريات عنقاء
- أشواك البراري والسّيرة الواقعيّة لكاتب
- عذارى في وجه العاصفة


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد موسى عويسات - نظرة في ديوان على ضفاف الأيام