أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - جماليات إيقاع التقابل في -تحوّلات- / الشاعر عبد المنعم القريشي *














المزيد.....

جماليات إيقاع التقابل في -تحوّلات- / الشاعر عبد المنعم القريشي *


مؤيد عليوي

الحوار المتمدن-العدد: 6687 - 2020 / 9 / 25 - 04:14
المحور: الادب والفن
    


أن قصيدة النثر عند الشاعر عبد المنعم القريشي، تنز من يوميات الواقع العراقي ببعد وثقافة الشاعر الانسانية، فأغلب قصائده هي مصائر الفرح والمرارة والألم والخسارات اليومية للناس، في وطن مهمل فيه الانسان منذ عقود بل منذ قرون الطويلة...، لتمرّ الصور الفنية فيها بما خلف اللفظ من معانٍ أمامك وكأنك تعرف المعنى المراد فربما احسسته ذات مرة في زقاق ما أو شارع ما، أو ربما في مدينة من العراق، أو في دولة ما في هذا الوجود .
أما إيقاع التقابل هاهنا من الايقاع الداخلي لقصيدة النثر على حد تعريف د. رمضان حينوني، الذي يقصد به نوع من إيقاع الجملة، تتقابل فيه الجمل أشكال مختلفة، بعضها للتضاد، وبعضها الآخر للتكرار أو للتعداد أو للمقارنة، ومنه تقابل التضاد في "تحوّلات" حيث الجمل تختص بالإنسان فردا يراد منه التعبير عن الحياة الانسانية في وقت كورونا ، معبرا عنه الشاعر في جو اسطوري :
(تسقط من الأعلی الی الأسفل
ومن الأسفل الی الأسفل
وتنسی أنك سقطت
وتنسی مسقط رأسك
يا للهول !!! )
وهذا المعنى " السقوط الى السفلية " ليس منعزلا عمّا قبله من المعاني، فهو نتيجة لما آلت له حياة الفرد الفقير في الكون
(هكذا قالت الأرض :
أنا الحانة الكونية
السكری بالارجوان والنار
أطل بفايروسات وملذات / ....) في العالم إذ للفقير فيروسات الموت، وللسلطة وأغنيائها ومترفيها، وما يحلق حولها من عرافيين ورجال دين، و..، الملذات ليكون تقابل التضاد لمعنى "السقوط الى السفلية" في المعنى الاتي من نهاية القصيدة :
( في الشر المحض تكمن التفاصيل
وحينئذ يعقد العارف صداقة رمادية، يصعد
يصعد . . .
يصعد . . .
وكل هذا الصعود هبوط إلی غابة الإيروس،
منتصرا بصقل سيفه الخائن
وطاردا أوهام النار
وصور الغثيان والحمی
من جسد يتكور في لذته .)
وفي تقابل التضاد جديد لـ" السقوط الى السفلية"، إلا انه ساخر هذه المرة من السلطة المتجسدة بأسطورة أدبية "الملك " الذي هو يتصل بالعراف أو رجل الدين من وعاظ السلاطين، اسطورة خلقها الشاعر عبد المنعم القريشي في نصه الشعري، جاعلا منها السؤال الوجودي حول قيمة حياة الانسان، بل جاعلا منها السؤال حول الشعارات التي ترفعها الانظمة في العالم ومنظماتها الدولية، والانظمة الثيوقراطية واحزابها وحركاتها في العالم، كان السؤال المخفي في السخرية من واقع الموت اليومي للإنسان بسبب الوباء دون أي قيمة للإنسان، في تقابل التضاد مع مقطع "السقوط الى السفلية" بمعنى الموت كما تقدم، مع مقطع القصيدة التالي :
( أهكذا عملت بنا التفاحة ؟؟؟
وتكتشف بعد فوات الأوان
لماذا منع الملك زراعة التفاح
من أجل ماذا
أمن أجل ألا تتذكر طعم الحياة ؟ )
وفي تقابل تضاد ثانٍ ينتمي الى الفلسفة الوجودية بتجلي واضح رافضا وصاية العرّاف والعارف وسلطة الملك وكل وصاية :
(السماء تلطخ شفتيها بالأحمر القاني، وتجبرك أن تمشي بخط مستقيم، وحين يعوج الطريق بين قدميك، تكون أنت، أنت وغيرك أول الضحايا ، هكذا هي الشعوب الآيلة للإنقراض، تبعث رسائل الحديد إلی قلوب لم يبق منها إلا كريات عالقة علی الجدار)
الذي يضاده معنى الرفض للشاعر لهذا في المقطع التالي :
(أقف في الطريق، الطريق المنعزل، لا أنتظر عرافا أصفر الصحائف، أو كاهنا من الرخام
يلقي درسا عن العزلة، أو عن العام المنصرم، وكيف يمشي علی رأسه كي يصل الی السماء
معتمرا شهوة الانكسار، وكهوف الغابة، والجري وراء حكمة مقطوعة القدمين .
في الشر المحض تكمن التفاصيل
وحينئذ يعقد العارف صداقة رمادية، يصعد/ ...)
فيعمل ايقاع تقابل التضاد هذا على خلق اجواء الاسطورة الادبية في النص، التي تمنح قصيدة النثر عند عبد المنعم القريشي بعدا انسانيا متأملا، حيث نكتشف إشكالية الوجود نفسها والسؤال الدائم للبشر لماذا تمر هذه الادوار وهذا التاريخ على طول امتداد وجود البشر، ولماذا هذا يفعل الخير وذاك يفعل الشر؟ مادام الجميع يمر بذات الدورة من حركة الكون ليصل الى نهايته المحتومة؟ .
وثمة نوع ثان إيقاع التقابل الداخلي وهو تقابل التعداد، الذي يخلق نوعا من تسلسل الاحداث لما يمر بالإنسان في هذه الظروف من العالم، في جوا اسطوري ايضا :
(ولكنها الآن ثملة، واقفة --وأقصد الحياة -- بين فكي أسد خرف بليد . . .
يهيئون هيكلك،
يقشر
يسلخ
يطبخ
ويقدم طازجا
علی موائد الهواء
في حدائق اللئام
ثم يجمعون ما تبقی من عظامك
في صناديق النسيان )
ثم يتواصل المقطع ذاته الى النقيض الذي مازال يمارس لعبة الوجود المترف منه أو الفقير، الذي ينظر للإنسان الاخر وهو يرحل عنه:
(دون أن يرف لهم حائط
أو شجرة سوداء
وأنت، أنت، أنت
لم تكشر لك الحياة بأنيابها النارية، المحتفلة أمامك بمرح وسرور بالبشر
المزدحمين بالموت والفايروسات
القادمة من التاريخ .)
وفي تقابل التكرار في المعنى من الايقاع الداخلي كما عرفه د. رمضان حينوني
( هكذا قالت الأرض :
أنا الحانة الكونية
السكری بالارجوان والنار
أطل بفايروسات وملذات
وكوابيس مملوءة بالحصی
ونار التماثيل ،)
ليكرر المعنى فيما بعده من بداية القصيدة :
( هكذا هي الأرض :
إمرأة متيبسة
فوق نعاس التقاويم
الخارجة من فم الفجيعة .
وهكذا هي الروح :
تترك فاصلا موسيقيا من الجحيم
لتعود الی النار الأزلية
الخارجة من بؤبؤ اللامبالاة .
وهي تحدق في الأرصفة الضاجة بالحيوانات النافقة، والورود الهاربة من مستقبلها .
تسقط من الأعلی الی الأسفل )
...........................................................................................
*قصيدة "تحولات "، الشاعر عبد المنعم القريشي ، موقع الاديب العراقي، اتحاد الادباء والكتاب العام في العراق .



#مؤيد_عليوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط
- سيرة نضال نجفيّة في قصيدة -خطى على ضفاف- *
- فنيّة اليوميات ولغتها في ولهِ الشاعر عمر السراي
- فنيّة القافية عند الشاعر د. وليد جاسم الزبيدي / ديوان -أناشي ...
- التضاد المكاني في قصيدة -الملوك - لكريم جخيور
- لا اشبهكَ
- همس الايقاع الداخلي في مكان قصيدة - شهرزاد - لرسمية محيبس *
- طفولة بنات الشوارع في فنية السرد القصصي ل-هي لا تشكو.. الى م ...
- ما يخبئه النص في جيب المكان لديوان - ثمّة قلق- عماد الحيدري
- ولادتي
- فنيّة القافية والسكون في قصيدة -أرقص معي -
- فضاء النص / الشارع في قصص -ضفاف النيل - *
- قصة همومُ أرضٍ
- بداية القصص ودلالتها في -عزف بلا أوتار-*
- - حَيْهل - وسرد الحداثة وما بعد الحداثة
- الميتا – قص ... - ما تجلّى في العتمة - *
- رمزية الحداثة وما بعد الحداثة في رواية- السقشخي - لعلي لفته ...
- الشخصية الرئيسة ودورها في بناء القصص القصيرة
- عرض وتحليل لكتاب - قصص الرواية -*
- الرفض في قصص فارس عودة


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - جماليات إيقاع التقابل في -تحوّلات- / الشاعر عبد المنعم القريشي *