أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عصام نكادي - سُبات














المزيد.....

سُبات


عصام نكادي
طالب باحث، حاصل على شهادة الإجازة في شعبة علم الإجتماع من جامعة ابن زهر.

(Issam Ngadi)


الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 10 - 00:48
المحور: كتابات ساخرة
    


خرج من جحره الذي يبعد عن مدينة " quaestio " بحوالي العشرة كيلومترات، لا يعلم كم لبث في عالمه المظلم هذا، ولا يريد أن يعلم ؟ فالأسئلة بالنسبة اليه لا معنى لها ما دامت كل الأجوبة موجودة؛ فهي تسبقه زمانيا ومكانيا. أسلم رجليه للمشي بخطوات قارة وثابتة صوب المدينة بغية الالتقاء بمسامريه الذين فقدهم منذ مدة لا يعلم زمنها؛ فهو شخص لا يعرف شيئا عن نفسه وعن وجوده، كل ما في الأمر أنه يريد استدعاء زملاءه الذين يشاطرونه نفس منطق تفكيره ويتقاسمون معه نفس المنظار الذي يطل من خلاله على الاشياء. وصل الى مدينته المنشودة، وتوقف قليلا يقلب عينيه حول المكان، فاغرا فاهه، تاركا المجال والحرية الكافيتين للذباب كي يرتشفوا قليلا من الزبدة الملبدة حول حواف شفتيه المتشققتين. أجال بعينيه الواسعتين على الوجوه المنشرحة والعابسة، ثم دُهش من أثر البنايات والطرقات. كل شيء هنا تبدل. حملق مليا في الناس فبدوا له مختلفين تماما عنه. الكل هنا تغير. فالطيور اتخذت لنفسها تغاريد مختلفة عن ما ألفه، والقطط اصبحت لها الحرية في التجول بين الأزقة وممارسة الرذيلة امام اعين المارة، وملابس النساء اصبحت تكشف عن ما يعتبره هو "مفاتن" ومغريات. فرك عينيه جيدا ثم أعاد النظر بتركيز أكثر، وتيقين بعد ذلك بأن كل ما يراه حقيقة لا مفر منها. ثم حدث نفسه قائلا : يا إلهي، ماهذا، ما الذي أصابني؟ هل هذا بلاء منك أم أن قوما ما غيرُ قومي عمرّوا المكان وعاثوا فيه فسادا ؟
قصد أحد الشباب الذين لم يعجبه مظهرهم لعدة أسباب من بينها أنه يرتدي ملابس ليست كالتي يرتيدها، وله قصة شعر مغايرة تماما عن شعره الأشعث غير المرتب، ثم سأله :
- السلام عليكم، من أيت قبيلة أنت يا هذا ؟
- أنا لا أنتمي لأية قبيلة؟
- وماذا تفعل هنا ؟
- أنا مواطن، وهذا فضاء عام ومشترك، لماذا تسألني هذه الأسئلة ؟ هل أنت شرطي أم ماذا؟
لم يفهم شيئا من كلمات ومصطلحات الشاب. فالمواطنة والفضاء العام أشياء لا يعرف عنها شيئا ولم يسمع بها في حجره من قبل.
- لم أفهم قولك هذا، ما الذي تعنيه بمواطن وفضاء عام ؟
- هل تمازحني أم ماذا ؟ أنت في الألفية الثالثة ولا تعرف هكذا مصطلحات؟ عجيب أمرك أيها الشيخ.
- كلمة "الشيخ" فهمتها وأعرفها معناها، انتظر، انتظر، ما الذي عنيته بالألفية الثالثة رجاءا ؟
- انها تقويم زمني يقاس به عدد السنين بدءا من سنة ميلاد يسوع ؟
- يسوع ؟ هل أنت نصراني، نعلة الله وعليك أيها الكافر، سوف أجثت عنقك من مكانه وأفصل ذراعيك من خلاف. لا تكرر هذا المصطلح مرة أخرى.
عند انتهاءه من إلقاء سبابه ورشق الشاب بشتائمه، فرّ الشاب هاربا متوجها الى مخفر الشرطة لكي يبلغ عنه.
بدأ يجول في المكان، فجأة سمع صياح باعة الخضر والفواكه في السوق الذي كان يبعد عنه بضع خطوات. نظر الى كتفه الايمن فإذا به يجد ذبابة مسترخية عليه تستمتع بأشعة الشمس المتوهجة، فضربها بسرعة حتى طرحها مواتا ثم تجوه إلى السوق بخطوات متثاقلة. وصل الى مدخل السوق الرئيسي ورأى امرأة تتزاحم مع الرجال لكي تأخذ حصتها من فاكهة البرتقال التي كان بائعها مخفضا في ثمنها. دخل وسط الزحام شاقا إياه الى نصفين حتى وصل اليها ثم صرخ بها قائلا : أيتها الفاسقة، ما الذي تفعلينه وسط هذا الزحام، اذهبي الى منزلكي وارعي اولادك، وانتم ايها "المخنثون"، أتتركون نساءكم يختلطون بالرجال في الأسواق هكذا، نعلة الله و عليكم الى يوم الدين. انتظروا وسترون ما الذي سأفعله في بهذه المدينة، أقسم بالله أنني سأعيد الخلافة من جديد، وستصبح الشريعة الاسلامية هي الموجهة لكم أجمعين، سنمنع النساء من الخروج وسنعيد سوق الجواري من جديد لأني محتاج إليه واعتدت على الاقتناء منه. وفجأة حضر الشاب برفقة الشرطة لكي يوريهم الشيخ الذي هدده منذ دقائق معدودات. توجهت الشرطة صوبه وقبضوا عليه.
لم يفهم شيئا، ولا يريد أن يفهم، لأن لديه الأجوبة على كل شيء. فقد قيل لي أنه فسر كل الاحداث والاشياء التي جرت له بأنها ذكرت ذات يوم في احد الكتب التي تقول بأن قوما ظالما سيظهر ذات يوم وسيعمر المكان وسيأتي ببدع لم يشهدها العالم من قبل.



#عصام_نكادي (هاشتاغ)       Issam_Ngadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات نقدية حول - أيديولوجيا الكسل -
- محاولات يائسة
- المنظور الفرويدي للإنسان
- قصة قصيرة تحت عنوان - حكيمة من دون فلسفة-


المزيد.....




- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عصام نكادي - سُبات