|
رجل الكاميرا
مروان مازن
الحوار المتمدن-العدد: 6143 - 2019 / 2 / 12 - 15:21
المحور:
كتابات ساخرة
خليل ابن فزع يعمل بالاسواق الكبيرة الكائنة في الشارع العام يرافقه بضعة شباب تحت ادارة مجتبى و شريكه ناصر ، هذا الاخير يمتلك منزلاً صغيراً في كربلاء خصصه للزوار ايام المناسبات الدينية و للاصحاب او الاقارب بقية السنة فاعتاد كرار امين الصندوق و اقدم العاملين على استعارة المفاتيح ليمكث هناك عند زيارة المدينة اذ يزورها عدة مرات بالعام الواحد و قبل عودته الى بغداد يقوم بتنظيف الدار و ترتيبه تجنباً للاحراج لكن صار يتكاسل تدريجياً حتى اصبح لا ينظفه.
اعتاد شقيق مجتبى و الذي يدعى صادق المرور على الاسواق و القاء التحية فهو يعرف الشباب و ناصر معرفة سطحية و في احد الايام استأذن مجتبى من ناصر لكي يقيم شقيقه بالمنزل ليلة واحدة و قوبل طلبه بالموافقة شرط ان ينظفه قبل المغادرة فتوجه الشقيق نحو كربلاء و بعد اداء الزيارة ذهب الى البيت الصغير ليجده متسخاً و الاواني و الافرشة مبعثرة و بقايا الطعام متناثرة و الكراج مغطى باثار الطين و الرمال و التراب لكنه غادر في الصباح التالي دون تنظيف المكان و قرر تكرار الزيارة مستقبلاً و لم تتصادف زيارات كرار و شقيق مجتبى في نفس الزمان رغم تعددها بالاونة الاخيرة و استمر كلاهما باهمال نظافة البيت يستغلان تساهل ناصر معهما و عدم درايته.
هناك كاميرتان مزروعتان داخل المنزل و متصلتان بهاتف ناصر عبر تطبيق معين لا يعلم بامرهما سواه ليتأكد من عدم وجود دخلاء او اشياء غير مألوفة فلاحظ تقصير صادق و كرار اخيراً و فكر بطريقة لعقابهما دون ان يدركا و انتظر حتى طلب صادق المفاتيح فاخبره انه يشعربالملل و الضيق و يريد الذهاب معه و اقترح على كرار ان يرافقهما ليحرجهما و يجبرهما على التنظيف و ستكون هذه المرة الاخيرة التي يسمح لهما بدخول البيت فترددا قليلاً خشية من عتابه اذا شاهد حال المكان لكنهما وافقا.
الطريق كان مسلياً مليئاً بالضحك و الاحاديث الطريفة ، وصلو الى كربلاء عند الساعة الثامنة مساءً، عندما دخلو المنزل تماسك ناصر نفسه و لم يوبخهما، كذلك فعل صادق و كرار تظاهرا و كأن شيئاً لم يكن فاخبرهما انهم يجب ان ينظفو المكان و يحضرو طعام العشاء ثم يتوجهون الى مرقدي الامامين الحسين و العباس اذ ليس هناك زحام في منتصف الليل لكن كرار اقترح ان يحضرو الطعام ثم يذهبون للزيارة و ينظفون المنزل حين يعودون فالتنظيف سيأخذ وقتاً طويلاً و ايده صادق فوافق ناصر مرغماً.
استغرق ناصر وقتاً طويلاً في قراءة الزيارة و الصلاة لما اكملها التفت يميناً و يساراً ثم خلفه فلم يجد رفيقيه اللذين يحاولان اتعابه بالبحث عنهما ليعود منهكاً و يكون الوقت قد تأخر جداً على التنظيف فيؤجله للصباح و عندها سيفكران بعذر مناسب ليتهربا منه و راح المسكين يبحث عنهما بين الصحنين الشريفين و هو يفكر مع نفسه متسائلاً يا ترى هل يستحق امراً تافهاً كل هذا التهرب و التخطيط و الحيلة؟ هل تنظيف المنزل شاق لهذه الدرجة؟.
مل من البحث فذهب ليستلم حاجياته و اكتشف غياب حاجيات صادق و كرار و كذلك المفاتيح فعلم انهما قد عادا الى المنزل فعاد اليهما و حين وصل كانت الانارة مطفأة و الباب مقفلة لكنه يشعر بوجودها ففتح تطبيق الكاميرا في هاتفه و شاهدهما صامتين يستخدمان انارة فلاش الهاتف.
طرق الباب و ناداهما عدة مرات لكنهما لا يجيبان فصرخ عالياً قائلاً : تره داشوفكم بالكاميرا فتحو الباب لا اگلب الدنيا عليكم
فتحا الباب سريعاً و قبل ان ينطق ناصر بكلمة صرخ صادق في وجهه و دار الحوار التالي :
- شوكت ربطت كاميرات؟ - من زمان اول ما اشتريت البيت - ما تستحي ما تگول عيب خاف اجيب مرتي وياي؟ ما تگول عيب خصوصيات العالم - لعد اعوف الحرامية و السرابيت براحتهم يطبون للبيت غير حتى اعرف اذا صار شي
و اضاف كرار قائلاً : هاي واگفة والله و ما ينسكت عليها
استمر الجدال عدة دقائق و انتهى بالخصام و باتا الليلة لا يتحدثان مع ناصر و في الصباح غادرا مبكراً دون ان يكلماه و تركاه ينظف المنزل وحده و انطلق بعد الظهيرة الى بغداد خائباً متعكر المزاج.
بعد ايام باع ناصر المنزل لكن معاناته استمرت اذ اصبح يلقب "رجل الكاميرا".
#مروان_مازن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حجايتين -2-
-
هجرة الى نهر التايمز
-
طين الصدر
-
انت مو مال تويتر
-
موسى رئيساً للكوفي شوب
-
حجايتين
-
بناطير بفلس
-
ائتلاف الگاز العراقي
المزيد.....
-
فنانة سورية شهيرة ترد على فيديو -خادش- منسوب لها وتتوعد بملا
...
-
ينحدر صُناعها من 17 بلدا.. مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن 44 منحة
...
-
المغربي أحمد الكبيري: الواقعية في رواياتي تمنحني أجنحة للتخي
...
-
ضحك من القلب مع حلقات القط والفار..تردد قناة توم وجيري على ا
...
-
مصر.. الأجهزة الأمنية تكشف ملابسات سرقة فيلا الفنانة غادة عب
...
-
فيودور دوستويفسكي.. من مهندس عسكري إلى أشهر الأدباء الروس
-
مصمم أزياء سعودي يهاجم فنانة مصرية شهيرة ويكشف ما فعلت (صور)
...
-
بالمزاح وضحكات الجمهور.. ترامب ينقذ نفسه من موقف محرج على ال
...
-
الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة
...
-
مهرجان كان: -وداعا جوليا- السوداني يتوج بجائزة أفضل فيلم عرب
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|