|
الجوع
المصطفى العربي
الحوار المتمدن-العدد: 5591 - 2017 / 7 / 25 - 05:07
المحور:
الادب والفن
هذا اليوم كله يشبه أيام عمري كلها منذ أن قذف بيا القدر في هذا العالم المرعب ، كدت أموت اليوم بالجوع ، لم يكن عندي و لو قطعة نقدية من أصغر القطع الصفراء ، لم أجد ما آكله و لم أستطع حتى السير لأستجدي بعض الناس الطعام أو قليل من النقود كي آكل . عدت إلى الماضي و تأملت سيناريو عمري كله فعرفت أنني لم أذق طول حياتي يوما الشبع الكامل . اليوم أشرفت على الفناء و خرج كل ما يبعث على الحياة مني في هذا البلد ولدت في الجوع و سأذهب في نعش الجوع و هذا أذمى قلبي علما بأنني وسط الجراد و القطيع البشري لكن لا أنتظر أبدا منهم الإنقاذ أو حتى معرفة أنني جائع . كل هذه الإحسسات عرفت منهم أنهم يفتقدونها . منذ أن ولدت و أنا أقتل جوعا و تشردا و طرقت كل الأبواب كي أحصل من الحكومة على ما يحول بيني و بين الموت جوعا فلا جدوى و لا أمل قضيت سنيين أمام مكاتبهم البيروقراطية منتظرا وعودهم لكن دائما يقولون لي : عد غدا ، الغالب هو الله ليس لنا ما نساعدك به أو يأمرون حراسهم بالتخلص مني . سينون مرت و أنا أنتظر في أبواب الإدارات و ماورثه العصب و فقدان الدم و الإرهاق المزمن . اليوم ، أجل اليوم كدت أموت بالجوع ، كان بعض الأصدقاء و المعارف يساعدونني و لو بتأدية ثمن وجبة طعام و عندما أبدأ في أكلها يقف الطعام في حلقي حيث أقول لنفسي كيف آكل و غدا ليس الأكل مضمونا فأتعذب . كثرت القساوة و جفت القلوب من الرحمة و عوض القلوب في الأجواف نبت مكانها الفولاذ . اليوم كاد الفناء أن يقضي و سيقضي علي و وسط النمل البشري الذي لا يحس و لاينفع و أنا الذي عرفته . أمر جميل أن يأتي الموت عندما أكون نائما و يخلصني من العذاب و من شرور هذا القطيع القاسي الفظ الغليض القلوب ، شيء رائع أن يأتي الموت فيخلصني قبل العجز المطلق و العمى أما المستشفيات و دور العجزة فقد لفظتني بدون رحمة و لا شفقة . أملي كبير إن كنت تعرف خيرية هنا أو في أي كوكب أو كنت تعرف من هو شجاع يتكفل بي فلا تبخل علي . الجوع اليوم دمرني و لم تخرج الدموع من عيني لأنها جفت منذ أعوام ، الجوع ولدت فيه و عذبني طول السنين و الأن يريد أن يكون لي القاتل و الكفن في وقت ذاته . خطر ببالي الأطعمة التي ترمى في سلات المهملات بفيلات الأغنياء و المطاعم الفاخرة و غيرها ، لماذا أموت جوعا هنا و الأطعمة الغنية التي لم أذقها في عمري ترمى هنالك في النفابيات ؟ لم أجد اليوم ثمن خبزة أما اللحم فقط أصبح في السماء العاشرة بعدا عني ، جف لحم أسناني إلتصق بطني بعضه ببعض دخت و سقطت ، إنه الجوع.
#المصطفى_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وا خنساه !
-
lalchimiste
-
التراث و أنا
-
أركيولوجيا قتل الأحياء و الكلام على الأموات
-
الحرارة
-
الدجال و شهداء كميرة
-
بين شكري و الزفزافي
المزيد.....
-
اغنية دبدوبة التخينة على تردد تردد قناة بطوط كيدز الجديد 202
...
-
الشعر في أفغانستان.. ما تريده طالبان
-
أكثر من 300 لوحة.. ليس معرضا بل شهادة على فنانين من غزة رحلو
...
-
RT العربية توقع اتفاقات تعاون مع وكالتي -بترا- و-عمون- في ال
...
-
جامع دجينغاربير.. تحفة تمبكتو ذات السبعة قرون
-
حملة ترامب تطالب بوقف عرض فيلم -ذي أبرنتيس- وتتهم صانعيه بال
...
-
ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي
-
فنانو مسرح ماريوبول يتلقون دورات تدريبية في موسكو
-
محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح
...
-
دائرة الثقافة والإعلام الحزبي تعقد ندوة سياسية في ذكرى النكب
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|