|
كنت هناك
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4862 - 2015 / 7 / 10 - 20:23
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كانت آخر مرة زرت فيها العراق في سنة 1976م ، وقصة هروبي من العراق قصة معروفة كنت من قبل قد نوهت إلى ذلك ، وهي بإختصار تعبر عن حكاية الشعب العراقي الذي أبتلاه الله بحكم دكتاتوري مجرم تفنن في قص أنفاس الخلايق وصادر منهم قيم الحياة ، ومنذ ذلك الحين والتاريخ يشهد بأننا كنا مع غيرنا نعمل ونكافح ونجاهد حسب المستطاع وحسب الممكن من أجل أرساء دعائم الحرية والعدل والسلام في بلادنا ، وعبر تلك الأيام والسنيين طاف بنا الدهر بين المنافي وساحات الإغتراب من شرقها إلى غربها ، ولم يستقر بنا الحال بعد ولم نهدأ ولم نركن لأن ما في النفس من أماني وأحلام لم تتحقق بعد وشعبنا هذا الكسير الحال لازال يعيش الهوان وفقدان الرؤية وإنعدام النور ، بلادي هذه التي زرتها وجدتها منكوبة بكل مصيبة مفتتة مبعثرة أشلاء ، بلادي هذه التي زرتها يسكنها الموت والنفاق وفقدان الأمل وتباعد الروابط وكثرة القيل والقال ، بلادي هذه التي زرتها غريبة الأطوار تختنق من كثرة العبرات والأحزان ويعشعش الظلام في كل جزء منها ، فالسراق والمفسدون في الأرض وأشباه الرجال هم من يتصدون للواجهة ولم أرى فيها رجال كنا نعدهم من الأخيار . العراق اليوم هو ليس عراق الأمس فذاك القديم مات وجاء عوضا عنه هذا المسخ الذي لا نعرفه ، هذا المقسم المبعض المجزء والذي فيه كل فريق بمثابة دولة والذي فيه كل حزب يعتبر مملكة ، والعشائر العراقية العربية القديمة تعبت وتصدت وتشظت وخرج علينا فيها شيوخ جدد مغامرين وأنتهازيين ، وليس فيهم من سيما الشيوخ ما يدل على ذلك ، العشائر العراقية فقدت بريقها ، وشيوخها المزعومين عالات وعاهات على المجتمع مضافة ، والأحزاب الدينية هم شر البلاد وشر العباد ، وهم الكابوس الأسود الذي كان سبب كل هذه البلوى وهذا التشظي وهذا الإنكسار ، بل لولاهم لما حل بالعراق كل هذا الدمار وكل هذا الخراب ، وبدونهم لكان في الإمكان بناء الدولة المدنية الموعودة ، لقد دخل في شعبة الأحزاب الدينية رجال دين ملوثين وفاسدين وقتلة ، يحركون العواطف تبعا لمصالحهم وأغراضهم الدنيئة ، وإن أدى كل ذلك إلى خراب البلد ، والمؤسف إن الحكومة العراقية عاجزة عن بسط هيمنتها ونفوذها ، ويكأنها مجرد مؤوسسة لتوزيع الغنائم والأموال على هذه الأحزاب وهذه الوجوه النتنه ، وبدى لي ان فيها كل يغني على ليلاه ، وشعرت لأول وهله ان شعبنا يصفق من غير هدى ولا يرى الصواب فيتبعه ، وشعاره الدائم - حشر مع الرفاق عيد - ، والمرجعية الدينية هذه البعيدة والمتقوقعة والمثالية حتى النخاع والتي لا تدري بالواقع ومتطلباته ، أقول هذا لمن زار مدينة النجف إذ فيها يكتشف ذلك بعينه ببصره لا ببصيرته لأن المفسده فيها واضحة بينه ، وأما قوى الجيش والأمن أشبه ما يكونوا بالمرتزقة ، فلم أجد ولم ألمس ذلك الولاء الوطني الذي هو العقيدة الأمنية هكذا كنت أفهم . إن محنة العراق متعددة الأطراف وهي كبيرة ، وتحتاج إلى صدمة من نوع كبير صدمة بحجم كل هذه المعانات التي يمر بها العراق ، هذه الصدمة الأفتراضية يمكنها أن تنقذ العراق من هذا التخبط وهذا الظلام الذي يخنق العراق ويضرب بثقله أطناب كل بيت ، إن أملاً يراودني في إمكانية التصحيح والإصلاح ، ألاَّ وهو تبني المشروع الوطني الجديد الذي من مهامه الأولى رفض هذا الواقع ورفض - التدين الإنتهازي الدين السياسي - ورفض الشخصنة ، وتعميم ثقافة الديمقراطية عبر التمسك بالمشروع الوطني المدني - الدولة المدنية - والتي ترسي دعائمها منظومة قيم الحياة في - العدل والحرية والسلام - ، وهذا هو الممكن الوحيد الذي أعتقد جازماً إنه يستطيع تغيير موازين الحياة لمصلحة الإنسان العراقي ، وهنا نشير إلى إمكانية تصحيح مناهج التربية والتعليم الوطني الجديد الخالي من التوتر والبؤر المصطنعة التي صنعتها قوى الظلام وخفافيش الليل ، وهنا اجدد القول بوجوب تغيير في بناءات المجتمع لتكون اكثر واقعية وانسجام من الحياة المتنوعة والمتعددة ، وهنا أقول إن دعوات تمزيق العراق طامتها أكبر وضررها أكبر من نفعها ، فالتعايش ممكن حين نخرج من عباءة الجهل والتخلف والصنعة القديمة التي بيعت لنا من الجيران والأغراب . كنت هناك ولم أكن ، فالبون شاسع ولكي تكون حاضرا عليك ان تكون منافقا ومهلوسا وصاما لأذنيك وعينيك عن كل هذيان وخرف وجهل ممنهج ، والذي يأتينا عبر أبواق المزيفين والدجالين وأهل السوابق ، كنت هناك ولم أكن ، نعم وجدت محبين ومتعاونيين ولكنهم يحتاجون للتلاقي والجمع والشجاعة ، لأن إنتزاع الحقوق يحتاج إلى إرادة من نوع خاص ، إرادة لا تلين قدرتها بحجم الوطن وهمومه وتطلعاته ، وهذه مكبوتة في صدور الرجال فعلى الراغبين المبادرة في إظهارها لتكون هي الحقيقة المغيبة أو المنسية ...نعم لقد كنت هناك
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بين - المليشيا والحشد - من الإختلاف في اللفظ وفي المعنى
-
مبدأ - أذهبوا فأنتم الطلقاء -
-
أضغاث أحلام بعض الإيرانيين
-
وهذا ردي على هرطقات الأزهر
-
بمناسبة يوم المرأة العالمي
-
في سياق مقال الأخ - آراس جباري - عن العلمانية والليبرالية لد
...
-
جدلية الحرية والقانون
-
عاشت فرسنا
-
كلمة في يوم الجيش العراقي
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين .المقالة الثانية : العقيدة ا
...
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين ... المقالة الثانية
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين
-
عام الأمل .... عام الرجاء
-
تهنئة للرئيس التونسي المنتخب السيد الباجي قائد السبسي
-
تكفير داعش
-
الأزهر وإشكالية التكفير
-
الدكتور العبادي والتحديات
-
الإسلام المتخلف
-
عقلانية الرئيس فؤاد معصوم
-
الحسين ثائراً
المزيد.....
-
شرطة نيويورك تقمع المتظاهرين المؤيدين لوقف إطلاق النار في غز
...
-
أستراليا تعتقل متظاهرين داعمين لغزة والشرطة الأميركية تفض بع
...
-
الجزائر: لويزا حنون زعيمة حزب العمال تعلن ترشحها للانتخابات
...
-
الجزائر.. زعيمة حزب العمال تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية
-
نحن في النكبة
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تحيي الذكرى 33 لانبعا
...
-
حركات يسارية وطلابية تنظم مسيرة ببرلين ضد الحرب الإسرائيلية
...
-
وزير روسي: موسكو وبيونغ يانغ تبادلتا مجموعات السياح بشكل واس
...
-
مئات المتظاهرين المناصرين للفلسطينيين يتجمعون في واشنطن
-
مئات المتظاهرين المناصرين للفلسطينيين يتجمعون في واشنطن لإحي
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|