|
الدراما العربية تستشف هي الاخري ازمات التاريخ العربي
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1343 - 2005 / 10 / 10 - 10:09
المحور:
الادب والفن
الدراما العربية تستشف هي الأخرى أزمات التاريخ العربي الموحــدون وحدوا العــرب في الأزمـــات ..... فكــان التاريـــخ شاهــد على قوتهـــم . من الموضوعات التي أثارت جدلا كبيرا في التاريخ العربي الإسلامي ، هو كبقية قراءته فكريا هذا من ناحية ، وكتابته من ناحية اخرى ، وما بين هاتين الظاهرتين من روابط ، ولو كان الأمر مقتصرا على مجرد ظاهرتن من الظواهر العابرة في التاريخ العربي الإسلامي ، لما استحق هذا الجول الطويل ، ولكنه يتخطى ذلك إلى اكبر حضارة عرفها العالم اجمع في العصور الوسطى ، قامت على أساس هاتين الظاهرتين معا اكسب الموضوع حقه الأهمية والخطورة .
وبعبارة أخرى فان الحضارة العربية الإسلامية – و كانت احدى تجلياتها – حضارة الأندلس ، التي غزت العالم الغربي الحديث بكثير من أسباب نهضة – قامت ، مثلما يتضح من اسمها ، على أساس دعامتين هما العروبة والإسلام ، بحيث كانت اللغة العربية هي الأداة التي عبرت بها هذه القوة الحضارية عن نفسها في حين كان الإسلام القوة الروحية التي اكتسبتها شخصيتها ومثلها وفلسفتها ونظرتها للحياة .
واذا كان الفتح العربي الإسلامي للأندلس دلالة عميقة التأثر بما يدور من حولها من صراعات معقدة في المشرق العربي ، فان هذه الدلالة انتقلت فعلا حضاريا في بداية الأمر ، ايات الفتح الأول للأندلس وبدأت الدولة العربية تركز دعائمها ، رافق هذه الخطوات صراعات لم تكف ذي بال في بداية الامر ، بين القبائل العربية القيسية والزيدية ، الا ان الأمر تحول بفعل التراكمي التاريخي الى صراع رير وبدأ يظهر في الاندلس عصر عرف بعصر الطوائف . على هذه الخلفية نشأة دولة المرابطون او الموحدين التي تحظى هذه الكلمة اكثر من مؤشر سياسي ، وان كانت الكلمة تحمل في طياتها جوابا شافيا وشاهدا سياسيا في الوقت ذاته على هذا العصر .
بدأت العواصف تقذف بالدولة العربية القوية في الأندلس ، معا وفر الظرف الموضوعي للتدخل الأسباني ، ونسج خيوط المؤامرة في الأندلس ، ادى إلى تفتيت الأندلس ، إلى دويلات والطوائف . على الشق الآخر والمحاذي للأندلس . كانت القبائل العربية في المغرب تتصارع وتتناحر فيما بينها تارة ، وتارة اخرى مع قبائل البربر في ظل هذه الأجواء تأسست دولة المرابطين على عقيدة سياسية مثلها الأعلى توحيد الأندلس .
وضمن هذه المحاور تدور احداث العمل الدرامي " المرابطون والأندلس " قد تبدو هذه المحاور متباعده تاريخيا ، وان هناك انفكاك زمني ، قد يؤدي إلى تشتيت الفكرة الدرامية ، خاصة اذا ما تم استعادة التاريخ العربي ضمن رؤية الصراع . لكن الكاتب جمال ابو حمدان تجاوز هذه المعضلة الخطيرة ، واقترب من روح كتابة التاريخ كمحايد على صعيد المعلومة ، ومنفتح على ارضية تفهم آليات الصراع السياسي ، الذي احتوى في جوهرة صراع قبلي انتقل من المشرق العربي الى الأندلس . لذا كان الكاتب يدرك تمام الإدراك ، ان انتقاء الأحداث التاريخية ضرورة معرفية ، لاخذ العبر والدروس .
فلم تكن معركة " الزلاقة " في المسلسل جاءت لشد المشاهد بصريا من خلال الصورة ، واظهار التكنولوجيا الدرامية العربية إلى اين وصلت ؟ على الرغم من مشروعية هذا الهدف ن الا ان الفكر الأساسي هو توصيل رسالة واضحة للحاضر ، من الماضي الذي مازالنا حتى هذه اللحظة في الوطن على امتداده ندفع ثمنه .
نعم نحن الان صورة درامية تحاول تقديم التاريخ عبر تشخيص حي ، يثرى المحيلة العربية ، ويشحذ البصر ، من اجل تكوين فكرة معقولة على التاريخ العربي الإسلامي خاصة في الأندلس .
هذه الجنة العربية الإسلامية ، التي حولها المثقفون العرب الى مشجب يطعون كل نكسات العرب الحالية ، الى هذا العصر الذهبي ، والكل يتغنى في الماضي التليد .
يحق لاي عربي ان يتغنى بهذا الماضي ، لكن على قاعدة الاستفادة واخذ العبر كما حاول ان يفعل جمال ابو حمدان في نصة الدرامي .
هذا العمل الدرامي الضخم ، الذي ربط فكرة الجهاد مع روح الإسلام استطاع ان يقول بشكل مباشر اذا تداخلا هذان العنصران ، فان نسيج اجتماعي قوي يكون الناتج وهذا ما حصل بالضبط مع دولة المرابطون .
يرصد العمل الدرامي هذا ، حالة هامه جدا في المشهد الاندلسي السياسي المشتعل انذاك ، تتكون مملكة اشبيلية ، حاضرة الاندلس مكانا للرصد . لان اشبيلية ، كانت مرمى صراع بين العرب الاندلسين والاسبان ، وكلا يحاول ان يجعل من هذا المكان ، نقطه انطلاق على الاخر ، للانقضاض علية .
المسلسل يرصد كذلك العلاقات الغربية التي تعطي دلالات هامه في تاريخنا المعاصر . يترصد علاقة المعتمد مع صديق عمره ووزيره ابن عمار ، والنهاية المفجعه للاخير على يد المعتمد .
اليس هذا الحادث يذكرنا بعصرنا الحديث ويذكرنا في فاجعه العرب ، هزيمة (67) والنهاية المفجعه لعبد عبد الحكيم عامر ، صديق وقائد جش القائد العربي جمال عبد الناصر .
ان في ثنايا التاريخ دائما تكون الإجابات واضحة على الأسئلة المأزوومة ، خاصة اذا ما كانت هذه الأزمات التي ما عادة تتبلور على شكل أسئلة ولعل من اهم الأسئلة في هذا السياق ، هل اصبح قدر التاريخ العربي الإسلامي ، ان تحكمة الثلاثات الشخصية ؟ وعلى الرغم ليس من مهمة المسلسل الإجابة علية ، الا انه مجرد الإشارة ، يولد عدة تساؤلات قد تفيد فيما بعد للتمهيد لارض فكرية ! من اجل الإجابة على تلك الأسئلة المعقدة .
كما ان هناك خطان دراميان متعاعدات طيلة المسلسل عبر أحداث متقاطعة حينا ، ومتتابعة حينا اخر ، الا وهما صراع المماليك الأسبان ومماليك الأندلس ، تتمظهر هذه الصراعات في تحرير مملكة قرطبة وخمها لدولته ، في الوقت يقوم مماليك الأسبان في احتلال قرطبة .
عبر هذه الخطوط الدرامية المتشابكة حتى تصل للذروة . معركة زلاقة " الفاصلة تتشابك العناصر كلها ، وقرر فيما بعد مصير الأندلس ، بعض النظر على النتائج والفعلية لمن كانت .
فليس المهم ان تحقق انتصارا عسكريا على ارض اواقع ، اذا ما كان هذا الانتصار يرادفه انتصارا سياسيا .
ومرة اخرى تعود كاضرنا ، اليس هذا ما حصل معنا العرب ، انتصرنا في ( 73) ومنذ ذلك اليوم ونحن مهزمون سياسيا ! وهذا يدفعنا للتأكد ، ان التاريخ لا يحمل مفارقات ، بقدر ما يحمل تشابة سياسي ، يبدو في معظم الأحيان ، وكأنه استنساخ .
المسلسل يتناول مرحله التجازيات والتنامرات فيما ملوك الطوائف ، تارة يتوحدون ، وتارة يختلفون ، ولكل حسب مصالحة الخاصة ، فمعركة زلاقة التي وقعت عام " 1086" وان كانت فساد دللالة هذه التناحرت والتجازيات ، الا انه في نهاية المطاف ، كان يوسف بن تاشفين في حربة الثانية في الأندلس ، ضرورة سياسية لابد منها ، فقضى على ملوك الطوائف ، وهم بلاد الأندلس إلى دولته التي كانت عاصمتها مراكش بالمغرب العربي وانقاذها من السقوط والاضمحلال إلى حين !
" الزلاقة " عمل يتميز برؤية مكانية اجتماعية ، سياسية ، لم تمهل أي معادلة موضوعية في التشكيل الاجتماعي في المغرب العربي ، ولا حتى في الأندلس .
واذا كان المسلسل ركز جل اهتمامه على اصراع السياسي ، الا انه لا بد من الاشارة هنا ، ان دولة الأندلس ، كان لها الدور الكبير في العمارة الإسلامية ن فقد وفرت للصناع وارباب الحرف جوا من المحبة والتسامح والوئام . ولم يلبث هؤلاء الفنانون والصناع ان اندمجوا في المجتمع الإسلامي ، فاقبلوا على الثقافة العربية وشاركوا بنصيب وافر في الحياة الاجتماعية ، وتحققت بذلك النقلة في عصر الخلافة الأموية ، وامكن صياغة فن اندلسي إسلامي اخذ يتدرج في التطور في العصور التالية ، معتمدا على الذاتية وما وكان يفدية في ظل عهود المرابطين والموحدين من موارد مغربية ، إلى ان بلغ اوج تطورة في عصر سلاطين بني نصر .
اذا لم تكن دولة الموحدين دولة سبق ، بل كانت ذات نشأة العمارة التي كانت انذاك احد ايوز مظاهر الحضارة .
المسلسل شارك فيه عدد فخم من الممثلين العرب . مرح جبر ، وائل نجم ، باسم ياخور ، محمد القباني ، هاني الروماني ، هشام هنيدي ، وعشرات اخرين من الممثلين الأردنيين والسوريين ، ومن المغرب العربي . هذا العمل التاريخي الفخم من إنتاج المركز العربي لخدمات السمعية والبصرية ، واخراج ناجي طعمه ، وكتبة للدراما الروائي جمال ابو حمدان .
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ناجي العلي.. قمر المنفى
-
المشروع النهضوي العربي- التحدي التاريخي
-
قراءة في الاسلام السياسي - مسلسل الطريق الوعر
-
تصريحات محمود عباس كوميدية
-
حفل راقص امريكي ايراني
-
انبهـــــار الثقافـــــة العربيـــة فـي اشكالاتهـــا
-
انجاد مرشح الفقراء ........ حصر الاصوات .....
-
لمــاذا اليســـار الان ؟ قتـــل جـورج حـاوي خطوة علـى الطريـ
...
-
الحلقة الثانية في قراءة المشهد الثقافي الفلسطيني
-
قراءة في المشهد الثقافي الفلسطيني
-
الثقافة الفلسطينية -أنا- منغلقة على ذاتها، وفضاءا مفتوحا على
...
-
الماركسية في فلسطين فراغ سياسي، وطور زمني يحذر من التجدد
-
الجزء الثاني من القراءة للدولة الفلسطينية
-
الدولة الفلسطينية فلسفة يومية.. ضد الراهن المنهار.. ومقاومة
...
-
-الحركة العمالية العربية- بين طاعون الفقر وكوليرا القوانين ا
...
-
معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني
-
عرضية أيدولوجية أزمة العقل العربي السياسي
-
سوريا في مفترق طرق استراتيجي ـ لبنانيا
-
الحركات الاسلامية الفلسطينية بين تقديس النص واختراق الآخر له
...
-
ابو مازن سكة الوعي المتأخر
المزيد.....
-
الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو
...
-
تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري
...
-
وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب
...
-
“أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m
...
-
فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش
...
-
أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا
...
-
الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود
...
-
“نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|