أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - الدين خرافة أم علم ؟















المزيد.....



الدين خرافة أم علم ؟


سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1286 - 2005 / 8 / 14 - 10:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مدخل إلى ٱلبحث

كلمة "رسالة" تبين مرسِلا ومرسَلا إليه. كما تبين أمرًا مخطوطًا علىۤ ألواح أو قرطاس أو بوسيلة ٱلهاتف وٱلبرق أو ٱلبريد ٱلإلكترونى. ورسالة ٱللَّه (ٱلقرءان) أُنزلت على قلب ٱلرسول محمد بما يشبه ٱلبريد ٱلإلكترونى. وقد أخرجت من قلبه ونُشِرت فى صحف على قرطاس لتبليغ ٱلناس جميعهم:
"قل يـٰۤأيّها ٱلناس إنّى رسول ٱللَّه إليكم جميعًا" 158 ٱلأعراف.

ٱلرسالة تصدر عن مرسل يوجههاۤ إلى مرسَل إليه فلا يجوز تبديلها ولا تلخيصها ولا شرحها من أحدٍ لأخر. وٱلرسالة تسلّم للمرسل إليه مغلقة محفوظة وهو وحـده ٱلذى يزيل غلافها وهو وحده ٱلذى يتعامل معها وعلى مسئوليته.
لقد جعل ٱللَّه رسالته يسيرة سهلة لا خفآء فيها. ولا حجة للمرسَل إليه بٱلقول عن صعوبتهاۤ أو عسرها. وقد جآء فى ٱلبلاغ ما يبين ذلك:
"ولقد يسرنا ٱلقرءان للذكر فهل من مدّكر" 17 ٱلقمر.
ونرى فى ٱلرسالة أنّ ٱللَّه يوكِّد على مسألة بيّنة وهىَ أنَّ رسالته لجميع ٱلناس وأنّ على ٱلرسول ٱلبلاغ. أى نشر ٱلرسالة بحيث يستطيع كل إنسان أن يحصل عليها.
وقد جآء فى ٱلرسالة ما يبين منع ٱلتدخل بين ٱلمرسِل وٱلمرسَل إليه:
"وما على ٱلرسول إلاّ ٱلبلاغ ٱلمبين"54 ٱلنور.
"فإنّما على رسولنا ٱلبلاغ ٱلمبين"12 ٱلتغابن.
"إنك لا تهدى من أحببت ولكنّ ٱللَّه يهدى من يشآء" 56 ٱلقصص.
"فماۤ أرسلنـٰك عليهم حفيظاً" 80 ٱلنسآء.
"إنّمـاۤ أنـت نذيـر وٱللَّه علـى كـل شىء وكيـل" 12 هود.
"ٱللَّه حفيظ عليهم وماۤ أنت عليهم بوكيل"6 ٱلشورى.
"إن تحرص على هدـٰهم فإن ٱللَّه لا يهدى من يضِلُّ وما لهم من نٰصرين" 37 ٱلنحل.
"وماۤ أنت بهٰدى ٱلعمى عن ضلـٰلـٰتهم" 81 ٱلنمل.
"لا تُكلّفُ إلاّ نفسَك وحرِّض ٱلمؤمنين" 84 ٱلنسآء.
هذه ٱلبلاغات من ٱلرسالة وهى تبين أنّه لم يترك للرسول ولا لغيره من ٱلناس حقّ ٱلادعآء بٱلتفويض أو ٱلوكالة أو ٱلحفظ على ٱلناس. وأنّ ٱلمرسل إليه له أن يتخذ من ٱلرسالة ٱلموقف ٱلذى يريده وعلى مسئوليته.
وفى ٱلرسالة ما يبين للمرسَل إليه أنَّه لن يجد شفيعًا إلاّ ٱللَّه:
"قل للَّه ٱلشفاعة جميعًا له ملك ٱلسٰموٰت وٱلأرض" 44 الزمر.
ويوكِّد ٱللَّه فى رسالته على ٱلمسئولية ٱلفردية للمرسل إليه:
"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقنـٰكم أوّل مرةٍ وتركتم ما خوّلنـٰكم ورآء ظهوركم وما نرى معكم شفعآءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركـٰۤؤُاْ لقد تقطّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون"94 ٱلانعام.
ويبين لنا فردية حسابنا يوم ٱلقيامة:
"وكلّهم ءَاتيه يوم ٱلقيٰمة فردًا" 95 مريم.
وهكذا نجد أن ٱلمسئولية فردية وأن ٱللَّه يخلقناۤ أفرادًا ويحاسبناۤ أفرادًا. لا مذاهب ولا مدارس ولاۤ أحزاب. وٱلرسول يدعو إلى سبيل ربه. وٱلمؤمنون حقاً كلّ يدعو إلى سبيل ٱللَّه حتى قيام ٱلساعة لا تتوقف ٱلدعوة. وٱلمسألة فى ٱلدعوة هو ٱلرسالة ذاتها.
وتقوم ٱلدعوة بتحريض ٱلناس من دون إكراه:
"لا تُكلَّفُ إلاّ نفسَك وحّرِض ٱلمؤمنين" 84 النسآء.
ٱلدعوة هى فى تحريض ٱلناس للأخذ بٱلرسالة وٱلنظر فيها وٱلمطابقـة بيـن أنباۤئهـا وأنبآء ٱلعلم عن أشيآء الوجود ما يظهر منها وما يغيب. وٱلعمل على وضع ٱلنظريات ٱلموجهة للبحوث هداية بها وبمنهاجها ٱلمبين.

لقد بين لنا ٱللَّه أنه وحده ٱلذى يهدى للحقّ لا غيره:
"قل ٱللَّه يهدى للحقِّ أفمن يهدىۤ إلى ٱلحقِّ أَحقُّ أن يُتبع أمَّن لا يهدىۤ إلاّۤ أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون" 35 يونس.
فمن يشآء أن يهتدى يبدأ بٱلنظر فى رسالة ٱللَّه إليه ويبدأ بٱلعمل على إدراك ما فيها معتمدًا على توجيه ٱللَّه له:
"ورتل القرءان ترتيلاً" 4 المزّمل.
فيرتل عمله وفق ٱلكلمات ودليل كلٍّ منها. وهذا يحتاج للوقت وٱلصبر للعلم فىۤ أى مسألة فى ٱلوجود. وله أن يستعين بعلوم زمانه. وأن يكون نصب عينيه أنّ ٱلنظر فى رسالة ٱللَّه لا يتوقف لأنها تحمل صفة مرسلها ٱلعلمية. فاللَّه عليم وعلمه مطلق. أمّا علم ٱلإنسان فهو علم نسبىّ. وكلما ٱزداد علمه ٱنكشفت له جوانب من ٱلرسالة لم يكن يملك ٱلعلم لبيانها فى زمان محدد. وقد جآء فى ٱلنبإ ما يبين هذه ٱلحركة فى ٱلبيان:
"سنريهـم ءَايٰتنـا فى ٱلأفاق وفىۤ أنفسهم حتى يتبيّن لهم أَنَّهُ ٱلحقُّ أوَ لم يكفِ بربّك أنه على كل شىء شهيد" 53 فصلت.

ونرى ٱليوم فى ٱلأفاق ٱلكثير من ٱلأيات. ٱلكون ٱلواسع بشموسه ونجومه ومجراته وألوانها ومساراتها ٱلفلكية. وأشيآء غيبية من ٱلجسيدات ٱلأولية (ٱلليبتونات Liptons وٱلكواركات Quarks). ومعه ما يكتشفه علم ٱلناس من ألوان ٱلحياة وأزمانها.
أمّا ٱلأيات فىۤ أنفسنا فهى شبيهة بٱلأيات فى ٱلأفاق. كثيرة ٱلألوان وٱلأفعال. منها ٱلأقسام ٱلظاهرة فى ٱلجسم. وٱلأقسام ٱلخفية كٱلقلب وٱلكلى وٱلمعى وٱلمعدة الخ.. وقد وصل علم ٱلإنسان إلىۤ ءَايات غيبية فى ٱلجسم ٱلحى. وهنا يبدأ ٱلعجب. فهناك ٱلخلية وألوانها ونوـٰها (نوى) وأفعالها. صنع ٱلبروتين وفق ساعة توقيت.. ٱستقبال.. إرسال.. صناعة منهاج (برمجة) لعمليات ٱلنمو وٱلانقسام.. الخ.

إنَّ ٱلعلم فى كتاب ٱللَّه يوعظ ويهدى فى ٱلنظر وٱلبحث. وإنّ ٱلاكتشافات ٱلعلمية للناس تساعد فى ٱلعقل وٱلمطابقة بينها وبين كتاب ٱللَّه. وبٱلعقل وٱلمطابقة يتوصل ٱلناس إلى ٱلهداية فى ٱلنظر وٱلبحث من دون ضياع فى ٱلوقت وفى ٱلمال.
لكن إن لم يحدث ٱلعقل وٱلمطابقة فستكون تلك ٱلمكتشفات وسيلة لاستنباط ٱلنظريات ٱلتى توجه ٱلبحث ٱلعلمى كنظريات ٱلتكوين من دون هداية.

لقد بقى ٱلظن بوجود سبعة كواكب حول ٱلشمس حتى بداية ٱلنصف ٱلثانى من ٱلقرن ٱلعشرين حيث ٱكتشف علمآء ٱلفلك كوكبين أخرين. وما يزال ٱلبحث يجرى عن كواكب أخرى.
ومن مسآئل ٱلهداية فى هذا ٱلأمر ما يبينه ٱلنظر فى ٱلبلاغ ٱلتالى:
"إذ قال يوسف لأبيه يـٰۤأبتِ إنّى رأيت أحدَ عشرَ كوكبًا وٱلشمسَ وٱلقمرَ رأيتهم لى سٰجدين" 4 يوسف.
وفيه ما يدلنا علىۤ أمرين ٱثنين. ٱلأول أنّ ٱلرّوءيا ترمز عن إخوة يوسف ووالديه بٱلكواكب وٱلشمس وٱلقمر. ويبين لنا ٱلبلاغ أنه سيكون صاحب شأن علىۤ إخوته ووالديه. وهذا يظهر فيما بعد بخضوع ٱلجميع له بسبب ما يملك من سلطة وعلم.
ٱلثانىۤ إعلامنا عن حقٍّ فى ٱلوجود. وهو أن فى مجموعتنا الشمسية ٱثنا عشر كوكبًا (يوسف وإخوته). ويوسف هو من لون إخوته.
كما يبين لنا مسألة علمية هامة. وهىۤ أن واحدًا من كواكب ٱلمجموعة ٱلشمسية له سلطة علىۤ إخوته ٱلكوكب وعلى وٱلديه ٱلشمس وٱلقمر. ويوسف هو كما نرىۤ أنّه ٱلأرض. وأنّ ٱسم يوسف يرمز إلى ٱلإنسان ٱلعالم فيها.
بهذا ٱلفهم نستنبط من بلاغ ٱلقرءان أن عدد ٱلكواكب ٱثنا عشر. وأنَّه ما زال هناك ثلاثة منها لم تُكتشف.
وإلى جانب هذا ٱلاستنباط نرىۤ أنَّ دليل ٱسمآء ٱلكوكب ٱلمعروفة يساعدنا فى فهم ومعرفة مسألة ٱلتكوين فى مجموعتنا ٱلشمسية. فقد أطلق ٱلشاميون على ستة كواكب منهاۤ. أما ٱليونان وٱلرومان فقد جآء عندهم تسعة أسمآء:
1- عطارد. ٱسم عطرود هو ٱسم للعدة وٱلعتاد. ويقابله فى لسان ٱليونان ٱلاسم Mercury ٱلذى يدل على ٱلفلز ٱلساۤئل أو ٱلزئبق.
ونرىۤ أنّ ٱلاكتساب ٱلعلمى يقوّى قدرة ٱلنظر فى ٱلدليل. فدليل ٱسم عطارد يشير إلى عدة وعتاد ٱلتحولات ٱللاحقة على ٱلفلز ٱلساۤئل. أما دليله فى لسان ٱليونان فيشير إلى أمرين. ٱلأول أن ٱلمادة ٱلدخانية (ٱلغازية) تنحـل إلـى ساۤئل وتأخذ هيئة كروية. وٱلثانى أن عدّة كوكب عطارد فلز ساۤئل.
وهنا نجد أنّ ٱلهداية من بلاغ ٱلقرءان تجعلناۤ أمام نظرية للتكوين داخل ٱلمجموعة ٱلشمسية تتوافق مع ٱلنظريات ٱلمستنبطة فى ٱلنظر ٱلعلمى من دون هداية وهى:
آ - نظرية ٱلانفجار ٱلأعظم (the big bang).
ب- نظرية ٱلتوسع وٱلانكماش.
ج - نظرية ٱلكون ٱلسكونى.
د - نظرية ٱلكون غير ٱلمتجانس.
وتخالفها فى طريقة ٱلتكوين. حيث تُجمع ٱلنظريات علىۤ أن جميع ٱلكواكب فى مجموعتنا ٱلشمسية تكوّنت فى زمن ما يقارب عدده خمسة بلايين من ٱلسنين دفعة واحدة. ومن كتلة دخانية (غازية) كبيرة منتشرة فى ٱلفضآء إلى حدود ٱلمجموعة ٱلشمسية.
ونحن نقول بٱلاستناد إلىۤ ٱلهداية وإلى دليل أسمآء ٱلكواكب أن كلا من هذه ٱلكواكب ولد عن ٱلكتلة ٱلدخانية حول ٱلشمس بمفرده كما ولد يوسف وإخوته.

2- ٱلزهرة. ٱسم يدل فى لسان ٱلشام على ٱلفعلين لألأ وأنار. وهذا لا يحدث إلاّ من فعل إنكسار ضوء فى غلاف دخانى (غازى). وٱلاسم ٱللاتينى للكوكب هو Venus ودليله يطابق ٱلدليل فى لسان ٱلشام.
هذا يشير إلىۤ أن كوكب ٱلزهرة هو طور جديد للمولود عطارد ٱلفلزى. وقد تحول إلى كوكب جديد له غلاف دخانى ينكسر ٱلضوء فيه ويجعل ٱلكوكب منيرًا.
ونرىۤ أن تكوين ٱلغلاف ٱلدخانى يحدث بفعل ٱلانحلال وٱلترابط ٱلجاريين فى ٱلمادة ٱلفلزية فى كوكب عطارد. حيث تنتقل ٱلحرارة ٱلكبيرة إلى المركز بفعل قوَّة ٱلشَّدِّ (ٱلجاذبية). وبفعل تمايز ٱلمادة ٱلساۤئلة ٱلمتكونة تنزاح ٱلجزيئات ٱلأثقل كٱلحديد لتكوّن نوى ٱلكوكب. وتطفو على سطحه ٱلمادة ٱلأخف وزنًا وذات ٱلمسامات ٱلكبيـرة ٱلتى سرعان ما تتخلى عن حرارتهاۤ إلى ٱلخارج على هيئة دخان.
إن هذه العملية يلزمها 2-3 مليار سنة على تكوين كوكب عطارد. حيث يكتمل حوله غلاف دخانى كثيف. وتبدأ فيه عمليات ٱنحلال وترابط فىۤ أشراط جوية جديدة للكوكب. وضوء ٱلشمس ٱلذى كان ينصبّ على سطح ٱلكوكب من دون عوق ويزيد من حرارته. صار لا يوصل إلى سطحه إلا بعد أن ينفذ من ٱلغلاف ٱلدخانى ٱلمحيط به. وهذا ٱلنفاذ لضوء ٱلشمس يجعله ينتشر داخل ٱلغلاف ٱلدخانى. وبٱنتشاره ينبعث ٱلنور فىۤ أرجاۤئه محولاً ٱلكوكب من عطارد إلى ٱلزهرة. وهنا تبدأ أفعال جيوفيزياۤئية جديدة فى الكوكب.
إن عملية تكوين كوكب عطارد تتم مرة كل فترة تقارب /2/ مليار سنة. وهذه ٱلفترة ظنية. ويمكن ٱلوصول إلى حسابها بما يوافق ٱلحق ٱلجارى بمتابعـة ٱلنظر وٱلبحث فى كتاب ٱلحق (ٱلكون) وكتاب ٱلبلاغ عن جميع ٱلحقّ (ٱلقرءان) وبٱلمطابقة بينهما.

إن كلمة ٱللَّه فى ٱلوجود لها هيئة أو ظاهرة مادية. وٱلمادة تتفكك من لون مادى إلىۤ أخر من دون فقدان. كما تعود وتترابط بعد ٱلفكّ لتكوّن لونًا ماديًا أخر. فٱلكواركات ٱلأكثر خفة (فوقى وتحتى) منها تتكوّن ٱلبروتونات وٱلنيوترونات وٱلكترونات. ومن هذه يتكوّن ٱلجدول ٱلدورى بأكمله. وهكـذا فٱلمـادة تتفكك إلـى طاقة ثم تعود بٱلارتباط لتكوين ٱلجسيدات وٱلأجزاۤء. ثمّ ٱلتكوينات ٱلسماوية بكلّ ألوانها. وهو ما نستنبطه من ٱلأنبآء ٱلتالية:
"وهو ٱلذى يبدؤُاْ ٱلخلـق ثم يعيده وهوَ أهون عليه وله ٱلمثل ٱلأعلى فى ٱلسَّٰموٰت وٱلأرض وهو ٱلعزيز ٱلحكيم" 27 ٱلروم.
"يومَ نطوى ٱلسمآء كطّى ٱلسجل للكتب كما بدأناۤ أوّل خلقٍ نُعيده وعدًا عليناۤ إنّا كنّا فـٰعلين" 104 ٱلأنبيآء.

وعملية ٱلتفكك تسبب ٱنطلاق ٱلجسيدات ٱلتى تتوزع إلى لونين أصليين فيرميونات Fermions وهى ٱلمكونات ٱلطاقية ٱلأساس للمادة. وبوزونات Bosons وهى ٱلطاقات ٱلوسيطة فى تفاعلات ٱلقوى ٱلتى تربط بين ٱلطاقات ٱلأساس ٱلمكونة للمادة. وهى ٱلكوراكات Qarks وٱلليبتونات Liptons.
ويعزر رأينا ٱلنظر فى ٱلأيات ٱلتالية من سورة ٱلفجر:
"وٱلفجر/1/ وليالِ عشر/2/ وٱلشفع وٱلوتر/3/ وٱلّيل إذا يسرِ/4/".
فإلى ماذا تدلنا هذه ٱلأيات؟.
إذا وجهنا نظرنا إلى دليل ٱلكلمات فإلى ماذا يدلنا ٱلواو فى ٱلقول "وٱلفجر" ؟
ما نرـٰه أنَّ ٱلواو هو واو ٱلتتابع أو ٱلعطف ٱلمرحلى أو ٱلطور. وهو ليس للقسم كما يظن أصحاب ٱللغة. ولا يوجد أى مسيِّغ (مبرر) للقسم هنا. ويوكِّد رأينا ٱلنبأ ٱلتالى:
"كما بدأناۤ أول خلق نعيده" 104 ٱلأنبيآء.
ٱلعودة هنا تبينها سورة ٱلفجر علىۤ أنها تبدأ بٱلفجر ٱلذى يحدث بفعل تسلسل سبقه وليس بداية من لا شىء. وبٱلتالى لا مسيِّغ للقول بٱلقسم. ومع ٱلفجر تبدأ ٱلمادة بٱلانطلاق من ينبوع تحت تأثير ٱلقوى ٱلضعيفة. وهو تفكك طاقى نرىۤ أنه يحرر ٱلطاقة فى موقع ٱلفجر لتندفع منطلقة بعيدًا عنه. ومثله ما يحدث فى ٱلشمس.
كذلك ٱلقول "وليالٍ عشر" ٱلواو هى واو ٱلعطف ٱلمرحلى أو ٱلطور.
ٱلهداية تبين لناۤ أنّه بٱلفجر تبدأ عمليات ٱلتفكك وٱنتشار ٱلطاقات ٱلمكونة للمادة وٱلطاقات ٱلوسيطة لتفاعل ٱلقوى. وتبين لنا ٱلهداية أنّه فى هذه ٱلمرحلة يكون كل شىء غارقًا فى ٱلظلام. وأنّ ٱلظلام يستمر عبر مراحل عشر من عمليات ٱرتباط ٱلطاقات فى مواقع ٱلانتشار. وعندما يوصل ٱلتفاعل وٱلارتباط بين ٱلطاقات ٱلمنتشرة (ٱلليبتونات وٱلكواركات) لتكوين (بفعل ٱلقوى ٱلكهرطيسية) أول ٱلسُّور (ٱلذرات) وهى سورة ٱلهدروجين Hydrogen تكون قد مرت ٱلمراحل ٱلعشر ٱلمظلمة منذ زمن ٱلفجر.
وٱلَّيالـى ٱلعشـر هى مراحل فى ٱلظلام تبقى فيها ٱلمادة غير ظاهرة.
ومثله ٱلقول فى "وٱلشفع وٱلوتر" ٱلواو واو ٱلعطف ٱلمرحلى أو ٱلطور. ويبين ٱلقول أنّ ٱلمادة قد وصلت فى ترابطهاۤ إلى بنآء أول سورة (ذرة) يمثل سورها (إلكترونها) وترًا ونوـٰها(نوىها) شفعًا وهى ما يعرف بذرة ٱلهدروجين.
كذلك هو ٱلأمر مع ٱلقول "وٱلّيل إذا يسرِ" ٱلواو واو ٱلعطف ٱلمرحلى أو ٱلطور. حيث أن وجود سورة ٱلهدروجين يكون ٱلسبب فى بدايـة ٱنتشار ٱلنور ويبدأ ٱلظلام بٱلانحسار شيئًا فشيئًا.
وهنا وبفعل ٱلقوى ٱلمغناطيسية ٱلمتبقية ترتبط سور (ذرات) ٱلهدروجين ببعضها لتبدأ عمليات تكوين ٱلأجزاۤء (ٱلجزيئات). وتتابع ٱلمادة ترابطها حتى يظهر أول تجمع مادى فى ٱلسماۤء. وهو فى مجموعة ٱلشمس ٱلكوكب ٱلأول. ثم يليه تجمع جديد حتى يكتمل عدد ٱلكواكب فى ٱلمجموعة ٱلشمسية ٱثنا عشر كوكبًا. ولكل منها له زمنه ٱلذى ولد فيه كما هو يوسف وإخوته. وبٱلتالى لا تتساوى ٱلكواكب فىۤ أعمارها. وجميعها تمر فى مرحلة عطارد ثم ٱلزهرة ثم ٱلأرض ثم ٱلمريخ... إلىۤ أن تصل إلى ٱلكوكب ٱلثانى عشر. ومن بعده تبدأ عملية ٱلانكماش ٱلتى تبدأ بٱلتكوير كما جآء فى ٱلنبإ:
"إذا ٱلشمس كورّت" 1 ٱلتكوير.
هذه ٱلأية تبين لناۤ أن ٱلشمس ستوصل إلى طور ٱلتكوير بعد حالها ٱلتى نرـٰها (نرى) عليه ٱلأن. وهو فراغها من ٱلطاقة وتوقف شموسها وتحولهاۤ إلى كَورٍ يسحب ٱلطاقة إليه.
وإذا نظرنا فى ٱلنبإ ٱلتالى:
"وإذا ٱلنجوم ٱنكدرت" 2 تكوير.
يتبين لناۤ أمر يخرج عن حدود ٱلمجموعة ٱلشمسية ٱلتى نحيا فيها. فهى تشير إلى ٱنكدار ٱلنجوم وهو ذهاب نورها. وٱلنجوم لا توجد فى مجموعتنا الشمسية. وكأن ٱلأية تبلغناۤ أن توقيت ٱنكماش ٱلطاقة فى ٱلنجـوم وٱلشموس توقيت واحد فى ٱلكون. وهو ما يبينه ٱلبلاغ:
"يسألونك عن ٱلساعة أيّان مُرسـٰها قل إنّما علمها عند ربى لا يجلِّيها لوقتهاۤ إلاّ هـو ثقلت فى ٱلسَّمٰوٰت وٱلأرض لا تأتيكم إلاّ بغتةً يسألونك كأنّك حفىّ عنها قل إنما علمها عند ٱللَّه ولكنّ أكثر ٱلناس لا يعلمون" 187 ٱلأعراف.

ونتابع مع أسمآء ٱلكواكب:
3- ٱلأرض. ٱسم أرض عربى ودليله يشير إلى صلاح ٱلكوكب للموت وللحياة.
إن كوكب ٱلزهرة بعد مرحلة طويلة للفعاليات ٱلجوية وٱلسطحية وٱلجوفية تحول إلى ٱلصلاح للحيـاة وأتخذ موقعًا أبعد عن ٱلشمس وتحول من ٱسم ٱلزهرة إلى ٱسم ٱلأرض.
وإن ٱلعلم بما حدث للأرض فى ٱلأزمنة ٱلجيولوجية يمكن مراقبته ٱليوم على سطح كوكب ٱلزهرة. حيث أن ٱلحياة مرت بمراحل متعددة قبل أن يصبح ٱلزهرة أرضًا صالحة لحياتنا. وإن وجود حياة على سطح ٱلزهرة لا يدل أن حياتنا ممكنة فيه ٱلأن قبل ٱلصلاح.
وهذا يدفعنى للقول أن حياة ٱلديناصورات كانت فى طور للحياة على كوكب ٱلزهرة قبل تحوله إلىۤ أرض صالحة. وإن هذا ٱلتحول هو ٱلذى سبب موت ٱلحياة ٱلديناصورية ٱلذى يعتبر بالنسبة لحياتها فسادًا (تلوثًا بيئيًا) يسيِّغ موتها جميعًا.

إن ٱسم Earth فى لسان ٱلانكليز يدل على تراب صالح للزراعـة وعلى ما يبقى من جثمان ميت. كما يدل على ٱلصلصال وٱلفخار. وهو ٱسم شامى ودليله فيه كما هو فى لسان ٱلانكليز ويزيد عنه فى ٱلبيان إلى ما يتركه ٱلميت ليكون ميراثًا.
إن حياتنا على ٱلأرض تقوم بأفعال تحويل ٱلمادة فى ٱلأرض بألوان متعددة. ٱلشىء ٱلذى يوصل ٱلأرض إلى مرحلة ٱلموت ٱلمريخى.

4- ٱلمريخ. فى لسان ٱلشام من دليل ٱلفعل مَرَخَ. ومنه ٱسم شجر يكثر فيه ٱلدهن. وفى لسان ٱليونان Mars ويشير صوت نطقه إلىۤ أصله ٱلشامى. ويدل فى لسان ٱليونان إلى ٱلسبخة وٱلملح. وهذا ٱلاسم يدل على تكوين لا يصلح للحياة. وإنَّ علمنا بما جرى على كوكـب ٱلمريـخ يعطينـا تصورًا واقعيًا عن مستقبلنا مع كوكبنا ٱلصالح.

5- ٱلمشترى. يدل فى لسان ٱلشام على ٱلتمدد وٱلفرقة. وهو ٱلمعدوم ٱلفقير ٱلذى لا يملك شروى نقير. وٱلكوكب يفتقر للتماسك وتظهر عليه بثور تدل على وجود مسامات كبيرة فى سطحه. وهذا بفعل تمدد ٱلكوكب وٱنتفاخه فيغدو ذو هيئة كبيرة. وٱلاسم فى لسان ٱلروم Jupiter أى ٱلكبير ٱلهيئة. وبفعل تفككه ينتشر حوله عدة أقمار نظن أنها ٱنفصلت عنه.

6- زحل. ٱسم يدل على ٱلازاحة وٱلتنحى. وٱسمه فى لسان ٱلروم Saturn ٱلذى يدل على ٱلإفراط وٱلتوزع.
إن نوى زحل وحلقاته تماثل هيئة ٱلكون مع بدء ٱلفجر (ٱلانفجار ٱلأعظم). فٱلكوكب ٱلذى بدأ بٱسم عطارد وصل فى طور زحل إلى طور ٱلافراط فى ٱلانحلال وٱلتجزأة ٱلذى تبينه حلقات ٱلكوكب.

إلى هنا ننتهى من ٱلنظر فى دليل أسمآء ٱلكواكب فى لسان ٱلشام. ونستطيع ٱلمتابعة مع ٱلِّسان ٱليونانى وفيه أسماۤء لتسع كواكب حول ٱلشمس.
7- أورانوس Uranus. هذا ٱلاسم يدلّ عليه دليل ٱسم معدنٍ مشعٍ هو ٱليورانيوم. وهو ٱلطور ٱلذى يجعل من ٱفراط ٱنحلال زحل سببا لتحوله مادة تنطلق على هيئة ضوئية وقد بدأ يفقد حلقاته.

8- نبتون Neptun. هذا ٱلاسم سمى به فلـز إشعاعـى شديد ٱلسطوع هو ٱلنبتونيوم. وهو أورانوس سابقًا.

9- بلوتو Pluto. هو عند ٱليونان ٱلجحيم. وهذا يدلنا عليه ٱسم ٱلبلوتونيوم ٱلفلز القوى ٱلإشعاع. وهو يمثل جحيمًا بسبب تحوله إلى طاقة منطلقة.

لقد أطلق لسان ٱلشام أسمآء على ستة كواكب من ٱلمجموعة ٱلشمسية. وتابع لسان ٱليونان إلى تسعة أسمآء لتسعة كواكب.
وٱليوم فقد صار عدد ٱلكوكب حول ٱلشمس عشرة ومايزال ٱلعاشر من دون تسمية. وعدتها فى بلاغ ٱلقرءان هى ٱثنا عشر كوكبًا.
وٱلسؤال ٱلأن هل أعلمنا بلاغ ٱلقرءان بعدتها كما هى ٱلأن وما يلزمنا هو متابعة ٱلبحث عن ٱلكوكبين ٱلأخرين؟
أم أن عدتها لم تكتمل بعد وعلينا ٱنتظار ولادة عطارد مرتين؟
وإذا توجهنا وجهة ٱلشمس بين ٱلشمس وعطارد هل نجد كوكبًا ساۤئلا لم توصل سيولته إلى مستوى ٱلفلز ٱلساۤئل ؟
> <

إن ٱلدعوة إلى سبيل ٱللَّه تستند إلى ٱلأمر ٱلتالى:
"ٱدعُ إلى سبيل ربك بٱلحكمة وٱلموعظة ٱلحسنة" 125 ٱلنحل.
فلاۤ إكراه فى ٱلدين ولاۤ إكراه فى ٱلدعوة. وسبيل ٱلرب مبين فى ٱلبلاغ:
"إن هٰذه تذكرة فمن شآء ٱتخذ إلى ربه سبيلاً" 29 ٱلإنسان.
وإنّ ٱلناس أحرار. لهم أن يتزوجوا كماۤ أمر ٱللَّه. كما لهم أن يتزوجوا كما يشاؤون.


إقامة ٱلصَّلوٰة

إن مقالنا هذا كما فى ٱلمقالات ٱلسابقة ينطلق من ٱلأمر ٱلتالى:
"ولا تقفُ ما ليس لك به علم إنَّ ٱلسَّمع وٱلبصر وٱلفؤاد كل أوْلٰۤئك كان عنه مسئولاً" 36 ٱلإسرآء.
وكذلك من ٱلأمر:
"فصلِّ لربك وٱنحر" 2 ٱلكوثر.
ٱلنحر هو ٱلاستقبال بٱلوجه وهوۤ أعلـى ٱلصـدر. أى أن تتوجه إلى ٱلربِّ فى صلوٰتك فلا تفكر إلاّ فيه ولا يشغلك عنه أمر أو شىء.
لقد وجهنا ٱللَّه إلى ٱلطريقة ٱلتى نحقق فيها هذه ٱلمسألة. وبين لنا كيف نحقق هذا ٱلتوجه حتى تُحقق ٱلصَّلوٰة. وحذرنا من ٱلغفلة وٱلسهو فيها. وقد جآء فى ٱلتحذير:
"فويل للمصلين/4/ ٱلذين هم عن صلاتهم ساهون /5/" ٱلماعون.
وقد جآء توجيهه للمؤمنين فى ٱلأمر:
"يـٰۤأيها ٱلذين ءامنواْ إذا قمتم إلى ٱلصَّلوٰة فٱغسلواْ وجوهكم وأيديكم إلى ٱلمرافق وٱمسحواْ برءُوسكم وأرجلكم إلى ٱلكعبين وإن كنتم جنباً فٱطهرواْ وإن كنتم مرضىۤ أو على سفرٍ أو جآء أحد منكم من ٱلغاۤئط أو لامستم ٱلنسآء فلم تجدواْ مآء فتيمّمواْ صعيداً طيّباً فٱمسحواْ بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد ٱللَّه ليجعل عليكم من حرجٍ ولكن يريد ليطهركم ولِيُتمَّ نعمته عليكم لعلكم تشكرون" 6 ٱلماۤئدة.
إن ٱلإنسان ٱلمؤمن ٱلذى يقوم إلى ٱلصلوٰة مأربه محدد وهذا ٱلمأرب هو مسألة ٱلصلوٰة. وحتى يقوم بعمله هذا هناك وساۤئل لا بد من تهيئتها فيجعل من نفسه ومن حواسه فى حال يقظة وفعالية كاملة. وفى غسل ٱلوجه وٱليدين إلى ٱلمرافق ومسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين ما يجعل ٱلنفس وٱلحواس فى حال ٱستنفار ويقظة ويبعد ٱلسهو وٱلغفلة. وعندما لا يوجد مآء فإن مسح ٱلوجه وٱلأيدى بٱلصعيد ٱلطيب يحقق حال ٱلاستنفار للنفس. وفى ذلك عمل يشبه فعل ٱلمساج.
إن إقامة ٱلصلوٰة هى وقوف لإنسان يقظ يرقب أمرًا من دون تجاوز لحدود ماۤ أو مَن يرقبه. سوآء ءكان ٱلأمر نفس ٱلإنسان أو غيره من ٱلناس أو ٱلأشيآء ٱلأخرى فى ٱلوجود. فٱلذى يرقب نفسه يذكر أعمالها وينظر فيها ويقارنها مع أوامر ٱللَّه فيعرف ٱلصالح منها وٱلسّيئ. وفى هذا ٱٰلعمل يوصل ٱلإنسان نفسه بٱللَّه. وهو ما يبينه ٱلبلاغ:
"وأَقِم ٱلصّلوٰة لذكرى" 14 طه.
ولهذا ٱلوصل مسلتزمات لابد منها. فٱلإنسان ٱلذى يوقف أمام رئيسه فى ٱلعمل. وهو إنسان مثله مع فارق فى ٱلرتبة. يتخذ كل ٱلاحتياطات وٱلاستعدادات ٱلنفسية وٱلمظهرية (ٱلهندام) قبل ٱلدخول إلى مكان رئيسه. ويحضِّر ما يريد قوله له ببيان موجز ويوقف أمامه بٱحترام وأدب. فكيف إذا كان ٱلوقوف بين يدى ٱللَّه رب ٱلسَّمٰوات وٱلأرض ؟!.
أشارت ٱلأية /6/ من سورة ٱلماۤئدة إلى غسل ٱلوجه وٱلأيدى إلى ٱلمرافق ومسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين. وفى حال فقدان ٱلمآء نلجأ إلى "صعيد طيب" وهو ٱلتراب ٱلمعرض للَّهوآء وٱلشمس. وهنا يكفى مسح ٱلوجه وٱلأيدى بذلك ٱلتراب من دون ٱلمواقع ٱلأخرى.
فهل فى هذا طلب لما يسمى نظافة ؟
لقـد بينـت ٱلأية أن ذلك يطهّر "ولكن يريد ليطهركم" فما هى ٱلطهارة ؟ وهل ٱلمراد بٱلطهارة ٱلجسم أم أمرًا أخر؟
ونجد فى ٱلأية /43/ من سورة ٱلنسآء ما يبين لنا ٱلأمر:
"لا تقربواْ ٱلصّلوۤة وأنتم سكٰرى حتى تعلمواْ ما تقولون ولا جنباً إلاّ عابرى سبيل حتى تغتسلواْ وإن كنتم مرضىٰۤ أو على سفر أو جآء أحد منكم من ٱلغاۤئط أو لامستم ٱلنسآء فلم تجدواْ مآء فتيممواْ صعيداً طيباً فٱمسحواْ بوجوهكم وأيديكم إن ٱللَّه كان عفّواً غفوراً".
ٱلنهى "لا تقربواْ ٱلصّلوۤة وأنتم سكٰرى" ٱقترن بذكر ٱلسبب "حتى تعلمواْ ما تقولون". كذلك هو ٱلأمر "ولا جنباً" يقترن بذات ٱلسبب "حتى تعلموا ما تقولون". وبينت ٱلأية أن ٱلاقتراب لا يجوز "حتى تغتسلواْ". فإقامة ٱلصلوٰة لا تجوز فى حال ٱلسكر أو ٱلجنب إلاّ من بعد ٱلاغتسال ٱلكامل.
إن فقه ٱلدليل فى هذا ٱلقول لدى ٱلمؤمن ٱلظنّى مستقر لديه أن ٱلسكر هو حال من شرب ٱلخمر وأن ٱلجنب هو حال ٱلذى خرج من جهازه ٱلتناسلى منيًّا أو ٱلتى دخل جهازها ٱلتناسلى منى.
أمّا ٱلمؤمن ٱلذى "لا يَقفُ ما ليس له به علم" فهو ينظر ويبحث فى ٱلكلمة وٱلقول حتى يُقضىۤ إليه ٱلأمر. ويرى قلبه أن شارب ٱلخمر هو ٱلذى فقد ٱلقدرة على ٱلتحكم بنفسه وكلامه. ويبقى على هذه ٱلحال ولو ٱغتسل. وقد يزداد ضياعًا.
وعندما يقول ٱللَّه إن ٱغتسلتم زال سكركم وزال حال ٱلجنب عندكم يكون ذلك حق. فإن لم يتطابق فهمنا لقول ٱللَّه مع ٱلحق فهذا يبين أننا لم نفهم وعليناۤ إعادة ٱلنظر وفق سنَّة "ملة إبرٰهيم حنيفاً" ونحنف عن فهمنا حتى نوصل إلى مطابقة ٱلقول مع ٱلحق.
ونأخذ ٱلطهارة ٱلأن. لقد طلب ٱللَّه من ٱلمؤمن ٱلجنب ٱلتطهر فى ٱلأية /6/ سورة ٱلماۤئدة وٱلاغتسال فى ٱلأية /43/ سورة ٱلنسآء وٱستثنت ٱلجنب ٱلعابر ٱلسبيل من ٱلاغتسال.
إن عبور ٱلسبيل وٱلاستثنآء يُظهر مفهوم ٱلجنب. لأن ٱلأمر ٱلهام عند عابر ٱلسبيل هو متابعته للطريق ومخاطرها ومعالمها. وتكون حواسه وفؤاده جميعها منصرفة إلى مراقبة ٱلطريق. وكل أمر أخر هو ثانوى لديه طالماۤ أنه يعبر ٱلطريق. وهو لا يستطيع أن ينقطع عن مراقبة ٱلطريق وٱلانشغال بمعالمها ومخاطرها. وهنا نجد أنَّ ٱللَّه قد سمح له أن يقيم ٱلصلوٰة وهو فى ٱلطريق وفى هذه ٱلزحمة من ٱلانشغال من دون ٱنصراف كاملٍ حسب ٱلأمر "فصلى لربك وٱنحر". وهكذا يتبين لناۤ أنّ ٱلجنب هو ٱلمشغول بأمر ما بواسطة حواسه ٱلسمعية وٱلبصرية.
فٱلطهارة هنا هى قطع ٱلأمر ٱلشاغل للمؤمن ٱلذى يريد إقامة ٱلصلوٰة وهذا ٱلقطع يتم بٱلاغتسال.
إن غسل ٱلجسم بصبّ ٱلمآء عليه من أعلى ٱلرأس يُحيى ٱلنفس ويبعث فيها ٱلنشاط وٱلحيوية وٱلراحة فتعود للإنسان قدرته على توجيه نفسه وٱلتحكم فيها. وهذا حق فى ٱلوجود ويطابق قول ٱللَّه فى ٱلأية عن ٱلاغتسال وما ينجم عنه من طهارة.
وٱلنظر فى ٱلأمر ٱلتالى يزيد من بيان ٱلمسألة:
"لا تقربوهن حتىٰ يطهرن فإذا تطهرن فَأْتُوهُنَّ.." 222 ٱلبقرة.
فلو كان ٱلاغتسال أو ٱلغسل ٱلجزئى يأتى بٱلطهارة لكان يمكن للرجل أن يأتى زوجه ٱلحاۤئض بعد ٱغتسال أو غسل جزئى. وهذا لا يستقيم لأن ٱلطهارة ٱلمطلوبة هى ٱنقطاع ٱلحيض. أى تخلـص جسم ٱلمرأة من ٱلطمث تماما. وبعد ٱنقطاع ٱلحيض فإنَّ الاغتسال غير مطلوب. وإلا لقال ٱللَّه فإن تطهرن وٱغتسلن فأتوهن.

ونتوجه للنظر فى كلمة "سكارى". وما نجده فى دليل ٱلكلمة أن للسكر دليل واحد هو ٱلسد وٱلإغلاق. وأن قلب وفؤاد ٱلإنسان يسكران من أسباب متعددة كٱلغضب وٱلعشق وٱلظفر وٱلربح وٱلمال وٱلسلطان وٱلنوم. ومن يسكر قلبه بواحد من هذه ٱلأسباب لا يعلم ما يقول. وإنّ ٱلاغتسال فى مثل هذه ٱلحال يذهب بٱلسكر ويعود بٱلإنسان إلى توازنه ٱلنفسى وٱلعصبى ٱلذى يجعله يعلم ما يقول.
ونقول أنّ ٱلسكر هو حال نفس ينغلق ٱلقلب فيها على مسألة واحدة. فلا ٱلعين تبصر. ولا ٱلأذن تسمع. ويكون صاحب هذه ٱلنفس فى عالم ذاتى داخلى مغلق. ومن كان هذا حال نفسه كيف يقيم ٱلصلوٰة ؟
صاحب هذه ٱلنفس لا ينتبه للأخرين. وهذه ٱلحال يعيشها كثير من ٱلناس وكم يشكون من بعضهم أثنآء ٱللقآء فى ٱلطريق يحى أحدهم ٱلأخر فلا يرد عليه ٱلتحية على ٱلرغم من أن عينيه توقع عليه. وهو فى ٱلحق لم يبصره وإن ناداه لا يسمعه. إنها حال ٱنقطاع للنفس عن ٱلعالم ٱلخارجى.

أما ٱلجنب فهو ٱلفرد ٱلذى يحاول متابعة أمر ما وهو منشغل ٱلبصر وٱلسمع فى مسألة أخرى. فتكون متابعته للأمر ثانوية وضعيفة. وقد يخلط بين ما ينشغل فى ملاحقته ببصره وسمعه وما يريد أن يتابعه.
وهكذا نجد أن ٱلسكر وٱلجنب حالين نفسيتين تشغل كل منهما ٱلإنسان عن ٱلاهتمام بأمور أخرى. وأن وسيلة ٱلتخلص من تأثيرهما تحدث بٱلاغتسال. فٱلطهارة تخلص ٱلنفس من مشاغلها. وما يراد بٱلنظافة فهو ملحق بٱلدليل وغير مطلوب. وإنّ ٱلذى يغتسل تتطهر نفسه وتنفرج وبٱلتالى يزول عن جلده ما علق به من دهون وأملاح تخلص منها جسمه.
لقد سمح ٱللَّه بإقامة ٱلصلوٰة ٱستثنآء من قاعدة "فصلّ لربك وٱنحر" لعابر ٱلسبيل. لأنه لا يستطيع ٱلانصراف عن ٱلطريق. وصلوٰته هى للنجاة وهى صلوٰة قصيرة ٱستنادًا إلى ٱلتوجيه ٱلتالى:
"وإذا ضربتم فى ٱلأرض فليس عليكم جناح أن تقصرواْ من ٱلصّلوٰة" 101 ٱلنسآء.
أما إذا كان جنبا غير عابر للسبيل فلا يقيمها حتى تتطهر نفسه من مشاغلها بٱلاغتسال.
ونتابع مع ٱلأيتين /6/ ٱلماۤئدة و/43/ ٱلنسآء حيث تعددان أحوال غير مقترنة بٱلاغتسال ويكفى لإقامة ٱلصلوٰة غسل ٱلوجه وٱلأيدى إلى ٱلمرافق ومسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين. وإذا لم نجد مآء نمسح ٱلوجه وٱلأيدى بٱلصعيد ٱلطيب. وهذه ٱلأحوال هى:
1- إن كنتم مرضى.
2- أو على سفر.
3- أو جآء أحد منكم من ٱلغاۤئط.
4- أو لامستم ٱلنسآء.
فى هذه ٱلأحوال لا يوجد سكر ولا جنب. فٱلمريض جسمه ونفسه فى ضعف. وغسيل ٱلوجه وٱلأيدى. وهما مركزين أساسيين للأعصاب. وكذلك مسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين. يحيى ٱلنفس وٱلجسم ويصير صاحبهما جاهزا لإقامة ٱلصلوٰة. لأن نفسه خالية من ٱلأمور ٱلتى تسكرها وتشغلها بٱلملاحقة ببصره وسمعه. وٱلمسألة ٱلرئيس عند ٱلمريض هى ٱلشفآء. ومسألة ٱلصلوٰة بٱلنسبة إليه هو طلب ٱلشفآء. وهو يتمثل دعآء أيوب:
"وأيّوبَ إذ نادى ربَّهُ أَنّى مَسَّنِىَ ٱلضُّرُ وأنت أرحم ٱلرٰحمين" 83 ٱلأنبيآء.
وٱلذى على سفر هو ٱلمنشغل بجمع حاجاته وأوراق سفره. وماۤ أن يفرغ منها حتى يصير قادرا علىۤ إقامة ٱلصلوٰة من بعد غسل ٱلوجه وٱلأيدى إلى ٱلمرافق ومسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين. لأن ٱلاستعداد للسفر لا يسكر ولا يصرف ٱلسمع وٱلبصر. وأنَّ مسألة صلوٰة ٱلذى على سفرٍ هى طلب ٱلسلامة وٱلوصول بأمان وٱلتوفيق فى مسألة سفره.

أما ٱلقول "أو جآء أحد منكم من ٱلغاۤئط". فنجد فيه فعل وفاعل ومكان. وٱلمكان هو ٱلغاۤئط. وهو ٱسم لكل أرضٍ منخفضة واسعة يجتمع إليها ٱلماۤء. ومثل هذه ٱلأرض صالحة للعمل ويكثر فيها ٱلعمل وٱلعمال ومصالحهم ومعاشهم. فٱلغاۤئط فى هذا ٱلقول هو مكان ٱلعمل. أى عمل. وما يدلنا عليه هذا ٱلقول هو ٱلقول ٱلتالى (أو جآء أحد منكم من ٱلعمل). وأنَّ ٱلعاۤئد من ٱلعمل يقيم ٱلصلوٰة بعد غسل ٱلوجه وٱلأيدى إلى ٱلمرافق ومسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين. فتخلص نفسه من عوالق ٱلعمل ولا حاجة للاغتسال ٱلكامل. ومسألة صلوٰة ٱلعاۤئد من ٱلعمل كبيرة نسبيا لأنها تتوجه إلى بيان كامل عن أعمال ٱلمؤمن فى هذا ٱليوم ومدى تذّكره لصراط ٱللَّه ٱلمستقيم ومدى تقيده فيه. كما تتوجه إلى ٱلشكر وٱلحمد على ماۤ أتـٰه من رزق وعلى طلب ٱلمغفرة لما ٱرتكب من سيئات مع ٱلناس. ويتعهد فى صلوٰته على ٱلعودة عنها. ويظهر لاحقا إن كان صادق ٱلتوبة.

أما ٱلقول "أو لامستم ٱلنسآء" فكما وجدنا فى ٱلأيتين /43/ ٱلنسآء و/6/ ٱلماۤئدة يكفـى غسيـل ٱلوجـه وٱلأيدى إلى ٱلمرافق ومسح ٱلرأس وٱلأرجل إلى ٱلكعبين.
"لامستم ٱلنسآء" عند ٱلمفسرين هو ٱلجماع. فإذا كان ٱلجماع وٱلنظافة منه هى ٱلمطلوبة فهل يكفى غسل ٱلوجه وٱلأيدى ومسح ٱلرأس وٱلأرجل ؟ وهل ٱلمراد من ٱلاغتسال أو ٱلغسل ٱلجزئى نظافة أم طهارة ؟
لم نجد فى ٱلأيتين أى كلمة تشير إلى ٱلنظافة ولكنّا وجدنا كلمة طهارة. وتدلنا على ٱلتخلّص من أمرٍ عالق بٱلنفس وليس بٱلجسم. وسبل ٱلتخلّص من هذا ٱلعالق هو فى تنبيه ٱلأعصاب بواسطة ٱلمآء. وإذا لم نجد المآء فإن مسح ٱلوجه وٱلأيدى بٱلتراب (مساج) يقوم بفعل ٱلتنبيه ٱلمراد.
وكلمة لَمَسَ لا تدل على ما تدل عليه كلمة مَسًّ. ولكنها تبين دليل ٱلطلب وٱلإلحاح فى ٱلطلب. أما دليل ٱلمَّس فقد ورد فى ٱلتوجيه ٱلتالى:
"ولا جناح عليكم إن طلقتم ٱلنساۤء ما لم تمسُّوهُنَّ.." 236 ٱلبقرة.
وكذلك فى ٱلتوجيه:
"وإن طلقتموهُنَّ من قبل أن تمسُّوهنَّ وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم.." 237 ٱلبقرة.
فى ٱلأيتين /236 و237/ من سورة ٱلبقرة وردت كلمة مسَّ لتدلنا على فعل ٱلنكاح.
ونجد فى ٱلنبإ:
"إنّه لقرءان كريم/77/ فى كتٰب مكنون/78/لا يَمَسّهُ إلا ٱلمطهرون/79/" ٱلواقعة.
ما يبين دليل ٱلمسّ ودليل ٱلطهارة. فٱلمسّ للقرءان هو ٱلالتصاق به وٱلقيام عليه. وٱلمطهرون هم ملاۤئكة قاۤئمون على ٱلقرءان لا يشغلهم عنه أى شىء. أى هم منقطعون عن كل شىء فلا يلهون عنه.
وحتى يستقيم ٱلدليل بٱلطلب وٱلإلحاح فيه فى كلمة لَمَسَ فإن كلمة "ٱلنساۤء" فى ٱلأيتين ليست جمع ٱمرأة بل هى جمع نسئ أى مؤجل أو لاحق. فيكون "ولامستم ٱلنساۤء" هـو ملاحقـة دَينٍ لتحصيله أو ملاحقة مشروع لإكماله. ولمثل هذا ٱلعمل جاۤء غسل أجزاۤء من ٱلجسم لتخليص ٱلنفس من كدرها وما علق بها من هذا ٱلعمل. ومسألة ٱلصلوٰة هنا هى ذات مسألة ٱلعاۤئد من ٱلغاۤئط. وٱلاغتسال ٱلكامـل وٱلغسل ٱلجزئى نجد أنّ تأثيرهما ٱلمطلوب فى طهارة ٱلنفس هو من أجل أن "تعلمواْ ما تقولون".
إن ٱلاغتسال كما نرى هو لحال ٱلاستغراق ٱلكامل. أما ٱلغسل ٱلجزئى فهو للحالات ٱلأدنى ٱلمذكورة فىۤ أربع فقرات تغطى كل ٱلحالات ٱلتى يمكن للمؤمن أن يوقع فيها خلال حياته ٱليومية. أما ٱلتيمم بٱلتراب فلا يصلح بدل ٱلاغتسال ٱلكامل وهو مقصور على ٱلحالات ٱلأربعة إذا كان الماۤء غير متوفر. أما ٱلاغتسال فيقوم محل ٱلغسل ٱلجزئى إذا كان ٱلماۤء متوفرًا وأراد ٱلمؤمن ذلك. حيث أن ٱلاغتسال وٱلغسل ٱلجزئى وٱلتيمم غايتها طهارة ٱلنفس مما علق بها من هموم أو فرح أو ضيق أو حزن أو تعب. وكل هذه ٱلأمور تجعل ٱلإنسان لا يعلم ما يقول ما دامت عالقة فى نفسه وتوقعه فى تحذير ربه:
"فويل للمصلّين/4/ ٱلذين هم عن صلاتهم ساهون/5/" ٱلماعون.


سورة ٱلفلق

بسم ٱللَّه ٱلرَّحمٰن ٱلرَّحيم
"قل أعوذ بربّ ٱلفلقِ/1/ من شرِّ ما خلقَ/2/ ومن شرِّ غاسقٍ إذا وقبَ/3/ ومن شرّ ٱلنفـٰثـٰت فى ٱلعقد/4/ ومن شرِّ حاسدٍ إذا حَسَد/5/".

لقد غَيَّب ٱلظّنُ أهمية هذه ٱلسورة. وسأحاول أن أقدم فهمى لها وكلنىۤ أمل أن يعود من يتلو كتابىۤ إلى ٱلنظر فيه مرات ومرات قبل أن يصدر حكمه على هذا ٱلفهم.
وحتى يكون عملىۤ أظهر أرتل معها ٱلنبأ ٱلتالى:
"إنّ ٱللَّه فالق ٱلحبّ وٱلنوى يخرج ٱلحىَّ من ٱلميّتِ ومخرج ٱلميّتِ من ٱلحىِّ ذلكم ٱللَّه فأنَّىٰ تؤفكون/95/ فالق ٱلإصباح وجعل ٱلَّيل سكنًا وٱلشمس وٱلقمر حسباناً ذلك تقدير ٱلعزيز ٱلعليم/96/" ٱلأنعام.
فى ٱلأيتين /95 و96/ سورة ٱلأنعام يبيّن لنا ٱللَّه أن سنّة (قانون) ٱلفلق (ٱلانقسام) تحكم ٱلوجود ٱلحى (ٱلحبَّ) وٱلوجود ٱلميت (ٱلنوى) على ٱلسواۤء. كما يبين لنا ظواهر ٱلوجودين (ٱلإصباح). ويوكّد لناۤ أن هذه ٱلسنّة (ٱلقانون) هى من فعل ٱللَّه.
وربُّ ٱلفلق فى سورة ٱلفلق هو ٱللَّه بدليل ٱلأيتين /95 و96/ ٱلأنعام. وٱلأمر ٱلمبيّن فى سورة ٱلفلق هو تقدُّمَنا ٱلعلمى وٱكتشافنا لسنّة ٱلفلق فى ٱلوجودين ٱلحى وٱلميت وظواهرهما. ويبين أنّ ٱستخدامنا للقوة ٱلكامنة لا يكفى لوحده. وٱلذى تبيّنه لنا ٱلسورة أن ٱلعلم بسنّة (قوانين) ٱلفلق يلزمه ٱللجوء من دون ٱنقطاع إلى ربّ هذه ٱلسنّة ٱلذى هو ٱللَّه حتى لا نقع فى شرور أعمالنا.
ٱلشر فى ٱلوجود ظاهرة إنسانية يبينها ٱلبلاغ:
"ونفس وما سوّـٰها/7/ فألهمها فجورها وتقوـٰها/8/ قد أفلح من زكَّـٰها/9/ وقد خاب من دسّـٰها /10/" ٱلشمس.
فٱلنفس ٱلبشرية تحكمها سنة (قانون) ٱلفلق فى مجال ٱلظواهر (ٱلاصباح). وهى تفصل بين ٱلفجور وٱلتقوى.
وينبثق عن فعل هذه ٱلسنّة فعل إنسانى يقوم على جدلية (ٱلفجور – ٱلتقوى) بدليل ٱلنبإ ٱلتالى:
"وكان ٱلإنسٰن أكثر شىء جدلاً"54 ٱلكهف.
وأنّ ٱلتحكم فى سير هذه ٱلجدلية يأتى من وجهتين:
1- "قد أفلح من زكـٰها" ويتـم ذلك بتذكّر أوامر ٱللَّه ووصاياه وعدم نسيانها وٱلطاعة.
2- "وقد خاب من دسّـٰها" وهو ٱلذىۤ أهمل أوامر ووصايا ٱللَّه فلا يذكرها وهى خفية على نفسه. فلا يستطيع ٱلسيطرة على هذه ٱلجدلية وتغلب عليه أفعال ٱلفجور وتصبح هى ٱلأقوى بسبب فقدان عامل ٱلتحكم وٱلسيطرة ٱلذىۤ أرسله لنا ٱللَّه فى رسالته.
وٱلإنسان يستطيع أن يستخدم سنة ٱلفلق فى وجهتين. إمّا وجهة ٱلخير وإمّا وجهة ٱلشر. مثل ٱلانقسام ٱلنـووى فيه خير وفيه شرّ. وٱلإنسان مخيّر ومسئول عن ٱختياره.
وفى مقال لـ (F.W أندرسون) ٱلقول ٱلتالى:
"لقد دخل مجتمعنا عهد الطاقة النووية معصوب العينين، كما أننا سرنا في عصر الـ دي دي تي DDT والمبيدات الحشرية الأخرى على نحو أعمى. إلا أننا لن نستطيع دفع ثمن الانغماس الأعمى فى عصر الهندسة الجينية (الوراثية) Genetic engineering. ولهذا يجب أن ندخل هذه المرحلة المثيرة ونحن على وعي تام بأن المعالجة الجينية قد تستخدم للشرّ كما قـد تستخـدم للخيـر. وعندما نجني ثمار هذه التقانة، علينا أن نتذكر أخطارها الكامنة، وأن نبقى متيقظين دوما".
إشارة بينة إلى وجهتين فى علم ٱلمعالجة ٱلجينية (شرّ- خير). وهى إمكانية كامنة وتنتظر توجيهها. وأنّ ٱلعوذ برب ٱلفلق أى ٱللجوء إلى ٱللَّه وأوامره ووصاياه ٱلظاهرة ٱلبينة هو ٱلمنقذ ٱلوحيد لنـا مـن ٱلشـرور سوآء ءكان ذلك فى ٱلانقسام ٱلنووى أم فى ٱلهندسة ٱلجينية أم فى ٱلاستنساخ الخ..
لقد بين لنا ٱللَّه فى ٱلأية /2/ ٱلفلق أن ٱلشرّ من خلقه. وذلك من خلال خلق ٱلنفس ٱلإنسانية ذات ٱلجدلية (خير - شرّ).
كما بيّن فى ٱلأية /3/ أن ٱلعمل وفق سنّة ٱلفلق فى وجهة ٱلشر يسبب ٱنتشار ٱلظلام سوآء ءكان فى حياة ٱلناس أم فى ٱلبيئة. ولهذه ٱلوجهة أثارها ٱلشريرة فى ٱلحياة ٱلاجتماعية. كما بيّن ٱللَّه لنا فى ٱلأية /4/ وذلك من خلال ٱلنفث فى ٱلأزمات ٱلاجتماعية أو ٱلعاۤئلية أو ٱلمذهبية أو ٱلدولية. فيزيد فى تعقيدها وتأزيمها ويجعلها غير قابلة للحل.
وقد بين لنا ٱللَّه فى ٱلأية /5/ أن فعل ٱلشرّ يستمر فى توليد ٱلشرور. فبعد تأجيج ٱلأزمات تقوى ٱلنفوس ٱلحاسدة ٱلطامعة بٱلكسب من خلال تلك ٱلأزمات كتجار ٱلحروب على ٱختلاف بضاعتهم. ويزداد إقدامها على فعل ما يحقق أطماعها من دون ٱهتمام بما ينجم عنها فى حياة ٱلناس.


























سورة ٱلناس

بسم ٱللَّه ٱلرَّحمٰن ٱلرَّحيم
"قل أعوذ بربِّ ٱلناس/1/ ملكِ ٱلنَّاسِ/2/ إلـٰهِ ٱلنَّاسِ/3/ من شرِّ ٱلوسواس ٱلخنّاسِ/4/ ٱلَّذى يوسوس فى صُدُورِ ٱلنَّاسِ/5/ من ٱلجِنَّة وٱلنَّاسِ/6/".

فى هذه ٱلسورة وفى نور ما جاۤء فى فهمنا لسورة ٱلفلق ننظر إلىۤ ءاياتها ٱلتى نجدها تبـدأ بٱللجـوء (أعوذ) إلى ٱللَّه بثلاث حالات:
ٱلأولى لجوء إلى ربّ سنّة (قوانين) ٱلوجود وٱلناس من ٱلوجود.
ٱلثانية لجـوء إلى ملك ٱلناس وهو ٱللَّه ٱلمالك لكل شىء وٱلناس أشياۤء.
ٱلثالثة لجـوء إلىۤ إلٰه ٱلناس وهو لمن يقر بٱلألوهة ويحصرها بٱللَّه.
إن ٱلمؤمن ٱلعالم يلجأ إلى ربّ ٱلفلق حتى لا يعمل بسنّة ٱلفلق فى وجهة ٱلشرور. وهو يلجأ إلى ٱللَّه فى ٱلحالات ٱلثلاث عند تطبيق سورة ٱلناس فى ٱلحياة ٱلاجتماعية للناس ٱلتى تحتاج إلى مؤسسات وإدارات تشرف على حياة ٱلمجتمع.
ونجد أن ٱلعوذ فى هذه ٱلسورة ينحصر فى مسألة على قدر كبير من ٱلأهمية وقد بينها لنا ٱللَّه بقوله: "من شرّ ٱلوسواس ٱلخنّاس".
وما يدلنا عليه ٱسم ٱلوسواس هو مرض فى ٱلنفس ينشأ عن ٱختلاط ٱلأحلام وٱلظنون مع ٱلحقِّ. ويفقد ٱلمصاب بهذا ٱلمرض ٱلقدرة على ٱلتفريق بين أحلامه وظنونه وبين ٱلحق.
كذلك يدلنا ٱسم ٱلخنّاس على ما يدلنا عليه ٱلفعل خنس. وهو فعل فى دليله دليل ٱلأفعال (أخّر وخلّف ووارى).
وإن ٱللجوء إلى ٱللَّه هنا يحدث حتى لا يوقع ٱلمجتمع فى ٱلشرور ٱلتى يسببها وصول مرضى بٱلوسواس ٱلخنّاس إلى مواقع ٱلصدارة فى ٱلمجتمع. ومن أجل إعفآء من أصيب بهذا ٱلمرض وهو فى موقع من مواقع ٱلصدر من منصبه.
وأنّ ٱلنفع ٱلمطلوب فى هذه ٱلسورة ينحصر فى توجيه ٱهتمام ٱلناس إلى ٱلعلم بحال نفس كلّ فرد يتقدم لموقع من مواقع ٱلصدر وٱلتأكد من خلوها من ٱلأمراض ٱلنفسية. ووضع ٱلأسس ٱلتى تتبع للكشف عنها.


سورة ٱلعصر
بسم ٱللَّه ٱلرَّحمٰن ٱلرَّحيم
"وٱلعصرِ/1/ إنّ ٱلإنسٰن لفى خُسرٍ/2/ إلاّ ٱلَّذين ءامنواْ وعملواْ ٱلصَّٰلحٰت وتواصواْ بٱلحقِّ وتواصَواْ بٱلصّبر/3/".

فى هذه ٱلسورة تصوير تمثيلى لسنّة ٱلرب فى ٱلوجود "كل شىء هالك.."
"وٱلعصر" ٱلواو هو واو ٱلشبـه أو ٱلمثـل. وعَصَـرَ ٱلشـىءَ أخرج ما فيه من عصير. أى مثل ٱلعصر ٱلذى يُخرج ما فى ٱلشىء من عصير ولا تترك منه إلاّ ٱلألياف ٱلجافة. وعصر ٱلشىء يؤول به إلى جفاف وتفتت وهلاك.
ٱلإنسان ٱلمولود فى جسمه 80٪ من وزنه مآء. وتبقى هذه ٱلنسبة فى جسمه إلىۤ أن يبلغ ٱلثلاثين من ٱلعمر فيبدأ يخسر ٱلماۤء من جسمه إلىۤ أن توصل خسارته إلى حدّ لا يتركه حيّا من بعده. وهذا هو عصره وخسره.
وتبدأ ٱلأية ٱلثانية بتشبيه مؤكد "إنَّ" يبين لنا ٱلشّبه بين عملية ٱلعصر وحياة ٱلإنسان فهو فى حال خسر مستمر يشبه عملية ٱلعصر حتى هلاكه.
هذا فى ٱلحياة ٱلدنيا. أما فى ٱلحياة ٱلأخرة فإنّ ٱلذين لا يعلمون بهذا ٱلحقّ خسارتهم فى ٱلأخرة كاملة. أما ٱلذين ءامنوا وقدموا ٱلبينة علىۤ إيمانهم بأعمالهم ٱلصالحة فى ٱلحياة ٱلدنيا فتعود خسارتهم إليهم فى ٱلحياة ٱلأخرة.

ٱلدين خرافة أم علم؟
ٱلمؤلف سمير حسن
ٱلطبعة ٱلأولى /1000/ 7 / 1999
جميع ٱلحقوق محفوظة للمؤلف.
ٱلناشر دار ٱلمنارة للدراسات وٱلترجمة وٱلنشر.
ٱللاذقية – سورية – هاتف 465763 – ص.ب 822.
ٱلتوزيع – ٱلدار ٱلوطنية ٱلجديدة
دمشق – هاتف /4418202/ ص.ب /22205/.




#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية دين المؤمنين
- من أجل عراق على سبيل المدينة المنورة
- شرع ٱللَّه ومسئولية الإنسان
- مسودة ٱلدستور ٱلعراقى
- التطرف
- كيف نعلم أنَّ اللَّه يعلم ؟
- الانقلاب
- إلى شيوخ شيوخ الأزهر وشيوخ الوهابية وشيوخ قم وجميع شيوخ السل ...
- هل يقبل المسلمون بدستور دولة المدينة المنورة
- دستور دولة المدينة المنورة


المزيد.....




- رأي.. بشار جرار يكتب عن مستقبل -الإخوان- في الكويت والأردن: ...
- 3 أحفاد يهود.. هل تؤثر روابط بايدن العائلية على دعمه لإسرائي ...
- الشرطة الفرنسية تقتل جزائريا أضرم النار في كنيس يهودي
- أبو عبيدة: التحية لأخوتنا في المقاومة الإسلامية في العراق
- دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا
- جدل وسخط بين الأوساط الدينية في مصر ضد انطلاق -مركز تكوين ال ...
- قلوب ولادك فرحانة.. تحديث جديد لـ تردد قنوات الأطفال نايل سا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقعي ‏بياض بليدا و‏البغد ...
- -جزائري الأصل-.. وزير الداخلية الفرنسية يكشف معلومات حول الم ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مرابض العدو في الزاعورة و ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - الدين خرافة أم علم ؟