|
خانة النساء
غادة هيكل
الحوار المتمدن-العدد: 4220 - 2013 / 9 / 19 - 02:55
المحور:
الادب والفن
غادة هيكل
خانة النساء ******** انتميت إلى خانة النساء منذ الشهر الخامس وما زلت فى بطن أمى ، عندما قال لها الطبيب اننى أنثى ، اكفهر وجهها ، لم تكن ترغب بأنثى رابعة ،كتمت شعورها الذى تسرب لى من خلال الحبل السرى الذى يربطنى بها ، أكثر ما أرق منامها كيف تنقل هذا الخبر لأبى الذى ينتظر بشرى مختلفة ، الحمد لله أنه سافر لأيام ، أمامى برهة من الوقت كى أستعد لتلقى ردة فعله ، هكذا أسرت لنفسها ، أخبرت أمها ، فمصمصت شفتيها ، تنهدت بزفرة ألم قوية انخلع معها صدرها ، سمعت حزن أمى الذى كتمته وتسرب لى وهى تبلع ريقها بصعوبة ، لم تجد من يساندها بكلمة حب . كل هذا الشعور بالحزن انعكس علىّ داخل الرحم الذى حملنى تسعة أشهر على مضض ، كلها حزن دفين ، ونظرات تتداول بين أبى وأمى ، وكل منهم يتجنب الأخر قدر الامكان . أمى تتحمل وتدارى تعبها ، وأبى يكظم غيظه ، ويتمتم الحمد لله على كل حال ، رزق البنات كتير . لم يكن الرزق ما يؤرقه ، قد أنعم الله عليه بالرزق الوفير ن ولكن من يرث هذا الرزق ومن يكمل المشوار ، ومن يحمل الإسم من بعده حتى لا يندثر بمرور الزمن ؟ ولم يذكر من يترحم عليه ويدعوا له بعد وفاته ! وضعتنى أمى كرها رغم سهولة الولادة كما حُكى لى ، ولكن الفرحة هى من تهون عذاب الألم ، توالت خانتى تحتضن جسدى يوما بعد يوم ، مبكرا حملونى إلى الطبيب قصرا ليقطع منى ما يسوء عفتى وحيائى ن خانتى لا تبيح لى سوى الصمت والإنكسار ، ولا أدرى كيف اجتزت تلك المحنة لعل السبب أننى لست الوحيدة فى هذا الإحتفال الصامت، الذى تفرح فيه العيون وترقص فيه القلوب أمام المذبح الشرعى . اتسعت خانتى يوما بعد يوم وهذا الجسد الفاتن يكبر ويتبلور ، وأقف امام المرآة اتحسس جمال وجهى الأبيض ، وجسدى الذى زينته تلك المفاتن البارزة والمفعمة بالحركة . يرانى أبى اتباهى بجمالى ،يعنفنى بقوة قائلا : يا فاجرة !!!لم أعى معنى ما يقول ولكن شعرت بوقع تلك الكلمة كسياط سلخ جلدى عن لحمى وتساقط ك نز الشواء ،وجهه العابس أفصح عن استباحة دمى يوما ، ونادى لأمى كى تشهد الجريمة النكراء ، حتى يبرر لها ما يريد . كان آخر عهدى مع خانتى ،عندما زارنى خرّاط البنات ، وبدأت مراسم المزاد تُفتح لمن يدفع أكثر ، ووقف أبى على القمة حتى أعلن : ألا أونه ، ألا دوى ، الا تريه ، لقد رحت المزاد يا هذا ! فرحت لذلك كثيرا حتى أتخلص من عبودية الوالد ، واستقبلت خانتى الجدية بشوق عارم للهواء الطلق . استقبلنى بالود وفتح لى آفاق الدنيا وجمع لى من الشمس طرحة ومن القمر فستان ، وجعل بساطى من السجاد العجمى ، وستائرى من الحرير الدمشقى ، ثم اغلق على الباب فى محبس أكثر اتساعا لا يشاركنى فيه أحد ،مزين بالحلى ومسقوف باوامر لا تنتهى . نفس الدائرة ، نفس الخانة ، ضاقت أم اتسعت لا تمرد ولا تجرد ، لا خروج منها ، لا حرية فيها ، لا اتمكن من تعدى حدودها ، فقد ولدت لتلك الخانة ، لا لغيرها ، وسوف نظل فيها حتى النهاية . خانة النساء
#غادة_هيكل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ق. ق. ج
-
اوباما والناقة العرجاء
-
لا يلدغ الشعب من جحر مرتين
-
من غادة هيكل إلى وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى
-
ق.ق.ج
-
مجرد شعب
-
تمخض الجمل
-
دراسة نقدية
-
مصر تفتح كنوز الاهرام للعالم
-
يوم مؤلم بالمدينة الجامعية
-
تابع سلسلة المدينة الجامعية
-
ليلة شجن بالمدينة الجامعية
-
سلسلة المدينة الجامعية
-
فى المدينة الجامعية
-
شموخ القضاء وعبث القضاة
-
المدينة الجامعية
-
سلسلة عن المدن الجامعية
-
أخبار اليوم
-
فتنة وفتنة
-
لم يعد بكر
المزيد.....
-
مقتل ممثل أمريكي شهير بالرصاص في لوس أنجلوس
-
عالم فرنسي: الذكاء الاصطناعي لن يصل إلى مستوى الذكاء البشري
...
-
مصر.. إحالة مطرب شهير للمحاكمة الجنائية
-
دون سبب وفي صمت.. دخل إلى السينما وطعن فتيات
-
تونس.. السر بين الأدب الروسي والعربي
-
وائل حلاق: -الانتفاضة العظمى- عالمية وإدارة جامعة كولومبيا ب
...
-
وفاة مؤلف أشهر أغنيات أفلام -ديزني- ريتشارد شيرمان عن 95 عام
...
-
إعلان 2 مترجمة ح 162.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 162 الجزء 5
...
-
الإعلان الأول حصري ح 162.. عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 162
...
-
رحيل الشاعر الأردني زياد العناني عن 62 عاما
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|