أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - ماذا تبقى لكم؟!















المزيد.....

ماذا تبقى لكم؟!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 3879 - 2012 / 10 / 13 - 03:25
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عن الغباء السياسي نتكلم
للكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني رواية بعنوان "ما تبقى لكم" يخبر فيها الفلسطينيين أن الخيار الوحيد الذي تبقى لهم في مواجهة الكيان الصهيوني هو المقاومة، ولا شيء غيرها. أجدني مضطرا أمام الأحداث الجارية في مصر اليوم الجمعة 12 أكتوبر 2012 أن أعيد صياغة هذا العنوان ليصبح على شكل سؤال موجه للمصريين، وهو "ماذا تبقى لكم؟". ماذا تبقى للمصريين من ثورة 25 يناير؟ بل ماذا تبقى للمصريين من مصريتهم ومن بلادهم؟ والسؤال الأخير يتناول الجانب المعنوي من البلاد لا الجانب السياسي الممثل في الدولة. ما الذي تبقى للمصريين من الثورة؟ وما الذي تبقى لهم من القيمة المعنوية التي تمثلها مصر؟

هل المصريون يعانون الغباء السياسي؟!
السؤال ربما يبدو صادما، إلا أن تطورات الواقع السياسي المصري تشير إلى أن الإجابة ربما تكون بنعم. وهنا لا أعمم السؤال وبالتالي لا أعمم الإجابة، وفيما يلي بعض المؤشرات التي تمثل في رأيي أدلة على صحة الإجابة بنعم، ولكن هذه الأدلة تتطلب العودة إلى ما قبل سقوط حسني مبارك تحت وطأة الاحتجاجات الثورية التي تم تنظيمها في الشارع.
خلال فترة الاحتجاجات، دأب السلفيون على ترديد عبارات تحرم الخروج على الحاكم، بل حتى في الأيام القليلة التي تلت سقوط مبارك كان الخطاب العام هو رفض التعامل مع الواقع الجديد، ثم كانت الانطلاقة السياسية التي منحتهم 20% من مقاعد أول مجلس الشعب منتخب في مصر الجديدة. هذه الانطلاقة لم تحدث من فراغ، وإنما كانت بناء على أمرين؛ أولهما هو استغلال شبكة الدعم الاجتماعي التي أسسوها في فترة حكم مبارك في الأحياء الفقيرة، عندما كان النظام السابق يحاول التقرب إلى التيار السلفي لضرب تيار الإخوان المسلمين سياسيا، وإلا فما تفسير انتشارهم في كل تلك الأماكن رغم وجود نظام سياسي معادٍ لهم؟! الثاني هو استغلال ضعف الوعي الديني لدى المصريين بشكل عام نتيجة سنوات التجهيل التي عاشها المصريون في ظل النظام السابق، واستخدام الخطاب الديني "التخويفي"، الذي يبتعد عن الإطار العام للتعامل الدنيوي كما رسمه الإسلام ليركز على تفاصيل عليها الكثير من الخلاف بين الفقهاء بدعوى أن الالتزام بهذه التفاصيل هو طريق الفلاح الدنيوي والأخروي.
الشاهد في الفقرة السابقة هو أن هذا التيار السلفي أصدر دعاوى كثيرة تحرم الثورة، وتعامل مع النظام السابق لضرب تيار "إسلامي" آخر هو الإخوان المسلمين، ورغم ذلك انتخب 20& من المصريين المهتمين بالانتخابات حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية، وذلك بهدف تحقيق أهداف الثورة!!! لقد انتخبوا هذا الحزب، والآن يعاني هذا الحزب من انشقاقات سياسية واتهامات متبادلة بين أعضائه بـ"التزوير" و"التغول السياسي". فمن في داخل هذا الحزب هو الإسلامي؟ وكيف يمكن أن يستأمن المصريون هذا الحزب على ثورتهم، بينما أفراد الحزب عاجزون عن إدارة شئون الحزب نفسه؟! ورغم ذلك تشير الاستطلاعات الأولية إلى أن هذا الحزب ربما يحقق ما تصل نسبته إلى 15% من الأصوات في الانتخابات القادمة!!! أليس في ذلك دليل على الغباء السياسي؟! فما الذي فعله المصريون في أنفسهم ليصلوا إلى مثل هذه الورطة؟
فإذا انتقلنا إلى الجانب الآخر من التيار الإسلامي لوجدنا أننا أمام الإخوان المسلمين؛ تلك القوة التي يحلو للمحللين الغربيين أن يصفوها بأنها "القوة السياسية الأكثر تنظيما في مصر"، وهذا توصيف حقيقي لا مشكلة فيه، ولكنه يطرح سؤالا: كيف وصلوا إلى هذه القوة التنظيمية في ظل نظام قمعي؟! ألا يثير هذا الشكوك في أن النظام كان يتعامل معهم بإستراتيجية الإضعاف لا الإنهاء بغرض الاستغلال في معادلات سياسية داخلية وإقليمية ودولية؟ ما يزيد الشكوك أن الإخوان المسلمين لم يشاركوا في الثورة منذ بدايتها على الجانب التنظيمي ولكنهم قرروا النزول اعتبارا من يوم 29 يناير 2011. حقا كان بالميدان منذ يوم 25 يناير شباب إخواني، ولكنه كان قد نزل بدافع شخصي لا في إطار إستراتيجية من الجماعة للمشاركة في الثورة.
ورغم ذلك، انتخب المصريون الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب الأولى بعد الثورة مانحين الجماعة ما يفوق الـ40% من القوة التصويتية التي ذهبت الانتخابات، بهدف السعي لتحقيق أهداف الثورة، التي يرفضها الإخوان المسلمون كأسلوب تغيير لإيمانهم بتدريجية التغيير! ورغم كل الانتهاكات السياسية التي قام بها المجلس العسكري بغطاء إخواني واتهامات الجماعة للثوار بالبلطجة والرغبة في تخريب البلد، حصل الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين على 25% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأولى التي جرت بين شهري مايو ويونيو الماضيين. أليس في هذا دليل على الغباء السياسي؟! ما الذي أوقع المصريون في هذه الورطة؟!

جماعة الإخوان كجماعة سياسية حاكمة
ما سبق كان تتبعا بسيطا — يكاد يصل إلى درجة السطحية — لما فعله الإخوان والسلفيون قبل الانتخابات الرئاسية؟ فماذا عن سلوك الإخوان المسلمين بعدما وصل مرسي إلى مقعد الرئاسة؟! الطفولة السياسية كانت هي السمة الأساسية في الممارسة السياسية للإخوان المسلمين كجماعة حاكمة. ما الدليل؟!
أحدث دليل هو نص القرار الصادر بإقالة النائب العام عبد المجيد محمود من منصبه وتعيينه سفيرا لدى الفاتيكان. لا يعرف قادة الجماعة أن تعيين السفراء يكون بعد أن يتم اعتمادهم من الدول المرسلين إليها، وبالتالي فإن نص القرار مغلوط، ومن الممكن أن يؤدي إلى زج مصر في مشكلة دبلوماسية — ولو خفيفة — مع الفاتيكان، لأن الفاتيكان قد ترى في ذلك إقحاما لها في مشكلة داخلية في مصر. كذلك فإن صيغة القرار نفسه تدل على أن مرسي لا يعود إلى مستشاريه ونائبه — محمود مكي القاضي والمستشار — وإنما يعود إلى أعضاء مكتب الإرشاد، لأن الصياغة تشير إلى أن مرسي لا يعرف أن النائب العام لا يمكن أن يقال ويحال إلى منصب مدني، فالإقالة لا تحدث إلا بالإحالة إلى منصب قضائي. أليس من الغباء السياسي إذن أن يسعى تيار سياسي إلى الإطاحة بنظام دون أن يتوافر لديه أية كوادر مؤهلة لشغل الفراغ الناجم عن سقوط النظام القديم؟!
من الأخطاء الأخرى مهاجمة النظام القديم على إفراطه في الاقتراض من الخارج مع جعل أول قرار اقتصادي مهم بعد تولي مرسي الرئاسة هو الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي، الذي كان المجلس العسكري في مصر قد بدأ التفاوض حوله قبل مجيء مرسي، وهو القرض الذي أشبعه الإخوان في مجلس الشعب انتقادا! ورغم ذلك تشير الترجيحات إلى أنه إذا ترشح مرسي للرئاسة، سوف يفوز!!

التيارات المدنية
بالقفز بعيدا إلى الجانب الآخر من قوس قزح السياسي المصري، نصل إلى التيارات المدنية، التي تعاني من العديد من الأمراض يجعلها غير قادرة على التصدي لطوفان الجهل السياسي الذي يمثله الإخوان المسلمون وحزب النور. ومن أبرز هذه الأمراض معارضة القرارات السياسية للإخوان المسلمين دون تقديم البديل الفاعل، وهو الخطأ الذي وقع فيه الإخوان بمعارضتهم لنظام مبارك دون وجود بديل حقيقي!
كذلك من بين المشكلات الحقيقية لهذا التيار هو محاولة تقليده للإخوان المسلمين في كسب الأنصار، مثل اللعب على الوتر الديني وتقديم الدعم الاجتماعي، دون التوقف عن توجيه الانتقادات للإخوان على قيامهم بهذين الأمرين، مما يعكس حالة من الازدواجية السياسية قد تثير المخاوف لدى شرائح المجتمع ذات المستوى المرتفع نسبيا من الوعي السياسي من أن هذه التيارات لا تملك رؤية حقيقية بديلة للإخوان، وتعتمد في بقائها على الانتقادات الموجهة للجماعة فقط. وتشير التقديرات إلى أن هذه القوى السياسية قد تحصل مجتمعة على حوالي 40% من مقاعد مجلس الشعب القادمة، مما يعني أن بقاءها في مقاعد المعارضة هو المصير، ما لم تطور من أدائها السياسي وهو الأمر غير المتوقع في المدى المنظور. ونكتفي هنا بهذه الإشارات للتيارات المدنية لأن القارئ الإلكتروني ليس لديه الكثير من الوقت لقراءة كافة التفاصيل. وربما أفرد موضوعا منفصلا لهذا الأمر.

السؤال الكبير
يشهد ميدان التحرير حالة من الغليان السياسي بعد تجاوز عدد المصابين في الاشتباكات — التي توقفت الآن بحمد الله تعالى — حاجز 100 مصاب ليصل وفق تقديرات الأولية إلى 110 مصابا، مع توقع زيادة العدد مع استمرار حصر المصابين في المستشفيات والمؤسسات الطبية المختلفة. كان ميدان التحرير رمزا لثورة سلمية، ولكن المصريين — بكل اقتدار — حولوه إلى ساحة اقتتال ميداني بين الفرقاء السياسيين؛ فراح أنصار الثورة المضادة يتضاحكون سخرية مما يفعله "الثوار" بعضهم في بعض. فهل بعد ذلك غباء سياسي؟!
لقد أفقد المصريون ثورتهم سلميتها، وأفقدوا الوطن روحه ومغزاه بأنه مظلة جامعة لكل المواطنين، وكذلك مارسوا بكل براعة فعل الغباء السياسي. فيا أيها المصريون، بعد أن أهدرتم كرامتكم الإنسانية في انتخاب القوى السياسية وفق حجم مظلة دعمها الاجتماعي، وبعد أن أسلتم دماء بعضكم بعضا، ماذا تبقى لكم؟!



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤى حول بعض نظريات تفسير نشأة المجتمع وتطوره
- -العالم الآخر الممكن- لم يعد ممكنا!
- المنتدى الاجتماعي العالمي في مهد الثورات العربية... بين اليس ...
- المرأة بين حضارات الشرق والغرب
- الإسلام... بين النقيضين!
- شموئيل عجنون... القلم الكاذب
- الترجمة لفظا وتاريخا وعِلْما
- أصناف العقل الإنساني (3)
- البطل
- رجال في الشمس... عندما يصبح الظل طريقا للاحتراق...!
- أصناف العقل الإنساني (2 )
- أصناف العقل الإنساني (1)
- المسألة القومية لدى التيارات الفكرية المختلفة... نظرة رصدية
- نوبل للآداب.. أم لأشياء أخرى؟؟!
- ‎25 يناير... هل هو ثورة؟!!
- صفية مختار في «وسال على فمها الشيكولاتة» عندما تسيل الأفكار ...


المزيد.....




- بيان الحزب الشيوعي العراقي: إجحاف آخر بحق ثورة 14 تموز 1958 ...
- تجاهلت الحشود سؤالها.. عجوز بريطاني بين متظاهرين دعما لفلسطي ...
- بوتين يضع الورود على نصب تذكاري لجنود سوفييت قضوا دفاعا عن ا ...
- رئيس المكسيك ينصح بقراءة دوستويفسكي وتولستوي ولينين
- للمطالبة بالتثبيت.. احتجاج موظفي تحصيل “مياه الشرب” بأسيوط
- طلاب الجامعة الأمريكية يتظاهرون لمطالبة الإدارة بمقاطعة الشر ...
- عزالدين اباسيدي// حتى لا تدمر التضحيات
- 76 سنة بعد النكبة، لنعمل لبناء حركة دولية من أجل فلسطين!
- ما بين نكبتين
- عشرات المتظاهرين في تل أبيب يطالبون بإقالة جالانت


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسين محمود التلاوي - ماذا تبقى لكم؟!