أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - البطل














المزيد.....

البطل


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 07:56
المحور: الادب والفن
    


لا يمكننا أن نلوم "أشرف" على حبه للشطرنج، ألست معي في ذلك؟!. إنني متأكد من أنه ليس من حق أحد أن يوجه اللوم له، بل العكس هو الصحيح؛ فالسعادة هي الشعور المفترض أن ينتاب المرء عندما يعلم أن "أشرف" ذا الخمسة عشر عاما يهوى الشطرنج — تلك اللعبة الذهنية البديعة — في الوقت الذي يستمتع فيه أقرانه باللهو في محل "أبو كريم" للبلاي استيشن، أو التصارع على كرة القدم في حواري شبرا الضيقة المتسخة.
عندما أراجع نفسي أجد أن اللوم لن يكون من بين الخيارات المتاحة أمامي كرد فعل، لما رأيت "أشرف" يسرع نحو حجرة التربية الموسيقية في مدرسة (....) ليسجل اسمه بين الراغبين في المشاركة في بطولة منطقة الساحل التعليمية للشطرنج.
وفي داخل الحجرة، كان الأستاذ "عبد الرحمن" أستاذ التربية الموسيقية يجلس مسترخيا على مقعد متهالك يكاد يسقط بالجالس فوقه على الرغم من نحافة ذلك الجالس. ولما رأى "أشرف" يدخل الحجرة، والانفعال والحماسة يتدفقان على وجهه الصغير النضر الذي شع بابتسامة ترقب، قال له: "لازم جاي تسجل في بطولة الشطرنج؟!". لم يستطع "أشرف" الرد من فرط انفعاله، فاكتفى بأن هز رأسه بنعم، ومد يده بالأوراق المطلوبة للتسجيل، فأخذها منه الأستاذ "عبد الرحمن"، واعتدل في جلسته ومال على المنضدة، التي احتلت صدر الحجرة ولم تكن تقل تهالكا عن المقعد، ووضع الأوراق على المنضدة، وراح يفصحها، قبل أن يعقد حاجبيه ثم يقول في استفسار أثارت نبرته القلق في نفس "أشرف": "قل لي يا "أشرف"... هو والدك مش مصري؟!".
شعر "أشرف" وكأن الأستاذ قد نفخ في وجهه كرة لهب مثل التنانين الأسطورية، فتلجلج قليلا، قبل أن يجيب في صوت مرتجف خافت: "آه يا أستاذ..."، ثم أردف في صوت مبحوح: "فيه حاجة؟! أنا صورت جواز سفره في الورق".
تأمله الأستاذ قليلا، قبل أن ينقل عينيه إلى الورق ويعبث به وكأنه يفكر في شيء ما، ثم قال له في صوت يحمل شيئا من الأسف: "معلش يا "أشرف" بس المسابقة دي للطلاب المصريين بس، وده معناه إنك مش حتقدر تشارك لأنك أجنبي".
انسحب الدم من أوردة وجه "أشرف" ليتيح مكانا لمشاعر الهلع والإحباط، وبرزت عينا الصبي من الذهول، وانعقد لسانه عن الكلام، بينما التزم الأستاذ "عبد الرحمن" الصمت كذلك لعدم وجود ما يقال. وفي النهاية، قال "أشرف" فيما يشبه الرجاء: "بس يا أستاذ والدتي مصرية، وعايش هنا طول عمري".
بدت عبارته بالنسبة للأستاذ وكأنها حبل يلقيه "أشرف" إليه لينقذه به من بحر الصمت الذي شعر بأنه يغرق فيه، فحاول أن يقول شيئا، إلا أنه وجد نفسه يمد يده بالورق إلى "أشرف" في آلية تامة لم تختلف في شيء عن الآلية التي تناول بها "أشرف" الورق منه.
ولما عاد "أشرف" إلى مقعده في الفصل، سأله جاره "خالد" لما لمح الحزن في عينيه: "إيه مالك؟!"، قال "أشرف" في لا مبالاة بدت غريبة بالنظر إلى الحزن الذي طفح به وجهه: "رفضوا مشاركتي في البطولة عشان أجنبي". بدت الكلمة غريبة على أذن "خالد"، ففكر في أن يسأله عن المعنى ولكنه توقف لما لمح الحزن الشديد في ملامح "أشرف" فقرر تأجيل السؤال لوقت لاحق.
وفي حجرة التربية الموسيقية، قام الأستاذ "عبد الرحمن" ليتجه إلى حصته عندما سمع صوت الجرس. ولم يدر لماذا شعر بأن الغرفة التي اعتادت عيناه على جدرانها الكالحة صارت أكثر كلاحة من أي وقت مضى.



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجال في الشمس... عندما يصبح الظل طريقا للاحتراق...!
- أصناف العقل الإنساني (2 )
- أصناف العقل الإنساني (1)
- المسألة القومية لدى التيارات الفكرية المختلفة... نظرة رصدية
- نوبل للآداب.. أم لأشياء أخرى؟؟!
- ‎25 يناير... هل هو ثورة؟!!
- صفية مختار في «وسال على فمها الشيكولاتة» عندما تسيل الأفكار ...


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين محمود التلاوي - البطل