|
الحلّ / قصة قصيرة
مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 20:01
المحور:
الادب والفن
الحلّ وجدت الحلّ ..! أنه هنا في راســـــــي ... ، والحق أقول لكم كان هنا منذ البداية .عقلي الذي أهملته كان هنا دائما ، وانوي استخدامه مرة أخيرة ، وأنهي المسألة كلها ، وستفهمونني رويداً رويدا ، وستقلدونني في العلن وســـــــتمجدونني في الخفاء ، وسترون كم هو بهيج ومدهش التعامل مع العقل ، فله ســـــحر الأيقونات ، ورقص الألوان ، وتيه المسـافات ، ودمج الأبعاد ... وراحة للحواس من الخيارات المتاحة وغير المتاحة ، ولا فرق بين أن تتقدم أو تؤجل تقدمك بالتقـهـقر فله اليد الطولى فـي جعل الأبيض والأزرق ممتدان إلى اللانهاية ، ويكمن فيهما كنه الحياة وتبختر الجنيات على خيوط الشمـــــــــــــس الذهبية فلا نوم للحالمين ولا مأوى للمتعبين وهو الذي يحدد ســـــــاعة الصفر وينهي وقت التمثيل فيســـــــتقيم قوس قزح أو يتكور ، وتتحول دموع الطفلة الجائعة إلى لآلي تتزين بها أمها الثكلى في رقصة الشـــــــــــهداء الأخيرة على أنغام أشعارك التي تتلوها جالسا ويسمعك الآخرون واقفين . ستفهمونني حقا لأني عوَلت على الحظ كثيرا ، وخذلني الحظ كثيرا ، ففقدت الإحسـاس بالوقت ، وقيل لي لكل حظه وأنا محظوظ لأني ولدت سليم الجسم ووالدي محظوظ لأني ذكر ووالدتي محظوظة لأني لســـــــــــت أصمَا ، ونزولا لرغبتها زين الأرض والســــــــــــــــماء بالهلاهل والورود والجكليت ، والحظ يجزل في عطاءه ، فدونك الضحك واللعب والكركرة ودونك الملابس الجديدة والكتب الملونة وصفاّرة الفرّاش ...... ومدلل أنا ...... تلميذ أنا ...... الله ربي ، وحظي من السـما وكســـــــلان........ جحش . يقول المعلم ولم أجتاز الابتدائية ، ولن أجتاز الابتدائية فلي رأس عفن وقد حان وقت رميه ... هكذا قال المدير متهكما يوم طردي نهائيا ، ويومها شــــــعرت بنشـــــوة غريبة وعندما كان الحديث يدور حولي في البيت تدافع عني والدتي قائلة : ــ يمّه الولد ما عنده حظ .! واصدق أمي ، ويصدقون أمي ...... وما علينا أســـــم الله خير ، وأركل الكرة ، وأنطحها . أنا الأقوى والأسرع والأكثر مراوغة . أنا قلب الهجوم . أســـدد . أحرز الأهداف . أنا الذي يعتمد علي في اللعب خارج (بربروش ) وفي مباراة مهمة عنيفة . ثأرية ويا لحظي العاثر كسرت ساقي ، وغادرت الملعب . ليست المرة الأولى التي تزورنا فيه ولا العاشرة وفي مختلف المناسبات ، ولكنها أثارت اهتمامي هذه المرة فقط بأحاسيسها الدافقة وهي تمد يدها وتقول سلامات . كان معصمها مطوق بسوار جميل وكفها أنعم من الحرير والأصابع دقيقة . موقف جميل يتخلله شعور صارخ لم أعهده من قبل . ربما شجعني على اتخاذ هذه المشاعر تعاطفها الروحي مع حالتي الصحية فكان كل شيء فيها يشَدُ نظري . كنت مأخوذا بها ، وبحركة مقصودة أحسَت باهتمامي بها فابتــــــسمت ابتسامة خفيفة كشفت عن خيط ابيض براق من الأسنان وامتلأ وجهها بحمرة الخجل . كنت فرحا بنــشوة الحب المفاجئة للحظة بسبب استجابتها الفورية ، وفي المرة القادمة سيكون هناك الكثير من الكلام .
ــ إنها ابنة عمّه فما الضير في أن يزوجوه إياها . تقول أمي ، ويرد عليها أبي دائما بقوله : ــ يا إمرأه الزواج قسمة ونصيب ، أو كما تقولين بنفسك حظ ! وقالوا التدخين يكبح جماح المشاعر الجيّاشة، ويساعد الولهان فأصبحت السيكارة مؤنستي في ليالي الوحدة الطويلة ولم تعد تفارق شفتي ، وقالوا الخمرة جزء من العشق ، فبت اشــرب حتى الثمالة ، وفي ظهيرة أحد الأيام كدت أختنق فقصدت ســـطح الدار باحثا عن نســـــمة هواء ، ودون وعي أردت بلوغ الحافة ووصلت إلى نقطة حرجة خانني فيها توازن جسمي و...آآآآ ...سقطت . لا أزال حيَا ، لماذا لا أزال حيَا .؟ لا لست حيَا ، فجزء مني يموت كل يوم ، وكل يوم أحفر قبرا جديدا أدفن فيه بعضا مني وهكذا بدأ ماراثون الدفن . بعضي يدفن بعضه ، وامتدَ الصراع صراع الجسد الحيَ مع الميت إلى صراع بين الروح وبين الجسد الحيَ الميت ، وبدت ســــيطرة الروح جلية ولكنها نصف ميتة ، ولا أرضى بنصف ميتة كما لا أرضى بنصف حياة ، فالجسم الذي أصيب بشلل رباعي أخذ يتضاءل وينكمش ولم يعد يســــــتجيب للعلاج . و لي الحق في إطفاءه كما كنت أطفئ سيكارتي إنها حياتي وقد عشتها كما رغبت وســأنهيها كما أرغب طلقة واحدة وينتهي كل شـــــــــــيء ، ولكني بحاجة لمن يناولني البندقية بل بحاجة لمن يضغط على الزناد ، فانا مشلول لأني بالتأكيد قليل الحظ .
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتابات البعض من كتابنا...
-
النهاية
-
التناسخ / قصة قصيرة
-
العدو
-
دورة الشوارب قي الحياة
-
آخر نكتة / قصة قصيرة
-
مواسم الهجرة
-
رجل من الشمال / قصة قصيرة
-
غدا ساحزن
-
نشيد الجوع / قصة قصيرة
-
يوميات مهاجر
-
قصة قصيرة
المزيد.....
-
الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
-
-موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
-
-جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
-
السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين
...
-
الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا
...
-
تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر
...
-
كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
-
المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر
...
-
دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
-
شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|