أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادر قريط - مدارات نقدية (أدب وهجاء)















المزيد.....

مدارات نقدية (أدب وهجاء)


نادر قريط

الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 09:08
المحور: المجتمع المدني
    


ثمة حائط بيني وبين الكلمة، أطرق على بوابة المعنى بدون جدوى، فالحراس لديهم أوامر سلطانية.. بمنع دخول الغرباء. الكلمات تنقل العدوى وتتفشى كالطاعون، والسلطان يضع مفاتيح المدينة تحت وسادته، وينشر السيافين في الأزقة الضيقة، فإعدام الكلمات المارقة مشفوع بفرمان سلطاني. إنها يا سادتي مرثية في جنازة اللاشيئ، دموع بمناسبة يوم عادي من الصمت والوجوم .. تذكرت أنني أبحث عن لساني؟؟ ففي يوم ما فقدت القدرة على النطق. لأن السلطان يزعجه الكلام والشتائم والضحك وقلة الأدب، فأمر بقص ألسن المدينة .تذكرت بأني أبحث عن أسنان لأقضم تفاحة (وكتف إمرأة).. التفاح ممنوع لأن مضغه ينرفز السلطان، وحبيبتي أصبحت جارية في قصره المنيف، قلت في نفسي أبحث قرب الأسوار عن ماعز لأضاجعها .. فمنعني الحراس وركلوني بأقدامهم كي لا ألوّث سمعة المدينة..تذكرت أن فعلتي الحمقاء كانت عبثية، لأني أحد الذين شملتهم رحمة السلطان، يوم أمر بإخصاء رجال المدينة.
لا شيئ إنها الكتابة عن اللاشيئ وعن مدن مسكونة بالا شيئ.. علي اللعنة نسيت أن أحفر في الصخر..ينبوعا من الكلمات الجديدة لسقاية بساتين الأدب التي رحل أهلها، بعد أن تيبست أغصانها وتشققت أرضها من العطش.. الأدب أيام الجاحظ وأبي حيان كان قلة أدب. في أيامهم تحدثوا: عن الشعر والبلاغة والسياسة والفلسفة والطب والفقه والنكاح والكلام. وأتقنوا الصنائع السبعة (وواحدة أخرى وكانوا على عجل)..لهذا قررت أن أنسج على منوالهم قليلا من الأدب، شعرا ونثرا، حكاية وخرافة طبا ودجلا ودينا وقرفا وفلسفة ..سأكتب ما يخطر ببالي ولن أبالي وسوف أتحايل على العسس وسيافي السلطان كما تحايل الماركيز دو ساد، عندما كان يخدع رقابة السجن فيستخدم أصابعه ريشة وبرازه حبرا وجدران زنزانته صفحات لقصته الداعرة..
تذكرت ركن الدين الوهراني، الذي عاصر الكاكا صلاح الدين الأيوبي وهو كاتب المنامات الشهيرة التي عُرفت بإسمه..كان مولعا بهجاء تفاهات عصره، ومنها قصيدة نقشها أحد الشعراء على حرير القزّ بخيوط من الذهب .. قال الوهراني ما معناه: إنها لعمري قصيدة رقيعة تافهة صقيعة، وحريّ بالشاعر أن يكتبها على أوراق الخس بحروف من خراء ثم يأكلها. وقال مرة ثانية: أقسم لو كُتبت هذه القصيدة على فخذ خروف (قوزي محشي باللوز) لقرفت منه الكلاب وما أكلته.
في عصرنا التجريدي تظل السخرية والنكتة السياسية، تعبيرا نقديا لاذعا عن أحوال السياسة والمجتمع، وتنفيسا لرغبة في تهشيم السلطة وقتل الأب الفرويدي. وأذكر أن الحقبة الشيوعية قد حفلت بالكثير من الطرف التي تناقلتها الألسن.

حدثنا صقلبي قال: عندما زار نيكسون موسكو عام 1974 ، أراد أن يتجوّل مساء في الشوارع، لكنه فوجئ بمدينة مقفرة وخالية من السكّان، فتعجب للأمر، ولم يجد أحدا يكلّمه، فدخل حانة خالية إلا من رجل إنهمك بالكتابة: سأله.. أين سكان موسكو ولما الشوارع مقفرة؟ أجابه: ألم تسمع بالروائي السوفيتي سولجنستين، فقد تم ترحيله إلى أمريكا بسبب رواية كتبها، ومنذ ذلك الوقت إعتكف سكان موسكو في بيوتهم لكتابة الروايات.

حدثنا داريوش إبن شايغان الفارسي، وهو من أهل الكلام ومحبي الحكمة (الفلسفة) قال عن محدثه: بعد الثورة الإسلامية بردحة من الزمن، عدت إلى طهران، وركبت تاكسي (طاكسي بلغة أهل المغرب: والطاء مفيدة للطاطأة؟ والتاء للتأتأة؟ فالمشرقي يتأتئ أمام الحاكم ويبول في ملابسه من شدة الخوف، والمغربي يطأطئ رأسه كي لا يرى الملك سرواله المبلل) الحاصل: ركبت طاكسي استأجرته في المطار، وأثناء الرحلة رجوّت الساثق أن يقف عند دكان تبغ (تاباك) لأبتاع علبة سكاير ..
فقال لي السائق: السكاير لا تباع في محلات التبغ بل في الجامع؟؟
قلت له مستفهما: لكن الجامع للصلاة؟
قال: الصلاة أصبحت تقام في جامعة طهران؟
قلت: الجامعة مكان لتلقي العلم والطلبة والأساتذة أليس كذلك؟
قال : الطلبة والأساتذة أودعوا السجن؟
قلت مستغربا: لكن السجن لمرتكبي الجرائم والقتلة؟
قال: هؤلاء أطلق سراحهم وأصبحوا حكاما.
في أرض الله الواسعة، كان ابن الحوراني يلقي المواعظ والدروس عن فقه البيئة، ويشرف على أطروحات الزبالين وسائقي سيارات القمامة. وتخليدا لذكراه قامت إحدى بلديات ألمانيا بنقش إسمه على إحدى حاويات البلاستيك الكبيرة.
في إحدى محاضراته سئل عن أحوال البئية والصحة في بلاد العرب، فقال طيّن الله عيشته وسوّد أيامه:
السيارات تنفث في وجوه السابلة سخامها، والناس تكتم أنفاسها، وتلقي على الأرض أزبالها، الشوراع مكتظة والأرصفة مرصوفة بالباعة والذباب والشحاذين والنفايات ومصليّ الجماعة، وعندما يرخي الليل سدوله يفرش آلاف مشردي الأرصفة أسمالهم وهي كلّ رأسمالهم، فيضيق الرصيف ويصعب إستخدام آلات التنظيف، وتمتنع البلاليع عن التصريف.
لكن والحق يقال هناك أحياء عامرة قصورها زاهرة، يعيش فيها التجار ومضاربو العقار، وأعيان السياسة الذين يؤمنون بالتنوير وبإغتصاد السوق (تهجين إقتصاد وإغتصاب حسب لهجة ابن الحوراني) ويهيمون بحب إسرائيل ويتقيأون من فتح سيرة فلسطين، ولولا وجود كردستان في العراق، لأعتبروه من بلاد واق الواق، فسبحان من أفاء الله عليهم بنعمة وفيرة. لياليهم ملاح وأيامهم انتربولوجيا وأفراح، والشعب في معتقدهم له منزلة بين المنزلتين ( أدنى القطيع وأعلى الجراد) .. ثم يختم رده بدعاء يقول: اللهم أبعد عن الشعب الكرب والفقر والمرض، ونجّه من الإنفلونزة العادية كي لا يصدر فرمان بإعدامه جماعيا.
ثم يقول: ويسألونك عن الحرب قل فيها منافع للتجار ومزوّري الجوازات والشهادات ومصرفي العملة ولاجئي مقاهي السياسة، لكن ضررها أعم وأكبر وويلاتها أشد وأخطر.
حدثني مسيحي من أهل نينوى قال: سألني وفد كنسي زائر عن أحوال العراق قلت: كلش (كثير) تعبانة، والأمور حفيّانة!! وأثناء العشاء (الزقوم: الزقنبوت) أخذ المترجم يستصرم ( يقول عبثا) ويجتر نفس القصة: صدام، بعث، أنفال، تسعة نيسان، يوم التحرير..فضقت ذرعا بهذا الشخير، وقبل أن تنفجر مرارتي قلت: شوف أستاذ (ترجم للجماعة ترجم) كان العراق محل جزارة (قصاب خانه) تملكه دولة صدام، وتحتكر ماشيته، وتختار الكباش والخراف لذبحهم في المواسم والأعياد الوطنية بصورة منظمة مع فحص وختم الطبيب الشرعي. وبعدما جاء الأمريكان تمت خصصخة محل الجزارة وأصبح بإمكان كل أربعة أنفار فتح فرع لحسابهم..فإنتشرت محلات الجزارة، وأصبح الذبح (لأبو موزة).. في الماضي كان الواحد يسد حلقه فتأمن رقبته، يكفيه أن يتعلم بضع كلمات باللهجة التكريكتية (عَجَل وين وحفظه الله) وتنتهي الأمور .. أما الأن فقد إرتدت نساؤنا وبناتنا البرقع والحجاب، خوفا من سيوف القاعدة، وصرنا نلقن أولادنا أسماء الأئمة الأثني عشر، وتاريخ ميلادهم (حسب الأشهر القمرية، ذو الوقفة ذو القعدة) وأسماء زوجات الأئمة وأولادهم ونسائبهم، وتاريخ وفياتهم، كي ننجو من المطبّرين، وصرنا نتعلم كردي كي ننجو من البيشمركة. ثم يلتفت إلى المترجم ويقول: ترجم أخوي ترجم.. ومن كثرة ما تعلمنا من أمور، نسينا إسم والدة المسيح. (بالله عليك لو تسأل الجماعة عن إسمها) أرجوك تقول لأبو الفاتيكان (يرحم والديك) يشوفو لنا حلّ، ترى أمورنا كلش ضارطة. لكنه أحسّ بأن المترجم يتلاعب بكلامه ولم يترجم "ضارطة" كما يجب، فقاطعه وقال إسمحي لي أفهم الجماعة وبدأ يغرد بالإنكليزية:
Look Brothers Saddam no very good, he no knows his Got, but there was safety water electricity , America no very good. There s no security
no water no electricity no oil no shoes. Saddam only had one happy birthday now 12 Imam have 12 happy birthday and 12 by byeday too much America fuck our wide

باي باي دي: يوم الوفاة .. أمريكا فاك أور وايد : أمريكا هتكت عرضنا



#نادر_قريط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسلام بدون محمد - تحدي كاليش للعقل الإسلامي-
- مدارات نقدية مع -طبق سلطاني-
- قراءة آرامية للقرآن
- تعلم الليبرالية في ثلاثة أيام بدون معلم
- الإنترنت بين الهزال والمهزلة
- آراء مثيرة حول أصول الإسلام والمسيحية
- أحزاب داحس والغبراء
- -كوتا- الحريم في قصرالتحريم
- حوار (إحتجاجي) مع طارق حجي
- تعقيبا على فراس السواح: -أهل الكهف- نموذجا
- عبيد الدولار (قراءة أخرى)
- وفاءا للسلطان (كتاب عن إستنبول)
- فصلُ الحوار فيما يكتبه فؤاد النمري وكامل النجار.
- الثقافة النافقة واللغة المنافقة
- داوود وسليمان: أركيولوجيون يحلّون لغز الأسطورة
- ما بعد غزة، الجزيرة: سلطة رابعة؟
- في وداع أمير الدراجي (نخلة عراقية في صقيع النرويج)
- غزة وسقوط نظرية شعبولا
- عندما يصبح الموت هدية من السماء
- غزة ورقصة الفالس


المزيد.....




- بايدن عن طلب الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة ...
- بينهم اللبنانية الأصل أمل كلوني.. خبراء دوليون يدعمون إصدار ...
- أحلام مدفونة في حقول الزيتون.. مأساة المهاجرين غير النظاميين ...
- مخيم البريج.. لاجئون يخنقهم الاحتلال
- بينهم اللبنانية الأصل أمل كلوني.. خبراء دوليون يدعمون إصدار ...
- أنطونوف: واشنطن تنفي شرعية المحكمة الجنائية الدولية لكن تستخ ...
- الأمم المتحدة: سنواصل الاعتراف بزيلينسكي بعد 20 مايو رغم انت ...
- فرنسا تعرب عن دعمها لـ-استقلالية- المحكمة الجنائية الدولية
- قوات الاحتلال تقتحم بلدات بالضفة وتشن حملة اعتقالات
- بعضهم أدينوا وآخرون فارون.. أبرز قضايا المحكمة الجنائية الدو ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادر قريط - مدارات نقدية (أدب وهجاء)