أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نبيل قرياقوس - عراقي في مربع نزاهة / حوار مع رئيس هيئة النزاهة في العراق















المزيد.....


عراقي في مربع نزاهة / حوار مع رئيس هيئة النزاهة في العراق


نبيل قرياقوس

الحوار المتمدن-العدد: 2477 - 2008 / 11 / 26 - 03:49
المحور: مقابلات و حوارات
    


-اجراءات استلام مزاعم الفساد في الهيئة لم يوضع لها اي اّلية الا من قبلي

- كان هناك جفاء بل قطيعة بين هيئتنا وديوان الرقابة المالية قبل فترة تولي مسؤولية الهيئة وكذا لحال بالنسبة لدوائر المفتشين العامين .
- المجلس المشترك لمكافحة الفساد الاداري ليست له اي صلاحيات تنفيذية
- صادفتنا بلاغات عن حالات فساد تبدو ضخمة ، وعند التحقيق بها ظهر عدم وجود ما يدل على اي فساد
- لدينا الان كوادر تنتحل صفة المواطن المراجع العادي لغرض ضبط الموظف المرتشي متلبسا
- قانون مكافحة الفساد مشروع نستجيب به الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لغرض ترجمة ذلك الى القانون العراقي
- الاعلام مطالب بمساعدتنا باشاعة وبث روح النزاهة والعمل مع استمرار دعوتنا للدولة بتأمين اجور مجزية لادنى موظف ليتمكن من العيش بدرجة مقبولة مع تأمين الظروف المعيشية الاخرى كمستلزمات السكن والتأمين الصحي ، جنبا الى جنب مقومات الردع
- هناك جرائم كثيرة لم يرد ذكرها في القانون العراقي الحالي مثل جريمة المتجارة بالنفوذ ( قد يخص ذاك تدخل الاحزاب في امور الدولة )
- اتمنى من الاعلام استمرار التوضيح والتثقيف بأن ليس كل تحقيق او اتهام يعني اساءة للمواطن الموظف ، فاي موظف خدمة عام معرض في اي لحظة لاحتمال الاتهام او التحقيق وهو بريء حتى تثبت ادانته
- انا واحد من الناس هناك من لفق طاعنا بشهادتي !! الامر مؤسف حقا ، لكني اجابهه بشجاعة واثبت العكس


نبيل قرياقوس بولص

رن هاتفي برقم غير معروف لدي ، كان ذاك السيد مدير عام العلاقات والاعلام في هيئة النزاهة ، عرفني بنفسه ليخبرني باطلاع السيد رئيس الهيئة على مقالي المنشور في جريدة الزمان الغراء بنفس اليوم 12/11/2008 ، نقل لي ارتياح السيد رئيس هيئة النزاهة لعلمية التوجه في المقال وان ذلك يتطابق كثيرا مع توجهات سيادته ، وانطلاقا من اهمية الاهتمام بالاعلام والكتاب الذين يبدون حرصا حقيقا على المصلحة العامة فقد نقل السيد مدير علاقات واعلام الهيئة رغبة السيد رئيس الهيئة لقائي فيما لو وددت ، ابديت ترحيبا ، وتم الاتفاق على تحديد موعد اللقاء ليكون الساعة العاشرة صباح يوم الخميس 20/11/2008 .
شددت رحالي باحثا عن كل ما يخص هيئة النزاهة في العراق ولاحملها على ظهرى وانا اخطو ساعاتي للقاء النزاهة في وكرها ، فهنالك قاض ولي عليها ، قاض يتحمل الان ما لا يحسد عليه من مسؤولية ثقيلة في ظروف صعبة نادرة في تاريخ بلدنا ، انها ظروف بدء تحول شعب كامل الى حياة الديموقراطية ، شعب يحمل كل الامراض الاجتماعية التي خلقتها البيئة فيه مع عوامل الدكتاتوريات التي لبست اثوابا مختلفة على مدى قرون كانت نهايتها ثلاثة عقود لعينة في الدكتاتورية ، ما جعل كثيرا من العراقيين يفقدون توازنهم لينقلبون رأسا على عقب من هول بدء العمل حقا باهداف كانوا يتمنونها في الاحلام وكانوا يغبطون الشعوب المتطورة عليها ، وهكذا بدء المخاض القاسي فاجيال عراق اليوم تدفع ضريبة هذا التحول فسادا ودماءا تضخمت وازدادت بسبب شمولها لتكاليف ضرائب تغيرات مستقبلية مماثلة لشعوب كل المنطقة حسبما ارى واتوقع ، فقدرنا ان يكون أزدهار العراق هو ساعة الصفر لانهيار جبال ثلج سود تحيط بالعراق تحكم الان تجميد شعوبها عن الحياة الحرة وتحاول تجميد حياة انساننا العراقي ايضا بنفوذ ما تبقى من اثواب الدكتاتوريات .
لم احمل معي كاميرتي ولا جهاز تسجيلي ، فما عدت اتحمل المزيد ثقلا وقد حملت اراء وهموم عراقيين ، موظفين وغير موظفين ، وهم يشتكون من بعض موظفين صغار ومن مسؤولين ومدراء ورؤوساء هيئات ومن بعض وزراء ليسوا بالكفاءة الدنيا لابسط موظف استعلامات ، وهموما تشكو من ندرة وجود مكتب مفتش عام في وزارة عراقية ادى دوره الواضح في سلامة الاداء الوظيفي ومحاسبة المسيئين ومكافأة المتميزن حرصا ، في وقت رفعت كل صناديق الاقتراحات والشكاوي من معظم الدوائر ان لم يكن في جميعها !
حملت معي اراء ناس تملأ شكاويهم واراؤهم الصحف المحلية وكأنه لا منصف يتولاها دون وخزة الاعلام ( هذا اذا قبلت تلك الصحف نشر اراءهم او شكواهم ) ، حملت معي اراء ناس يحبون الخير للكل ويريدون ابداء رأيهم في كشف الزين والشين وهم لا يعرفون كيف واين ومتى وعند من يدلون بدلوهم بمأمن واغلبهم ليس مستعدا لكشف اسمه ورقم هاتفه في هاتف شكاوى معلن لبعض الدوائر ( هذا اذا كانت هواتف الشكاوي تعمل فعلا ! ) لئلا يتحولوا الى مذنبين من قبل مسؤولين قد يكونون هم رأس الفساد .
حملت كل ذاك بجواز سفري وقد كبر اتساعا بعد ان وقع عليه رئيس الحكومة المنتخب مؤيدا اياي بالمطالبة ببدء العمل للقضاء على هذه الظواهر والانتقال بواقعنا الى سفر جيد يليق بالحياة الحرة الكريمة لكل عراقي .
بدأت السير الى لقاء لا اعرف كيف سيكون ، استعنت بكراس الامر ( 55 ) الخاص بتشكيل هيئة النزاهة في العراق والصادر عام 2004 ، كما قرأت كراسا اخرا صادر من دائرة العلاقات والاعلام في الهيئة ، ففهمت ان هيئة النزاهة هي اهم مرتكز في المثلث السؤول عن ادامة وتطوير المجرى الرقابي لمنظومة الدولة العراقية ، المثلث هذا يشمل اضافة الى هيئة النزاهة كل من ديوان الرقابة المالية ودوائر المفتشين العامين في الوزارات العراقية .
اطلعت على حوار منشور عن موقع ايلاف في احدى الصحف العراقية يوم 17/11/2008 مع السيد رئيس هيئة النزاهة وعرفت بوجود ( المجلس المشترك لمكافحة الفساد ) و( هيئة نزاهة في البرلمان العراقي ) .
حان وقت اللقاء ، حللت اهلا ونزلت سهلا في ضيافة رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي ، وصدقوا من اخبروني باني ساقابل انسانا بسيطا ، عاقلا ، ذكيا ، كبيرا بخلقه وحسن ضيافته .
رحيم العكيلي ، حسبما عرفت ، قاض خريج كلية القانون بعد ان حصل على ترتيب الناجح الثالث على العراق بالدراسة الثانوية القسم الادبي وترتيب الثاني على بغداد ، وحصل على المرتبة الاولى في دورته في المعهد القضائي وبتفوق 57 درجة على المجموع عن المرتبة الثانية ، وهو حاليا استاذ في المعهد القضائي وعضو شرف في بيت الحكمة وعضو اللجنة القانونية فيه ، له خمسة مؤلفات في القانون .
ابتدأ القاضي حديثه معي بالترحيب الواسع برسالة الاعلام كونها ذات اهمية متميزة في مجال عمل هيئة النزاهة ، وتمنى ان يساهم الاعلام بكافة وسائله بمهام الكشف والتوعية والتثقيف والتطوير في مجال النزاهة ومحاربة الفساد الاداري والمالي .
على مدى دقيقتين عرفت نفسي للسيد القاضي ، شاكرا اياه اهتمامه بما يكتب في صحيفة ( الزمان ) المستقلة ، ثم استرسلت واياه حورا دام اكثر من ساعة ونصف ، غلبت عليه الموضوعية والرغبة للوصول الى اقرب صور الحقيقة ، اوضحت للسيد القاضي انني من الذين يؤيدون ضرورة دعم الاعلاميين لكل عراقي يتولى مسؤولية في القطاع العام لمساعدته في اداء واجباته اولا ، ومن ثم يتم متابعة عمله وعلى ضوء ذلك يتم التعامل معه فيما بعد ، وفي ما يلي تفاصيل حوارنا :
س : ورد في القسم ( 4 ) الخاص بصلاحيات وواجبات هيئة النزاهة في الامر ( 55 ) ما نصه في الفقرة ( 3 ) :
( تضع مفوضية النزاهة اجراءات لاستلام مزاعم الفساد بما فيها المزاعم المغفلة ) .
كما ورد في تعريف ( الشفافية ) في كراس رئيسي صادر من هيئتكم الموقرة :
( تعني وجود قنوات مفتوحة بين اصحاب المصلحة من المواطنين والمسؤولين في الدولة ) .
ترى كيف تنفذ هذه الفقرات الهامة ، في وقت اختفت فيه حتى صناديق الاقتراحات والشكاوي من دوائر الدولة ، او اني لا اراها ، واصبح العراقي موظفا كان ام غير موظف في حيرة من امره في كيفية ايصال اقتراحه او شكواه ؟
ج : اجراءات استلام مزاعم الفساد في الهيئة لم يوضع لها اي اّلية الا من قبلي وكان ذاك قبل ثلاثة اشهر وبدءنا العمل بها اعتبارا من 1/10/2008 في كل انحاء العراق ، واهم ما في تلك الاّلية هو اعتبار شتى وسائل الاعلام من صحافة واذاعة وتلفزيون ومواقع انترنيت وغيرها ذات اهمية خاصة كمصدر لمزاعم الفساد اضافة الى عمل المفتشين العامين كرقيب في الوزارات ، واضافة الى المخبرين واساليب الرصد ، اتمنى ان تزداد خبرتنا بحكم ممارسة العمل للوصول الى افضل الوسائل لتسهيل وصول المعلومة الصحيحة الينا ، في وقت لا تخفى عليكم حداثة عمل هكذا نمط من الدوائر في الدولة العراقية .
س : سيادة القاضي ، حاولت الاتصال بالنزاهة على الايميل فلم افلح ، كحال مواقع وايميلات عدد من وزارات وهيئات الدولة العراقية ممن اراها لا تبدي اهتماما بذلك.
ج : ربما دخلت على الموقع القديم اما الان فلدينا موقع جديد ، وانا اتابع شخصيا اجراءات اتمام عمله بشكل ممتاز ، يسهل ويشجع الجميع على التواصل مع هيئة النزاهة .
س : سيادة القاضي ، هلا اطلعتنا على اّلية العمل بين هيئتكم ودوائر المفتشين العامين وديوان الرقابة المالية ؟
ج : هناك تعامل وتعاون بيننا ،علما كان هناك جفاء بل قطيعة بين هيئتنا وديوان الرقابة المالية قبل فترة تولي لمسؤولية الهيئة وكذا لحال بالنسبة لدوائر المفتشين العامين .
س : ماهي ابرز البنود القانونية التي تنظم هذا التعامل والتعاون ؟
ج : لا توجد تفاصيل قانونية حاليا ، لكن التعامل والتعاون موجود واحيان كثيرة ترانا ننسق هاتفيا انا والدكتور عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية حول امور شتى تخص عملنا وهو متعاون معنا الى ابعد الحدود وكذلك هم المفتشون العامون .
س : ورد في الحوار المنشور لسيادتكم بتاريخ 17/11/2008 في احدى صحفنا المحلية عن موقع ايلاف الالكتروني ذكر ( المجلس المشترك لمكافحة الفساد ) و( هيئة النزاهة في البرلمان ) ، ماهو عمل كل منهما ؟
ج : المجلس المشترك لمكافحة الفساد الاداري ، مجلس ليست له اي صلاحيات تنفيذية لمكافحة الفساد يرأسه الامين العام لمجلس الوزراء ويضم في عضويته كل من رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية وممثل عن القضاء ، مهمة المجلس التنسيق بين عمل اعضائه ، ويعكف هذا المجلس حاليا على اتمام ستراتيجية لمكافحة الفساد الاداري للفترة من 2009 لغاية 2011 ، ومن المؤمل ان ينجز المجلس هذه المهمة كاملة بداية العام المقبل نظرا لعدم وجود ستراتيجية عمل موثقة حاليا حول اساليب مكافحة الفساد الاداري والمالي وفق فترة مدروسة ومحددة .
س : هل هناك حالات ابلاغ تم التحقيق بها وثبت بطلان مزاعمها؟
ج : نعم ، كثيرة هي تلك الحالات ، فقد صادفتنا بلاغات عن حالات فساد تبدو ضخمة ، وعند التحقيق بها ظهر عدم وجود ما يدل على اي فساد ، وللمثل اذكر لكم ما حصل فعلا مع مسؤول سابق معروف ، حاليا هو خارج العراق حيث اتهم باختلاس 23 مليون دولار ، وبعد التحقيق الدقيق بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية ذو الخبرة الطويلة في هذا المجال ثبت عدم صحة البلاغ رغم انه ورد الينا من جهة مالية حكومية !
س : ماهي مصادر او طرق حصولكم على المعلومات والمزاعم ؟
ج : مصادرنا هي المواطنون والصحافة ووسائل الاعلام عموما ، وديوان الرقابة المالية والمفتشون العامون اضافة الى كوادرنا المخبرة والراصدة لظواهر الفساد الاداري والمالي ، فمثلا لدينا الان كوادر تنتحل صفة المواطن المراجع العادي لغرض ضبط الموظف المرتشي متلبسا بالجرم بوسائل مادية عديدة بضمنها كاميرات التصوير .
س : وماذا عن نشاطاتكم الوقائية من اجل منع وقوع حالات الفساد ؟
ج : ما يخص حالات الفساد الصغيرة المتعلقة بسلوك موظفين من هم بدرجات عادية فالاعلام مطالب بمساعدتنا باشاعة وبث روح النزاهة والعمل مع استمرار دعوتنا للدولة بتأمين اجور مجزية لادنى موظف ليتمكن من العيش بدرجة مقبولة مع تأمين الظروف المعيشية الاخرى كمستلزمات السكن والتأمين الصحي جنبا الى جنب مقومات الردع .
هناك وسائل غير تقليدية اتبعتها بعض الدول ، كاليابان مثلا ، حيث ابتدعت صيغا ادارية لمنع احتكاك الموظف بالمواطن اضافة الى استخدام كاميرات المراقبة المنتشرة في كل زوايا الدوائر لغرض متابعة العمل ونوعيته .
س : هناك قانون يعد لهيئة النزاهة ، ما الجديد فيه ؟
ج : قانون مكافحة الفساد مشروع نستجيب به الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لغرض ترجمة ذلك الى القانون العراقي ، حيث ان هناك جرائم كثيرة لم يرد ذكرها في القانون العراقي الحالي مثل جريمة المتجارة بالنفوذ ( قد يخص ذاك تدخل الاحزاب في امور الدولة ) ، وكذا جريمة اختلاس الاموال في القطاع الخاص ، كما نعكف على اضافة بنود قانونية تخفف الحكم بشكل كبير جدا على المجرمين الذين يعودون لرشدهم قبل اتهامهم حيث يبدون تعاونهم مع هيئة النزاهة بالابلاغ والكشف عن حالات فساد كانوا ضمن المساهمين فيها .
س : ورد في الامر ( 55 ) ان من واجب هيئة النزاهة : ( اتخاذ اجراءات اخرى حسب الظروف والحاجة الى اجتثاث الفساد ) الا يبرر هذا التشريع صلاحية المساهمة بتبني واقتراح اسماء الكوادر الوظيفية المتميزة بعملها ونزاهتها وكفاءتها لتولي مسؤولية في دوائرهم ؟
ج : اظن ان الحل يكمن في ما سيعالجه مجلس الخدمة العام والذي مهمته تطوير الوظيفة العامة وهو غير منشأ حاليا وكان ورد ذكره في المادة 107 من الدستور القديم والغيت تلك المادة عام 1979 من قبل رئيس النظام السابق ليسهل عليه التلاعب في تنسيب مسؤولين في الدولة على اساس القرابة والموالاة .
س : والى ان ينشأ هذا المجلس ، هذا ان انشأ فعلا ، الا يمكن المساهمة والتفكير بطريقة لتبني المتميزين ممن هم في الخدمة العامة ولتدمج هذه الطريقة مع مهمة رصد الفساد التي تقومون بها ما دام طريق العمل واحدا ؟
ج : وكيف لي ان اعرف صحة ما يقال عن جودة وتميز فلان في دائرة ما ؟
س : بنفس الطريقة التي ستتأكد من فساد فلان في نفس الدائرة ، اضافة الى انكم سوف لن تستندون على مجرد رأي او تزكية واحدة .
ج : احكي لك قصة عن الاعلام حدثت في فترة قريبة ، فقد نشرت احدى صحفنا المحلية تلفيقا يفيد ان رئيس الحكومة نحى عدد من المفتشين العامين من مناصبهم بسبب توجههم لمحاربة الفساد !! بينما الصحيح ان المفتش العام لا ينصب او ينحى الا من خلال لجنة وزارية اعضاؤها رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس المجلس المشترك لمكافحة الفساد ، مهمة هذه اللجنة تقديم مقترح رسمي بذلك الى هيئة النزاهة التي بدورها تقترح المناسب على دولة رئيس الوزراء وليصدر الامر بذلك ، علما ان معظم الذين تمت تنحيتهم هم من الذين بلغوا السن القانوني للخدمة .
س : بصراحة ، سيادة القاضي ، انقل لك انطباعا مقتبسا من تماسي اليومي مع موظفي الدوائر المختلفة ، ومع وافر احترامي وتقديري للمفتشين العامين القائمين بواجبهم بشكل جيد والذين لم اسمع عنهم بكل اسف ، فانا لم اصادف من يفرحني بوجود مفتش عام في دائرة ما له دور متميز في ضمان سير الوظيفة العامة من حيث نزاهتها ، وليكون الملاذ الامن للمتضررين من المواطنين او الموظفين لتسلم شكاويهم والتعامل معها بجدية ، بينما صادفني سماع اخبار تصارع بين المفتش العام والوزير في كذا وزارة ويتبين لي فيما بعد ان سبب الصراع يرجع لتضارب المذاهب الطائفية او الحزبية والتي تخفي تحتها مصالح اخرى طبعا !هذا ما نسمعه ونكاد نصدقه لعدم وجود اي بديل يفرض وجوده ، بينما الصراع الصحيح ( هذا ان صح لنا استخدام هذا المصطلح والذي استخدمه نظريا العالم الراحل المبدع علي الوردي ) يجب ان يكون في مجال عرض ومناقشة الاراء المختلفة والمتضاربة للوصول الى الهدف اوالحل الصحيح والذي تتفق عليه الاغلبية لضمان سلامة سير الوظيفة العامة وكوادرها .
ج : ....
س : سيادة القاضي ، عقدتم قبل ايام مؤتمرا صحفيا في قصر المؤتمرات عرضتم فيه حالات اثبات مادي لعمليات فساد في دائرة الجوازات ، الا ترون ان هذا الكشف جاء متأخرا جدا .
ج : عملنا في تطور مستمر ، وارجع لاذكر باهمية الاعلام في مساعدتنا بالكلمة الواعية والثقافة الواقية من الفساد ، واعيد القول ان من ضمن الية عملنا الجديد هو دس عناصر صديقة لكبس الموظفين الذين تسول لهم نفسهم الحياد عن امانتهم الوظيفية او ابتزاز المواطنين .
س : في مجال الاعلام ، العراقي عموما ، في ظرفنا هذا لا يميل الى قراءة الكراريس والكتب الثقافية ، لكن هناك وسيلة اعلام فعالة تذهب للعراقي دون ان يأتي اليها ، انها التلفزيون ، فماذا لو قمتم بانتاج اعلانات (ممثلة ) امدها ثوان على غرار اعلانات مكافحة الارهاب للتثقيف بـ ( عار ) الرشى والتلكوء في انجاز الوظيفة العامة ؟ اعتقد ان لمثل هذا الاعلام ذو الدور الاجتماعي والنفسي ، القدرة على المساهمة في عدول الكثير من الموظفين عن تقاعسهم او الانحراف عن نزاهتهم .
البارحة كنت اراجع احد مكاتب التسجيل في احدى الجامعات العراقية ببغداد للحصول على وثيقة تخرج احد اقاربي . موظفة شابة لها راتب شهري يفوق الضعف راتب مثيلاتها في الوزارات الاخرى ، اشتكى منها كل الحاضرين لانها الوحيدة التي تماطل في انجاز معاملة المراجعين ، فتارة تدعي عطل الحاسبة وتارة لا تجدها في محلها لساعات وتارة اخرى تعطي مواعيدا بالاشهر لانجاز المعاملة ، ويفهم الجميع القصد من هذه الافعال ، وامثال هؤلاء الموظفات كثير قد تجدهن في دوائر كالضريبة او الصحة او التربية وفي كل مفاصل الدولة التي فيها مجال خدمة او تعامل مباشر مع المواطن ، فامثال هؤلاء قد يؤثر فيهن اعلان يتكرر يمثل الحالة ويعلن ان ( شرف ) هذه الموظفة هو سلامة انجاز عملها . كل هذا نموذج سيادة القاضي ، وبالتأكيد هناك مختصون بعلم الاجتماع وعلم النفس ستستعينون بهم لانجاز مثل هذا النمط من الاعلانات ، ارى ان الانجاز المتوالي لهذه الاعلانات وغيرها بطرق علمية ومدروسة والاستمرار بها هو استثمار مربح جدا على صعيد بناء ثقافة النزاهة ومحاربة الفساد ، واقصد هنا الفساد من النوع المسمى في كراساتكم بـ ( الفساد الادنى ) وهو ذو تأثير يومي مباشر على حياة العراقي .
ج : اركز على الاعلام دائما وادعو الى مساعدتنا في بث الثقافة الوقائية من الفساد ، كما اتمنى من الاعلام استمرار التوضيح والتثقيف بأن ليس كل تحقيق او اتهام يعني اساءة للمواطن الموظف ، فاي موظف خدمة عام معرض في اي لحظة لاحتمال الاتهام او التحقيق وهو بريء حتى تثبت ادانته ، ونحن لا نشهر بالمتهم ابدا حفاظا على حقوقه الانسانية والتزاما بالقانون المحلي والمواثيق الدولية في هذا المجال ، انا واحد من الناس هناك من لفق طاعنا بشهادتي !! الامر مؤسف حقا ، لكني اجابهه بشجاعة واثبت العكس بتصديق شهادتي .
س : عودة لموضوع ندوة الامس والتي عرضتم فيها تسجيلا مصورا لحالة رشى في دائرة الجوازات ، ذكرتم ان ضمن حالتها انجاز جواز سفر مزور لقاء مبلغ 1000 دولار اضافة الى حالات بيع استمارات التقديم للحصول على معاملة الجواز ، البعض تساءل عن فائدة الجواز المزور .
ج : الجواز وثيقة مهمة جدا وهي تمثل صاحبها رسميا داخل البلد وخارجه ، بامكان اي ارهابي وقد يكون غير عراقي ، وضع صورته والاسم الذي يريده وليكون مصدر حقيقي على امن البلد باعتبار انه حصل على جواز فيه صحة صدور ، هذا من ناحية ، كما يمكن ان يسهل هذا الجواز عملية الاحتيال والتجاوز على املاك الغير في دوائر الطابو .
س : هناك شكل من اشكال الفساد اراه في كوادر دولة غير قادرة على التحرك والصرف على متطلبات تحتاجها مرافق الدولة المختلفة في معظم وزاراتها ، فاجهزة مستهلكة بحاجة الى استبدال مثلا ، او نقص في الاجهزة او المعدات او نقص في عدد واجهزة ومواد طبية وغيرها الكثير الكثير ، هناك ( نفس ) للتعامل مع هذه الاحتياجات وكأننا في زمن الحصار حيث كان الحديث دائما عن عدم وجود العملة الصعبة ووجود منع دولي علينا من ان نعيش كباقي مواطني الدول النفطية ، انا وجدت بالمعايشة ان موظفين بدرجات عادية كأن يكون مهندسا او ربما مدير عام لا يفاتح الوزير بضرورة وجود الحاجة لاستيراد الجهاز الفلاني او المادة الفلانية رغم الحاجة اليها وكلفتها مقرة ضمن الميزانية المقرة لتلك الدائرة ، هناك ( نفس ) للابقاء على حالات ( الترقيع ) في دوائرنا بحجة الحفاظ على اموال الدولة ، وبذلك سنجني العكس . انا اتطلع لأن نصبح كدول الخليج بل وافضل في تقديم الخدمات لمواطننا وذلك لا يأتي باجهزة ومنظومات قديمة مستهلكة بل باجهزة ومنظمات جديدة تستبدل فور انتهاء عمرها التصنيعي حتى وان كانت تبدو عاملة ولتباع للقطاع الخاص ، احد هؤلاء الموظفين قال لى انا احتاج لقرار من الدولة لهذا التوجه ، وارى السبب في ذلك ان ذلك الموظف هو من المستمرين بالخمة طيلة 30 عاما وفي ظل نظام كانت الدولة فيه عبارة عن شخص ، فاعتيادي ان لايعرف هذا الموظف كيف يتصرف طالما كان مقادا بالعصا في ظل ظروف الحروب والحصار .
ج : اطلعك على حدثت معي في هيئة النزاهة ، حيث قررنا شراء ( 4 ) اجهزة للكشف عن الكذب ، فاتحنا ثلاث شركات اجنبية غربية منتجة وكان العرض الكندي انسبها سعرا حيث بلغ تقريبا 20 الف دولار للجهاز الواحد ، الشركة طالبت بمبالغ الاجهزة قبل ارسالها وهي حالة تخوفت منها لئلا افسح المجال لأي تلفيق باطل ، وبعد عدة مخاطبات توصلنا الى اتفاق يضع شركة عراقية كطرف ثالث لتضمن لنا امكانية استعادة اموالنا في حالة عدم مطابقة الاجهزة للمواصفات المتفق عليها ، ولو كان الوضع يسمح لما ترددت في دفع تكاليف الاجهزة من جيبي الخاص لحين التأكد من سلامة الاجهزة ، فنحن مرتبطون بموعد مع خبير اجنبي يتولى تدريب كوادرنا على الاجهزة .
س : وسيضاف للطرف الثالث اجور ايضا ؟
ج : نعم اربعة الاف دولار .
س : انا اميل للتعامل المباشر بين دوائر الدولة ممثلة بلجان من الدوائر التجارية والهندسية من جهة والشركات الغربية المعروفة حصرا من جهة اخرى دون اللجؤ الى المقاولين العراقيين في امور الاستيراد الخاصة بمتطلبات الدولة حيث كانت مثل هذه الممارسة ناجحة جدا في السبعينات ، وارى ان يتم توجيه وزاراتنا على هذا النمط من التعامل واعادة الثوابت التي تساعد على اعادة العمل به بشكل واسع . سيادة القاضي ، هل من كلمات اخيرة ننهي بها لقاءنا ؟
ج : جادون نحن في تطوير فعالية عملنا بامانة وتميز بالشكل الذي يخدم نظام دولة العراقيين ويجعل ( النزاهة ) صديقة لكل مواطن غيور ، فنحن نظام جديد ودائرة مستحدثة وجهود الجميع مطلوبة لتعضيد عملنا ، ودائرتنا كغيرها من الدوائر العراقية ، قد يحصل فيها نوع من اشكال الفساد الاداري .
لقد رصدنا حالات تلاعب بالدرجات الوظيفية لبعض موظفي الهيئة وكذا شهادات مزورة ، اضافة الى ممارسات خاطئة لمسؤولين سابقين لكننا لا نشهر بالغير ، وندرك ان من لا يخطأ هو الذي لا يعمل ، ولكل حالة حدودها التي يمكن فهمها بمسؤولية ووعي رقابي مهني متقدم .
س : سيادة القاضي ، انا لم اسجل الحوار متقصدا لاطغي اجواء غير رسمية على لقاءنا ، وقلمي ثبت نقاط مختصرة من الحوار الذي سأعتمد على ذاكرتي في كتابته ، اتودون الاطلاع على محتوى اجاباتكم قبل نشرها ؟
ج : كلا ، لك الحق في كتابة ما فهمت مني .
شكرا جزيلا للقاضي رحيم العكيلي ، رئيس هيئة النزاهة في العراق لوسع صدره وكرم خلقه .
اخيرا ، غادرت مكتبا مربع الابعاد ، يشغله رئيس دائرة نزاهة ، بعد اجراء حوار جاد صريح شمل لمحات عن مثلث رقابة ، ولا ادري ما الذي جعلني ارتاح في دواخلي وقد انتابني فجأة احساس بان هناك بشرا غير عراقيين في العالم يملكون اشكالا ومساحات اكبر من الحضارة ، يساعدوننا الان في ارساء علوم قانون وادارة ورقابة في دولتنا ، تسألت في دواخلي : ترى هل سنتعلم الدروس ونجيد التطبيق ؟ اجبت : لن يحصل هذا الا عندما يسقط السيف من علمنا وليغدو ابيضا يقدس الحوار والسلام والانسان ، كل انسان .. وذاك هو امل بدء نزاهتنا ..



#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفي انباء ملفقة عن وزير عراقي
- امام الجهات المسؤولة : قانون المفصولين السياسيين في العراق ب ...
- بريشة العالم الوردي .. السياحة في العراق
- امام الجات المسؤولة : قانون المفصولين السياسيين بصراحة منطقي ...
- بين تربيتي السليمانية والرصافة : شر الادارة ما يضحك
- اتصالنا والانترنيت
- الحرية بين ارصفة بغداد والقاهرة
- بريشة العالم الوردي .. لوحة اطبائنا ومرضاهم
- ازمة سكران مع صندوق النقد الدولي
- ام كلثوم تشدو لعشاق بغداد
- لبن كتل سياسية عراقية
- بريشة العالم الوردي .. لوحة اطبائنا في المستشفيات
- بريشة العالم الوردي .. لوحة عيادات اطبائنا
- بريشة العالم الوردي .. لوحة اطبائنا
- بريشة العالم الوردي .. لوحة زوجاتنا وازواجنا
- بريشة العالم الوردي .. لوحة حادثة
- صباح الخير سوسن
- نعم لقانون يحمي المغفلين وغير المغفلين
- عاصفة حب وورود
- مناهجنا التعليمية والبعد الثالث في صورى حركة المجتمع العراقي


المزيد.....




- رغم تهديد بايدن بالفيتو.. -النواب- الأمريكي يقر مشروع قانون ...
- احتجاجات في بيروت على قرار مصادرة الدراجات النارية غير المسج ...
- النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل ...
- وزارة الطاقة الأمريكية تعتزم بدء شراء اليورانيوم من المنتجين ...
- تقرير: تزايد عدد الأطفال الوافدين من دون ذويهم على مدينة تري ...
- شقيقة كيم جونغ أون تتهم -قوى معادية- بنشر -تقارير سخيفة- عن ...
- مراجعة علمية تكشف عن النظام الغذائي الأفضل لخفض خطر الإصابة ...
- مجلس النواب الأمريكي يمرر تشريعا يعارض وقف إرسال أسلحة إلى إ ...
- النواب الأميركي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إرسال أسلحة ل ...
- المجلس الدستوري في تشاد يقر فوز ديبي بالرئاسة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نبيل قرياقوس - عراقي في مربع نزاهة / حوار مع رئيس هيئة النزاهة في العراق