أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - مؤثرات الفابية في البنية المسرحية ل(جمهورية فرحات)















المزيد.....

مؤثرات الفابية في البنية المسرحية ل(جمهورية فرحات)


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 01:37
المحور: الادب والفن
    



يتأثر الشكل المسرحي في مسرحية (يوسف إدريس) بمنهج (الفابية الاشتراكية) تأثرا ملحوظا. فالعدل الاجتماعي؛ من جهة نظر أصحاب الفكر الاشتراكي يتحقق بقيام الدولة الاشتراكية . علي أن وجهات النظر الفكرية السياسية حول آليات تحققها قد تباينت مابين تفسير حزبي هنا أوهناك إذ رأت جماعة سياسية أن تحقق الاشتراكية يكون بسيطرة ثورية بروليتارية ( ديكتاتورية الطبقة العاملة) ورأت جماعة حزبية أخرى أن تحققها ممكن عن طريق تأميمات مرحلية للمناجم والمصانع ؛ فيما أطلقت عليه الجمعية الفابية بانجلترا (الاشتراكية الفابية) وكان الكاتب المسرحي ( جورج برنارد شو) أحد مؤسسيها . ومنهم ما رأى تحققها تحققا مثاليا على نهج فكرة (اليوتوبيا الأفلاطونية : المدينة الفاضلة) ومنهم من رأى تحققها لايكون إلاّ عن طريق (الاشتراكية العليا: الشيوعية) التي يتحقق العدل بها في ظل وفرة إنتاجية مستمرة في مجتمع كل من فيه يعمل وكل من فيه يأخذ علي قدر حاجته .وليس علي قدر عمله كما في مرحلة الاشتراكية.

ولما كان الاشتراكيون مختلفين حول منهج تحقيق دولة العدل الاجتماعي مابين الإستيلاء الثورى الفورى علي وسائل الإنتاج (الاشتركية العلمية) وتأميمها وإدارتها بمعرفة أهل الثقة من بين أعضاء الحكم الثورى نفسه تحت (لافتة المشاركة العمالية المنتخبة في مجالس الإدارة) . وقد انتهت التجربة الاشتراكية عبر منهج التأميمات مــع الاعتماد علي أهل الثقة في عرف الحكام الجدد إلي الفشل الذريع علي نحو ما رأينا .

ولما كان لكل من الفاعل السياسي أوالفاعل الفلسفي أو التاريخي دوره فيما انعكس علي الإبداع المسرحي لذ ا رأينا كثيرا من الكتاب وقد تأثرت كتاباتهم بالفكر الاشتراكي سلبا وإيجابا . ومنهم في مصر( شوقي عبد الحكيم) الذى كان له موقف سلبى من فكرة الاشتراكية المثالية ( الطوباوية) علي نحو ما ظهر في مسرحيته (الملك معروف) ومنهم ( الفريد فرج) الذى عالج فكرة التأميمات معالجة مراوغة لا تكشف عن تأييد أو رفض (بين بين) في مسرحيته (علي جناح التبريزى وتابعه قفة) وإن كان هو نفسه قبلها قد وضع تجربة التزاوج بين الطبقات موضع الاستحالة بمسرحيته ( جواز علي ورقة طلاق) بما يكشف عن رأيه السلبي في تجربة (تحالف قوى الشعب العامل : الاتحاد الاشتراكي) وإن كان قد عاد وغير نهاية المسرحية ليجعل تزاوج الطبقات ممكنا في العرض الذى أخرجه لها( أحمد عبد الحليم ) 2006 . ومن المسرحيات التي تناولت فكرة الاشتراكية الفابية تناولا سلبيا كانت ( جمهورية فرحات ) ل (يوسف إدريس) التي تناص فيها شكلا ومضمونا مع فلسفة الاشتراكية الفابية فيما رأى أصحابها من امكان تحقيق الاشتراكية علي مراحل ؛ تحقق في النهاية الهدف النهائي ؛ حتي تتجنب البلاد شر الاقتتال والصراع الطبقي الدموى . وهم أنفسهم قد تناصو منهجا وتحقيقا؛ مع الخطة التي وضعها القائد الروماني ( فابيوس) لتحقيق النصر علي جيوش القائد القرطاجني ( هانيبال) الذى أوقع الهزيمة تلو الهزيمة بجيوش الامبراطورية الرومانية ، تلك الخطة التي تمثلت في تجنبه المواجهة مع جيش هانيبال والعمل علي مباغتته بهجمات خلفية مرحلية متفرقة ،علي طول مسيرة جيشه عبر جبال شبه الجزيرة الإيطالية ووهادها في طريقه نحو روما بغية إسقاطها؛ مع إحتفاظه بالقوة الرئيسية لجيوش الإمبراطورية الرومانية علي تخوم روما حتي إذا وصل الجيش القرطاجني متعبا مفككا متناقص العدد والعدة ينقض عليه جيش فابيوس المتحصن ؛ المحتفظ بقواه وبلياقته الحربية مرة واحة يتحقق له فيها النصر النهائي والحاسم .هكذا قامت فكرة الاشتراكيين الفابيين علي تأميم حزب العمال البريطاني لوسائل الإنتاج مؤسسة بعد الأخرى، كلما تولي الحكم ؛ وصولا إلي تملك الدولة لوسائل الإنتاج البريطانية جميعها في نهاية الأمر . غير أن الأمر لم يتحقق؛ لأن فشل حزب العمال في الوصول إلي الحكم في دورة جديدة واعتلاء حزب المحافظين للحكم؛ كان يلغي ما أممته حكومة حزب العمال من مؤسسات ومناجم ( فكأنك يا بوزيد ما غزيت) .

وهكذا تلقف (يوسف إدريس ) منهج الفابية وما انتهت إليه في تجربة الجمعية الفابية ، وحزب العمال البريطاني وأسس عليه بناء مسرحيته تلك ، التي كانت قصة قصيرة في الأصل . ومن مظاهر تناص الخط الدرامي للمسرحية مع الخطة الفابية ؛ كانت مسيرة بنائها الدرامي في خطوط درامية قصيرة متداخلة ومنفصلة في آن واحد؛ حيث يقطع خط الحبكة الرئيسية في كل مرة يقتحم فيها حدث فرعي جديد مسيرة الحكي الدرامى الذى هو بمثابة (حلم يقظة الصول فرحات نفسه بالمدينة الفاضلة) فبين اللحظة واللحظة تقتحم مركز الشرطة جماعة متشاجرة ، أو حالة اتهام بسرقة أو بتحرش جنسي أو باعتداء بالضرب. وكلها حالات معتادة من إفرازات المجتمعات المتخلفة التي غابت عنها العدالة الاجتماعية وغاب فيها احترام الدولة لآدمية مواطنيها وحرياتهم ، مما يساعد علي ظهور حركات سرية وعلنية معارضة أو مناهضة للنظام خلال أشكال تنظيمية أوحزبية .
علي أن يوسف إدريس برسمه لشخصية الشاب الاشتراكي المعتقل في انتظار ترحيله الي المعتقل ؛ بوصفه مستمعا منصتا لمسيرة حكي (ممثل النظام الحاكم الذي يرمز له بالصول فرحات) في التوقيت الذى يعلن فيه النظام الناصرى في مصر تطبيقه لما عرف بالاشتراكية العربية ؛ هو أمر لا يخلو من السخرية ؛ وكأن إدريس يشير إلي تناقض النظام أو إلي إدعائه بتطبيق الاشتراكية ؛ إذ كيف يبني نظاما إشتراكيا وهو يضع الاشتراكيين المصريين في المعتقلات .
وأتوقف عن البناء الدرامي والفني وما قاله بعض النقاد حول غياب الحبكة في نص ( جمهورية فرحات) أو حول ضعفها أو حول ارتباك الحدث أوتعرج الخط الدرامي . فلئن راجعوا تحليل النص أو تفكيكه تحليلا متوازيا مع المصدر الفلسفي الذي تأسست عليه خطة (يوسف إدريس ) في كتابته لتوصلوا إلي ما توصلت إليه من بنائها الدرامي قد قام علي فكرة التناص بين بنية الخطة الفابية المرحلية التي اتبعها القائد الروماني (فابيوس) وحاول الفابيون الاشتراكيون تطبيقها سياسيا وصولا إلي تحقيق الهدف النهائي الذى وضعوه نصب أعينهم وهكذا بنيت المسرحية علي حبكات قصيرة مرحلية تصب جميعها في مسيرة الحبكة الرئيسية للحكي الدرامي لا للمحاكاة وإن كانت تلك الحبكات الفرعية المتقاطعة مع الحبكة الرئيسية تدخل في إطار المحاكاة لا الحكي . وهنا يصح التأكيد علي أن هذا النص من النوع الذى يستدعي فيه المضمون الشكل الذى يناسبه ؛ فالشكل هنا يزن المضمون بميزانه الدرامي والجمالي .



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرح.. كليب
- بيرجينت.. وفن الإهانة
- جماليات الإخراج المسرحي وتجليات الفاعل الحضارى - دراسة في تح ...
- الميتا ذات .. طفل الأنابيب المسرحى
- ذاكرة المسرح السكندرى
- جماليات الفن التشكيلي بين اللوحة المقروءة واللوحة القارئة
- تأملات فلسفية حول المسرح والمصير الإنساني
- التجريب واصطياد فراشات المعني بشبكة الصورة
- تقنيات الكتابة السينمسرحية في- تسابيح نيلية- لحجاج أدول
- المسرح في زمن الحكي
- حوارية القطع والوصل في الحديث عن المسرح الشعرى
- الفن بين ثقافة الاباحة وثقافة المنع
- أشكال الفرجة الشعبية وعناصرها في المسرح العربي (سيميولوجيا ا ...
- توازن الصورة الفنية بين المسرح والفن التشكيلى (1)
- مسرح إبسن بين المتخلفات والمتغيرات المعرفية المتلازمة
- محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكي
- التعبير المسرحي الشعري بين التأمل الذاتي والانفتاح على المعن ...
- بيرجنت وفن الإهانة
- تعليقا ً على دراسة ازدواجية اللغة لمهدى بندق


المزيد.....




- مهرجان كان السينمائي: فيلم -رفعت عيني للسما- وثائقي نسوي يسر ...
- قرار مساواة الجلاد بالضحية .. مسرحية هزلية دولية بامتياز .. ...
- -أنتم أحصنة طروادة للفساد الاجتماعي-.. أردوغان يهاجم مسابقة ...
- آخر مرافعة لترامب في قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز الأ ...
- طريقة تنزيل تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 نايل سات لمتابعة ...
- نتنياهو عن إصدار مذكرة اعتقال ضده من الجنائية الدولية: مسرحي ...
- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - مؤثرات الفابية في البنية المسرحية ل(جمهورية فرحات)