أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - الصيرورة الإبداعية للزمن .. قراءة في فوق الحياة قليلا ل .. سيد الوكيل















المزيد.....

الصيرورة الإبداعية للزمن .. قراءة في فوق الحياة قليلا ل .. سيد الوكيل


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2245 - 2008 / 4 / 8 - 06:52
المحور: الادب والفن
    


في نصه الروائي " فوق الحياة قليلا " يعيد سيد الوكيل إنتاج الزمن الإبداعي الخاص ، وفق منظومة سردية ، و ثقافية جديدة تبدأ من التعالي الفني ، و الإنساني ، و أخيلة الكائن الأعلى ، و تعاين اندماج هذه الأخيلة ببكارة التعرف على العوالم الفنية ، ثم التحليق و الارتفاع فوق الحياة ثم السقوط في الحياة اليومية ، و المعارك الصغيرة ، ثم بروز المقهى الثقافي ، و الحضور النصي للشخصيات ، و غلبة النظرة الإبداعية إلى كل من الأداء اليومي و تأويل الكينونة و العالم كدوال لعالم تتحقق فيه طفرة سلبية متمردة للشخصية ، مع كونه تشبيها يوشك أن يستبدل مفردات الحياة ، و يمتصها في نصيته التي صارت بالفعل واقعا يمكن أن يشكل منه السارد حياة البطل / الكاتب ، أو بعض الشخصيات الواقعية الواردة في النص مثل إبراهيم فهمي ، و نجيب محفوظ و غيرهما .
هل تميز رواية سيد الوكيل تلك النظرة الإبداعية للوجود كمحور لثقافة أخرى تحاول استبدال المشاعر التقليدية السائدة ؟ أم أنها ترصد هذا التوتر بين النظرة الإبداعية للعالم ، و إمكانية السخرية من تعالي المجاز على الواقع ؟
تذهب الوحدات السردية ، و الأفعال في الاتجاهين لتتولد منهما دلالات جديدة تعزز من الحنين إلى النصية ؛ و لكن ما هي النصية هنا ؟
إنها كتابة الواقع في صورة أدائية تكشف عن ألعابه ، و مجازاته بحيث يبرز النص و كأنه واقع جديد يعمل فيه التشبيه بصورة خفية غير معلنة . هذه الصورة تسخر من بكارة التعالي الكلي للذات المبدعة في بداية النص ، فقد اندمجت النصية بالعالم بحيث يمكن تأويل المقهى الثقافي ، و مسار بعض الشخصيات من خلال أخيلة النص و فاعليته الخفية ؛ و لهذا يظل الزمن الخاص للمبدع عند سيد الوكيل متمردا و سلبيا لا يحقق نجاحا في مطارداته . لكن هذه السلبية هي التي تحول الواقع باتجاه التشبيه ، بل تنتصر للتشبيه المكون من المفردات الواقعية نفسها ؛ تلك التي تجرد المطاردة من مدلولها التقليدي باتجاه صيرورة من الدوال تعزز من تواصلية الأداء التخييلي لشخصية المبدع دون أن ترجع كليا إلى هذا الأصل المتعالي ذي التكوين الثابت الذي يكثر الراوي من السخرية منه .
• الواقع و أحاسيس التجاوز :
بين الأحاسيس البشرية ، و ما يتجاوزها من مشاعر فنية فريدة تتشكل شخصية البطل / الشاعر عند سيد الوكيل . هناك إذا رغبة في االخروج ، و التمرد ، و الاستعادة لإرث طفرة الإنسان عند فريدريك نيتشه ، ثم الوصول بهذه الطفرة إلى مستوى الواقع في تداخله مع التشبيه و السيرة الشخصية للبطل .
في كتابه " هذا هو الإنسان " يصف نيتشه نصه هكذا تحدث زرادشت بأنه كتاب للأعالي ، حيث يبدو الواقع الإنساني بكليته فوق مسافة تحتية خيالية ، و تكمن الذات النورانية عنده في بحثها المستمر عن الغريب و المختلف و الاختلاف نفسه في أعلى الجبل بشكل طوعي ( راجع – نيتشه – هذا هو الإنسان – ترجمة على مصباح – دار الجمل بألمانيا ) .
لكي نؤول هذه المسافة التخيلية التي تسير ببطء نحو الواقع في نص سيد الوكيل ، ينبغي أن ننظر للفراغ الذي يسبق هذه الحالة ، في ثرائه بإرث التمرد و البحث عن الواقع البكر وفقا للأخيلة الإبداعية . هذا الواقع سيتغير في لحظات المجاز ، و يسخر منها في الوقت نفسه ، فعندما يدرك البطل الفتاة السمراء مع الشمس و البحر و تذكره بقصيدة لشوقي ، يتغزل فيها وفقا لإيقاع اللحظة فتنبني الحياة الواقعية التقليدية في حدث آخر هو الزواج ، و قد يناهض الحدث الآخر بنيته الأولى ، فراغه الأول من المحتوى ، لكنه تاريخيا نبع من هذا الفراغ الذي دفع بطل كامو لقتل عبثي في جو حار ، و كان هذا المشهد حاضرا كتأويل مجازي متكرر لهذه اللحظة التي تجمع السقوط ، و التعالي فوق الحياة .
إن بطل الرواية متوتر بين تدمير اللحظة ، و الانصياع لإيحاءاتها فهو يدفع فتاة الندوة الأدبية للغريزة ، بينما ينكر مغادرتها للحظة المجازية التي كانت فيها ، و كأن هذه اللحظة تحمل السخرية و السقوط بداخلها ، و لكن الفتاة نبعت من حالة المنتدى الافتراضية الأولى ، و كأن حدث السقوط يلي رغبة التعالي دائما ، و يعزز من السير ببطء نحوها مرة أخرى ، فبصورة غير واعية حول السارد هدى كمال من مجاز المطاردة الجسدية إلى الطرد خارج المجاز – الواقع التقليدي الجنسي معا ، إلى صورة سلبية نصية للمطاردة فقد عادت هدى لموقعها المتعالي بل اتسعت دائرته في صورتها الأخرى القصصية .
إن بطل سيد الوكيل يكشف قاعدة الواقع المجازية النيتشوية ؛ و لا يظل وحيدا ؛ فيندمج بالمكان / مقهى المثقفين ؛ فهو محتوى زمنه الخاص ؛ يقول " المقهى حياة كاملة ، كما رآها نجيب محفوظ ، و ماتها إبراهيم فهمي ، ما كان ينقصه إلا الموت لتكتمل له الحياة " .
في هذه اللحظة من حديث السارد عن المقهى ينقلب الواقع ، و محاكاته ، في اتجاه تداخل التشبيه مع الحقيقي ، و كمونه في نسيجه ، فقد صار زمن القاص المصري إبراهيم فهمي سيرة تشبيهية ، يعيشها البطل . أما ابتسامة محفوظ مع كلود سيمون تنقلب في اتجاه تمثيلي في لا وعي البطل فتصير اللحظة هي هذا النص الذي يطارده الكاتب من بداية النص ، بكل ما فيها من واقع متحول يتجاوز نفسه في الموت و الحياة .
المقهي ينتصر لمساراته النصية الثقافية ، لعالمه الافتراضي الخفي خارج آلية القتل أو الموت السائدة ، إنه بداية تشكل لمجموعة افتراضية تبحث عن الاختلاف ضمن السائد .
يكتب بودريار في التشبيهات و المحاكاة عن فكرة تناظر التشبيه مع الواقع أو استباقه له مما يعزز كمون المحاكاة في الحقيقي ( راجع Baudrillard – Simulacra And Simulation ) .
هكذا انفجرت علامة هدى كمال من محاكاة المطاردة الجسدية ، لتوقف الإشارات الواقعية عن محاكاة المجاز ؛ فيصير الواقعي نفسه / هدى كمال نصا يستلب الفاعل في ذروة خروجه و تحقق الطفرة الإنسانية التي كان يبحث عنها فوق الحياة من قبل .

• سخرية الوحدات السردية :
السارد في رواية فوق الحياة قليلا يرتكز بالدرجة الأولى على التبئير الداخلى للشخصية ، و لكنه يسخر من خيباتها الصغيرة المتعارضة مع بنية التعالي الأولى . السارد يتمرد أيضا على الوظائف التقليدية للشخصية ، يبحث عن خروجه التخيلي خارج هذا البطل الشاعر ، إنه يدمر هذا الملك ليجعل التجاوز أداء لا شخصا من خلال بنية الأنا المنقسمة نفسها .
قد تتجمع الوحدات السردية نحو بنية المطاردة ، و منطقها الدلالي ؛ فقد انبثقت صورة هدى كمال من مطاردة فراش المدرسة لها بسبب تبولها ، مثلما تجمعت صور السكين و روائح اللحم و البول و نزع المشد في لا وعي البطل ، لتظل المطاردة مستلبة في حدث الخروج من تحققها النهائي . هل هي الكتابة التي تقاوم المنطق بالكشف عن أصله الحدسي الأول ؟ هل كانت هدى هي الطفرة ؟
النص ؟ المسار الغائب ؟
تتناثر الوحدات السردية خارج بنية المطاردة كحدث مكتمل باتجاه تفريغ هذا الحدث من زمنيته ، و فاعليته .
• تأويل شخصية الفنان :
رواية فوق الحياة قليلا تقع بصورة تنتج دلالات جديدة ضمن الأعمال الكبرى التي تناولت شخصية الفنان ، و أهمها رواية صورة الفنان في شبابه لجيمس جويس الذي قرأ بدوره حياة ستيفن الفنان وفقا لطيران ديدالوس و سقوطه ، و تمرده على الأفكار السائدة في زمنه الخاص . الجنوح للتمرد عند جويس يتجاوز عقدة الذنب و السائد . و من هذه النقطة في التحليل الإبداعي لزمن المبدع الخاص في تيار الوعي عند جويس يبدأ سيد الوكيل في بناء شاعره من نصية المساحة الفارغة فوق الحياة حتى تكتمل في تكرارها على مقهى المثقفين . كذلك جاء نص عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم ليصف العوالم المتعالية التي كان البطل محسن يعايشها في الموسيقى و بخاصة عند استماعه في باريس لسيمفونية بيتهوفن الخامسة و تذكره لرأي نيتشه فيها بأنها تحوي كل عواطف البشرية السامية . و من التحليق و خوف السقوط تأتي سخرية راوي فوق الحياة قليلا من كل شيء تقليدي في حياة شاعره ، إنه يطارده مثل هدى كمال ليستعيد لحظة نشوئه النصية ، و هي النقطة التي أضافها سيد الوكيل لهذا الإرث الكبير المتناول لشخص الفنان ، حاملة بعدا ثقافيا جديدا للمكان و تحول سيرة التعالي باتجاه وحدات سردية متخيلة و واقعية معا .
محمد سمير عبد السلام – مصر



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية في تحول .. قراءة في عمرة الدار ل .. هويدا صالح
- العابرون ، و تبدل حالات الوعي
- وعي طيفي مثل وهج الموت .. قراءة في عادات سيئة ل جمانة حداد
- براءة الجسد ، و مخاوفه .. قراءة في كوب شاي بالحليب ل محمد جب ...
- ظلال تتجاوز صمت الأشياء .. قراءة في سوف تحيا من بعدي لبسام ح ...
- خوف الكتابة
- التكوين الحدسي للمكان .. قراءة في قصص دوريس ليسنج
- ما بعد الحداثة في ديوان شطح الغياب للشاعر مهدى بندق
- القصيدة في نشوء آخر .. قراءة في شطح الغياب لمهدي بندق
- تجاوز ما بعد الحداثية ، أو التفاعل المفتوح بين المحلي و العا ...
- الزمن الآخر للظل .. قراءة في مهمل لعلاء عبد الهادي
- أحلام الجسد البهيجة .. قراءة في مأوى الروح لمحمد عبد السلام ...
- إعادة إبداع الإنسانية
- عبث ما بعد الحرب ... قراءة في رواية بلا دماء
- طيف الأنوثة المستعادة .. قراءة في هيكل الزهر ل فاطمة ناعوت
- دالي .. حلم النص و أسطورة الفوتوغرافيا
- جماليات الاختفاء عند مكسويل كوتزي
- لذة الكشف في رواية نوافذ النوافذ ل..جمال الغيطاني
- الحكي كإبداع للوعي .. قراءة في ما لا نراه ل محمد جبريل
- معرفة كونفوشيوس


المزيد.....




- مهرجان كان السينمائي: فيلم -رفعت عيني للسما- وثائقي نسوي يسر ...
- قرار مساواة الجلاد بالضحية .. مسرحية هزلية دولية بامتياز .. ...
- -أنتم أحصنة طروادة للفساد الاجتماعي-.. أردوغان يهاجم مسابقة ...
- آخر مرافعة لترامب في قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز الأ ...
- طريقة تنزيل تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 نايل سات لمتابعة ...
- نتنياهو عن إصدار مذكرة اعتقال ضده من الجنائية الدولية: مسرحي ...
- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - الصيرورة الإبداعية للزمن .. قراءة في فوق الحياة قليلا ل .. سيد الوكيل