أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ليث زيدان - تقنين حقوق الإنسان وطنياً















المزيد.....

تقنين حقوق الإنسان وطنياً


ليث زيدان

الحوار المتمدن-العدد: 1950 - 2007 / 6 / 18 - 11:43
المحور: حقوق الانسان
    


حتى نستطيع رسم الإطار العام لهذا الموضوع ، لا بد من الإجابة على سؤالين ، الأول ما هو دور وضرورة وجود مواثيق حقوق إنسان وطنية أو محلية ؟ ، والثاني ما هو دور الدساتير الوطنية في ضمان حماية حقوق الإنسان ؟ ، وللإجابة على هذين السؤالين أجد نفسي ملزماً بتقسيم الموضوع إلى محورين أساسيين .

المحور الأول : أهمية تقنين حقوق الإنسان محلياً / وطنياً
إن هذه الأهمية تنبع من دور القوانين الوطنية في ضمان حماية حقوق الإنسان ، ولكن حتى نستطيع أن نفهم هذا الدور ، لا بد من الإجابة على السؤال التالي :
ما هو الهدف الأساسي من القانون ؟ أو بمعنى آخر إلى ماذا يسعى القانون ؟ .
قد نقول بأن القانون هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض وبين الدولة وبيان حقوق وواجبات كل منهم ، ولكن يبقى السؤال ، ما هي الحاجة لهذا التنظيم ؟ ، لو عدنا قليلاً إلى فكرة العقد الإجتماعي لوجدنا أن أساسها هو الإنتقال من الحياة الطبيعية ( فوضى في السلوك الإنساني ) إلى الحياة المدنية ( توجيه السلوك الإنساني ) من خلال سلطة مركزية للتوجيه والإشراف تعبر عن إرادة الجميع ، تمارس من خلال القانون وسيادته على الجميع ، وبالتالي إذا كان القانون هو الذي سيتكفل بهذه المهمة ، فالهدف الأساسي منه هو توجيه السلوك ومحاولة ضبطه ، فالقواعد القانونية ليست هي نفسها قواعد الممارسة أو السلوك ، لأنه وببساطة شديدة لو كان هناك تماثل بين القانون والسلوك فلن يكون هناك حاجة لإيجاد قانون يوجه هذا السلوك ، فالدولة تشرع القانون لكي تغير ما هو قائم إلى ما ينبغي أن يكون ، وبمعنى آخر لا داعي لوجود القوانين إذا كان الأفراد أصلاً يقومون بما هو مطلوب منهم ، فمثلاً ما فائدة وجود نص قانوني يجرم السرقة إذا كان أصلاً لا يوجد أحد يقوم بها أو إذا كانت غير موجودة بالأصل ، وبالتالي إذا كان القانون يهدف إلى محاولة ضبط السلوك وتوجيهه ، فهذا يعني بالضرورة أن أهمية تقنين حقوق الإنسان بقوانين وطنية تنبع من :
أولاً : محاولة ضبط السلوك القائم على إنتهاكات حقوق الإنسان وحرياته ، وتوجيهه نحو حمايتها وصونها من قبل الدولة والمجتمع والفرد ، بمعنى آخر ، إن تقنين حقوق الإنسان بقوانين وطنية يوفر الحماية التشريعية لهذه الحقوق من أي إنتهاك ، إلا أن ذلك يتوقف على مضمون هذا القانون الذي ينظم تلك الحقوق ، فكلما إتسع أفق هذا القانون ، إتسعت معه وبشكل مطرد حماية حقوق الإنسان وحرياته ، وكلما ضيق أفق القانون ، أفرغت هذه الحقوق من مضمونها .
ثانياً : إن تقنين حقوق الإنسان بقوانين وطنية ، يبقي الباب مفتوحاً للدفاع عن هذه الحقوق بوسائل مؤسساتية أمام السلطات المختصة في الدولة ( التشريعية ، التنفيذية ، القضائية ) ، فكيف يمكن لنا الدفاع القانوني عن حق غير مقنن !! .
ثالثاً : إن تقنين حقوق الإنسان بقوانين وطنية يساعد على توضيح وبيان هذه الحقوق بشكل يتسنى لنا الرجوع إلى هذه القوانين لمعرفة فيما إذا وقع إنتهاك لها ، الأمر الذي يقتضي وصفاً دقيقاً لماهية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
لكن السؤال المطروح هنا ، هل تعتبر عملية تقنين حقوق الإنسان كافية لتحقيق الضمانات لإحترام حقوق الإنسان ؟ ، بالتأكيد أن هذه العملية تعتبر شرطاً ضرورياً لتحقيق ضمانات إحترام حقوق الإنسان ، إلا أنها شرطاً غير كافٍ ، فلا بد من توفير الحماية العملية لها عن طريق قضاء مستقل ونزيه ، لأن أية قواعد قانونية لا تستطيع الإجابة على سؤالين مهمين ( الأول إلى أي حد يجبر المنتهكون على التقيد بالقانون ؟ والثاني إلى أي حد ينتهك القانون ؟ ) ، تكون قواعد قانونية مشكوك فيها وغير عملية ، بمعنى آخر ، إذا لم يكن هناك إجبار فعال للتقيد بالقواعد القانونية ومحاسبة المنتهك ، وكان هناك إنتهاك كبير للقانون ، تصبح هذه القواعد عديمة الجدوى في توفير ضمانات إحترام حقوق الإنسان .
ما أريد التوصل إليه في هذا المحور هو أن عملية تقنين حقوق الإنسان وطنياً مهمة جداً لتنظيم العلاقة القانونية بين المواطن والدولة يكون بمقتضاها للفرد مجموعة من الحقوق الأصيلة النابعة من إنسانيته ومن أسس شرعية النظام السياسي ، ولكن أين يجب أن يوضع أساس تنظيم العلاقة بين المواطن والدولة ؟ ، بالتأكيد أن هذا الأساس لا بد أن يوضع في أعلى مرجع قانوني للدولة وهو الدستور ، وهذا يقودنا إلى البحث في المحور الثاني للموضوع .

المحور الثاني : أهمية الدستور ودوره في ضمان حماية حقوق الإنسان :
الدستور هو القانون الأسمى أو الأعلى للدولة ، الذي يحدد المبادئ الأساسية العامة المتعلقة بشكل الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات العامة وتوزيعها وعلاقاتها وحريات وحقوق الأفراد وواجباتهم . وبما أن الدستور هو أعلى مرجع قانوني للدولة ( أبو القوانين ) ، فهذا يعني بالضرورة عدم جواز وبطلان مخالفته من قبل قوانين الدولة وأنظمتها المختلفة ، تطبيقاً لمبدأ تدرج القواعد القانونية ( الدستور – القوانين – الأنظمة أو اللوائح – التعليمات ) الذي ينص على عدم جواز مخالفة القاعدة القانونية الدنيا للقاعدة القانونية الأعلى منها ، فلا يجوز للتعليمات أن تخالف الأنظمة ولا يجوز للأنظمة أن تخالف القوانين ولا يجوز للقوانين أن تخالف الدستور ، ومن هنا تبرز أهمية وضرورة وضع أساس تنظيم العلاقة القانونية بين المواطن والدولة في الدستور ، لأن القوانين كما قلنا لا بد أن تكون منسجمة مع روح الدستور ولا تتعارض مع أحكامه ونصوص مواده ، وهذا لا يعني على الإطلاق بأنه لا حاجة إلى وجود قوانين تنظم الحقوق والحريات المترتبة على العلاقة القانونية بين المواطن والدولة – فبدون قوانين تحمي كل حق من الحقوق التي نص عليها الدستور يؤدي إلى إبقاء هذه الحقوق نظرية بداخل الدستور - ، وإنما المقصود هو أن يتضمن الدستور أساس هذه العلاقة وما ترتبه من حقوق وحريات . وهناك كثير من الدول التي يوجد بها محكمة دستورية تختص بالنظر في دستورية القوانين ( عدم تعارضها مع الدستور ) وتفسير نصوص الدستور ، للتأكد من عدم مخالفة القوانين والأنظمة لأحكام الدستور ، وتعديل أي مخالفة قد توجد بما يتفق مع أحكام الدستور ونصوص مواده .
وتتجلى أهمية الدستور في دوره في حماية حقوق الأقليات ، فالديمقراطية لوحدها لا تكفي لحماية حقوق الأقليات من إستبداد الأغلبية ، طالما أن الديمقراطية تعني حكم الأغلبية ، وأقرب مثال على ذلك هو الأقلية العربية الفلسطينية الموجودة في إسرائيل ، هذا بالإضافة إلى أن تغيير الدستور أو تعديله يمر بمراحل إجرائية قانونية معقدة أصعب بدرجة كبيرة من تلك الإجراءات التي يمر بها تعديل القوانين .
أما فيما يتعلق بدور الدستور في ضمان حماية حقوق الإنسان ، لا بد من توضيح ركيزة مهمة يؤدي إهمالها – سواء بقصد أو بدون قصد – إلى عدم توفير الحماية التشريعية والعملية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، حتى لو تم تضمين الحريات والحقوق في الدستور .
تتمثل هذه الركيزة بما يعرف بالصياغة الدستورية للضمانات المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم ، فحتى يضمن الدستور حماية فعلية لحقوق الإنسان ، يجب أن تكون هذه الصياغة بشكل دقيق وواضح وبشكل قانوني محدد ، تعبر عن مفاهيم يمكن الإستناد إليها أمام القضاء في مواجهة السلطات وتعسفها وإنتهاكاتها لحقوق الإنسان وحرياته ، فإستخدام لغة يسهل تأويلها والتلاعب بها أو وضع شروط يؤدي إلى فرض قيود من داخل الضمانات الدستورية نفسها ، تحول دون تمتع الأفراد بحقوقهم وحرياتهم على أرض الواقع ، لأن مثل هذه اللغة أو الصياغة تعطي السلطات وبشكل قانوني مجالاً واسعاً من الحرية في التحكم بهذه الحقوق والحريات .
وما الدساتير العربية إلا مثالاً صارخاً على ذلك ، فنصوص هذه الدساتير نصت على حماية معظم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، إلا أنها وضعت قيوداً على الضمانات الدستورية للحقوق والحريات بشكل متفاوت من دستور إلى آخر ومن حق إلى آخر ، الأمر الذي أدى إلى قدرة السلطات وبشكل قانوني مشروع على إنتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، وكان آخرها تلك التعديلات التي أجريت على الدستور المصري قبل عدة أيام والتي قيدت الضمانات الدستورية للحقوق والحريات تحت مسمى مكافحة الإرهاب مثلاً .
بقي لنا أن نقول وحتى تكتمل الدائرة ، أنه بالرغم من أهمية وجود الدستور وتقنين حقوق الإنسان وطنياً كشرط أساسي وضروري لضمان حماية حقوق الإنسان ، إلا أن ذلك غير كافٍ ، فلا بد من تطبيق مبادئ سيادة القانون على جميع سلطات الدولة وإجراءاتها المختلفة ، وخضوع جميع المواطنين بدون إستثناء لقوانين الدولة بشكلٍ متساوٍ وبدون تميز لأي سبب كان ، ووجود قضاء مستقل ونزيه ومراجعة قضائية لأعمال الإدارة الحكومية .



#ليث_زيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر خطة خارطة الطريق على عملية تحول ديمقراطي في فلسطين
- في جلساتهم السرية يستغفرون
- يا نساء العالم
- تأثير - سيطرة العسكر على السياسة - على شكل المشاركة السياسية ...
- إعادة تشكيل بناء العراق .. إلى أين ؟
- الإفراج بالكفالة بين مطرقة الشارع وسندان القانون
- إنفلات أمني أم إنفلات سياسي وإجتماعي !
- ماذا نقصد بالسلام الديمقراطي ؟
- ماذا نريد من العقد الإجتماعي ؟
- عندما تتصارع الفيلة ، العشب يدفع الثمن
- حبيبتي .. وحدتي
- مساءلة الحكام في الإسلام
- مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي
- مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي - التربية المواطنية
- عوائق تكوين المجتمع المدني في الدول العربية


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ليث زيدان - تقنين حقوق الإنسان وطنياً